خبر
أخبار ملهلبة

"للحب آلهةٌ كثيرة" | الفصل السادس (2)


لوحة فنية تجمع بين رسم تشكيلي لوجه فتاه حزينة تبكي دموعاً ذهبية وبين اللوحة الزيتية العالمية القبلة التي رسمها الرسام النمساوي جوستاف كليمت

"للحب آلهةٌ كثيرة" | الفصل السادس (2)

 

 

وبمرور الوقت تعدّدت لقاءاتهما وصارت "عبير" هي أعز صديقة "لبسمة" التي ابتلعت الطُعم وأصبحت لا تقضي مشاويرها إلّا بصحبة "عبير" مع كثرة تبادُل الهدايا في مختلف المناسبات، ورغم أن صداقتهما قد باتت متينة وأن وقت فراغهما قد أضحى شركةً بينهما إلّا أن "كريم" لم يكن على علمٍ بهذه التطورات فلم يكن يهتم بأصدقاء زوجته أو زملائها، وشرعت "عبير" في تطبيق الخطوة التالية عندما قابلت "بسمة" عند مصفّفة الشعر وتجاورتا على مقعديْن لتجفيف الشعر وباشرتا حديثهما الذي لا ينقطع حتى يوصَل من جديد :

- إنتي عارفة يا "عبير" .. أنا يمكن بقى لي سنتين ما جيتش للكوافير.

- طب ينفع كده! .. لازم تاخدي بالِك من نفسِك وتبقي على سنجة عشرة .. مش انا اصغر منِّك بس افهم عنِّك ف المواضيع دي .. خديها مني حكمة: الرجّالة عنيهم فارغة ما يملاهاش إلّا التراب .. وأوّل ما الست مننا تنسى نفسها شويّة يبصّوا برّه.

- مش كلّهم يا شيخة .. أنا جوزي غلبان .. ربّنا هاديه ومش بتاع الحاجات دي.

- ههههه .. شكلِك على نيّاتِك يا "بسمة" .. وحياتِك كلّهم من نفس العيّنة .. ده انتي ما تخافيش غير من الغلبان السُهُن .. ده بالذات بيطلع ميّه من تحت تبن .. إسأليني انا .. ده طليقي لمّا كان بيشوف واحدة ست وانا معاه كان بيعرق ويبص ف الأرض وما يعرفش يتكلّم كلمتين على بعض .. وافتكرت إن تحت القُبّة شيخ لغاية ما اكتشفت خيانته ليَّ .. تصدّقي كان مخلّي مكتب المحاماة بتاعه جرسونيرة بعد الشغل وداير يتسرمح لي مع كل واحدة شويّة.

- برضه أنا جوزي حاجة تانية .. ما لهوش ف الهَلْس ده خالص.

- إيه رأيك بقى إن "عزيزة" صاحبتي سمعت من جوزها إن جوزِك صاحبه مقطّع السمكة وديلها؟

واعتدلت "بسمة" في جلستها وحملقت في صديقتها غير مصدّقة لما تقول ثم اندفعت تسألها :

- قالت لِك إيه بالظبط؟

- قالت لي إن دكتور "كريم" له غراميّات بالهبل وإنها مرّة زعلت من جوزها وطلبت منه يقطع صلته بيه .. حاكم ما يفسدش الراجل إلا صاحبه .. معلهش .. أنا باقول لِك كده علشان توعي لنفسك وما تفضليش نايمة ف العسل زيّي زمان.

- معقولة! .. "كريم" ممكن يبقى م النوع ده وانا مش داريانة!

- إنتي بس اهتمّي بنفسك وراقبيه من بعيد لبعيد .. مش ح تخسري حاجة.

- عندِك حق.

وغرست "عبير" بذور الشك في نفس "بسمة" وظلّت ترويها كلّما تقابلتا حتى ترعرعت الشكوك والظنون وأفسدت على "بسمة" صحوها ومنامها بعد أن أحاطتها من كل جانب فطفقت تراقب "كريم" وتفتّش ملابسه وتحاصره بأسئلتها عن سبب تأخيره وأين كان وكيف أمضى يومه ممّا سبّب لزوجها الضيق وأشعره بعدم ثقتها فيه فأثمر ذلك عن العديد من المشادات التي نغّصت عليهما حياتهما التي كانت تتسم بالهدوء والسكينة قبل أن تقتحمها العاشقة الموتورة.

وذات يوم اتّصلت "عبير" "ببسمة" وطلبت مقابلتها لأمرٍ هام وعندئذٍ عاجلتها بقوْلها :

- معلهش يا "بسمة" .. إنتي عارفاني باحبِّك قد إيه وعايزة مصلحتِك.

- طبعاً طبعاً .. فيه حاجة؟

- أنا عايزِاكي تاخدي الأمور بهدوء كده علشان تعرفي تتصرّفي.

- قلقتيني .. فيه إيه؟

- أصل انا كنت باتكلّم مع "عزيزة" عنِّك وعن جوزِك اللي مغلّبِك معاه ده.

- بيني وبينِك يا "عبير" شكلي طلعت ظالماه .. مش قادرة امسك عليه غلطة .. وبصراحة كمان ما باشوفش منه أي حاجة وِحشة .. إن بعض الظن إثم.

- طب خدي دي .. علشان تعرفي إنِّك هبلة وعبيطة .. بقى يا ستّي جوزِك الدكتور "كريم" بيقعد يفضفض لصاحبه الدكتور "مـحمد" جوز "عزيزة" وتملّي بيحكي له عن مغامراته العاطفيّة .. بيتفاخر بسلامته بالعك اللي بيعكّه .. و"مـحمد" بيحكي لمراته اللي بترجع تحكي لي ف التليفون عن فضايح جوزِك.

- فضايح!

- آه يا ستي .. كان حكى له من كذا شهر إنه كان بيعرف عليكي واحدة وكان بيقابلها هنا ف النادي وبعدين يطلعوا على شقّتها سوا وآخر الليل يرجع لِك تعبان من كُتر الشُغل .. ربّنا يكون ف عونه.

- طب ما انا عارفة الموضوع ده .. واحدة صاحبتي شافتهم قاعدين هنا ف الجنينة ولمّا واجهته قال لي إنها كانت عيّانة عنده وبتسأله عن شويّة حاجات ف العلاج.

- وانتي صدّقتيه؟

- مش جايز يكون كده فعلاً .. ما هو لو كان بيعمل حاجة غلط ما كانش ح يجي يقابلها هنا .. ما فيش معنى إنه يقابلها هنا وبعدين يروحوا شقّتها .. طب ما كان يروح لها شقّتها على طول .. برضه خلّينا نعقل الكلام.

- بلاش دي .. "عزيزة" بتقول لي إن جوزِك مأجّر شقّة مفروشة ف نص البلد عاملها وكر لغراميّاته.

- ما اصدّقش.

- إذا كان هوَّ اللي حاكي بلسانه للدكتور "مـحمد".

- يمكن بيسرح بيه أو عايز يعمل نفسه فِتِك قُدّامه .. طب الشقّة دي فين؟

- هوَّ ما قالش عنوانها بالظبط .. قال ف نُص البلد وبس.

- شوفتي بقى .. علشان تصدّقيني.

- طب بلاش دي كمان .. ده قال له إنه علّق واحدة م العيّانين وخلّاها  تيجي له العيادة وتدخل آخر واحدة وراح جاي موزّع الممرّضة وقال لها تروّح وتسيبهم لوحدهم ف العيادة .. ح تقولي ف دي إيه كمان؟ .. الكلام ده كان من شهر ونص كده .. ولو مش مصدّقة اسألي الممرّضة .. ولو طلعت الحكاية دي صح يبقى كل اللي قلتهولِك مظبوط.

- سهلة .. أنا معايا موبايل الممرّضة .. ح اتّصل بها حالاً .. أهو ..... آلو .. إزايِّك يا "عليّة" .. باقول لِك إيه .. أنا كنت باعتة واحدة قريبتي تكشف عند "كريم" ما تعرفيش عملِت إيه؟ .. هيَّ جت من شهر ونص كده .. كانت آخر حالة .. حتى بالأمارة سيبتيهم وروّحتي بدري .. آه .. إيه؟ .. يعني الدكتور "كريم" هوَّ اللي أصر إنك تروّحي بدري .. آه .. آه .. والست دي ما جاتش تاني .. طيّب طيّب .. أصل كنت عاوزة أوصّيكي عليها ما تاخديش منها كشف تاني .. بس خلاص .. الظاهر راحت لدكتور تاني .. طب ما تجيبيش سيرة للدكتور إني اتّصلت بخصوص الموضوع ده .. مع السلامة .... تصدّقي يا "عبير" طلع كل كلامِك صح .. الخاين ده داير مع الستّات وانا ولا هنا .. بس ليه؟ .. أنا ما قصّرتش معاه ف حاجة .. ده انا قايدة له صوابعي العشرة شمع .. منه لله .. منه لله.

وأجهشت "بسمة" بالبكاء بعد أن ارتمت في حضن صديقتها الرجيم "عبير" التي أحسّت بالنشوة لأن خطتها المرسومة تؤتي أُكُلها ببراعة وأيقنت أن فوزها على غريمتها قادمٌ لا محالة وأن حبيبها "كريم" سيعود إليها قريباً ليكمل معها حياته بعد أن اقتربت من تحقيق النجاح في تأجيج الخلافات بينه وبين زوجته وإزكاء لهيب النار التي ستأكل ما تبقّى من علاقته الزوجية لتنفصم عُراها فيلوذ بأحضانها بعيداً عن أسرته التي كانت حائلاً بينها وبينه.

 

 

(يتبع)

google-playkhamsatmostaqltradent