صورة واحد رئيس حي (3)
-
التنبيه على شركة
المقاولات وإصلاح الطُرق على تجريف وكشط وكحت أسفلت جميع الشوارع الفرعيّة (فيما
عدا شارع كورنيش البحر الرئيسي) وترك الحُفر الطبيعيّة (التي نشأت بقُدرة قادر)
والصناعيّة (التي تخلَّفت عن أعمال الحَفْر الخاصّة بدفن كابلات الكهرباء ومواسير
المياه وإمدادات الغاز) والمطبّات الطبيعيّة والصناعيّة (الحُـفَر التي تطُب فيها
السيّارات) والمقبّات الطبيعيّة والصناعيّة (التي ترتفع عن مستوى الشارع بهدف
تهدئة سُرعة السيّارات التي تقب فوقها) إلى أن يتم اعتماد تمويلٍ ماليٍ كافٍ من
ميزانيّة المُحافظة لتمويل تكاليف الرصف والسفلتة في العام الجديد أو الذي يليه،
مع الاتفاق مع الشركة على تسديد الأوْراق على أنها عمليّة رصف كاملة وليست عمليّة
تجريفٍ فقط لحين اقتسام فرق المبالغ بيننا وبينها من ميزانيّة هذا العام قبل
انتهائه.
-
المرور على جميع
الأنشطة التجاريّة بالحي (مولات – محلّات – مصانع - وِرَش – مُستشفيات خاصّة –
عيادات – مدارس خاصّة – سناتر تعليميّة – مخابز – محطّات وقود – إلخ إلخ) لجمع
مبالغ تبرُّعات إضافيّة (إتاوة) لتحسين الخدمات بالحيْ ثم توْريدها لمدام
"لواحظ" المسؤولة عن صندوق تمويل أُسَر وأبناء العاملين بالحيْ، وفي
حالة امتناع صاحب أي نشاط عن الدفع يتم إصدار مُخالفات للمُنشأة التابعة له أو
التلكيك له على أي شيء، وذلك بموجب السُلطة التي تم تخويلها لمندوبي الحي والتي تم
توْريثها لنا عبر الأجيال منذ عصر الجباية والجِزية الذي أسَّسه المماليك
الإنكشاريّة.
-
استقبال طلبات
وشكاوى المُواطنين على مدار ساعات وأيّام العمل مع السماح بقبول أي إكراميّة
معقولة (لا تقل عن مائة جنيه) لضمان إنجاز دوْرة الأوراق للتيْسير على السادة
المواطنين.
-
المرور على مواقف
انتظار السيّارات بصورةٍ يوْميّةٍ لتحصيل نسبة الحيْ (الوِديّة غير القانونيّة) من
القائمين عليها ثم توزيعها بالتساوي بين صغار العاملين بالحيْ، وفي حالة تلكّؤ أي
سائس عن الدفع يتم إبلاغ إدارة المرور بالحي لكلبشة جميع السيّارات بالموْقَف
لتعليمه الأدب.
-
استغلال جميع قِطع
الأراضي الفضاء بالحيْ – وعددها 27 قطعة – في تأجيرها للمشاتل ومواقف السيّارات
بمقابلٍ باهظٍ يتم تقسيمه بيننا، على أن يُثبَت في الأوْراق الرسميّة أن هذه
الأراضي ضوائع تنظيم (خارجة عن نطاق التخطيط العمراني) وليست منفعةً عامّة حتى لا
يتم توْريد أي مبالغَ منها للخِزانة العامّة.
انتهى الاجتماع وتفرّق المسؤولون لتنفيذ
المهام الموْكولة إليهم .. ربّنا يوفَّقهم ويسدِّد خُطاهم.
الثُلاثاء (بعد 9 شهور):
اتَّصل بي "علوان" بيه في الموبايل
وطالبني – ع المتغطّي – بنصيبه ونصيب المُحافظ وبعض القيادات هناك في مبلغ
الإكراميّة الذي تخلَّف عن دفعه "فريد شمسيّة" رغم إمهاله طوال الفترة
الماضية، وعدتُه بعمل اللازم في الحال، في الواقع ما رضيتش اقول له إن الراجل ما
دفعش فلوس بَس جاب لي الأسبوع اللي فات عربيّة "مرسيدس" ع الزيرو موديل
السنة دي تساوي أربعة مليون جنيه وكتبها باسمي اعترافاً بجميلي في الصبر عليه،
وبصراحة أكتر ما قدرتش أرفض لأن العربيّة تِخبِل، وقُلت ابقى اراضي الناس بتوعي
بخمسين ألف جنيه يوزّعوهم على بعض وابعت ميتين ألف كمان لـ"علوان" بيه أسكِّته
بيهم عشان يقسِّمهم بينه وبين المُحافظ والناس اللي عنده من غير ما يعرف حكاية
العربيّة دي.
إتَّصلت فوْراً بـ"المُنشار" الذي
كان في مكتبه (وكنت أنا في البيت لإصابتي بإسهال شديد بعد طفاستي أمس وأنا في أحد
المطاعم عندما أكلتُ طاجن كبير اسمه "طاجن فياجرا العناتيل" فيه كوكتيل تعابين
بحر وبطارخ وكابوريا وجمبري وسُبّيط) وطلبتُ منه سحب مائتيْ ألف جنيه من عُهدة الخَزنة
بتاعتي اللي معاه نُسخة تانية من مُفتاحها، ثم توصيل المبلغ بنفسه إلى
"علوان" بيه في المُحافظة على أن أسحب المبلغ غداً من حسابي في البنك
حتى لا يكون هناك عجزٌ في عُهدتي، واتَّصلت بـ"علوان" بيه وأفهمته إني
أخدت الفلوس المتأخَّرة من "شمسيّة" وح ابعت له نصيبه مع سكرتيري
"المُنشار"، وما جِبتش سيرة العربيّة خالص أحسن يعرف إني بالعب بديلي
وطمعت ف العربيّة لوحدي، شكرني الرجل وأغلق هاتفه بسُرعة مُتعلِّلاً بانشغاله مع
وفدٍ ألمانيٍ من مُقاطعة "خراخت فراخت" أتى لتوْقيع إتفاقية توْأمة بين
المدينتيْن.
الأربعاء:
عند وصولي للمبنى الإداري لرئاسة الحي فوجئتُ
بالموظَّفين بيجروا يسلّموا عليَّ بمُنتهى اللهفة وكل واحد فيهم ما فيش على لسانه
غير جُملة واحدة: "حمد الله ع السلامة يا إكرامي بيه" .. ههههههه ..
تاني.
وأثناء انتظاري لركوب المصعد أخدت
"الأهرام" من أحد العاملين وكان فاتح الجُرنال على صفحة الحوادث حيث
تصدّرها خبرٌ مكتوبٌ بالمانشيت الأحمر العريض كان مفاده: "الإبلاغ عن رئيس حيْ
المُنتزة بسبب تلقيه رشوة واستغلال مهام عمله في غير موضعه القانوني وتلقيه أموال
دون وجه حق وإهدار المال العام في تسهيل الإستيلاء على أموال الدولة واختلاس مبالغ
كبيرة من العُهدة الماليّة المعهودة إليه".
نظرت للخبر وابتسمت رغم اندهاشي من النحس
الذي يُصيب كل مَن يشغل رئاسة حيْ "المُنتزة" بمدينة "6
أكتوبر" التابعة لمُحافظة "الجيزة"، وقبل أن أركب الأسانسير أعدتُ
الجريدة لصاحبها قائلاً له وأنا فاشخٌ ضبّي بثقة:
-
ههههه .. ده مش انا
.. ده رئيس حي "المُنتزة" بتاع "سِتّة اكتوبر" .. راجل حرامي
ابن كلب.
ما أن استقر بي المصعد في الدور الثالث الذي
به مكتبي حتّى استوْقفني "المُنشار" في الردهة قبل أن أدخُل مكتبي
صائحاً:
-
عرفت اللي حصل يا
"إكرامي" بيه؟
-
أيوه أيوه .. إطمَّن
.. ح اتَّصل بـ"علوان" بيه اخلّيه يكدِّب الخبر .. ولاد الكلب الصحفيّين
دول كل مرّة يكتبوا رئيس حي "المُنتزة" من غير ما يحدِّدوا أنه بتاع
"الجيزة" .. حمير.
-
ما هو المرّة دي مش
بتاع "الجيزة".
-
إيه؟! .. مش بتاع
الجيزة؟!! .. أومّال بتاع مين؟!!!
-
بتاع
"اسكندريّة" .. حضرتك.
-
إيه الكلام الفارغ
ده! .. اتَّصل لي بـ"علوان" بيه حالاً.
-
ما هو
"علوان" بيه قاعد جوّه مع لجنة النيابة الإداريّة والنيابة العامة
والشُرطة بيفتّشوا مكتب حضرتك بعد ما جردوا الخزنة ولقوا فيها عجز ميتين ألف جنيه
.. ومستنيّين وصولك علشان يقبضوا عليك.
-
أزّاي!!! .. إنت
ادّيت له الفلوس اللي قُلت لك عليها امبارح؟
-
أيوه .. رُحت
سلّمتهم له يداً بيد .. حتى بالأمارة كان
الحاج "فريد شمسيّة" عنده ساعتها.
-
يا خرااااب بيتي ..
عملتها يا "علوان".