قصّة قصيرة تنتهي إلى مجموعة حِكم وعِظات رائعة
جاء رجل الى أمير المؤمنين الإمام "علي
بن أبي طالب" قائلا له : "يا أمير المؤمنين لقد اشتريت داراً وأرجو أن
تكتب لي عقد شرائها بيدك" .. ونظر الإمام إليه بعين الحكمة الثاقبة فوجد
الدنيا قد تربّعت على عرش قلبه وملكت عليه أقطاره حتى أنسته ذكر ربه فأراد الإمام ان
يذكّره ويعلّمه الوفاء بالعهد الذى أخذه الله علينا فماذا يفعل أمير المؤمنين
ليلقن الرجل درساً فى ذكر الله و عدم نسيان مولاه؟ .. أمسك الإمام بقلمه وقرطاسه
وكتب قائلاً : "أمّا بعد .. فقد أشترى ميّتٌ من ميّتٍ داراً في بلد المذنبين
وسكة الغافلين لها أربعة حدود : الحد الأول ينتهي إلى الموت والثاني ينتهي إلى
القبر والثالث ينتهي إلى الحساب والرابع ينتهي إمّا إلى الجنة وإمّا إلى
النار".
فلما سمع الرجل هذا الكلام من أمير المؤمنين
بكى بكاء مُرّاً وعلم أن الإمام أراد بذلك أن يكشف الحجب الكثيفة عن قلبه الغافل
فقال الرجل للإمام : "يا أمير المؤمنين إننى قد تصدّقت بداري على الفقراء
والمساكين وأبناء السبيل" .. فأنشد الإمام قائلاَ : "النفس تبكي على
الدنيا" .. إلى آخر القصيدة.