صورة واحدة مخطوبة اتجوِّزت (4)
الإثنين .. (بعد سنتين من جوازي بالمنيّل على عينه):
زي ما اتفقنا إن
قِصّة الحب لازم تنتهي بالجواز اكتشفنا إنها انتهت فعلاً بعد أوّل كام أسبوع من الجواز
.. فوجئتُ بإن الحُب خلاص بِخ يعني انتهى من ساعة ما انكتم "كريم" خالص
وما بقاش يقول لي كلام حِلو زي زمان إلّا في حالة لمّا يكون عايز مني حاجة بَس،
حتى أغاني "أم كلثوم" ما بقيتش اسمع منها غير: فات الميعاد وبقينا بعاد
والأطلال وللصبر حدود وانا وانت ظلمنا الحب وأروح لمين ودارت الأيام وهجرتك وبعِدت
عنك بخاطري وسكِت والدمع اتكلِّم وح اسيبك للزمن وأراك عصي الدمع شيمتك القرفُ.
ما بقاش يخرّجني
إلّا كل حين ومين ودايماً يتحجِّج بظروف الشُغل وشقاه فيه ليل ونهار علشان يكفّي
طلباتي اللي ما بتخلصش، كل ده وانا قاعدة محبوسة ف البيت ح اطق م الزَهَق والملل،
إنما هوَّ يخرج ويدخُل زي ما هوَّ عايز، وكل يوم يسهر ع القهوة مع اصحابه يضحك
ويصهلل وف آخر الليل يرجع لي البيت وهوَّ شايل طاجن ستّه وقالب لي سِحنته ولابس
الوِش الخشب .. منه لله.
دي حتى آخر خروجة
كانت من سبع شهور، كنّا يوميها ماشيين ف الشارع بعيد عن بعض، هوَّ بيمِد قُدّامي
زي الفكرونة وانا باهرول وراه لافحة الواد ابننا على كِتفي ومش عارفة الحقُه،
ولمّا نيجي نركب العربيّة بيركب هوَّ الأوِّل ما لوش دعوة بيَّ ويسيبني اركب لوحدي
وكمان يزعّق لي علشان – من وِجهة نظره – رزعِت الباب جامد ويقول لي:
-
ما بالراحة يا وليّة .. إنتي داخلة زريبة.
ويوم ما عزمني – بعد
إلحاح شديد ومحايلة طويلة – على الغدا ف "مسمط الأكّيلة" برضُه دخل هوَّ
الأوِّل وساب وراه الباب ابو سوستة يخبط ف وِشّي لدرجة إني كنت ح اقُع أنا والواد،
وقعد هوَّ ع الترابيزة وسابني محتاسة وانا باجرجر الكرسي اللي ح اقعد عليه بإيد
وشايلة الواد بالإيد التانية ومعلّقة الشنطة الكبيرة ف رقبتي، ولمّا حط الجرسون
إزازتين ميّه صغيّرين ع الترابيزة شخط فيه الموكوس وقال له:
-
شيل الميّه دي من هنا .. هيَّ مصاريف وخلاص .. لو عطشنا ح نقوم نشرب من
حنفيّة الحمّام أو حتى م الشطّافة .. بلاش تماحيك.
وطلبت نُص ممبار
وتِلت كِرشة وطبق محاشي وبرام رُز معمّر بالكِبَد والقوانِص وبتِنجان مخلل وميّة
طُرشي علشان تفتح نِفسي اللي الراجل سادِدها والحلو كان عصيدة قرع وبرام أم علي
علشان بارضّع وهفتانة، وطبعاً الراجل الإيحة كان مستكتر عليَّ إني أبر نفسي شويّة
رغم إنه طلب لنفسه طاجن حلالي بالمخاصي وفتّة كوارع وطبق كبير مزاليكا ونُص كيلو
زرومبيح مشوي بالفريك غير المخلّلات والتحالي برُبع متدلّعة باللبن ورُبع عزيزة
بالمكسّرات ورُبع سِت الهوانم بالقشطة، طبعاً قعدنا نلهط ونلغوَص بإيدينا ونفتح
بُقِّنا ع الآخر ونهطّل على هدومنا ونخطَّف الأكل من بعض كأننا بناكُل ف آخر
زادنا، ومع إننا أكلنا الأكل كلّه تقريباً إلّا إن جوزي النتِن نادى ع الجرسون
وأمره إنه يلف لنا البواقي علشان نتغدّى بيها بُكرة، وبعدين ما ساب لهوش بقشيش غير
اتنين جنيه عُمي.
الخميس:
خلاص بقيت على آخري
.. زهقت م الراجل الأناني الكِشري ده اللي ما بيعرفنيش غير عشان مصلحته وبَس، قُمت
النهار ده الصُبح وانا جسمي كله مكسّر وقايم عليَّ إكمنّه طول الليل نايم جنبي ع
السرير وشادد مني البطّانيّة واللحاف وسايبني أرصرص ف الطل زي البطريق السقعان،
الظاهر داخل عليَّ برد رغم إني كُنت لابسة آيس كاب بزعرورة وكَلسون قطن وشرابين
صوف رجالي فوق بعض ولافّة صدري بورق جرايد تحت الجلابيّة .. برررررر .. يا
ختاااااااي.
الأربعاء:
عمّالة اتصل بجوزي
علشان يجيب لي معاه كيلو عدس وهوَّ جاي ع الغدا بَس مش عايز يرُد عليَّ، نشِّف
ريقي إلهي ما يوْعى يبلع ريقه يا رب، فالح بَس يتصل بيَّ كل شويّة ويقعد يدّيني ف
أوامر وطلبات ما بتخلصش، إن شا الله عنه ما رد، واللهِ ما انا عاملة غدا النهار ده
وخلّيه لمّا ييجي ياكُل بعضه، على الله بّس ما يتصلش هوَّ بيَّ، أصلي بيركبني ميت
عفريت لمّا باسمع صوت أُمّه .. سمع الرعد ف ودانه.
الأربعاء:
صحيت من آدانات
ربّنا علشان أشوف اللي ورايا من أشغال شاقّة اتحكم عليَّ بيها من يوم ما اتنيّلت
اتجنِّزت (مش اتجوِّزت)، صحيح: "الجواز تأديبٌ وتهذيبٌ وإصلاح"، فين
أيّام ما كُنت بنت وعايشة ف بيت أبويا مُعزَّزة مُكرَّمة الأكل بييجي لحَد عندي
واقلع وِسِخ والبِس نضيف وطلباتي مُجابة من مجاميعه ويوم ما كنت اغسل لأمّي طبقين
كانت بتعمل لي فرح .. آدي آخرة النيلة الجواز وقِلّة الأدب.
المهم: رضّعت الواد
"البرنس" ابني (أبوه سمّاه كده علشان يتقال له "البرنس كريم"
قال يعني الراجل بكده بقى أمير وهوَّ أصلاً نجّار حقير وجدّه كان غفير) ونتعته فوق
كِتفي ونزلت السوق جبت فول وطعميّة وفرخة وخضار وفاكهة وعيش وبقية لوازم البيت،
رجعت البيت رضّعت الواد وخمدته وقُلت احُط الفطار قبل ما ادخُل في موّال الكَنس
والمسح وغسيل السجّاد والمشّايات وغسيل الهدوم وتنشيرها وكويها وعمايل الغدا، ورُحت
اصحّي الزِفت جوزي من النوم وانا بادعي إنها تكون نومة بلا قومة قادر يا كريم وإني
الاقيه متنيّل واخد استمارة سِتّة م الدنيا كلّها، للأسف صحي وهوَّ منظره يغُم
ويقرف الكلب: قاعد ف البيت طول اليوم بالفانلة الحمّالات المقرّحة واللباس المصفِر
وريحته عرق تِعمي ودقنه طويلة وبيهرُش في شعره المكَتكِت على طول زَيْ ما يكون
مقمِّل، ودخل الحمّام وهوَّ حافي من غير ما يقفل الباب وراه وعمل زي الناس وهوَّ
بيدعك ف عينه مش شايف قُدّامُه لدرجة إنه طرطش بول على قاعدة الكبانيه والأرضيّة
اللي كُنت مسيّئاها وطالع عيني ف دعكها بالفُرشة امبارح، وبسبب السجاير اللي
بيتنيّل بيشربها والشيشة اللي بتزفِّت بيكركرها كل يوم قعد يكُح ويتنخّم ويتف ع
الأرض أو ف الحوض بصوت مُقزِّز مُثير للقيء.