لن أتحدّث عن تفاصيل
هذه الفضيحة الشائنة فقد ذكرها تقرير الفيديو المرفق ولكنني سأثير واحدةً من المفارقات
المخزية لتلك الحادثة عندما ذهبت هذه الأوركسترا لأخذ صورةٍ تذكاريّة (لست
متأكّداً إن كانت تتوسّطهم وزيرة الثقافة المصرية نفسها أو سيدةٌ إسرائيليّةٌ تشبهها)
أمام تمثال السيّدة "أم كلثوم" بـ"الزمالك".
"أم
كلثوم" التي حاربت الصهاينة على طريقتها: صوتها العذب الفخيم وإحساسها الشجي
الجميل وكلمات شعرائنا الخالدين وألحان موسيقيّينا الوطنيّين .. "أم
كلثوم" التي لفّت العالم العربي كلّه لتجمع الأموال لصالح المجهود الحربي من
أجل محاربة "إسرائيل" .. "أم كلثوم" التي طالما تغنّت بالأغاني
الوطنيّة المصريّة ذات الكلمات الناريّة التي كانت تصف "إسرائيل" بـ"العدو"
ممّا اضطر الكيان الصهيوني لأن يصدر عليها حُكماً غيابيّاً بالإعدام عام 1949 بتهمة إثارة
الشعوب العربيّة على الصهيونيّة .. قبل أن تتراجع "إسرائيل" وتُسقِط هذا
الحُكم بعد توقيعها مع "مصر" على اتفاقية الهدنة الدائمة
بمدينة "رودس" اليونانية في وقتٍ لاحق من نفس العام .. حينها أذاع "راديو إسرائيل" خبر
إلغاء حكم إعدام "أم كلثوم" ووصفها بأنها أعظم المطربات وبدأ في إذاعة
أغانيها على الراديو الإسرائيلي لمدة ساعة كل يوم سبت (يوم العطلة هناك) .. وكانت أوّل
الأغاني المذاعة عبر الأثير هي أغنية "ياما أَمَر الفُراق" والتي لاقت
استحساناً شعبيّاً وجماهيريّاً كبيراً هناك.
وبعد أن
أنشدت "أم كلثوم" للأجيال أغانٍ مثل "أصبح عندي الآن بندقيّة .. إلى
فلسطين خذوني معكم" أصبحت الآن شاهدةً على عار وشنار الأبناء والأحفاد
المصريّين عندما وقف تحت قدميْ تمثالها أبناء وأحفاد العدو الإسرائيلي – الذين ما
زالوا يحتلّون أراضينا – ليحتفلوا بنكبة إخوتنا الفلسطينيّين في كبد العاصمة
"القاهرة".
هل صار علينا نحن الضحايا المغتصَبون أن نقيم حفلات الجناة المغتصِبين في بلادنا المنكوبة لإحياء ذكرى الاغتصاب؟ .. وكيف انحدر بنا الحال فأصبحنا نغرس راية أعدائنا بأيْدينا في سويْداء قلبنا؟