صورة واحدة مخطوبة اتجوِّزت (1)
الخميس:
الحمد لله الذي
بنعمته تتم الصالحات وبفضله تنزل الخيْرات وبتوْفيقه تتحقّق المقاصِد والغايات ..
الليلة دي حفلة خطوبتي على الحُب كله وأمل حياتي وسيرة الحُب وحُب عُمري اللي
ابتدى بنوره صباحه واللي مسهّرني (على رأي السِت "أم كلثوم"):
"كريم" .. "كريمو" .. "كركر" .. "كركوري"
.. "كرامِلّتي" .. "كرُنبتي" .. "كرنبيتّى".
أخيراً اتخطبنا بعد
مسيرة حُب مُزمِنة بقى لها تِسَع سنين، ياااه .. ده انا كنت فاكرة إن الحلم ده مش
ح يتحقّق أبداً، بَس آديني أهُه قاعدة في الكوافير تحت إيد مستر "بُلبُل
البرابر" اللي كان بيشطّب لي آخر وِش في المكياج بسُرعة قبل ما خطيبي ييجي
ياخُدني.
وأمام المرآة توالت
على مخيّلتي الذكريات من ساعة ما شُفنا بعض – أنا و"كريمو" – خارج سور
مدرستي "الأخلاق المعدومة الثانويّة للبنات" لمّا كان واقف – مع زملائه
الصيّع – برّه المدرسة منتظراً خروج طالبات الفترة المسائيّة علشان يعاكسوهم
ويتحرّشوا بيهم أو يعلّقوهم على أقصى تقدير، ومن بين كل الولاد عينيه خطفتني
وعينيَّ أسَرته، وحصلت شرارة كونتاكت الحُب بينّا، ومن ساعتها واحنا مع بعض: أنزل
الصُبح بدري علشان أروح المدرسة ألاقيه ف انتظاري علشان يوصّلني .. أخرج من
المدرسة أشوفه واقف على أحر من الجمر علشان نتمشّى لغاية أوِّل الشارع بتاع بيتنا
وأنا حاضنة شنطتي وكُتُبي وأحلامي معاه .. حتى في أجازة الصيف كنت باعمل أي حِجّة
علشان أخرج وأشوفه واشحن معاه بطّاريّات قلبي المُغرَم بهواه .. أعمل نفسي رايحة
لواحدة صاحبتي .. أو أتحجِّج بشراء جيبة أو بلوزة أو كارينا أو حتى توكة شعر .. أو
أنزل السوق أجيب عيش أو خُضار للبيت .. ده انا حتى ألِّفت لبابا ("حماشة
العسكري") قصّة طويلة عريضة عن احتياجي لأخذ مجموعة دروس صيْفيّة للتقوية في
الإنجليش استعداداً للثانويّة العامّة وضربت عصفورين بحجر واحد: منها آخُد فلوس
الدرس في السِنتر مرتين تلاتة كل أسبوع ومنها إنها تبقى حِجّة علشان أقابل بيها
"كركر" ساعتين تلاتة كل مرّة لإني طبعاً ما كُنتش باروح السنتر وكُنّا
بنتفسّح في السينمات أو الحدائق العامّة أو الشوارع الضَلمة.
تِسَع سنين واحنا
متعاهدين نكون لبعض وإن قِصّة حبّنا لازم تنتهي بالجواز حتى ولو كان عُرفي مهما كانت
العَقَبات والعراقيل، حتى بعد ما قعدنا كتير في الثانويّة العامّة (هوَّ عادها
تلات سنين لغاية ما دخل معهد اللاسلكي وأنا سقطت خمس سنين لحد ما نجحت بمجموع
خمسين في الميّة ورُحت معهد التدبير المنزلي قسم ورق عنب ومحاشي) فضلنا على حبّنا
الخالد وعهدنا القديم.
وفي يوم ما
طلعِتلهوش شَمس ظبطني بابا مع "كركوري" واحنا بنبوس بعض تحت بير السِلّم
الساعة تمانية الصُبح لمّا خرجت بحجة إن عندي مُحاضرة عمليّة صعبة في مطبخ المعهد
في التدريب على طريقة "تقوير البتنجان بدون مقوَرة تجنُّباً للخَرْم
والنَخوَرة"، وأثناء العلقة اللي أعقبت البوسة إيّاها اضطررت للإعتراف لأبي
بأنني تركت الدراسة بالمعهد من السنة اللي فاتت بعد رسوبي في مادّة "طُرُق
التسبيك وأساليب التسليك" أكثر من مرّة، فأقسم بابا على عدم خروجي من باب
المنزل وحلف على ماما بالطلاق لو خطّيت برّه عَتَبة البيت.
واضطر "كرُنبتي"
أن يتقدّم لخطبتي بعد ما اتخرّج من المعهد واشتغل مع ابوه "منشار أبو
فارة" في وَرشة النجارة وعمل قِرشين كويّسين وجاب شقّة إيجار جديد، وطبعاً بابا ما صدّق يجي لي عريس علشان يخلص من هَمّي قبل ما اجيب له العار، وتم
الاتفاق على كل شيء وقرأنا الفاتحة.
وأفقت من ذكرياتي
على صوت الزغاريد عندما وصل "كرنبيتّي" واصطحبني إلى سطح عمارتنا حيث
أقمنا حفل الخطوبة وسط فرحة العائلتيْن وغناء الأقارب ورقص الأصحاب.
الجُمعة:
جا لي
"كريم" بعد صلاة الجُمعة وقعد معانا شويّة وبعدين أخدني علشان نقضّي
اليوم كلّه مع بعض، وخرجنا واحنا ماسكين بعض أنجاجيه قُدّام كل الناس اللي بقى ما
لهُمش أي حاجة عندنا بعد ما اتخطبنا لبعض رسمي، كان قلبي ح يقف من الفرحة لمّا
"كريمو" وقّف تاكسي وفتح لي الباب بنفسه وهوَّ بيقول:
-
اتفضّلي يا أميرتي الجميلة.
وفَضَل ماسك باب
التاكس لغاية ما ركبت وقعدت في الكُرسي الورّاني وراح شايل ديل فُستاني ودخّله
كلّه جوّه التاكسي خوْفاً من إن الباب يقفل عليه ويتوسَّخ وبعدين قفل الباب ورايا
بالراحة ولف جَري يركب جنبي من الباب التاني.