خبر
أخبار ملهلبة

خصائص ومميّزات الانتخابات والاستفتاءات قبل وبعد الثورات في منظومة الديكتاتوريّات والديمقراطيّات | أبونا السقا الذي مات


صندوق الانتخاب في لجنة انتخابية خلفيتها الأهرامات وعلم مصر ويد مواطن مصري تضع فيه ورقة مكتوب عليها مصر تنتخب

مصر تنتخب ثم تنتحب

(انتخاباتِك يا "مصر")



نرى ونسمع – كعربٍ ومصريين – العمليّات الانتخابيّة التي تجرى في بلاد الله ويشارك فيها خلق الله بما يرضي الله ولكننا (أعوذ بالله) لسنا كعبيد الله .. فالكتالوج الانتخابي الذي يسري علينا له خصوصيّة خاصّة مخصوصة مختصّة بخصائص خصّيصة خصوصاً في "مصر" المخروسة قصدي المحروسة.

وعلى حين تجرى الانتخابات في العالم كلّه في إطارٍ من التنظيم والهدوء والسرعة فنحن نتعامل مع انتخاباتنا واستفتاءاتنا بمبدأ "فرح العمدة" بما يشمله هذا المبدأ من صفات نتفرّد بها عن الجميع:

-  الهرجلة والعشوائية تطال العمليّة الانتخابيّة نفسها وما قبلها وما بعدها أيْضاً .. وكما قال المثل المصري العبقري: كل شيلّو يشبهيلّو (باللغة الفصحى: كل شيءٍ له يشبه له .. بمعنى أن كل شيء أو عمل خاص بشخصٍ ما يشبه هذا الشخص وطباعه وسلوكه وبالتالي فإن انتخاباتنا تشبهنا بالفعل وأصبحت تحليل وتطبيق عملي لطباعنا وأخلاقنا).

 اللافتات والملصقات والتيشيرتات وكافة صنوف الدعاية ما حضر منها وما فات (وفي ديلنا سبع لفات) تتواجد بكثرة مبالغ فيها دون ضابطٍ أو رابط فربما تصحو يوماً على أشخاص أغراب في بلكونتك استخدموا سلّماً ونطوا بداخلها ليعلّقوا لافتةً ما لأحد المرشّحين وعلى الله تعترض وإلّا تكون ساعتها إخوانيّاً غير وطنى ومعادي للعمليّة الديموقراطيّة أو للريّس نفسه والعياذ بالله .. وأحياناً يُطلب منك أن تدفع مبلغاً من المال كَرهاً أو غصباً لتشارك في تكاليف اللافتات المؤيّدة للريّس أو التي تقول "نعم للرئيس ونعمين للاستقرار وأينعم للاستكراد" .. وما أحلى الملصقات حين توضع فوق لافتات الطريق الاسترشاديّة (سيّارات النقل تلزم ... محمد مرسي لتحقيق النهضة) أو فوق لافتات أسماء الشوارع (شارع ... السيسي رئيسنا) أو فوق لافتات المحلات (مسمط الحاج ... مبارك من أجل التنمية، أو حانوتي ... كمّل جميلك) أو فوق زجاج سيّارتك فتضطر لترك الملصق كما هو وعمل خُرمين مكان أنف مرشّح مجلس الشيوخ لترى طريقك من خلالهما أثناء قيادتك .. ولا تندهش إذا نزلت من الأوتوبيس أو المترو المزدحم وفوجئت بمَن قام بلصق أحد الملصقات على ضهرك أو خلفيّتك السياسيّة دون أن تشعر ولو راجل شيله.

-  الخناقات والمعارك القائمة على أساس طائفي أو مذهبي أو قَبَلي أو عائلي أو عنصري .. هذا بخلاف عدم ضمانك لرجوعك بيتك في أيّام الانتخابات في موعدك المحدد لأن الباشا الضابط مسموح له أنه يقوم بتعبئتك في أي أتوبيس شركة أو ميكروباس مع بعض المواطنين الشرفاء الآخرين لتنفيذ الأوامر الصادرة لسيادته بجلب المزيد من الناخبين للجان الانتخاب عنوةً ليظهر مدى تكالب أفراد الشعب المتكالبين ولاد الكلب على اللجان وإقبالهم الشديد على العمليّة الانتخابيّة بكل الحب والانتماء.

- ضرب النار معنويّاً (بالكلام والتلقيح والسباب وقصف الجبهات) وحرفيّاً (بالرصاص الحي وزجاجات المولوتوف والمفرقعات أحياناً) في جميع الاتجاهات واللي يخاف ما يجيش.

-  الغناء والنهيق والسرسعة خارج اللجان الانتخابيّة وداخلها مع ما تيسّر من الهتافات المتشنّجة وأساليب الحنجلة وفنون التحطيب وفقرة الساحر ويتخلّل كل نِمرة مما سبق وصلة رقص (رقص الخيول والبشر أيضاً) من طراز "وآدي رقصة المجنونة يا با يا با ع اللمونة" .. ويشترك الجميع في هذا الرقص على هيئة دوائر متخيّلين أنفسهم في حلقة زارٍ كبير أو حوش مورستان مفتوح في الهواء الطلق.  

-  الأحضان والتفعيص والتقبيل من أي حد لأي حد علشان أي حد بدون أي حد في أي حِتّة في أي جِتّة  .. فتجد القبلات تتطاير عليك وحولك في كل مكان بلا مفر ممّا يجبرك أن تحمل معك كميّات كبيرة من المناديل الورقيّة الجافة والمبلّلة للتخلص دوريّاً من آثار التِفافة على وجهك الكريم.

- العزائم والولائم من سيادة المرشّح النائم (النائب الذي ينام أثناء جلسات مجلس الشعب) للناخب الهائم على وجهه - شبه الصائم طوال السنة – العائم في ميّة البطيخ _ الدائم الشكوى كالبهائم.

-  العطايا والهدايا والتنقيط وتسديد ما تمّت كـتابته في الكرّاسة الصفراء (بتاعة اللمبي) الخاصّة بالانتخابات السابقة وربما تمتد وتتمادى لتصل لدرجة الرشاوى المنظّمة الممنهجة على هيْئة أوراق ماليّة خضراء أو كوبونات شراء زرقاء أو سلع رمزيّة كزجاجات الزيت الصفراء (الفاقع لونها) أو أكياس السكر  البيضاء (من غير سوء) أو حبوب الفياجرا الزرقاء لليالي الحمراء ليحصد الشعب في النهاية البلاوي السوداء.

- إذا لم تفلح أساليب الترغيب في حث المواطن المصري الأسمر على الذهاب للإدلاء بصوته والمشاركة بحنجرته (في الغناء) أو وِسطه (في الرقص) فهناك أسلوب التهديد بالغرامة على المتخلّفين أو بالخصم من الراتب أو حتى الفصل من العمل تأسيساً على نظريّة العصا والجزرة الأوروبيّة أو مبدأ العصاية والزمّارة الناصري.  

- رواج العمل وازدهار الإيرادات الخاصّة بالخطّاطين وشركات الدعاية والفرق الموسيقيّة والغوازي والبلطجيّة والأراجوزات والمتأخّرين عقلياً والمجاذيب والمخنّثين والعاملين على شُغل حلمبوحة الذين يشاركون جميعاً في هذا العرس (بضم العين وليس فتحها) الديمقراطي الذي تشهده البلاد من حينٍ لآخر .. ويجعله عامر.

-   التمثيليّات والأفلامانات والصعبانيّات التي يقوم ببطولتها بعض العجائز وحفنة من العجزة وأحياناً الموتى الذين يحققون المعجزات بحضورهم للجان محمولين على النقالات أو الكراسي المتحركة أو الأعناق.

-   انتخاباتنا جملي .. يعني بتقعد يومين أو تلاتة أو ساعات أربعة .. تاخد زي ما تاخد أهم حاجة الصناديق يتملى ربعها وتبقى قُضيت واتعشّت .. وطوال هذه الفترة يتعطّل سير العمل (اسم الله على ده عمل .. قال يعني العمل مقطّع بعضه) .. وتزدحم الشواطئ والمتنزهات والسينمات والملاهي بالروّاد والمتحرّشين (ما هي أجازة بقى .. خلّي العيال تفرح) .. ويرتفع سعر الخضار والفاكهة واللحوم والأسماك وباقي السلع التموينيّة (بسبب تقييد نقل البضائع على الطرق السريعة لدواعي الأمن العام وكذلك لانشغال أفراد الشرطة وأفراد الجيش عن بيع منتجاتهم الميري من تلك السلع من أجل تأمين اللجان الانتخابيّة) .. وتمتلئ الزنازين وقاعات الحجز في أقسام الشرطة والأمن الوطني الحلو (ده غير أمن الدولة الوِحش إيّاه) بالمعتقلين وأصحاب الرأي والمشتبه فيهم (درءاً للمفاسد التي قد يقومون بها أو يفكّرون فيها حتى تمر أيّام الانتخابات على خير) .. كما تتضاعف أعداد المواليد بعد تسعة أشهر من موعد الانتخابات (لأسباب لا داعي لذكرها لإني باتكسف).

وربنا يزيد الانتخابات والأفراح والليالي الملاح .. واللي راح راح إنساه يا قلبي وارتاح.

google-playkhamsatmostaqltradent