صورة واحد بلطجي (2)
-
عليك الصلاة والسلام
يا نبي .. ها .. خَلَّص.
-
بقى انت لمّا كُنت ف
السجن المُدّة اللي فاتت دي فيه حاجات كتير اتغيّرت ف البلد بعد ثوْرة يناير ..
الدنيا سابِت .. ما بقاش فيه حاكم يُحكمها .. كلّه بقى بَزرميط .. اللي يقدر على
حاجة بيعملها حتّى لو كانت غلط من غير ما حد يقول له تِلت التلاتة كام .. والبوليس
كافي خيره شرّه ما لهوش دعوة بحاجة وسايب الناس تصطفِل مع بعض .. وبقينا عايشين ف
غابة .. الكبير بياكُل الصُغيَّر .. والصُغيَّر بيمشي جنب الحيط.
-
أيوه أيوه .. يعني
احنا ح نشتغل إيه ف اليَغمة دي؟
-
إحنا ح نشتغل بوليس
ولا مؤاخذة.
-
وحياة خالتك! ..
إيه؟!! .. ح ندخُل كُليّة الشُرطة بميّتين أُمّك؟!!!
-
لأ .. ح نفتح كراكون
قِطاع خاص.
-
انت باين عليك
اتهبلت ياض من كُتر البلاوي اللي بتبلبعها .. قوم ياض من قدّامي أحسن ح اقوم اعوَّرك.
-
إسمعني بس للآخر يا
معلّم .. وحياتك عندي ح تروق وتِحلى .. أنا وبقيّة صُبيانك مع شويّة عيال بلطجيّة
فاقدين ح نجيبهم من أيّتُها حِتّة فيكي يا "اسكندرية" ح نعملك كبير حي
"القبّاني" .. الكِلمة ف المنطقة ح تبقى كِلمتك والشورى ح تبقى شورتك ..
تقول أي حاجة الكل يقول لك سمعاً وطاعة .. واللي يكسّر لك كِلمة ح نعمله عِبرة
لغيره .. مش ح يعدّي عليك كام شهر إلّا امّا صيتك ح يغطّي "اسكندريّة"
كلّها وساعِتها ح تبقى لك شَنّة ورَنّة زي الكُبار بتوع "محرَّم بيه"
و"العطّارين" و"المُنتزة" و"البيطاش"
و"الهانوفيل" وهَلُمَّ جرّا .. هوَّ احنا أوّل ناس تعمل الكلام ده .. بس
احنا من حظّنا الحلو إنّك طلعت م السجن قبل ما الحي بتاعنا يبقى له كبير يترستق
ويعمل له صيت .. وانت ما شاء الله صيتك ذايع ف الحِتّة بعد ما قتلت
"الكانّي" من تلات سنين .. يعني الكُل ح يخاف منّك ويعمل حسابك م الأوّل
.. بس ده ما يمنعش برضه إننا نِعمِل للناس كارت إرهاب م البداية .. يعني ح نِقفّل
المنطقة يومين تلاتة كِده لغاية ما الناس كلّهم يعرفوا إنّك بقيت الكبير.
-
قصدك اشتغل فتوّة أو
بلطجي؟ .. طب والحكومة ح تسكُت؟
-
خلاص .. ما بقاش
اسمها فتوَنة ولا بلطجة .. وبعدين الحكومة ح تدخَّل ليه طول ما احنا ماشيين
قانوني؟
-
هأو أو أو ..
قانوني؟ .. إيه ح ابقى فتوّة برُخصة؟!
-
أنا جايب لك معايا
عقد شقّة أهو .. ح نشتريها ونِعمِل شركة بسِجل تُجاري وبطاقة ضريبيّة ورُخصة .. وح
نسمّيها "شركة الفارس للأمن وخدمة المواطنين" .. وح نجيب لك مكتب آخر
ألاجة وسكرتيرة وموظّفين والذي منّه .. وح تِبقى "الحاج حماده الفارس" ..
واللي ح نِصرِفه ع الكلام ده ح نلِمُّه م الناس بتوع الحَيْ ف شهر بالكتير.
-
وح نلِمُّه منهم
بصفتنا إيه إن شاء الله؟
-
مش الناس بتدفع
ضريبة للدوْلة علشان تحميهم وتحل مشاكِلهم .. إحنا كمان ح نحمي الناس من أذيّتنا
ونكفيهم شَرِّنا ونحل مشاكِلهم بينهم وبين بعض بتمن بسيط أرخص م اللي بيدفعوه
للحكومة .. شوف انت لمّا واحد التاكس بتاعه يتسرق بيعمل إيه؟ .. بيروح القسم يعمل
محضر بعد ما يدفع إكراميّة لأمين الشرطة وبعدين يدفع إكراميّة تانية للبلوكّامين
اللي ماسك المحاضِر علشان يدّي له رقم المحضر ويمشّي المحضر للنيابة وبعدين يدفع
كمان لبتوع المُعاينة علشان يتوصّوا بيه ويخلّوه ف بالهم وبعدين يدفع تاني كل ما
يروح يسأل ف القسم عن آخر أخبار ضبطيّات العربيّات اللي مسكوها .. ده غير اللي
بيدفعه ف المرور والتأمينات الاجتماعيّة وغيرهم علشان يمشّوا ورقه ويوقَّفوا
الفلوس اللي بيدفعها لهم كل سنة علشان العربيّة المسروقة .. وف الآخر لا بيطول بلح
الشام ولا عنب اليمن ويروح دافع عشرين تلاتين ألف حَلْوان للي سرق التاكس .. إحنا
بقى ح نوفّر ع الناس كل الفلوس والتعب ده.
-
إزّاي؟
-
ح نِفرِض إتاوة كل
شهر وح نسمّيها "الشهريّة" على كل المحلّات والقهاوي والمطاعم وأي حَد
فاتح حاجة بييجي من وراها أكل عيش زي العيادات والمكاتب والشركات والسناتر بتاعة
الدروس الخصوصيّة ومغاسل العربيّات ومواقف عربيّات المشاريع والتوك توك وغيرهم ..
واللي ما يدفعش يستلقّى وعده .. نكسّر له محلّه .. نضربه .. نحرق عربيته .. نرمي
له عفشه برّه البيت .. ح تلاقي الكل بيدفع الشهريّة من غير ما يفتح بُقّه ويمكن
يبقى كمان مبسوط علشان ما حَدِّش بيدوس له على طرف .. ولو حَد اتعارك مع حَد نعمل
جلسة صُلح بينهم وناخُد حلاوة الصُلح من ده ومن ده .. وإذا حَد افترى على حد ما
لهوش سَنَد نبقى احنا سَنَده ونقف قُدّام المُفتري ونأدِّبه .. بَس كُلّه بحسابه ..
ح تبص تلاقي الناس بيرجعوا لك علشان تحل مشاكلهم وتنقذهم م اللي بيظلمهم ..
والحرامي اللي ح يسرق حاجة وعايز ياخد فيها فدية م المسروق ح يجينا علشان نتوسَّط
بينهم وناخُد عمولتنا زي أي سمسار أو وسيط .. ده انت ساعتها ح تبقى أحسن م البوليس
اللي لا بيحِل ولا بيربُط.
-
تصدّق ياض يا
"عوض": دي فكرة نميسة فعلاً.
-
أومّال يا معلِّمي
ومضمونة ميّة ف الميّة.
-
خلاص ع البركة.
الأربعاء:
وبالفعل شَرَعَ الحاج "حماده" في
عمله الجديد الذي دارت عجلته سريعاً فأدرّت عليه المال الوفير والنفوذ الماضِ والسُمعة
الذائعة، وأصبح يُدير شؤون الحَيْ من مكتبه المُكيّف دون عناء، بل كان يُشارِك زُملاءه
كبار الأحياء الأخرى في تصريف أمور المُحافظة بأكملها ويتعاون معهم في حل مشاكل
السكندريّين نظير أجرٍ معلوم.
الثُلاثاء:
بعد أربعة شهورٍ استأذن "عوض بِشلة"
في الدخول إلى الحاج "حماده الفارس" فسمحت له السكرتيرة بعد إبلاغ الحاج
الذي عاجله بقوْله:
-
ها يا
"عوض": رُحت للباشا مأمور القِسم؟
-
أيوه يا حاج ..
وادّيته الظرف اللي حضرتك باعته معايا .. وقال لي إن بتوع المرافق ح ينزلوا حملة
إزالة مفاجئة – بعد إذنك طبعاً – يوم السَبت الجاي الساعة حداشر الصُبح علشان
يشيلوا الإشغالات اللي ف الطريق.
-
طب تبقى تقول للناس
علشان يلمّوا نفسهم اليوم ده.
-
ما انا كنت ناوي
اعدّي النهار ده أنبّه عليهم وانا بنلم "الشهريّة".
-
وعدّيت ع الباشا
رئيس المباحِث؟
-
تمام يا حاج ..
وخبصت له ع العيال الهجّامة اللي كسروا الشقّتين بتوع بُرج "الإسراء"
الأسبوع اللي فات وزمانه جاب أُمّهم من قَفاهم.
-
أحسن .. علشان بروح
امّهم يبقوا يكسروا شُقق من غير ما يدفعوا لنا المعلوم.
-
ما تِنساش يا حاج
الليلة دي بعد العِشا عندنا قَعدة مع عيلة "أبو شبانة"
و"الحمزاويّة".
-
على الله ما نعوَّقش
ف القَعدة دي علشان ناوي اسهر الليلة دي مع "ألطاف".
-
آه .. الست اللي
جوزها طلَّقها وما رضاش يدفع لها نفقة وجات لك تشتكي منّه وبرضه ما رضيش يسمع
كلامك ويدفع فأمرتنا بإنّنا نضربه ونقلّعه هدومه ونلبّسه قميص نوم حريمي أحمر ونلف
بيه المنطقة؟ .. ما خلاص دفع لها ودفع لنا .. بس هيَّ لِسّه ما دفعِت لناش حاجة.