صورة واحدة خبيرةطاقة (1)
الخميس:
في مُنتهى التحمُّس ومعنويّاتي
ف السما، أخيراً بعد أن تزوَّجت وانتقلتُ مع زوْجي لمدينة "القاهرة"
وجدتُ عملاً سيُساهِم في إعانة زوْجي على نفقات المنزل وطلبات العيال التي لا
تنتهي، الحمد لله نجحتُ اليوْم في اختبار قبول العمل كعاملة نظافةٍ بالمقر الرئيسي
لجمعيّة "السيّدات الفارغات" بـ"الدُقّي".
على فكرة ما اسمهاش
"السيّدات المُتفرِّغات"، تقريباً اسمها "الفارغات" باعتبار
أن كل العضوات هن سيّداتٌ ليس لديهن ما يشغلهن إلّا توافه الأمور والنظر إلى
المشاكل بنظرةٍ سطحيّةٍ فارغةٍ من أي مضمون، أنا ما ليش دعوة بحاجة، كل شُغلي هو
نظافة الحُجرات والقاعات والحمّامات فقط.
الأربعاء:
استدعتني ميس "معلومة" مُقرِّرة اللجنة الثقافيّة
بالجمعيّة على وجه السُرعة، يا دوبك شطفت إيدي من ميّة النار اللي كنت بانضَّف
بيها كبانيه مكتب مدام "سحر الفاضي" مديرة الجمعيّة وهرولتُ إليها على
الفوْر، فاستقبلتني بلُطفٍ وبشاشةٍ كالعادة واقترحت عليَّ اقتراحاً وجيهاً ربما
يقلب حياتي رأساً على عقب، حيث دار بيننا هذا الحوار:
-
إزيّك يا "روْحيّة".
-
الله يسلِّمِك يا أبلة.
-
عاملة إيه ف الشُغل؟
-
نحمده .. كله فضل ونِعمة.
-
عندي ليكي فكرة نميسة قوي.
-
خير؟!!!
-
طبعاً خير يا حبيبتي .. إنتي عارفة إني حبّيتِك من ساعة ما شُفتِك لمّا
جيتي هنا من تلات أيّام.
-
القلوب عند بعضها واللهِ يا أبلة.
-
شوفي بقى يا سِتّي .. أنا كنت بانظَّم ندوة عن العلاقة بين عناصر البيت
العصري والطاقة الروْحانيّة.
-
مش فاهمة.
-
ما انا ح افهِّمِك أهو .. فيه حاجة اسمها طاقة الكون أو طاقة الحياة .. ودي
بتتحكِّم في كل شيء ف حياتنا .. يا إمّا بتبقى حلوة وبنسمّيها طاقة إيجابيّة .. يا
إمّا بتبقى وِحشة وبنسمّيها ساعتها طاقة سلبيّة .. البوذيّين والهندوس بقى درسوا
علم الطاقة دي وعملوا فيها دراسات وكُتُب.
-
عجايب!! .. مش البوذيّين والهندوسيّين دول كفرة يا أبلة؟!!
-
إحنا ما لنا يا "روْحيّة" .. هوَّ احنا ف حِصّة دين؟! .. العِلم
ده لف الدنيا كلّها وعمل قلبان جامد ف آخر كام سنة .. واحنا بقى كمُثقَّفين علينا
إننا نعرَّف الناس بيه وبأهدافه.
-
وإيه هيَّ أهدافه يا أبلة؟!!
-
مش عارفة .. ما هو انا عشان كده قُلت اعمل ندوة ف الجمعيّة هنا عن الموْضوع
ده.
-
طب وانا علاقتي إيه؟ .. تكونيش عايزاني أنضَّف القاعة الكبيرة اللي ف الدور
الفوقاني؟ .. سايقة عليكي النبي يا أبلة تخلّي النِدوة دي ف القاعة التحتانيّة
الصُغيَّرة أحسن الكبيرة دي مقفولة من زمان وعليها كوم تراب قد كده.
-
يا هبلة أنا عايزاكي ف حاجة أهم .. اصبري بس .. أنا جاية لِك ف الكلام أهو
.. اللي كانت ح تِدّي المحاضرة الرئيسيّة ف الندوة الدكتورة اللبنانيّة "نهي همبكة"
.. بس طلعت بتاخد خمس تلاف دولار .. طبعاً ميزانيّة الجمعيّة لا تسمح فقُلت اشوف
واحدة منّنا وعلينا تعمل نفسها خبيرة طاقة وتدّي هيَّ المُحاضرة.
-
ولقيتي؟
-
آه لقيت .. إنتي.
- هههههه .. لله يحِظِّك يا أبلة .. طول عُمرِك دمِّك خفيف.
-
أنا ما باهزَّرش يا "روْحيّة" .. أنا باتكلِّم جَد .. إنتي لسّه
جديدة ف الجمعيّة وما حدِّش لِسّه عرفِك .. إنتي ح تسيبي شُغل النضافة ده خالص
وتبقي خبير الطاقة الجديدة .. وح اعمِل لِك ندوة كل شهر .. ح ادّيكي فيها تلات تلاف
جنيه .. يعني ح تعملي ف ندوة واحدة ضِعف اللي بتعمليه ف الشهر كُلّه .. ها؟ ..
قُلتي إيه؟
-
وانا افهم إيه في أُم الطاقة دي يا أبلة؟!!
-
يا بِت انتي مش بتعرفي تِقري؟
-
أيوه طبعاً يا أبلة .. ده انا معايا شهادة إيطالي واللهِ .. لولا بَس
الحوجة وبختي المايل.
-
خلاص .. إنتي تاخدي الكتاب ده تقريه وتذاكريه وتحفظيه صَم .. وتيجي تُطرشي
الكلام اللي فيه ف وِش السِتّات اللي ح يحضروا الندوة .. هوَّ حَد عارف حاجة ..
إنتي بَس خلّيكي جريئة وواثقة من نفسِك وعندِك حُسن تصرُّف.
-
من ناحية الجُرأة والثِقة وحُسن التصرُّف فموْجودين عندي كُلّهم بالكيلو ..
ما فيش اكتر منهم .. إنتي ما تعرفينيش يا أبلة لمّا اعيش الدور .. إن شاء الله ح
اشرَّفِك واخلّيكي تتفشخري بيَّ دايماً.
-
طب بلاش كِلمة أبلة والحوجة والبَخت المايل وتتفشخري والكلام البلدي ده.
-
حاضر يا ميس "معلومة" .. ده انا ح ابهِرِك.
وبالفعل استعرتُ منها الكتاب وقعدت عليه مطبَّقة تلات تيّام لغاية ما حفظتُه مَيّه، ونزلت سوق "الموسكي" استلقطت لي تايير آخر شياكة لحضور النِدوة .. قصدي النَدوة.