هل صار الابتذال أسلوب حياة معظم المصريين؟
هل طال القبح كل مناحي حياتنا حتى وصل إلى
كلمات الله المحفوظة؟ .. كيف طغت البشاعة على جمال تلاوة القرآن الكريم؟ .. من
أصّل في شعبنا - الذي كان طيّباً - مبادئ الفوضى والعشوائية فأصبحنا نستهين بكل
عزيزٍ وغال؟ .. ما الذي يدفع أغلبنا للتصرّف بهذه الهرجلة وكأننا مغيّبون تحت
تأثير مخدرات تفصلنا عن واقعنا الأليم؟ .. لماذا نسكت ونتعامى عن البلطجة وفرض
الرأي بالقوّة؟ .. كم نحتاج من الوقت والجهد لإيقاف طوفان انهيار الأخلاق
والطبائع؟ .. متى نحترم ديننا ودين الآخرين ونقيم وزناً لأنفسنا وللآخرين؟ .. أين
المفر من هذا الدرك الأسفل الذي ألقينا بأنفسنا فيه؟ .. أي الطرق نسلك كي نمارس
الحضارة ونتعلّم خصالها قولاً وفعلاً دون ادعاءٍ أو تزييف؟
لقد تعلّمنا قديماً أن نراعي آداب الاستماع
للقرآن الحكيم بحسن الإنصات والإصغاء في خشوعٍ وأدب وخضوع وصمت وادِّكار وتفكّر
واعتبار واستشعار عظمـــة القــرآن واجتـــناب العبـــث وكــل مــا يشغــل عن
التأمّل بكلام الله وعدم مقاطعة القارئ وتسبيــح اللـــه عنــد آيـــــات
التسبيـــح وسؤاله مــن فضلــه عنــد آيــــات الوعــد والاستـعـاذة باللــه عنــد
آيـــــات الوعيــد.
قال تعالى: "إنما المؤمنون الذين إذا
ذُكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيمانا" .. وقال أيضاً:
"وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون" .. فترى المؤمنين
عند تلاوة القرآن وسماعه قد خشعت أصواتهم لرهبته ووجلت قلوبهم لخشيته وذرفت عيونهم
من مخافته وأقبلوا على ربهم تائبين ومن ذنوبهم مستغفرين وفي رضاه طامعين ومن غضبه
وجلين .. ولهذا فإن الأمر بالاستماع والإنصات عند قراءة الذِكر هو أمرٌ صريح
مدعاةً للرحمة في حين أن اللغو عند قراءته والجَـلَبة والضوضاء من موانع الرحمة ..
فأين نحن الآن من هؤلاء المؤمنين المذكورين في كتابه العزيز بعد أن اتخذنا القرآن
أغاني .. فالقارئ يتفنّن في النغم والتلحين ويخرج به عن سنن الترتيل وقواعد
التجويد ويعيد الآية عند استحسان السامعين للنغمة وطلبهم الإعادة .. والسامع
يستخفُّه الطرب لا من معاني القرآن بل من حسن التوقيع والموسيقى وأفانين الألحان
فيصيح في نهاية الآيات بكلمات الاستحسان والثناء على القارئ والدعاء له وطلب
الإعادة منه والقيام بحركاتٍ طائشة وكلماتٍ مرذولة وصياحٍ وضوضاء .. وكثيراً ما
يكون ذلك في بيوت الله التي شرفها الله تعالى بإضافتها إليه وجعل لها حُرمةً
فللدخول فيها والمكث بها آداباً وسنناً.
تصدّقوا وتؤمنوا بالله: إحنا عايزين نتربّى م الأوّل وجديد.