أكتوبر 2021 :
خلال عاميْ 1995 و 1996 شرفت بالخدمة ضابطاً
بالقوّات البحرية وتحديداً بلواء الغوّاصات بالأسكندرية تحت القيادة المباشرة
لبلديّاتي الخلوق جداً والراقي للغاية العميد (وقتها) "مهاب مميش" والذي رُقي لرتبة
فريق فيما بعد وتولى قيادة القوّات البحرية ثم رئاسة هيئة قناة السويس الآن ..
وللحق فقد وجدت الأجواء في القوّات البحرية مختلفة تماماً عن أي مكان عملت فيه
داخل القوّات المسلحة أو خارجها في مصر .. منتهى الترابط والحب والتكافل بين جميع
الأفراد بغض النظر عن الرتب والمناصب .. لا توجد بينهم تلك الأجواء البغيضة
السائدة بين العاملين في مجال واحد كالغيرة أو الحسد أو النفاق أو التناحر أو
الإيقاع بالزملاء أو دق الأسافين بينهم وبين الرؤساء سعياً وراء الترقي أو
المكافأة المنفردة .. كل فرد في البحرية يقوم بعمله على الوجه الأكمل ليس حباً في
الظهور بل لإنجاح المهام كفريق عمل .. وكل فرد على أتم الاستعداد للقيام بأعمال
الغير والتضحية بوقته وراحته بل بعمره من أجل الزملاء عن طيب خاطر دون انتظار الشكر
أو الجزاء .. وفي مناسباتهم السعيد تجدهم مجتمعين كأسرة واحدة لا تنفصم .. وإن وقع
لأي واحدٍ منهم (حتى ولو كان من أصاغر الرتب) مكروهاً تجد الآخرين في ظهره حالاً
بدايةً من قائد الوحدة وحتى أحدث فرد مستجد.
لا أعرف سبب هذا الاختلاف بين أبطال البحرية
وبين الآخرين .. ربما علّمتهم حياة البحر الخطرة أن الفرد غير ذي قيمة وحده وأن
السبيل الوحيد للنجاح والنجاة والنجادة هو بقاؤهم لُحمةً أو وِحدةً واحدة كالبنيان
المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً.
كل عام وأفراد البحرية طيبون ووطنيون ومحبون لبعضهم البعض دوْماً .. وكل عام وحضراتكم بكل خير.