صورة واحد مطرب مهرجانات (2)
الخميس:
هلكت أنا والفِرقة من كُتر الشُغل الليلة دي،
كان عندنا أربع أفراح، واحد ف "أبو النُمرُس" وواحد ف
"الورّاق" واتنين جنب بعض ف "إمبابة"، الحمد لله ربّنا
وفَّقنا وولّعنا الأفراح دي كلّها ولمّينا نُقطة قد كده، ده غير الأُبيّج المعروف
بتاعنا: نُص مليون جنيه في الفرح الواحد، والأفراح كانت قِرفِتها زي العسل
وأصحابها إيديهم فِرطة لدرجة إنهم ما رضوش يسيبونا إلّا بعد ما ناكل ونشرب ونتكيّف
كمان .. ما شاء الله لِسّه برضه فيه ف الدُنيا ناس رجولة وأصحاب واجب.
وقبل الفجر بشويّة اتجمّعنا زي كل يوم في
دهبيّة (عوّامة) مدير أعمال الفِرقة الأستاذ "فهمان الكوماندا"، وبدأت
سهرتنا بما تيسّر من النبيت الأحمر فدارت الكؤوس على الجميع فشربنا حتى الثُمالة
ومزّينا بشويّة مكسّرات على قد ما قُسُم، ولكن الشاعر الحسّاس "إسلام
ليريكس" (مؤلف أغاني الفِرقة) رفض رفضاً باتّاً أن يشاركنا شُرب الخمر ولم
يضع على شفتيْه أي كأس نبيذ (نبيت)، واكتفى فقط بتجرُّع بعض أكوابٍ من الفودكا البريئة
(وارد "موسكو") مُعلِلاً ذلك بأن الفودكا هي التي تعمّر الطاسة وتعلّي
الدماغ ممّا يجعله يُحلِّق في أجواءٍ شاعريّة وآفاقٍ رومانسيّة فتُؤجِّج أحاسيسه وتُلهِب
مشاعره وتُلهم وحي خياله بأحلى الكلمات التي يتحفنا بها، وبالفعل بدأ – بعد قليل –
يُلقي علينا آخر ما طرأ على فِكره من شِعرٍ حالمٍ رقيق:
يا حبيبتي ليه بُعدِك
والقَسيّة
هوَّ هجرِك ليَّ يا
سافلة شويّة
خلّيتيني أنسى إسمي
واعيش
ف دُنيا تانية فانية
مُفتريّة ...
إكمنِّك يعني مُزّة
صاروخ
لمّا باشوف جِسمِك
بادوخ
ولّا عشان شبه
الحشيش
بتظبَّطي فيَّ
النافوخ؟! ...
ح ادّي قلبي ألف
صَرمة
وافرمه ميت ألف
فَرمة
لو قفلتي ف وِشي شيش
وح احب غيّرِك أي
حُرمة ...
ح ادوس على قلبي
التعيس
وانسى كمان حُبّي
الخسيس
ولوْ على عِشقي: ما
فيش
بقى زي أي طير حبيس
...
زاد العوازل ف
الزياط
عاجبِك يا جزمة بدون
رُباط؟
قلبي داب بقى زَيْ
خيش
وعنيّا حمرا م
العياط.
وانهمرت الدموع من عيْنيْ "إسلام"
فاندفعنا نحوه ونحن نقبّله في تأثُّرٍ بالغ مُهنّئين إيّاه على هذه القصيدة الرائعة التي تنُم عن موْهِبةٍ
فذّة وعبقريّةٍ ألمعيّة ساهمت في إبرازهما تلك الفودكا العجيبة ممّا جعلنا نُرسل
الواد "زَرزور" ليشتري لنا دستة زجاجاتٍ منها علّها تساهم في رفع الحِس
الفني لدينا كما فعلت مع "إسلام ليريكس".
وبعد أن تدرمغنا في الفودكا للرُكب افتتحتُ
فقرة المخدرات فأشعلتُ سيجارة بانجو ثم جوب حشيش وأعقبتهما باستحلاب بعضاً من
الأفيون، ودارت السجائر الملفوفة والجوبّات المرلولة وأكياس البودرة المقفولة على
الجميع في مثالٍ رائعٍ للتكافُل والمساواة.
وأخيراً انتهت تلك السهرة المُمتِعة فقام
الواد"زَرزور" بتسنيدي حتى وضعني في الكنبة الخلفيّة لسيّارتي الهامَر
ورجعنا بسلامة الله للفيلّا التي أقطنها بـ "مدينتي" قبل أن ينتصف
النهار بقليل.