الفصل الثاني | نهاية العالم (1)
الجمعة 2 / 10 / 2020
باقي تسعة أيّامٍ على النهاية
توالت الوفود من كل أنحاء العالم على مجمع
الأديان الكائن "بمصر القديمة" في "القاهرة" عاصمة العالم
القديم لحضور المؤتمر العالمي الذي يشارك فيه رجال الأديان السماويّة الثلاثة
بعنوان "علامات القيامة بين الدين والعلم والأساطير"، وقد اكتسب المؤتمر
أهميّة عظمى فوق تلك التي كانت متوقعة بالفعل بعد الأخبار والشائعات المثارة حول
احتمال فناء الجنس البشري بسبب ارتطام المذنّب "الماحق" بالأرض ممّا
يعني قيام الساعة وبداية القيامة التي بشّرت بها وأنذرت منها جميع الأديان، وفي
المكان المخصّص للصحافيّين والإعلاميّين جلس "باسم" بين أقرانه الذين
حضروا من كل صوب وحدب ليقوموا بعملهم في التغطية الصحفيّة للمؤتمر الذي أصبح حديث
الساعة لأنه يستعرض علامات الساعة التي يبدو أنها اقتربت كثيراً.
واستهلّ المؤتمر- كغيره- فعّاليّاته بفترةٍ
ليست بالقصيرة توالت فيها المقدّمة والديباجة وإلقاء بعض الكلمات لمنظمي المؤتمر
والمسئولين الكبار، ثم حلّت الفترة المنتظرة من الجميع والتي تتخلّلها كلمات
الحاخام الأكبر لليهود ثم بابا "الفاتيكان" ثم شيخ الأزهر.
و بدأ الحاخام الأكبر ممثل الديانة اليهوديّة
في إلقاء كلمته فقال:
- بوكر توف.. الحضور الكرام.. أتيت اليوم
لأعرض لكم رأي الدين اليهودي في القضيّة المثارة عالميّاً حول نهاية العالم.. وهل
حانت اللحظة الحاسمة أم ما زال في الزمن بقيّة؟.. لقد كانت اليهوديّة هي أوّل
الأديان السماويّة التي تنبّأت بالقيامة منذ قديم الأزل.. وللقيامة في الكتاب
المقدّس وجهان: وجه مخيف مرعب تنهدم فيه أركان العالم وتزول فيه الدنيا التي
نألفها ووجه مشرق بديع يتبدّل فيه العالم إلى الأفضل والأصلح.. وبالنسبة للوجه
المخيف فقد قال الرب في العهد القديم: " وَلْوِلُوا لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ
قَرِيبٌ، قَادِمٌ كَخَرَابٍ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لِذلِكَ
تَرْتَخِي كُلُّ الأَيَادِي، ويَذُوبُ كُلُّ قَلْبِ إِنْسَانٍ، فَيَرْتَاعُونَ،
تَأْخُذُهُمْ أَوْجَاعٌ ومَخَاضٌ، يَتَلَوَّوْنَ كَوَالِدَةٍ، يَبْهَتُونَ
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وُجُوهُهُمْ وُجُوهُ لَهِيبٍ، هُوَ ذَا يَوْمُ الرَّبِّ
قَادِمٌ، قَاسِيًا بِسَخَطٍ وحُمُوِّ غَضَبٍ، لِيَجْعَلَ الأَرْضَ خَرَابًا
ويُبِيدَ مِنْهَا خُطَاتَهَا، فَإِنَّ نُجُومَ السَّمَاوَاتِ وجَبَابِرَتَهَا لاَ
تُبْرِزُ نُورَهَا، تُظْلِمُ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا، والْقَمَرُ لاَ
يَلْمَعُ بِضَوْئِهِ، وأُعَاقِبُ الْمَسْكُونَةَ عَلَى شَرِّهَا، والْمُنَافِقِينَ
عَلَى إِثْمِهِمْ، وأُبَطِّلُ تَعَظُّمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وأَضَعُ تَجَبُّرَ
الْعُتَاةِ، وأَجْعَلُ الرَّجُلَ أَعَزَّ مِنَ الذَّهَبِ الإِبْرِيزِ،
والإِنْسَانَ أَعَزَّ مِنْ ذَهَبِ أُوفِيرَ، لِذلِكَ أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ
وتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ الْجُنُودِ وفِي يَوْمِ
حُمُوِّ غَضَبِهِ، ويَكُونُونَ كَظَبْيٍ طَرِيدٍ، وكَغَنَمٍ بِلاَ مَنْ يَجْمَعُهَا،
يَلْتَفِتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ، ويَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى
أَرْضِهِ".. ويقول أيضاً: "فَهُوَ ذَا يَأْتِي الْيَوْمُ الْمُتَّقِدُ
كَالتَّنُّورِ، وكُلُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ وكُلُّ فَاعِلِي الشَّرِّ يَكُونُونَ
قَشًّا، ويُحْرِقُهُمُ الْيَوْمُ الآتِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، فَلاَ يُبْقِي
لَهُمْ أَصْلاً وَلاَ فَرْعًا".. وقال: "ذلِكَ الْيَوْمُ يَوْمُ سَخَطٍ،
يَوْمُ ضِيق وشِدَّةٍ، يَوْمُ خَرَابٍ ودَمَارٍ، يَوْمُ ظَلاَمٍ وقَتَامٍ، يَوْمُ
سَحَابٍ وضَبَابٍ، يَوْمُ بُوقٍ وهُتَافٍ علَى الْمُدُنِ الْمُحَصَّنَةِ وعَلَى
الشُّرُفِ الرَّفِيعَةِ".. أمّا بالنسبة للوجه المشرق فقد قال:
"وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ
ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ، ويَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ، وتَجْرِي
إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ، وتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، ويَقُولُونَ: «هَلُمَّ
نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا
مِنْ طُرُقِهِ ونَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ»، لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ
الشَّرِيعَةُ، ومِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ، فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ
ويُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكًا ورِمَاحَهُمْ
مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفًا، ولاَ يَتَعَلَّمُونَ
الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ".. وفي هذه الآية الأخيرة التي وردت في الإصحاح
الثاني من سفر أشعياء بالعهد القديم من الكتاب المقدّس إشارة إلى الحرب الفاصلة
بين الخير والشر أو بين الله والشيطان المعروفة باسم "هار- مجدون"..
ولمن لا يعرف فإن "هار مجدون" تعني بالعبريّة: جبل "مجدو"
الذي يقع شمال "تل أبيب" حيث ستدور في واديه معركة اليوم الأعظم للرب
القادر والتي يعقبها نهاية العالم.. وستدور رحى هذه الملحمة الكبرى بين مائتي
مليون جندي من معسكر الكفّار بقيادة "أنتي خريستو" أو "المسيح
المضاد" أو "المسيخ الدجّال" ممثّلين لقوى الشر وبين قوى الخير
المؤيّدة من الرب بقيادة "المسيا" أو "المسيح" أو
"الماشيح" المخلّص فتندحر قوى الشر والكفر وتعلو راية الخير ويسود
السلام بعد هذا اليوم الذي يُسمَّى "يوم الله".. وتبعاً لقائمة مبادئ
الإيمان اليهوديّة الثلاثة عشر التي ألّفها حاخامنا الأكبر السابق "موسى بن
ميمون" فعلى كل يهودي متديّن أن يؤمن بمجئ "المسيا" الذي هو من نسل
النبي "داوود" ويُسمَّى "المسيح" بهذا الاسم لأنه سيُمسَح على
رأسه بزيت الزيتون أو زيت المسح حسب تعليمات "موسى" بشأن مراسم تكريس
"هارون" وأبنائه للكهنوت.. وسيُقدَّر للملك الممسوح إقامة واستعادة
مملكة "داود" وإعادة أمجادها الغابرة في سيادتها المستقلة وفي سلطتها
القائمة بذاتها وسوف يبني الهيكل أو المعبد في "أورشليم القدس" وسوف
يعيد جمع شمل اليهود المشتّتين في العالم معاً وسوف يعاد تطبيق كل الشرائع في
أيّامه كما كانت من قبل فسوف تُقدَّم الذبائح والأضاحي وتُحفَظ أيّام السبت وأعياد
اليوبيل طبقاً لجميع سلوكيّاته وأخلاقيّاته المدوّنة في التوراة.. وسينقذ
"إسرائيل" من مضطهديها وكارهيها.. وكل من لا يؤمن به أو لا ينتظر مجيئه
لن يكون متحدياً لما قاله الأنبياء فحسب بل سيكون أيضاً رافضاً للتوراة
و"لموسى" معلماً ورسولاً.. فالتوراة تشهد له في سفر "التثنية"
عندما قال الرب: "يَرُدُّ الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ ويَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ
فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ الرَّبُّ
إِلهُكَ، إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ
هُنَاكَ يَجْمَعُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، ومِنْ هُنَاكَ يَأْخُذُكَ، ويَأْتِي بِكَ
الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي امْتَلَكَهَا آبَاؤُكَ فَتَمْتَلِكُهَا،
ويُحْسِنُ إِلَيْكَ ويُكَثِّرُكَ أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكَ، ويَخْتِنُ الرَّبُّ
إِلهُكَ قَلْبَكَ وقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ
قَلْبِكَ ومِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا، ويَجْعَلُ الرَّبُّ إِلهُكَ كُلَّ هذِهِ
اللَّعَنَاتِ عَلَى أَعْدَائِكَ، وعَلَى مُبْغِضِيكَ الَّذِينَ طَرَدُوكَ، وأَمَّا
أَنْتَ فَتَعُودُ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ، وتَعْمَلُ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ
الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ، فَيَزِيدُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ خَيْرًا
فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ، فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وثَمَرَةِ
أَرْضِكَ، لأَنَّ الرَّبَّ يَرْجعُ لِيَفْرَحَ لَكَ بِالْخَيْرِ كَمَا فَرِحَ
لآبَائِكَ، إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ
وفَرَائِضَهُ الْمَكْتُوبَةَ فِي سِفْرِ الشَّرِيعَةِ هذَا، إِذَا رَجَعْتَ إِلَى
الرَّبِّ إِلهِكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وبِكُلِّ نَفْسِكَ".. وأخيراً أترك لكم
أنتم الإجابة على السؤال الذي يدور حول اقتراب موعد النهاية بناءً على ما سمعتموه
مني وإن كنت أرى شخصيّاً أننا على شفا الفصل الأخير فعلاً قبل إسدال الستار على
دنيانا الفانية.. تودا ربا.. شالوم.