الشاعر "عبد الناصر علّام" .. ربما لم يسمع به الكثيرون في وطنٍ لا يهتم
إلّا بالمنتفعين منه من الراقصات ولاعبي الكرة والسياسيّين والجَهَلَة ويتجاهل
النافعين له من الأدباء والعلماء والمفكّرين الوطنيين .. "علّام" هو شاعرٌ وزجّالٌ صعيدي
اعتبره البعض خليفةً لـ"عبد الرحمن الأبنودي" ولكنه لم ينل ما يستحقه من شُهرةٍ ومجد لأنه لم يكتب الأغاني
والمواويل بل اكتفى بالتنفيس عن هموم الفقراء وآلامهم على صفحات دواوينه التي
صاغها بمداد روحه وكرّسها للتعبير عنهم وكتب إهداءها لمعشوقته "مصر" ..
توقّف قلبه أخيراً بعد أن أعياه المرض حزناً وكمداً على حلمه الذي لم يكتمل فقد
استيقظ قبل سطوع الشمس فوجد مصاصي دماء الشعوب ولصوص الأمل وقد جرّدوا حبيبته من
ثياب عرسها وسرقوا منها "الحَلَق".
أسألكم - له - الفاتحة .. ربما - إن وصلته - يدرك
أن أهله المصريين (الذين عاش لهم ومات من أجلهم) لم ينسوه .. وأن قصائده التي أبدعها ستمكث
في الأرض كنبراسٍ ينير لنا طريق الحريّة المفقودة وأن كلماته لن تكون أبداً
كالزَبَد الذي يذهب جُفاءً أدراج الرياح.
وداعاً الشاعر عبد الناصر علّام .. وإلى لقاء.
لايق عليكي الحلق
الحِلم عاد
من غير ميعاد
فاض .. زي ما النيل
كان يفيض
واتكسّر القيد
الحديد
اتفسّر الصبر وسكوت
الناس
قطّع ستاير الليل
خلّى النجوم تتشاف ف
عِز الضُهر
كشف المجون والعُهْر
كُلّه بتَمَن
شُهدا الوطن
مَهْر لعروسة النيل
لاجل العروسة ما
تلبس الفستان
ويليق عليها الحَلَق
وتودّع الأحزان
اليوم: تجوع النَفس
أو تعطَش
صوت الميدان صحّاني
من نومي
بصّيت عليّا لقيتني
باتفتَّش
وكأنه يوم الحَشْر
ما نَفَعش فيه الأسر
ما نَفَعش فيه الكسر
ما نَفَعش فيه
الشَفع
فاتت ليالٍ عَشر
من مُدّة
وأهو سِنّة سِنّة
يهِل وِش الفجر
إنتوا الشَرَف .. يا
مِددها وصمودها
إنتوا الشَرَف .. جناينها
وورودها
كُحلة عينيها النخّاسين
سرقوا
سرقوا الشباب الخجل
م الوِش وخدودها
تاهت سنين .. تِعرفش
مين هيّا
وانتوا اللي جيبتوها
وآهي مصر رجعت تاني
من توهَة
خدتوها من إيدها لحَد
البَر
يمكِن أكون كلامنجي
وثوْرتي ف قَلَمي
كاتِم صُراخ ألمي
ما اقدرش أرفع صوت
إنتوا اللي شِلتوا
الألم
ونَصَفتوا جيل اتظلَم
وكتبتوا للطير اللي
جاي عيشة
الله عليكم ..
محروسين م العين
الله عليكم ..
للخنوع قالعين
الغِنوة دِيّة جديدة
ع السامعين
الغِنوة عفويّة
وقويّة وعَفيّة
دُخّان عشان العين
ما تتفتّح تشوف
وتميّز الأوطان
وكمان عشان الحق ما
بيعرفش خوف
ويفجّر البُركان
ويصحصح الناس اللي
مش سائلة
يفتح بيبان الضيق
ويبِل ريق الغَلابة
بضِحكة متفائلة
يا اللي شروق الشمس
عنديكم
كل خيوط الشُعاع مضفورة
بإيديكم
إنتوا الحقيقي الجَد
واحنا الزيف
إنتوا الدماغ واحنا
يا دوب طراطيف
إحنا اللي فاهمين
بالغَلَط وانتوا الأصح
ضيّعنا عُمر ف عُمر
لاجل العيش ولاجل الملح
ما تَمَرش ف الآخر
عِشنا الممات ف
الحياة
واحترنا ف التفسير
والسِر ضاع ف البير
وسقطنا ف التعبير
إنتوا الفتيل والزيت
فزّيتوا من قلب
الظلام الألم
وكسرتوا سهم الخوف
بروح وبدم
واحنا اللي عبّينا
الليالي ازعاج
عِشنا الحياة نقتات
أمل عادي
نجتر م الماضي
فنسينا بُكرة وشكلنا
وصوتنا
زاد فينا ظُلم اللي
أظلم لمّا كان بادي (بادئ)
يفرح أكيد الميدان
الحُر بالأحرار
يفرح بملحمة الوِلاد
البِكر ويعظّم
يحضن دموع الطير
ويدفّي قلب الميدان
الثوْرة بجناحه
خاين جبان اللي
بيحاول يخوّنكم
فما فيش مبرّر يقنع
السامع
توبكم جديد ونضيف
والكُل ف الواحد
تحيا البطون اللي
جابت جيلكم الصامد
علّمتوا كل الدنيا
كيف تحيا
من غير خُطَب .. من
غير نُخَب
سبحانه مَن أحيا
بعد الممات العميق
مصر ابتدت تحيا
مارد طلع من قمقمه
وأبدَع
لا يفر .. ولا يرجع
لينا (لنا) الحياة
.. ليكم (لكم) كتير السلام
يا شباب متين مَجدَع
ليه (له) الشرف يوم
خمسة والعشرين
كان ليه (له) عظيم
الشرف
ف زمان ما فيش فيه
شرف
زَمَن اللصوص
زَمَن النكوص
زَمَن اللصوص
الثوْرجيّة الزيف وتزييف الأُمم
زمن النكوص وشراء
وبيع الذِمم
زمن اللي راكبين كل
موجة انتهى
إنتوا الربيع الاخضر
ف توْديع الخريف
راجل عطّار بالليل
قال لي: خلاص .. راقت
اشتقت للأُم الحديثة
سنين
الحِلم كان قشّاية ف
بحور الغرق
وانتوا الوِلاد اللي
مصر ف حَبْسها اشتاقت
وطلعتوا بيها لفوق
تغنّوا لها
وغزلتوا على نولها
النشيد
وِسعِت خروم الإبر
لمّا الجموع فاقت
ده الوقتي لازم مصر
تتحنّى وتردّد الأناشيد
وتزِف كل شهيد