خبر
أخبار ملهلبة

حيرة شباب الطبقة المتوسطة ما بين السكن في "نور" أو "باديا"



حيرة شباب الطبقة المتوسطة ما بين السكن في "نور" أو "باديا"

 

 

في شهر يونيو الماضي هذا العام طل علينا الإعلامي "عمرو أديب" في حلقة ملّاكي من برنامجه (تقاضى عن هذه الحلقة عدّة ملايين غير محدّدة بخلاف أجره السنوي الذي يتجاوز رسميّاً مبلغ 55 مليون جنيه وخمسة وخميسة ف عينك يا اللي ما تصلّي ع النبي) مع رجل الأعمال المالتي ميلياردير "هشام طلعت مصطفى" (الصادر بحقّه عفو رئاسي خاص لينكمش عقابه على قتل إحدى الفنانات من الإعدام إلى السجن 15 سنة إلى الإفراج بعد 8 سنوات فقط في حين تم العفو الرئاسي عن ضابط أمن الدوْلة السابق "محسن السكّري" شريك "هشام طلعت" في الجريمة بعد سجنه لمدة 11 سنة).

وفي هذه الحلقة الإعلانيّة الخاصّة من البرنامج كشف "هشام" النقاب عن مشروعه الجديد لبناء مدينة "نور" المجاورة للعاصمة الإداريّة الجديدة وصرّح – وسط استغرابٍ سافر واستبشارٍ غامر من "عمرو" – بأن المال لا يعنيه (وهو بالفعل كذلك بدليل إنفاقه لحوالي 100 مليون جنيه في فرح إبنه منذ عدّة أعوام) وأن هدفه الأوّل هو الإعمار والتعمير ولهذا فهو يطرح وحدات مدينته الجديدة بأسعار تناسب كل شرائح المجتمع (وأكيد يقصد الطبقة الكادحة والطبقة المتوسطة والطبقة الغنيّة) لأنه يبني مدينة عامّة وليست كومباوند خاص .. وهذه الأسعار تبدأ من أقل من 38 ألف جنيه مقدّم وأقل من 3800 جنيه قسط شهري لمدة 15 سنة للشقّة الواحدة .. ثم تكشّفت الحقيقة بعد ذلك عن السعر الإجمالي لأصغر وِحدة سكنيّة (ستوديو حجرة واحدة وصالة وعفشة ميّه على مساحة 68 متر مربّع) هو مليون و700 ألف جنيه بالتمام والكمال .. والسعر الإجمالي للوِحدة السكنيّة المتوسطة المساحة (120 متر مربّع على 3 حجرات وصالة) هو 3 مليون جنيه بالكمال والتمام.

وفي شهر نوفمبر الحالي طلّت علينا زوجة "عمرو" الإعلاميّة "لميس الحديدي" هي الأخرى في حلقة ملّاكي من برنامجها (وقد تقاضت ملايين أقل من زوجها بخلاف أجرها السنوي الذي يبلغ حوالي 14 مليون جنيه بس يا كبد امها) مع رجل الأعمال المالتي ميلياردير "ياسين لطفي منصور" (الصادر بحقه قرار النائب العام في 2012 بإلغاء قرارٍ آخر كان قد صدر عقب ثورة يناير في 2011 بمنعه من التصرّف في أمواله وممتلكاته بعد أن سدّد 250 مليون جنيه من أجل أن يتم غلق ملفه المالي والتصالح معه فى القضايا المحال على ذمّتها لمحكمة الجنايات بتهم تتعلّق بالفساد المالى مع أقطاب نظام "مبارك").

وفي هذه الحلقة الإعلانيّة الخاصّة من البرنامج كشف "ياسين" النقاب عن مشروعه الجديد لبناء مدينة "باديا" المجاورة لـ"مدينة أكتوبر الجديدة" وصرّح – وسط ترحيبٍ غريب وترغيبٍ مريب من "لميس" – بأنه يستهدف في مشروعه كل المصريين خصوصاً الشباب المتعلّم للطبقة المتوسّطة من خلال طرحه لفيلّات صغيرة تبدأ أسعارها من 4 مليون جنيه وتنتهي إلى 15 مليون جنيه .. ناهيك عن أسعار الوحدات السكنية العادية الأخرى التي يمكن تقسيط ثمنها على 10 سنوات مثل: ستوديو غرفة واحدة وصالة بمليون وربع المليون جنيه – شقّة غرفتين وصالة بإتنين مليون و400 ألف جنيه – 3 غرف وصالة بثلاثة ملايين و200 ألف جنيه فقط.    

لاحظوا معي النقاط الآتية:

·       هاتان المدينتان تقعان في الصحرا القاحلة وليست في المدن العامرة يعني في الطَل أو ف الخَلا أو ف الهِوْ.

·       جميع الأسعار والتي هي بملايين الجنيْهات تشمل الوحدة السكنيّة فقط .. وينقصها التجهيز والفرش والأثاث والأجهزة المنزليّة والأجهزة الكهربائيّة ومستلزمات الإنارة ولوازم المطبخ وباقي ضروريّات المعيشة والتي هي بالملايين أيْضاً.  

·       القائمون على بناء وتسويق الوحدات السكنيّة بهاتيْن المدينتيْن يتّصفون بإخفاء التفاصيل ويتّسمون بالضبابية ويتحلّون بعدم الشفافية من أجل تدبيس الزبون والربح من ورائه على قدر المستطاع دون أي تدخّل من الدوْلة لفرض القوانين واللوائح الموحّدة التي تضمن للمواطن حقوقه وتأمنه وتؤمّنه من الوقوع في براثن أولئك الذين يتاجرون بأحلامه وآماله.

·       عن أي طبقات الشعب يتحدّثون؟ .. بالتأكيد عن طبقات الشعب الأمريكي أو الأوروبي .. لأن طبقات الشعب المصري تختلف تماماً عن هذا "الهري" .. دعونا من التقسيم الاجتماعي للشعب المصري ولنبحث معاً في التصنيف المالي والاقتصادي للطبقة الوسطى أو المتوسّطة والتي يتراوح دخل الأسرة المصريّة حالياً حسب تقرير وكالة "فيتش" العالميّة من 6500 إلى 13000 ألف جنيه بمتوسّط 10 آلاف جنيه شهريّاً .. هل تستطيع الأسرة أن تتنازل عن أكثر من نصف أو ثلاثة أرباع دخلها لتدفعه على مدار 10 أو 15 سنة كأقساط شهريّة مُستحقَّة لهذه الشقق ويتبقّى الربع أو النصف فقط لتغطي احتياجاتها من الغذاء والكساء والتعليم والعلاج والمواصلات والضرائب وغيرها؟

·       إن كنا نريد التعبير بدقّةٍ ووضوحٍ أكثر فيمكنني أن أؤكّد أن هذا الحوار الإعلاني الدعائي لهذا المقاول الميلياردير مع هذه الإعلاميّة المليونيرة قد استهدف فعلاً الطبقة المتوسّطة للشعب المصري بل نجح في فقع مرارتها (مشّيها "مرارة" عشان خاطري) وأصابتها في مقتل وأشعرتها بمدى تبلّد أحاسيس أغنياء هذا البلد وبمدى اتساع الفجوة بينهم وبين مَن يقبع تحتهم بمراحل في الطبقات الأدنى من قعر الهرم الاجتماعي وبمدى انعزالهم الكامل عن مشاكل ومعاناة باقي الشعب المطحون .. وهذا مثالٌ بسيط من عشرات الأمثلة التي نراها يوميّاً من هؤلاء الأغنياء الذين يخرجون علينا بتصريحاتٍ مستفِزة تثير غضب الناس وحنقها عليهم كـ"نجيب ساويرس" و"ياسمين صبري" و"محمد رمضان" و"بهاء أبو شقة" ورئيس جمعية الأورمان ورئيس جهاز التعبئة والإحصاء وغيرهم.  

·       ما ذكرته في النقطة السابقة يخص دخل الأسرة المصريّة كلها وليس فرداً واحداً فقط فيها .. فما بالك بشابٍ متعلّمٍ حديث التخرّج يبني نفسه ويظل سنيناً عاطلاً عن العمل حتى يجد عملاً ثابتاً (إن كان محظوظاً) لن يزيد عن 5 آلاف جنيه في أحسن الأحوال.

نصيحة أخيرة لكل مَن على شاكلة هؤلاء الأغنياء: كفاكم استفزازاً لغالبيّة الشعب المصري فقد طفح الكيْل ونفذ الصبر وبلغ السيْل الزبى كما بلغت الروح الحلقوم والقلوب الحناجر وقد آن لكم أن تسمعوا قوْلاً ثقيلاً .. لن تحميكم أموالكم من غضبة الشعب ولن تمنع الأسوار المحيطة بالكومباوند الذي تسكنونه أيدي المحرومين عن الوصول لأعناقكم ولن يفلح تسامح المصريين الطويل وصبرهم اللا محدود في منع ثوْرة الجياع القادمة لا محالة .. ألا هل بلّغت .. اللهمَّ فاشهد.

google-playkhamsatmostaqltradent