صورة واحد مطرب مهرجانات (4)
الأربعاء:
ذهبتُ مساء اليوم إلى مدينة الإنتاج الإعلامي
وبالتحديد ستوديو قناة "أحّيه تي في" حيث تصوير البرنامج التليفزيوني الشهير
"سهرة مع نجم"، وكنتُ قد حدّدتُ موْعد التصوير في يوم الأربعاء بالأخص
لأنه يوم ابن كلب فقري ما فيهوش أفراح، واستقبلني مُقدِّم البرنامج الأشهر "ماهر
نشان" على أحسن ما يكون، وأثناء جلوسي في غُرفة الضيوف بالبلاتوه لأضع
المكياج اللازم أخبرني مُعِد البرنامج "سمير الكاتب" أنهم سيستضيفون معي
الملحِّن المُخضرَم "نظمي بكر"، وعندما أبديت اعتراضي على وجود هذا
الرجل البارد اللي عايش في دور الفنّان طمأنني "الكاتب" بأنهم أتوا به
فقط لأفتعل معه مُشادّةً حامية الوطيس لاستغلالها في بروموهات الدعاية للبرنامج
حيت تصبح تلك الخناقة بيننا ترنداً ساخناً ممّا يُساهِم في تسويق البرنامج وزيادة
مُشاهداته على التليفزيون وعلى النِت، وطلب مني أن أتكلّم معه في البداية بهدوء ممّا
سيُشجِّعه على أن يهاجمني بنقده اللاذع حينها أشوطه وأشرشح له وأخلّي رقبته قد
السِمسِمة حتى أدفعه دفعاً لإنهاء جداله معي ومغادرة البرنامج بعد أن يشعر بإهانته
وبإهانة تاريخه، وأسرَّ لي المُعِد بأنهم ساعتها لن يدفعوا له أجراً مقابل ظهوره
في البرنامج بسبب عدم استكماله للتصوير، عجبتني خطّة هذا الفخ المنصوب للراجل الغلِس
ده أبو دم تقيل خصوصاً أنني – كباقي الفنّانين الجُدُد – مبقوق منه لإنه يصفنا
دائماً بأننا أصلاً لسنا مطربين بل مجموعة من الحشّاشين والبرشامجيّة الذين لم
يُكملوا تعليمهم ويريدون أن يُدمِّروا ذوق الشباب ويحوّلوهم إلى صيّع وبلطجيّة
مثلهم، وقال عنّا أننا شبعنا بعد جوعة وأصبحنا من نجوم المجتمع الراقي وصرنا نمتلك
القصور المنيفة والفيلل الفاخرة والسيّارات
الفارهة والنِسوان الفاتنة، ووضْعِنا ف البلد بقى أحسن من الدكاتره والباشمهندسين
والعيال السيس الفَشَلة دول بتوع العِلم والثكافة، الحُمار ده مش فاهم إن العِلم ف
الراس مش ف الكُرّاس، وإن الدُنيا دعكتنا لغاية ما أخدنا منها دكطوراه ف الحياة واتعلِّمنا
اللي ما اتعلّموش الداكطور والباشمهندز، وبعدين همَّ المُتعلِّمين طلعوا منها
بإيه؟!!! .. ده انا باسافر بلاد وبادخل فنادق ما يستجراش الدكتور يخطّيها، وباصرف
ف يوم اللي بيكسبه المُتعلِّم ف سنة، وف نفس الوقت ربّنا كارمني وفاتح بيوت ناس
كتيرة من ورايا، ده غير الخير اللي باعمله، يبقى لازمته إيه بقى العَلام ووجع
النافوخ؟!!!! .. ماشي يا "بكر" .. ده انا ح اروَّقك واعمل معاك الصَح.
واستهلَّ "ماهر نشان" حلقة
البرنامج قائلاً:
-
أهلاً بكم فانزاتي
الأعزّاء في برنامجكم المُثير "سهرة مع نجم" .. نجمنا الليلة دي الفنّان
الحقيقي الموْهوب صاحب الجمهور العريض والتاريخ الطويل والأغاني اللي كسَّرِت
الدنيا وحقّقِت أعلى ريتش في تاريخ الغناء العربي: "سيخو سباخ".
وبعد أن كان "نظمي بكر" يبتسم
ظنّاً منه أن المُذيع يُقدِّمه هو تبدَّلت ملامحه وتجهَّم بشِدّة وصاح منفعِلاً:
-
ستووووب .. إيه
التهريج ده؟! .. مين هوَّ ده اللي فنّان كبير وتاريخه طويل؟!! .. ده (وأشار
ناحيتي)؟!!! .. إزّاي تقدِّموه هوَّ الأوّل؟!!!! .. أنا أرفض إني أكمِّل البرنامج
.. ده انتقاص من مشواري الفنّي .. مش كفاية إني وافقت على الظهور مع واحد اسمه
"سباخ" .. كفاية زروَطة بقى .. أنا ح اخُد بعضي وامشي.
وأمام الكاميرات (التي لم تتوقّف عن التصوير
بل وقامت بتسجيل هذه الأحداث بالتفصيل من عدّة زاويا لإذاعتها فيما بعد) تدخَّلتُ
بهدوء وقلتُ له بمُنتهى الطيبة:
-
ما تزعلش يا أستاذ
"نظمي" .. المقامات محفوظة .. وانت برضه زي جِدّي.
فثار الرجل وصرخ في وجهي:
-
مين ده اللي زي جِدّك
يا جدع انت .. أنا أصبى منك ألف مرة .. أمّا سباخ صحيح.
فحاولتُ تهدئته – بناءً على تعليمات المُعد
الذي لقنها لي سلفاً – وقلت له في سماحةٍ وأريحيّة:
-
الله يسامحك يا
أُستاذنا .. أنا مش قصدي أضايقك .. إنت منوّرني ف حلقتي ولازم أشيلك فوق راسي ..
وآدي راسك أهِه.
وقُمتُ من مقعدي وانحنيْتُ على رأس الرجل
وهمستُ في أُذُنه وأنا أُقبِّل جبينه:
-
إعدِل الباروكة أحسن
معووجة.
فهدأت ثائرة الرجل وقام بتعديل وضع شعره
المُستعار في لمحةٍ خاطفة ودفعني عنه وهو يقول:
-
خلاص خلاص .. حصل
خير .. كمِّل يا أُستاذ "ماهر".