إنسان .. لأ مش إنسان .. ده والعياذ بالله إخواني
تذكّرت وأنا اسمع هذه الأغنية الجميلة وأشاهد
تصويرها وإخراجها الأجمل (الذي يعبّر عن ملايين المصريين البسطاء) كيف تم إبعاد
هذا المطرب المحترم عن ساحة الغناء بتهمة أنه إخواني .. ولا أعلم حقيقةً ما هي
الصلة بين الفن والسياسة .. ولماذا يصنّف أي فنّان حسب انتماؤه الفكري أو العقائدي
.. الفنان إنسان أولاً .. لن يبقى منه بعد فنائه الحتمي سوى أعماله التي تخلّد
ذكراه بغض النظر عن ميوله .. مَن مِنّا يعرف أن ولاء "أحمد شوقي" كان
مَلَكياً خالصاً فنحن نعرف قصائده الرائعة فقط .. لم يذكر التاريخ أن "سيد
درويش" كان سعديّاً وفدياً بل ذكره كفنّان الشعب الخالد للأبد .. لا نتذكّر
إن كان "صلاح جاهين" ناصرياً أم ساداتيّاً لكننا نتذكّر أزجاله
ورباعيّاته العبقرية وحسب .. لقد أخلينا الساحة لمطربي المهرجانات والمراجيح
وفناني أفلام "السبكي" والمدّاحين من الشعراء والأدباء فقط لأنهم من
الموالين لحكّام عصرهم متناسين إن الأيام دول يداولها الحق تعالى بين الناس .. متى
نتخلّص من تلك العادة القميئة التي ورثناها عن أسلافنا الفراعنة الذين كانوا
يمكّنون المقربين ويهيلون التراب على المناهضين ويطمسون آثار من سبقوهم ليخلّدوا
ذكراهم فقط والتي كانت تُمحى أيضاً ممن تبعوهم؟
في أغنية عاشق الروح شطب الضبّاط الأحرار
بالحبر الأسود على صورة الملك فاروق المعلّقة خلف الفرقة الموسيقية فما لبث أن
هلك الملك والضبّاط والفرقة وعبد الوهاب أيضاً وبقيت تلك الأغنية البديعة فوق كل
العهود والأزمنة شاهدةً على إن الإبداع سيبقى مصرياً وحسب.
ملحوظة :
سيبرز بين بعض القرّاء الأعزّاء مَن يدّعي أني من الإخوان أو حتى أميل لهم فيبدأون في كيل السباب واللعنات لأنني أدافع عن "حمزة نمرة" وأطالب بعودته .. لا بأس .. لن يردعني ذلك عن قوْل ما أراه حقاً وصواباً (وربما أكون مخطئاً) .. وصدّقوني كنت سأفخر بأنني إخواني لو لم يسرق الإخوان ثورة يناير ولو لم يعملوا لصالح عشيرتهم فقط .. كما كنت سأزهو بأنني مباركي لو لم يُعلي “مبارك” مصلحة أبنائه ومؤيديه فوق مصلحة الشعب ولو لم يعمد إلى إفساد البلاد بسياساته الخرقاء .. ولن أتردّد أبداً - بل أتمنّى - أن أتباهى بأنني سيساوي لو تحقّقت العدالة الاجتماعية ولو انصلحت أحوال المسؤولين وتمّت محاسبة الفاسدين .. ولكني دائماً وأبداً سأظل أعلن (ولو على استحياء) أنني أنتمي قلباً وقالباً لوطني "مصر" .. مصراوي وأفتخر.