صورة واحد مُحلّل كورة (1)
الجُمعة:
سهرتُ الليْلة مع أخي وحبيبي "رومان
صليبي" في مطعمه "ركلة حُرّة" بـ"المُهندسين" ودار بيننا
هذا الحوار:
-
إزايَّك يا
"رومان" .. واحِشني يا حُبّي.
-
واللهِ انت اكتر يا
"تيتو" .. فينك وفين أيّامك .. فاكر يا لَه كُنّا بنعمل إيه ف مُعسكرات
المُنتخب؟ .. ها ها ها .. ده احنا كُنّا بنشيِّب المُدرِّبين.
-
كانت أيّام زي العسل
.. يا ريتها دامِت.
-
لحقِت الكورة
تِوْحَشَك؟!!! .. يا عم ده ماتش اعتزالك لِسّه كان النهار ده .. أومّال انا اقول
إيه اللي اعتزلت بسبب الإصابة وانا لِسّه ف التلاتين .. ع الأقل انت قعدت تلعب
لغاية التسعة وتلاتين.
-
واللهِ كان نِفسي
ألعب لغاية الخمسين كمان .. بس آخر موسِم ده كنت شطَّبت خلاص .. ما كُنتِش قادر
اجري وعضلاتي ما بقِتش مطاوعاني.
-
وناوي على إيه ده
الوقت؟ .. ح تكمّل ف الكورة ولّا تعمِل لك بيزنيس زي حالاتي؟
-
لأ طبعاً ح اكمِّل ف
الكورة .. الكورة دي أحسن مهنة تجيب فلوس بعد تجارة المُخدِّرات طبعاً .. ههههههه.
-
عندك حق.
-
الكورة دي كيف يا
حبيبي .. والناس ملهيّة ف كيفها وسايبين الدنيا بايظة من مجاميعُه .. شوف المشاكل
اللي ف البلد قد إيه: بطالة وتعليم تعبان ومُستشفيات واقعة وأسعار وِلعة وطُرُق
مكسَّرة وحُريّة مُنعَدِمة .. الناس مستحملة كل ده وساكتة .. إنما تيجي عند الكورة
وستوب .. يا راجِل ده فيه ناس على استعداد ما تاكُلش ولا تِشرَب بس تتفرَّج ع
الكورة .. إنت مابتشوفش القهاوي ف المناطق الشعبيّة والعَشوائيّة ساعة المتُشَة
عاملة ازّاي؟! .. دي بتِبقى بالضرب رغم إن الفُرجة والمشاريب بالشيء الفُلاني ..
بس الناس دي مُمكِن تقطع من لحم الحي بَس تتكيِّف م الكورة .. الكورة أفيون الشعوب
يا صديقي .. يا راجل دول بيموِّتوا بعض وبيعملوا مدابح عشان أُم الكورة.
-
يعني انت م الآخر
كده ح تشتغل ف التدريب ولّا الإدارة؟ .. لو عايز رأيي اعمِل أكاديميّة للناشئين ..
مدرسة كورة يعني .. الحكاية دي ماشية قوي اليومين دول وبتِعمل ملايين .. كل الناس
عايزة تطلَّع عيالها لاعّيبة كورة .. سمعت النُكتة اللي بتقول: "راجِل شاف ابنه
قاعد بيذاكِر قام مزعَّق له وقال له: بدل الكلام الفارغ ده اللي انت بتضيَّع فيه
وقتك قوم ارمي أُم الكِتاب ده ونطَّط لك كورتين ينفعوك .. هههههههه.
-
هههههه .. طب ما هو
عنده حق .. الدكتور ولّا المُهندِس اللي بيمقَّقوا عنيهُم ف المُذاكرة بياخدوا ملاليم
ولاعّيبة الكورة اللي ما نفعوش ف التعليم بيكسبوا ملايين.
-
يعني اقتنعت بموْضوع
الأكاديميّة دي؟
-
يا عَم بلا هَم ..
لو اشتغلت ف التدريب أبقى غلطان: مشوار طويل وحَرقة دَم وأعصاب ومُمكِن رئيس
النادي يشيلك ف لحظة .. ولو دخلت ف الإدارة أبقى سِتّين غلطان: فلوسها قُليّلة
ولازمها تربيطات وشِلليّة ووجع دماغ .. حتى الأكاديميّة: عايزة مجهود كبير ودعايات
وشُغل التلات ورقات.
-
أومّال ح تكمِّل ف
الكورة ازّاي؟! .. إوْعى تقول ح تدخُل مجال التحكيم .. ده انت ح تاخُد على قفاك
للصُبح.
-
هههههه .. بقى معقول
يا راجِل .. أنا مش وِش بهدلة ومرمطة مع اللي يسوى واللي مايسواش .. الحكم عندنا
هوَّ أضعف واحد ف منظومة الكورة .. أنا ح اشتغل ف التحليل.
-
وأنهي معمل تحاليل ح
يقبل بيك؟!!! .. ده انت حيا الله ساقط ثانويّة.
-
هههه .. وهيَّ معامل
التحاليل بتكسِّب برضُه يا غشيم .. أنا ح اشتغل مُحلّل كروي.
-
آآآآآه .. قصدك في
الاستوديوهات التحليليّة بتاعة القنوات الرياضيّة.
-
عليك نور .. التحليل
ده مش محتاج أي مواهِب ولا مجهود .. نفس الكلام هوَّ هوَّ .. بتِفضَل تقوله
وتعيدُه وتزيدُه بس ف مواقِف مُختلِفة .. لو الفريق الفُلاني فاز ح تُشكُر ف
المدرِّب وتقول على طريقته ناجحة وإنه وظَّف اللاعبين في أماكنهم الصحيحة وإن
اللاعبين حالفهم التوفيق وتفوَّقوا على نفسهم إلخ إلخ .. ولو الفريق العِلّاني
اتهزم ح تخسف بالمُدرِّب الأرض وتقول إنه بدأ بتشكيل خاطئ واختار طريقة لعب لا
تُناسِب الهدف من المُباراة وإن اللاعّيبة ما كانش عندهم دوافع للفوز وإن الإدارة
تتحمّل مسؤوليّة الخسارة إلخ إلخ .. والاحتمال التالِت والأخير إن المباراة تنتهي
بالتعادُل وساعتها ح تحيي الفريقين وتقول إن طريقة المُدرِّبين التكتيكيّة تغلَّبت
على مهارة اللاعبين وإن المباراة ما كانش فيها لاعب يقدر يعمل الفرق وكلام مجعلص
زي كده .. وبعدين الاستوديو من دول بيقعد تلات اربع ساعات أغلبهم إعلانات وإعادة
للأهداف والفرص الضايعة والفقرة التحكيميّة .. وباقي البرنامج ما بيكمِّلش ساعة أو
ساعة ورُبع على بعضُه .. وبيبقى فيه تلات أربع مُحلّلين .. يعني لو انا واحد منهم
مش ح اتكلِّم أكتر من رُبع أو تِلت ساعة بالكتير .. وف آخر الحلقة ح اخُد قَد كِده
.. بدون أي مسؤوليّة ولا دياولو .. يعني شُغلانة دماغ.
-
بَس انت لازِم
تِثبِت نفسك كمُحلِّل كروي .. وعلى رأي "شيرين": ف الزمان ده
المُحلِّلين اتمَكِّنوا وكِتروا" .. كِتروا قوي.
-
لأ ما انت لازِم
يبقى عندك شويّة تكّات كده .. خُد عندك: أوِّل هام لازم تِبقى مُثير للجَدَل وتطلع
بتصريحات ناريّة مطرقعة ومفرقعة علشان تكون مشهور وتريندي .. تاني هام إوْعى تكون
مُحايد ولازم تبقى مُنحاز والأحسن تِبقى مُنحاز للأهلي طبعاً علشان تستمر وزي ما
انت عارف إن المُحلِّلين الزملكاويّة بيتكِرتوا على قفاهم وما حدِّش بيستضيفهم ف
الإعلام الرياضي إلّا لمّا يبقوا مُستأنَسين ويشكروا ف الأهلي ويحُطّوا
زمالكاويّتهم على جنب .. تالِت هام لازم تحسِّس المُشاهِد إن الكورة بتجري ف دمَّك
وإنك مُثقَّف كرويّاً وتعرف الكورة قبل ما تتولِد فتشبِّه اللاعب الفِروِد اللي م
الجيل ده بجيل العُظماء: "حجازي" و"الضظوي" و"صالح
سليم" و"رِفعَت الفناجيلي" و"عبد الكريم صقر" وغيرهم من
اللاعّيبة اللي عمرك ما شُفتهم أصلاً أو تقول إن شوطة اللاعب الترتاني ف ماتش
النهار ده بتفكَّرك بشوطة الأرجنتيني "دي ستيفانو" في نهائي بطولة
"كوبا أميريكا" سنة 1947 وعندك المعلومات دي كلّها موْجودة ع النِت وانت
وشطارتك بقى وما حَدِّش عارف حاجة أساساً ده غير إنك تقول كام مُصطَلَح كروي
بالانجليزي من نوْعيّة: التاكتيك والتاكلينج والستوبر والديفيندر والاسترايكر وكده
.. رابع هام لازم تمشي بمبدأ "خالِف تُعرَف" وحاوِل إنك تقول رأي
مُختلِف عن باقي الآراء لأن الرأي المُستفِز هوَّ اللي بيلزق ف دماغ الناس ..
آآآآآ .. إحنا وصلنا لكام؟
-
خامس حاجة.
-
خامِس هام إنك تكون
ملك التوقُّعات يعني تتوقَّع نتيجة كل ماتش ولو لفق معاك التوقُّع ده وطلع صح تقعد
تفكَّر الناس بيه وكأنك جِبت التايهة مع إن أي احتمال للتوقُّع بيبقى ناجح بنسبة
التِلت: يا فوز يا تعادُل يا هزيمة .. سادِس هام إنك تعلَّق أي فشل لفريقك على أي
عوامل خارجيّة يعني تقول مثلاً إن الحكم كان موالِس مع الفريق المُنافِس وإن الأرض
كانت بتزحلق وإن نسبة الأوكسيجين كانت قُليّلة وإن الكورة كانت مفسيّة وإن الهوا
كان ضدِّنا ف الشوطين وإن الدنيا كانت بتشتي سيول ف نُص الملعب بتاعنا بَس وهكذا.
-
ده انت دارِس
الموْضوع كويّس بقى!
-
أومّال يا بني ده
انا عندي أكتر من مُقدِّم في الفضائيّات معربِن معاهم يستضيفوني ف برامجهم ..
وبُكرة تشوفني ح اعمل إيه .. ده انا ح اكسَّر الدنيا.
-
طب يا عم الشَمشون
.. ورّينا ح تكسّر الدنيا ازاي الليلة دي .. أنا محضّر لك سهرة في البيت عندي إنما
إيه نار .. شُرب وأنفاس ونِسوان وكل اللي قلبك يحبُّه .. يلّا بينا.
-
يلّا بينا يا خويا
.. إنت ح تهدِّدني ..ها ها ها ها.
الأحد:
يستضيفني اليوم الإعلامي اللامِع
"حلبوكّة" في برنامجه اليوْمي المُمتَد من الثامنة مساءً حتى الثانية
صباحاً، وقدّمني الرجل قائلاً:
- سيّداتي آنساتي سادتي .. أهلاً بكم مرّة تانية في برنامجكم "مساء الأسوار" الذي يُناقِش كل ما يدور داخل وخارج أسوار ملاعب كُرة القدم .. ويسعِدنا أن ينضم لفريق التحليل بالبرنامج اليوم في الفقرة التحليليّة ولأوِّل مرّة اللاعب الدوْلي والنجم السابق "تيتو المحلّاوي" .. أهلاً بيك.