فبراير 2019 :
101 مرشّح: هم عدد مَن تقدموا
حتى الآن لخوض سباق انتخابات الرئاسة الجزائرية (سبحان الله .. نفس عدد كلاب السباق المرقشة في فيلم ديزني الشهير) .. ولأن النظام الجزائري نظام عربي أصيل
يكرّس لتمديد وتطويل ومط ولت وعجن فترات الرئيس المتشبّث بالحكم (حتى يأخذه الله
أو يُعزَل في ثورةٍ يموت خلالها آلاف المواطنين أو يُقتَل أثناء حرب أهلية ضروس أو
بعد أن تتحوّل بلده إلى خرابة ينعق فيها البوم .. أيهم أقرب) فقد نقش من نفس
الكاتالوج الذي تنهل منه باقي الحكومات العربية التي أتقنت تمثيلها في كل مسرحيةٍ انتخابيةٍ جديدة لتروّج أمام العالم المتحضّر أنها - قال إيه - دول "ديموقراطية"
والعياذ بالله .. فترى نفس أشكال المرشحين من السُذّج والمعتوهين والمخبولين
وغريبي الأطوار والنزلاء السابقين في عنبر العقلاء .. نفس الهسهس والهوبا لالا ..
نفس الماليخوليا (المناخوليا) الانتخابية .. نفس الوساوس القهرية .. نفس الكلام مع تغيّر اللهجة
.. كل هذا من أجل أن يقنعوا شعوبهم أن القادم مليء بالجنون والضياع .. إلا إذا ..
إلا إذا (على طريقة "شرفنطح" و"نجيب الريحاني" في فيلم "سي عمر") .. إلا إذا اضطر الشعب الجزائري إلى
الاختيار بين أربعة سيناريوهات محفوظة مدروسة .. نفس الأربعة سيناريوهات التي
تنتهجها مؤسّسات الدوْلة العميقة المغروسة في جذور كل بلد عربي والتي زرعها
الاحتلال الأجنبي قبل جلائه ورحيله عنها والتي يرويها بانتظام النظام الأمريكي
الصهيوني الذي يسعى لأن تدور أنظمة الحكم العربية في فلكه حتى تستمر الشعوب
العربية في اللف اللا نهائي داخل تلك الحلقة المفرغة المصنوعة من الجهل والتخلّف
والتبعيّة بهدف إبقاء الوضع على ماهو عليه: "الكيان الصهيوني هو الأعلى في
المنطقة وهو المسيطر على الأمور لأن العرب لا يجدون الفرصة ليقيموا رؤوسهم أو
يفيقوا من صراعاتهم الداخليّة فلا يتفرّغوا لبناء أوطانهم ففي ذلك تهديدٌ مباشرٌ لذلك الكيان الغاصب" .. ولمنتهى الأسف والأسى فالذي يساعد كثيراً على نمو تلك
الجذور وتحوّلها لشجرةٍ ثابتةٍ لا تتزحزح ولا تميل (مهما حاولت رياح التغيير
والثورات) هو ذلك المناخ الذي يسيطر على أجوائنا العربيّة والذي يحافظ باستمرار
على معادلة البقاء في المربّع "صفر" وهو ناتج جمع: عدم وعي الشعوب
العربية لما يحاك لها في الظلام + انشغال الشباب العربي بتوافه الأمور ككرة القدم
والفن الهابط والجنس لإبعاده عن صحيح الدين + ضعف نفوس الكثير من العرب الخائنين
لبلادهم والمعادين لمصلحة أوطانهم في سبيل تحقيق مصالحهم الشخصيّة.
فيا ترى أي تلك السيناريوهات سيسير فيه الشعب
الجزائري والتي تضمن لأعدائه بقاء "الجزائر" في دوّامة الفشل والتخبّط:
- السيناريو الأوّل (النموذج المصري): انتخاب رئيسٍ مدني لفترةٍ
مؤقّتة ليكون بمثابة محلّل شرعي أو فاصل زمني بين نظام عسكري ثار الجزائريّون عليه
وبين نظام عسكري جديد مستنسخ من النظام العسكري القديم بل أشد منه وطأةً وأكثر
فشلاً .. ويتّصف ذلك الرئيس المؤقّت وفترته الانتقاليّة بالضعف الشديد والتدنّي
التام في جميع مجالات المعيشة بسبب عدم تعاون تلك الدولة العميقة ومؤسّساتها
الغويطة مع ذلك الرئيس المحلّل بهدف إفشال سياساته وتفشيل تجربته حتى يكفر الشعب
بما قام به من ثوْرةٍ ويندم على خلعه النظام الأسبق فيلجأ عائداً إلى نسخةٍ أخرى
منه وهو راكعٌ خانع.
- السيناريو الثاني (السيناريو السوداني): تعيين مجلس حكم
انتقالي مختلط بين المدنيين والعسكريين تكون فيه الغلبة واليد العليا والكلمة
الأخيرة لفلول العسكر الذي يمارس قهر ما قبل الثوْرة ويقاوم بشدّة مطالب الشعب العادلة
لتستمر نفس المعاناة أطول فترة ممكنة حتى يتمكّن العسكريون من ترتيب أوراقهم
واستعادة زمام الأمور من جديد ليظلّوا جاثمين على مراوح قلب أم الشعب عقوداً
طويلة.
- السيناريو الثالث (النموذج السوري والليبي واليمني): تصاعد
الصراع على السلطة وتكريس الانقسام بين طوائف وجماعات الشعب المختلفة حتى تصل
البلاد لمرحلة الحرب الأهليّة بين عدّة كيانات أو قوى متناحرة تسعى كلٌ منها
للوصول لكرسي الحُكم وإبادة الآخرين .. حتى يستمر نفس النظام على رأس السلطة (مثل
"سوريا") أو يعود أقطابه وموالوه مرةً أخرى (مثل "ليبيا") أو
تأتي وجوهٌ أخري تختلف في الشكل والمظهر عن النظام السابق ولكنها تتطابق معه في الجوْهر
والعقليّة والغباوة (مثل "اليمن").
- السيناريو الرابع(النموذج التونسي): وفيه يعصر الشعب على نفسه أطنان الليمون المر ليعيد انتخاب أقل المرشحين جنوناً وهطلاً كالرئيس الحالي اللاصق على كرسي السلطة بغراء التمساح الانجليزي الأصلي (وهو في حالتنا هذه: جثة السيّد الرئيس الشهيد الحي "عب عزيز بو تفليقة" أطال الله في عمر أجهزة إنعاشه يا رب حتى يكمل فترة ولايته الخامسة علشان يقفّل الربع قرن على كرسي الحكم المتحرك) أو كأحد المرشّحين الآخرين الذين لا يقلّون فشلاً وشللاً ولا يزيدون نجاحاً وعُمراً عن "عب عزيز" فيستمر ذلك المرشّح الجديد في منصبه الرئاسي سنيناً وعقوداً طويلة يتخلّلها الفشل والسقوط حتى يصل لمرحلة "بامبرز كبار السن" أو حتى يحصد "عزرائيل" روح شعبه قبل أن يحصد روح أمه.