خبر
أخبار ملهلبة

بعد صرف مليار وربع جنيه ف الهوا: خيبة الأمل راكبة فرس | درجن درجن درجن



لوجو مجموعة مقالات كلمة ونص لابن أبي صادق

درجن درجن درجن

 

 

في الوقت الذي لا يستطيع فيه المواطن المصري أن يوفّر أغلب احتياجاته الأساسيّة إما لارتفاع سعرها أو لاختفائها من الأسواق أصلاً (كالأدوية والسلع الغذائيّة ومستلزمات الإنتاج الرئيسيّة وغيرها) بسبب فشل النظام وعجز الحكومة عن توفير الاعتمادات الماليّة اللازمة لذلك (سواء بالدولار أو بالجنيه).....

وفي الوقت الذي يتفنّن فيه نفس النظام ونفس الحكومة في فرض الإجراءات الملتوية لجباية الرسوم والضرائب والأموال من نفس المواطن وتفتيش جيوبه (الخاوية أصلاً) في كل خطوةٍ يخطوها وفي كل نَفَسٍ يتنفّسه بحُـجّة احتياج الدوْلة لكل ملّيمٍ من أجل سد عجز الموازنة وتقليل الاقتراض الخارجي.....

وفي الوقت الذي يتعمّد فيه ذات النظام وذات الحكومة عدم الصرف على جميع مناحي الحياة الضروريّة على حساب تسهيل معيشة المواطن المصري المسكين فيتم تخفيف أحمال الكهرباء بصورة يوميّة ورفع سعر البنزين بصورة شبه شهريّة وعدم استكمال المشاريع الخدميّة كالصرف الصحّي وغيرها بصورة دوْريّة وتبرير ذلك بسياسة التقشُّف الاقتصادي وتوْفير النفقات.....

وفي الوقت الذي تتوالى فيه صرخات رئيس الجمهوريّة من فقر الموارد وتضاعُف معدّلات الإنجاب للدرجة التي جعلته يُبادر بأن يطلب من المواطنين تَـرْك الفكّة لمساعدة "مصر" المحتاجة والتي كذلك جعلت سيادته يقوم – مشكوراً – بعرض نفسه للبيع (إن أمكن) مُقابل توفير أي مبلغٍ ولو ضئيل لمعاونة الوطن في محنته.....

وفي نفس كل هذا الوقت تُشارك "مصر" في أولمبياد "باريس" بأكبر  بعثةٍ رياضيّةٍ في تاريخها وتاريخ العرب وأفريقيا تِمّـاً: 148 لاعباً بالإضافة إلى مئاتٍ (لم يتم تحديد عددهم بدِقّة لتجنُّب الانتقاد والتريقة وقِلّة القيمة اسم الله على مقامك) من المرافقين المدرّبين والأطقم الطبيّة والإداريّين والموظّفين ومندوبي العلاقات العامّة ناهيك عن باقي الأقارب والمعارف والألاضيش في كل اتحاد رياضي يُمثِّل "مصر" في ألعاب القوى والقدم واليد والطائرة والسباحة والغطس والشراع والتجديف والملاكمة والتايكوندو والجودو والمصارعة ورفع الأثقال والتنس وتنس الطاولة والخماسي الحديث والسلاح والجمباز والرماية والقوس والسهم والدرّاجات والفروسية والكانوي والكياك (وربما رياضة الكوكي كاك أيضاً).

وتكلّفت تلك البعثة ما يُقارب الـ 1250 مليون جنيه تم دفعها من لحم الحَيْ (المعروف اقتصاديّاً ومالياً بخزينة الدوْلة العامة التي يكُعّها المصريّون من قوتهم ويفنطز منها المسؤولون على ملذّاتهم .. وزغردي يا اللي انتي مش غرمانة)، ومن المنتظر أن تُسفِر تلك المشاركة الملحميّة للمصريّين عن النتائج المُعتادة التالية:

-       هروب العديد من اللاعبين والمرافقين من مقر إقامة البعثة إلى داخل "فرنسا" الشقيقة ومنها إلى سائر الدول الأوروبيّة الصديقة حيث تتوافر فرص العمل بالوظائف الدُنيا هناك تحت ظروفٍ ماليّة وعدالةٍ اجتماعيّة لا يجدونها في الوطن الأم بكل أسفٍ وأسى.

-       التمثيل المُشرّف للرياضة المصريّة بعد الخروج من الأدوار الإقصائيّة الأولى (لأكثر من 99% من المنافسات) فتتفرّغ حينها عناصر كل اتحاد رياضي للفُسح في شوارع "الشانزلزيه" و"مونتين" وشراء الملابس والعطور الفرنسيّة الفاخرة من سوق الـ"باستيل" وساحة "دي ريفولي" .. وأهو يبقوا طلعوا بحاجة من أم الألعاب الأوليمبيّة اللولبيّة المهلبيّة.

-       حصول مصر على ميداليتين تلاتة لزوم ذر الرماد في العيون ممّا يُعد دافعاً لكل الاتحادات الرياضيّة للعمل مُستقبلاً بكل هِمّةٍ وحماس لزيادة غلّة "مصر" التاريخيّة في الألعاب الأوليمبيّة والتي وصلت قبل هذه الدوْرة لـ 38 ميداليّة مُتنوّعة على مدار 28 دوْرة سابقة بمُعدّل يزيد قليلاً عن ميدالية وحيدة في كل دوْرة واللهمَّ لا حسد وحصوة ف عين اللي ما يصلّي ع النبي.

لن أُعدِّد البدائل المُهمّة لصرف تلك الأموال الطائلة المُهدرة في شيء وهمي هُلامي لا يعود على وطننا المليء بالفقراء (قوي) بأي فائدةٍ سوى تلك التي يجنيها أصحاب السبّوبة والمتطفّلين والمتكسّبين في المجال الرياضي الذي يُثبِت فشله عاماً بعد عام، ولكني سأكتفي بعرض مثالٍ واحدٍ على المهازل التي نراها في الاتحادات الرياضيّة المصريّة تحت سمع وبصر وزراء الرياضة المتعاقبين ورؤساء الوزارات السابقين ورؤساء الجمهوريّة الغافلين عن تبديد كل تلك الملايين والمليارات في سرابٍ خادع بحثاً عن انتصاراتٍ زائفةٍ تُغطّي على فشل كل هؤلاء المسؤولين في جميع المجالات:

شاركت مصر في لعبة الفروسيّة بلاعبٍ واحدٍ فقط (اسمه "وائل نصّار") ولكن اتحاد الفروسيّة أرسل وفداً مُرافقاً مُكوّناً من عشرة أفراد (يخدمون ويُخدِّمون على هذا اللاعب الوحيد) كلّفوا الشعب المسكين الملايين (حوالي 20 مليون جنيه) نظير مصاريف السفر والإقامة ومصروف الجيب والمصروفات النثريّة الأخرى، وتكوّن ذلك الوفد المُرافق من:

1.    "إسماعيل محمد شاكر المرقبي" رئيساً للوفد .. وهو – بالمصادفة البحتة – ابن وزير الكهرباء السابق.

2.    "كريم زهير فهمي السبكي" إداريّاً للفرسان (مع إن اللعبة مشاركة بفارسٍ واحدٍ فقط) .. وهو – للصُدفة العجيبة – ابن أحد كبار قادة الجيش الثالث السابقين.

3.    "وائل محمد سيّد المحجري" إداريّاً للخيول (مع إن اللعبة مشاركة بحصان واحد فقط) .. وهو – ويا للمفاجأة الغريبة – ابن مدير مصلحة الطب الشرعي وأحد رجالات وزارة العدل السابقين.

4.    "روبرت فرانس" مُدرِّباً عامّاً .. بصراحة ما قدرتش اعرف ابن مين في "فرنسا".

5.    "جينيفر جيتس" مالكةً للحصان المُشارِك .. وهي – ويا للمُفارقة المُريبة – زوْجة اللاعب "وائل نصّار" وإبنة الملياردير الأمريكي "بيل جيتس".

6.    "شانون جيبون" مالكةً ثانيةً للحصان .. ويبدو أن المليارديرة "جينيفر جيتس" ما كانش معاها فلوس تكمّل بيها تمن الحصان فاضطّرت تدخَّل معاها صاحبتها "شانون" في حصان شِرك على أن يقتسما لحم ذلك الحصان بعد عُمرٍ طويل إن شاء الله.

7.    "أحمد السيّد أحمد مُحسن" مُدرِّباً شخصيّاً .. ما اعرفش للفارس ولّا للجواد.

8.    "كريستوفر هاوارد" مُدرِّباً شخصيّاً احتياطيّاً .. علشان يعني لو المُدرِّب الأوّلاني جا له برد أو راح يتفسّح يبقى الاحتياطي بتاعه موْجود.

9.    "جيسوس أوكتافيو" سايساً للحصان .. وده طبعاً لازم يبقى أجنبي وبيقبض بالدولار علشان الحصان بتاعنا ثقافته أسباني وما بيفهمش عربي.

10.                   "إستانيسلاو بيرالتاكروز" سايساً إحتياطيّاً للحصان .. علشان يعني لو السايس الأوّلاني بيسهِل وراح الحمّام أو راح يعمل شوبنج يبقى الحصان يلاقي حَد يسايسه.

باختصار: لاعب واحد بَس عليه ريّس واتنين إداريّين وتلات مُدرِّبين واتنين شُركا ف الحصان (قال يعني الحصان مش ح يجري في السباق إلّا لو شاف اصحابه الشُركا واقفين جنبه) واتنين سُيّاس .. وانا وانت رقّصني يا جدع.

أوْعوا حَد يسأل نفسه عن الفرق بين الإداري ده والإداري دوكهه .. أو عن الفرق بين المدرِّبين دوكهمّه .. أو الفرق بين مالكة الحصان دي والمالكة ديكهه .. أو الفرق بين السايس ده والسايس دوَّت .. لو عايز تعرف الإجابة ح تلاقيها عند عمّنا الراحل "حسن حُسني" لمّا سأله "علاء ولي الدين" عن الفرق بين الطباشير الأبيض الأوّلاني والتاني في فيلم "الناظر صلاح الدين".

قيس بقى ما حدث في اتحاد الفروسيّة على جميع الاتحادات وشوف الشعب خسر من أمواله العامّة السايبة قَد إيه .. كل ده وما فيش مسؤول فيكي يا "مصر" قادر يوقِف هذا الفساد المستشري في جميع أوْصال الرياضة التي وصل مستواها عندنا إلى الحضيض في الوقت اللي فيه أغلب شبابنا لا يُمارِس الرياضة ولا يلعب إلّا في مناخيره .. وحسبنا الله ونِعمَ الوكيل.

حاشية:

بعد كتابة هذا المقال بأقل من أسبوع أعلن الفارس "نائل نصّار" لاعب الفروسيّة المصري انسحابه من دخول المنافسات بسبب إصابة جواده في القدم اليُمنى الأماميّة، ولأن قواعد الأولمبياد تمنع استبدال أي جواد (أو أي فارس) بعد 31 يوليو فقد انتهت بذلك مشاركة بعثة الفروسيّة قبل أن تبدأ أصلاً وضاع على "مصر" مبلغ العشرين مليون جنيه بدون أي عايدة ولا فايدة سوى فُسحة البعثة في "باريس" وضواحيها وإقامتهم فيها واكلين شاربين نايمين مأنتخين صارفين مصروف جيب لمدّة تقترب من أسبوعين على حساب الناس الفُقرا (قوي) في "مصر" أو على خساب صاخب المخل يا خبيبي .. وعليه العوض ومنه العوض.

google-playkhamsatmostaqltradent