برعاية وزيرة الصحّة: تدشين الحملة القوميّة لمكافحة التلاميذ
طبعاً الشكر واجب للقائمين على حملة
مكافحة الديدان المعوية .. لكن لماذا نقوم بمثل هذه الحملات في صخب وضجيج
أمام كاميرات الإعلام للدرجة التي تنسينا الهدف من ورائها أصلاً وكأننا أدمنا جو
الحفلات وأوساط المهرجانات وزحام الأفراح لتسجيل أعمالنا (وهي قليلة بالفعل) قي
ألبوم اللقطات دون أي اعتناء بالتفاصيل .. أقول هذا بمناسبة صدور الأوامر لجميع
المحافظين بالمرور على المدارس لـ"تجريع" (وآسف لفظاظة اللفظ لكن هذا ما
جاء بالبيان المرسل من وزارة الصحة لوسائل الإعلام) التلاميذ حبوب الدواء بأنفسهم
وكأنهم يطعمون حفنةً من الفراخ البلدي أو البط الموسكوفي في عشة الحاجة أم بسطويسي
الكائنة بكفر الجِلّة .. وذلك بأن يرتدي كل محافظٍ قفازاً طبياً (جوانتي) واحداً
ويدور على التلاميذ واحداً تلو الآخر ويُلْقِمه الحبّة داخل فمه مباشرةً بنفس
القفاز بحيث تتنقل يده (التي يحفظها القفاز ليحمي المحافظ نفسه فقط من الميكروبات
الموجودة في فم هؤلاء التلاميذ الخراسيس النراسيس الجربانين الجرابيع) من فم هذا
إلى ثغر ذاك إلى حنك ده إلى بُق دكهه إلى خشم دوكهمّه فتنتقل الجراثيم بين الجميع
بالتساوي لتحقيق العدل الذي يفشل نفس المحافظ في تطبيقه في باقي المجالات.
وإذا كان هذا الأمر قد مر على فطنة السادة
المحافظين فربما كانوا معذورين لأن أغلبهم لواءات لا يعرفون عن مبادئ العدوى أكثر
مما يعرفونه عن دورة التشعب التكيّفي للسلطعون الرخامي أحادي السلالة في العصر
الطباشيري .. أمّا أن يصدر هذا الفعل المثير للإشمئزاز والقرف من الطبيبة وزيرة
الصحة فهذا أمرٌ يدعو للشفقةِ حقاً لما آل إليه حال المسؤولين في بلدنا المحروسة.
وأعود فأسجد حمداً لله على رحمته بنا إلى هذا الحد فقط .. فقد كان الدواء القاتل للديدان على هيئة أقراص وليس لبوساً .. أحيه.