مايو 2019 :
لا شك أن الفنان "حسين صدقي" -
رحمه الله - كان من الفنانين المحترمين الذي رأوا في الفن الراقي قيمةً هامة
وأدركوا أنه وسيلةٌ ناجعة لتوعية المجتمع والنهوض به .. وكانت أفلامه تتبنى قضايا
قومية ومجتمعية ملموسة وساهمت بنصيبٍ لا بأس به في تشكيل وعي المصريين والعرب في
مرحلةٍ انتقاليةٍ دقيقة ذاك الوقت.
ولكنه - غفر الله له - كان بشراً وانزلق كباقي
الفنانين في أخطاء وخطايا البدايات في أوّل فترات صعوده ثم التزم بعد أن صار نجماً
قادراً على اختيار أدواره وإنتاج أفلامه فأحسن خواتيمه في المجال الفني.
واليوم قرأت عنه هذا المقطع في مقال لموقع
"مصراوي" جاء فيه: "من المواقف الشهيرة المعروفة عن الفنان
"حسين صدقي" رفضه تصوير مشهد تقبيل البطلة "مديحة يسري" في فيلم "المصري
أفندي" عام 1949 خاصة أن المشهد كان تصويره في نهار رمضان وهو صائم، فرفض
بشدة وأصر على ذلك، فتعطل التصوير لبضع ساعات، ووجد العمال أن هذه فرصةٌ للراحة في
نهار رمضان فوافقوه الرأي، لذلك قرر المخرج "عاطف سالم" إرسال خطاب إلى
جهة دينية مختصة، قائلاً: "ورحنا ننتظر وصول الرد ونحن جلوس في البلاتوه..
وغاب الموظف طويلًا، وأخيرًا جاء يحمل الفتوى التي تقول أن القبلة التمثيلية ليست
حراماً" على حد تعبير "عاطف سالم".
وقد ثارت في مخيّلتي عدة تساؤلات:
- هل القبلة بين رجل وسيّدة لا تربط
بينهما علاقة شرعية حرام فعلاً في نهار رمضان وحلالٌ بلال بعد الإفطار؟
- ما هي الجهة الدينية التي أفتت بعدم
حرمانية القبلة التمثيلية لأنها تمثيل غير واقعي؟ .. وهل تنسحب تلك الفتوى على
الممثلين في الأفلام الإباحية أيضاً بداعي عدم واقعيّتها؟
- إذا كان كل الكلام السابق
"بلح" ولم يحدث من الأساس فما السبب وراء زعمه واختلاقه؟ .. هل يريد
كاتب المقال أن يمرر لنا أفكار الإسلام الوسطي الجميل الذي يروّجون له الآن ومن
ضمنها: "إن التقبيل بين الغرباء في الأعمال الفنية ليس حلالاً فقط في مساء
وليالي رمضان بل هو ليس حراماً على الإطلاق" بفتوى رسمية معتمدة؟
أذكر أنني شاهدت مثيلاً لذلك "السم في العسل" في فيلم "المنسي" عندما جمع مشهدٌ ما بين "كرم مطاوع" و"يسرا" كان يحاول فيه كرجل أعمال أن يقنع سكرتيرته بأن تقضي ليلتها مع صديقه الثري العربي نظير نسبة من صفقة تجارية بينهما ولمّا رفضت بشدة لأنها إمرأة حرة شريفة لا تباع بالمال ذكّرها بأنها فعلت ذلك الأمر من قبل فأجابته بأنها فعلته بالفعل ولكن مع الرجل الذي كانت تحبه فقط .. وهنا يخلص لنا المغزى والمبدأ غير المباشر الذي يخفونه داخل طيّات هذا الفن المسموم والذي يحاولون أن يزرعوه في لا وعي أبنائنا وعقولهم: "الزنا من أجل المال حرام وليس من شيم المرأة الحرة الشريفة ولكنه يجوز من أجل الحب فقط وبدافع العشق المجرّد من أي مقابل مادي" .. ولا حول ولا قوّة إلا بالله.