ما العلاقة بين الأســ ـماك والأســ ـلحة؟
فيديو رائع عن إحدى سفن الصيد الأوروبيّة
التي تقوم بصيد الأسماك في المياه الدولية بواسطة شبكة صيد عملاقة مصنوعة من
الفولاذ المرن ثم إيداع الأسماك بمستودع كبير بباطن السفينة حيث يوجد مصنع كامل به
عشرات العمّال المهرة الذين يعملون بمنتهى الهمّة والنشاط لتنظيف وتقطيع الأسماك
ثم تجميدها أو تعليبها ثم تغليفها بهدف تحويل الأسماك التي تم صيدها في عرض البحر
لعبوات جاهزة للبيع قبل أن ترسو السفينة بالميناء ثم نقل هذه العبوات الطازجة
مباشرةً لمنافذ البيع المحلية والأسواق العالمية.
لقد كانت "مصر" رائدةً في
هذا المجال منذ الستينيات عندما امتلكت أسطولاً للصيد
أعالي البحار وعدة مصانع صغيرة
كانت نواةً لمشروعٍ ضخم واعد ولكنه انهار بسبب سوء الإدارة، وفي 2014 تم
إحياء الفكرة من جديد إلا أنها لم تكتمل لأسباب غير معلومة، وما زالت
"مصر" – التي تمتلك أكثر من 2800 كم شواطئ بحرية وما يزيد عن 12
مليون فدان مسطحات مائية داخل الحدود الإقليمية المصرية فضلاً عن المياه الدولية
وأعالى البحار كما تمتلك الكوادر والأيدي العاملة الكفيلة بنجاح أي مشروع جديد –
ما زالت تفتقر للإرادة والقدرة على التخطيط لاستغلال هذه الموارد
المائية الطبيعية بكفاءة لإنتاج غذاء المستقبل ولتعويض احتمالات نقص الغذاء من
الموارد الأرضية كنتيجة حتميّة للتغيرات المناخية ونقص الوارد من مياه النيل
والتصحّر وخلافه.
لماذا لا تشتري "مصر" خمس سفن
مثلاً كتلك "السفينة - المصنع" بثمن غوّاصة حربية واحدة لسد جزء
كبير من احتياج الشعب من الأسماك أو حتى لمنافسة الإنتاج المستورد من الخارج بدلاً
من اتباع سياسة الإنتاج السمكي برعاية الأفراد المقاتلين والتي لم نرَ أي مردودٍ فعلي لها حتى الآن؟
حاشية: طبعاً هذه ليست دعوة لعدم شراء
الأسلحة المتطوّرة نهائيّاً لأن الجيش المصري في حاجة من وقتٍ لآخر لإحلال الأسلحة
الحديثة مكان الأسلحة التقليديّة القديمة، ولكنها دعوة لتأمين الشعب غذائيّاً
أيضاً فلا وجود لشعبٍ قوي جائع، لقد رفعنا من قبل شعار "يدٌ تبني ويدٌ ترفع
السلاح" فلماذا يتم تكديس السلاح في مخازننا فوق ما نحتاج على حساب احتياجات
الشعب الأخرى؟ خصوصاً أنه ليس هناك داعي قوي وعاجل لذلك فالعدو التاريخي الأكبر
لـ"مصر" في حالة سلام معنا بعد توقيع اتفاقيّات السلام والتطبيع مع
"إسرائيل" منذ سنواتٍ طويلة ولا يتبقى أمامنا سوى بعض التحديات
والتهديدات الصغرى كالجماعات الإرهابيّة التي لا تملك سوى بعض الأسلحة الخفيفة
المحمولة على عربات نصف نقل ولا تملك طائرات أو غوّاصات أو دبّابات، لا أطالب
بالتفرّغ تماماً لبناء أساطيل الصيد والمصانع والمزارع وإهمال الجيش بالكليّة، بل
أطالب بالتوازن في هذا وذاك فقوّة وأمن "مصر" لا تقتصر على التسليح
فقط فالأمن الغذائي يخدم الأمن القومي .. والله من وراء القصد.