خبر
أخبار ملهلبة

مصر على كف عفريت (6) | جلال عامر


كاريكاتير عن تمثال فرعوني يسير بين السياح وهو يشحت دليلاً على فقر المصريين

مصر على كف عفريت (6)

 

 

قصر الزعفران

 

اضبط، هذه لقطة تاريخية لا يمكن أن تفوتك. 

أمام قصر "الزعفران" و هو جزء من جامعة عين شمس الآن، تجمع البلطجية و اللومانجية و الإخوانجية و الأفندية و الطلبة و قوات الأمن، و كل ممثلي قوى الشعب العامل؛ حيث دارت معركة عين شمس " الثانية". من قبل كان قصر "الزعفران" ملكا للملك فؤاد والد الملك فاروق، و فيه تزوج زوجته الأولى شويكار، و استغل توكيلها العام في نهب أموالها، و كان شقيقها "سيف الدين" يرى أن فؤاد من فرع إسماعيل الذي نهب السلطة من فرع إبراهيم الذي تنتمي شويكار إليه، و يريد الآن أن ينهب ثروته، و بعد مشاجرات و مشاحنات أطلق "سيف الدين" النار على فؤاد في الكلوب الخديوي، و استقر "سيف الدين" في السجن، ثم في مستشفى المجانين و نهب فؤاد ثروته كما فعل مع شويكار، و هذه معركة عين شمس " الأولى". الآن أمامك صورتان، صورة خارجية جديدة لقصر الزعفران (مشاحنات الطلبة و صورة تاريخية قديمة (مشاحنات فؤاد) حمض الصورتين و تأملهما و احكم. و تذكر أن الذي يحكم مصر الآن هو السيد الرئيس محمد حسني مبارك الذي ولد عام ۱۹۲۸، أيام الملك فؤاد، و أنه في نفس العام ۱۹۲۸، ولدت جماعة الإخوان المسلمين أيام الملك فؤاد أيضا، و أن البلطجية و اللومانجية و الأفندية و الطلبة موجودون من أيام فؤاد حتى الآن و كذلك قصر الزعفران. أي أن شيئا لم يتغير منذ تزوج أحمد فؤاد من شويكار سوى أن أحمد حلمي اتجوز عايدة و أحمد عز اتجوز شاهيناز .

 

نظام ظل و ظل نظام

 

شاهدت الفيلم الأجنبي " امرأة الظل" الذي مصّروه لشادية بعنوان "أغلى من حياتي" و مثل " امرأة الظل" رأيت أيضا "خيال الظل" و سمعت عن "نباتات الظل" و "حكومة الظل" لكنني لم أسمع أو أر أو أنخيل أن يكون هناك "نظام ظل". نظام كامل متكامل يتخلق في الظل. "نظام طل" قادم من ظل نظام قائم. برئيسه و قادته و وزرائه يتشکل ليحل محل النظام القائم فور اختفائه و يركب فوق البيروقراطية القائمة و التكنوقراط الموالي لأي نظام. نظام اختار حتى معارضيه و يدون من الآن بياناتهم من أول الاسم الثلاثي حتى مقاسات الأحذية و هذه أعجوبة ننفرد بها. تحولنا إلى جهاز متعدد الأنظمة إذا تعطل نظام اشتغل آخر أوتوماتيكيا دون أن يكون لصاحب الجهاز رأي أو قرار؛ فكلاهما مفروض، و كتالوج التشغيل لا نملكه و كلمة السر لا نعرفها. صحفيو و كتاب و مثقفون و أساتذة

جامعات عرفوا اتجاه الريح و قدموا من الآن أوراق اعتمادهم لنظام الظل. و يعملون مع النظام القائم بعقد مؤقت الحين التثبيت مع نظام الظل. و بسمون أنفسهم جيل ما بعد أكتوبر (جیل نوفمبر) و هو موعد عقد المؤتمر العام للجهاز الحاكم. فلا تتعجب إذا سألك صديق: أنت نظامك إيه؟

 

خطّاط و علبة بوية


الغريب أن برنامج السيد الرئيس الانتخابي الذي تحدث فيه عن عدد المدارس التي سيتم بناؤها بدقة و بالفصل و عدد التخت، و عدد المصانع بدقة و بالعنبر و عدد العمال، و مساحة الأراضي التي سيتم استصلاحها بالسنتيمتر المربع، و عدد الكباري و الملاعب و الحدائق و النافورات. هذا البرنامج الدقيق لم يذكر شيئا عن محطات نووية، ثم فجأة و بدون سابق إنذار تم الخروج عن النص و تواري " البرنامج الانتخابي" ليحل محله " البرنامج النووي" فلماذا أغفل البرنامج الحديث عن أمر خطير كهذا؟ و هل ظهرت فجأة أزمة الطاقة في مصر؟ و هل الموضوع أصلا يتعلق باستهلاك طاقة أم باستهلاك محلي و موقف دولي؟ أزمة الطاقة في مصر معروفة و قديمة منذ التسعينات عندما انهار الاتحاد السوفيتي، و أخذت إسرائيل العلماء و أخذنا نحن العوالم، فتضاعفت قدرة إسرائيل النووية و ضاعفنا نحن عدد الكباريهات. اتساقا مع الوضع المؤلم و غياب الموارد و الكوادر و الإدارة، من الممكن إضافة كلمة "النووية" فنحصل فورا على أربع محطات نووية مجانا. محطة محمد نجيب النووية و محطة ناصر النووية و محطة السادات النووية و محطة مبارك النووية، و كلها في مترو الأنفاق تحت الأرض، ولا يمكن لأحد أن يضربها، و الموضوع لن يكلفنا شيئا سوى خطاط و علبة "بوية".

 

ناسا .. ناسا

 

في مصر لا تستطيع أن تفرق بين ما هو حكومي و ما هو حزبي إلا بالكرافتات؛ ففي نفس اللحظة التي كان أعضاء الحزب الوطني يرتدون الكرافتات الملونة لانتخاب رئيس جديد قديم للحزب، كان الملايين من المصريين عراة يصارعون الأمواج و يموتون في عرض البحر غرقا في رحلة البحث عن لقمة العيش في بلد لا يحكمه الحزب الوطني، ولا يفوز برئاسته في اقتراح علني و اقتراع سري السيد حسني مبارك. كان على الأعضاء أن يفتتحوا المؤتمر بالوقوف دقيقة حداد أو على الأقل أن يرتدوا الكرافتات السوداء؛ فهذا الحزب الذي نشأ على أنقاض حزب مصر يعيش الآن على أنقاض مصر نفسها. عندما حمل (أبوللو) "آرمسترونج" و هبط على سطح القمر كان ستمائة إنسان يشاهدون هذه اللحظة التاريخية، و ربحت وكالة "ناسا" التي تشرف على هذه الرحلات ملايين الدولارات من بيع حق البث المحطات التليفزيون. و بعد ست سنوات فقط كان أبوللو (۱۷) يحمل إنسان إلى القمر، بينما وكالة "ناسا" تستعطف و ترجو و تتذلل لمحطات التليفزيون؛ بل إنها اضطرت أن تدفع هي للتليفزيونات حتى توافق على البث لأن الناس بعد ست سنوات فقط كانوا قد زهقوا و طهقوا من رؤية بشر يهبطون على سطح القمر. أما نحن فكل ست سنوات يهبط نفس الشخص على سطح السلطة دون أن نكل أو نمل أو نزهق أو نطهق، و دون أن يرفض التليفزيون أن يبث و يذيع و يسجل هذه اللحظة التاريخية التي يواصل فيها الإنسان المصري الهبوط على سطح الفقر أو في قاع البحر.

 

مباحث أمن الجن

 

الثلاثاء في الثالثة جمعت " دريم تو" مجموعة من الفتيات و الشبان ليحدثهم شيخ مودرن عن الفرق بين السحر المفيد والسحر الضار وشرح الرجل مشكوراً ا، هناك أنواعٌ من الجن منهم المؤمن و الكافر و اليميني و اليساري. و الحقيقة أنني فرحت بوجود جن ينتمي إلى اليسار حتى يقف ضد بيع " الفانوس السحري" إلى جن أجنبي، و يبدو أن هذا الجن مختف و لا نراه خوفا من مباحث أمن الجن التي جعلته يعمل تحت الأرض. ما لا يعرفه إلا السحرة المتخصصون أن "دريم تو" تابعة للأستاذ أحمد بهجت، و أن "نورماندي تو" تابعة للأستاذ أحمد رمزي، و أن "مصر تو" تابعة للأستاذ أحمد نظيف. أما قناة التنوير فهي تجمع الأطفال حول ممثل معتزل لأن الفن حرام و طول النهار هات یا تنویر؛ و يبدو أن جرعة التنوير زادت فجعلت أوائل الثانوية العامة يرفضون السفر هذا العام في رحلة المكافأة دون محرم. هناك قنوات تتبع الدول و قنوات تتبع الأفراد و قنوات تتبع الأحزاب مثل قناة "المنار" التابعة لحزب الله و الفضائية المصرية التابعة للحزب الوطني الديمقراطي؛ و معظمها لها محطات تقوية في "قندهار" حتى إن إحدى القنوات كلما فتحتها وجدت شيخا أشعث أغبر لا يتغير ولا يغير ملابسه يصرخ " اقتلوهم.. اقتلوهم"، و أخيرة. أخيرا جدا استجابت هذه القناة للظروف الدولية و تغيرت، و أصبح هذا الشيخ يغير النداء و يصرخ " اذبحوهم.. اذبحوهم". الله ينوّر.

 

سمعت آخر فتوة!

 

من أول محكمة العدل الدولية حتى المحاكم الدستورية العليا في بلاد العالم لها دور في الفتوة و أقسام الإفتاء؛ لكنها لا تتعامل في الفتوة مع أفراد بل تضع ضوابط للتأكد أولا: من جدية طلب الفتوة، و ثانيا: أنا مطلوبة للاستخدام كأن تكون القضية معروضة أمام محكمة الموضوع أو يكون طلب الفتوى قد ورد إليها من مؤسسة رسمية مع توضيح الأسباب. و هو ما نرجوه الآن و فورا لدار الإفتاء بأن توضع ضوابط و آليات تمنع تعامل الأفراد معها حفاظا على مكانتها و قدسيتها. بعض ضعاف النفوس على استعداد لدفع رسم الفتوى الضئيل لطلب الفتوى في أمور مضحكة تورط دار الإفتاء و الدار -بحسن نية و تحقيقا لمصالح الناس - ترد مفترضة حسن النية من الجميع. منذ سنوات و هذه قصة شهيرة- دفع شباب إحدى المحافظات الساحلية تأمين الترشيح في انتخابات مجلس الشعب لبهلول بغرض الضحك و الاستهزاء، و ألبسوه طرطورة ليرقص في مؤتمراته الانتخابية، و يعرض في برنامجه ردم القناة و إباحة الحشيش و رفع سن الزواج إلى خمسين سنة للفتاة، و ستين سنة للرجل، و صار الموضوع نكتة ليس على البهلول، و لكن على اللي بالي بالك؛ و هو ما لا نرضاه على هيئة عزيزة و كريمة على نفوسنا، و إذا لم تتوفر لها هذه الضوابط فيكفيها جدا أن تراقب الهلال، و تقول لنا كل سنة مرة "الليلة عيد".

 

امرأة على المائدة

 

غريب أن يدفع الشعب مرتبات من يعذّبه، و الأغرب أن يدفع مرتبات من ينافق حكامه، و لكل إنسان درجة انصهار ترتفع و تنخفض من شخص لآخر، فهناك من يبيع بسيجارة و من يبيع بعمارة، و قليلون من الأحجار تعرف الاحتراق و لا تعرف الانصهار. و مع قلة الأحجار و ارتفاع الأسعار لم يعد هناك من يقبل أن يكتب مقالة في نفاق مسئول بعشرة جنيهات. وقتها سوف يدعي الشرف.

في إحدى الحفلات جلست امرأة على المائدة بجوار جورج برنارد شو، فسألها بهدوء: سيدي هل تقبلي أن تقضي معي ليلة بمليون جنيه استرلیني؟ فابتسمت المرأة و قالت: طبعا بكل سرور. فعاد و سألها: هل من الممكن أن نخفض المبلغ لعشرة جنيهات فقط؟ فغضبت المرأة و صرخت في وجهه قائلة: من تظنني أكون؟ فقال لها شو بهدوء: سيدي، نحن عرفنا من تكونين، نحن فقط نختلف على الأجر. ولم يذكر التاريخ اسم المرأة التي جلست على مائدة جورج برنارد شو، لكنه ذكر أسماءً كثيرة جلست على مائدة الحكام، و أخشى لو خفضنا المليون التي يحصل عليها بعض کتاب و مسئولي الصحف أن يغادروا مائدة الحكومة و يتجهوا إلى المعارضة، و بعد أن كانوا يتحدثون عن الشرف و الأخلاق و القيم في صحف الحكومة سوف يتحدثون عن النقود و المال و الاقتصاد في صحف المعارضة، و قد سألوا (جورج برنارد شو) في ليلة أخرى: لماذا يتحدث خصومك كثيرة عن الشرف و الأخلاق، بينما تتحدث أنت عن النقود و المال؟ فقال: يبدو أن كلينا يتحدث عما ينقصه.

 

إذاعة "رحومة حنيش"

 

أرسلت إحدى المجلات القومية رئيس القسم الرياضي بها منذ سنوات لتغطية دورة الألعاب الأوروبية في مدينة "مونتريال" بكندا، فلم يرسل الرجل من هناك أي تقرير، و اكتفي بعد عودته بأن كتب تقريرا مختصرة من سطر واحد يقول فيه " مونتريال.. ما أجملك يا مونتريال.. سلام مربع لمونتريال". مما حدا بأستاذنا المرحوم "نجيب المستكاوي" و الذي كان ينشر صفحة كاملة يومية عن هذه الدورة في الأهرام أن يقول "حرام أن يقضي صحفي أكثر من شهر في فنادق كندا، علاوة على الإقامة و تذاكر الطائرات على حساب مجلته، ثم يعود ليكتب سلام مربع المونتريال". لكن "مونتريال" كانت بداية " التقارير المختصرة جدا" التي يمكن أن تستفيد منها الصحف. فنحن مقبلون على تغيير وزاري و حركة محافظين (جدد) و كل مسئول يصاب بحساسية من النقد في هذه الفترة الحرجة التي تهدد الكرسي الذي يجلس عليه. و مفتاح الحل موجود في التقارير المختصرة؛ ففي صفحة المحافظات مثلا على الصحف أن تبدأ من الشمال إلى الجنوب "إسكندرية.. ما أجملك يا إسكندرية.. سلام مربع للإسكندرية". أو من الجنوب للشمال "أسوان.. ما أجملك يا أسوان.. سلام مربع لأسوان". و هكذا مع الوزارات بنظام الدور الدائر. أما حق المواطن في المعرفة فلا أحد يدقق بين المعرفة و (المغرفة و الميكروباصات على قفا من يشيل و يستطيع المواطن أن يتجه بنفسه إلى المحافظة التي يريد أن يعرف أخبارها و اللي يسأل ما یتوهش. أو الاعتماد على إذاعة "رحومة" التي رأيتها في "مطروح" منذ ربع قرن، و كانت عبارة عن ميكروفونين معلقين بجوار سيدي "العوام" يذيع أحدهما الأخبار بأن هناك طفلاً تائهاً يرتدي بلوفراً أحمر، بينما يؤكد الميكروفون الآخر خلوْ المحافظة تماما من البلوفرات الحمراء. مع تحيات أخوكم رحومة حنيش.

 

تاریخ مدام "كولين"

 

كانت الكتب المدرسية تقول أن جمال عبد الناصر هو قائد الثورة. و بعد أن مات كانت نفس الكتب تتحدث عن الثورة و تقول "هذه الثورة التي أعلن بيانها الأول الرئيس القائد أنور السادات" و لأن الدنيا "داین تدان"، و بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم، فقد كان "أنور السادات" هو قائد حرب أكتوبر في كتب التاريخ المدرسية، و بعد أن مات كانت نفس الكتب تتحدث عن حرب أكتوبر و تقول "هذه الحرب الذي قام بضربتها الأولى الرئيس القائد حسني مبارك". و للعلم فإن مدام "كولين" لمن لا يعرفها هي أشهر مصممة أزياء تاريخية في العالم، و زبائنها هم مخرجون و منتجون عالميون يقولون لها "عثمانلي" مثلا، ثم يحضرون بعد أسبوع لاستلام ملابس الانكشارية و الكنفشارية، و هكذا و مدام "كولين" دائما تحت الطلب جاهز و تفصيل. مصري فرعوني. فرنسي بربوني أو صيني قيصري. و يبدو أن مدام "كولين" تشعر الآن بالفراغ لقلة الأفلام التاريخية، فتحولت من تفصيل الملابس التاريخية إلى تفصيل الوقائع التاريخية، و تغير زبائنها من مخرجين و منتجين إلى صحفيين و مذيعين؛ و هي الآن مشغولة بإعادة تفصيل التاريخ المصري على شفاه المذيعين و أقلام الصحفيين. أصبح تدوين التاريخ في بلادنا فوضى فكل من يشتري نتيجة حائط توضح التواريخ يصبح مؤرخ، و كل من يشتري مروحة يصبح أخصائي في طب المناطق الحارة. من أفواه المذيعين "نحن انتصرنا في حرب 48" و من أقلام الصحفيين "خيرت الشاطر هو قائد مظاهرات الطلبة عام 68" (أقسم بالله أنني درست في ثلاثة معاهد عسكرية عليا أننا انهزمنا في حرب 48، و أقسم بالله أنني كنت أثناء هذه المظاهرات أقف إلى جوار قائدها عاطف الشاطر و لم نسمع عن خيرت هذا إلا في هذه الأيام السوداء). أرجوكم امنعوا مدام "كولين" من دخول مصر.

 

متعودة دايمة

 

عندما سرق اللصوص قطار برید لندن -جلاسجو، و فيه مليون جنيه، صدر مائة كتاب و شاهدنا دستة أفلام عن الحادث، و ظلت الصحف لمدة عام تحلل الواقعة. في مصر أصبح خبر سرقة مليار جنيه لا يستحق أكثر من عشرة أسطر بواقع مائة مليون جنيه للسطر الواحد لأن مصر (متعودة دايما).

وعلى العكس ففي مصر - حصريا – يقام احتفال ضخم يحضره كبار المسئولين، و يذاع على الهواء مباشرة؛ للاحتفال بأمين شرطة عثر على شنطة في المطار ثم سلمها لصاحبها. و في مصر -حصريا - تتسابق برامج التليفزيون الاستضافة مهندس لأنه رفض رشوة من مقاول. و يكتب صحفي نصف صفحة يشكر فيها إدارة المرور لأنها جددت له الرخصة. و قريب سوف يعلن المتحدث الرسمي عن اكتشاف مدرس في إحدى المدارس يشرح الدرس أو طبيب يكشف على مرضاه. منذ شهور استضاف برنامج شهير و جماهيري في القناة الثانية "كبابجي" مخلصا لا يستعمل لحم الكلاب ولا الحمير، و راح الرجل الطيب يؤكد للمذيع أنه يطرد أي كلب يمر من أمام المحل، و أنه يقاطع لحم الحمير، بينما المذيع بثني عليه و يشكره و يطالبه بالاستمرار في هذا رغم أي مغريات و نحن معه في الطريق. و إذا كانت القاعدة في أفغانستان فإن الاستثناء في مصر؛ فهي التي تشكر المحامي إذا ترافع، و المدرس إذا شرح، و الطبيب إذا كشف، و التلميذ إذا صحا من النوم، مع أنه لا شكر على واجب. في ظل هذا المناخ يصبح من الطبيعي أن يحمد الناس السيد الرئيس أنه قبل أن يحكمهم، و أن يشكروا السيد جمال مبارك أنه قبل أن يرثهم، و أن يثنوا على السيد أحمد عز أنه تواضع و احتكرهم، و لن أتعجب إذا قام بعض الناس بأنفسهم بسرقة البنوك و تسليم أموالها لرجال الأعمال مع الشكر والامتنان.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent