بعد الارتفاع المفاجئ لأسعار البيض المصري (البلدي والأبيض والأحمر) تأثّر النصيب الإسبوعي من البيض للفرد في "مصر" بشدّة فبعد أن كان المواطن -كسائر خلق الله - يتمتّع ببيضتيْن متوسّطتْي الحجم أصبح له بيضةً واحدةً فقط بعد زيادة سعر الكرتونة للضعف .. وإذا استمرّت حالة عدم سيطرة الحكومة على هذا البيض في "مصر" فسيستمر هذا الارتفاع المطرد على نفس الوتيرة ويتضرّر بيض المواطن أكثر فأكثر وربما ينخفض عدد البيض المصري أو يقل حجمه (رغم أن المواطن يشكو من أنه صغير بالفعل بسبب ممارسات الحكومة الخاطئة معه) أو يتوقّف إنتاجه أو يختفي من الأسواق تماماً فيصاب المواطن بـ"فقر البيض" أو يخلو من البيض تماماً وهو ما يُعرف علميّاً بـ"المواطن عديم البيض" (زي العنب البناتي اللي من غير بذر).
ولكن يبدو أن ضوءاً شاحباً قد بدأ يبزغ وينجلي في نهاية نفق البيض المظلم فقد خرج علينا رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجاريّة وكذلك ظهر لنا المتحدّث الرسمي لـ"بورصة بيض مصر" وأيضاً صرّح لنا أمين صندوق رابطة "محبّي بيض الوطن" ومعه أمين كرتونة الرابطة لشؤون البيض أبو صفارين .. وبشّرونا جميعاً بقرب انتهاء هذه الأزمة الطاحنة وأوضحوا لنا جهودهم الحثيثة ليرجع النصيب الأسبوعي للفرد إلى سابق عهده فيعود المصري المسكين ليحظى ببيضتيْه المعهودتيْن .. بل أن أحد هؤلاء المسؤولين تمادى في تفاؤله وتوقّع – رغم غرابة هذا التوقّع وخروجه عن المألوف وشذوذه عن الطبيعة – أن يحصل كل مصري على 130 بيضة سنويّاً بما يعادل بيضتيْن ونصف (مش عارف إزّاي!!!) لكل مواطن .. ولكن هذا المسؤول المحترم نسي أو تناسى أن البيض المصري في هذه الأيّام الكئيبة قد صار "أعز من بيض الأنوق" (طائر "الأنوق" من فصيلة الطيور الجارحة ويشبه "النسر" ويُسمَّى أيضاً "العُقاب" أو "الطائر الملتحي" لأن له زغب تحت منقاره وكأنه عضوٌ بحزب "النور" وبيْضه عزيزٌ ونادر لأنه يبيض في عُشّه الكائن بقمم الجبال والأماكن الوعرة التي يستحيل الوصول إليها) بسبب مغالاة أصحاب البيْض في سعره ويبدو أن أحداً من أصدقاء هذا المسؤول أو معارفه لم ينصحه بـ"ألّا يضع بيْضه كله في سلّةٍ واحدة" وأن يبتعد عن التصريحات الورديّة الكثيرة التي يراهن عليها والتي ربما لن تتحقق .. ويبدو أيّضاً أنه لم يسمع ببيّت الشِعر الذي ألقاه "أبو تمّام" عندما قال: "وغَيْري يأكلُ المعروفَ سُـحْـتاً .. وتَشْحُبُ عِندَهُ بيض الأيادي" .. أو بما نظمه "إبراهيم ناجي" الذي أبدع: "يا مَن مَنَحْتَ الأماني البيضَ مَعذِرةً .. إني بهذي الأماني البيضِ أخْتَنِقُ" .. أو بالحكمة التي تركها لنا فصحاء العرب بقوْلهم: "فاقد البيض لا يُعطيه" .. أو بالمثل المصري الدارج: "ده قُصر بيض يا ازعر" .. أو بالمقولة الخالدة: "اللي عنده بيض أحسن من اللي عنده فلوس".
ملحوظة:
مرفق بالمقال ثلاثة فيديوهات: الأول في شهر أكتوبر 2021 وفيه قفز سعر كرتونة البيض من 25 إلى 50 جنيهاً .. والثاني في شهر يوليو 2022 (بعد 9 شهور) وفيه قفز السعر مرّةً أخرى إلى 80 جنيهاً .. والثالث في شهر سبتمبر 2023 حين وصل إلى 130 جنيهاً .. أمّا الصورة الأخيرة (تحت الفيديوهات) ففيها السعر في يوليو 2024 الذي قارب على الوصول إلى 190 جنيهاً ليسجّل ارتفاعاً حوالي 800% في أقل من ثلاث سنواتٍ فقط ..... إيه البيض ده!!!