صورة واحد متفرج تليفزيوني (2)
فقاطعه "مشهور" وقد احمرَّت
أُذُناه في الوقت الذي كان "فيْصل" يُراقِبهما وهو مغتبطٌ مُنتظِراً
اللحظة المُناسِبة التي تهدأ فيها وتيرة المُشاجَرة ليتدخَّل لإذكاء نار الاحتقان
من جديد:
-
إخرس .. خَسِئت ..
ثكلتك أُمّك وأُم اللي جابوا أُمّك يا راجل يا ابن الـ.....
واستمر البرنامج على نفس المِنوال: كَرٌّ
وفَر – هجومٌ ودفاع – مُشاحناتٌ ومُشاجرات، لم يتخلَّلها سوى بعض الفواصل
الإعلانيّة القصيرة كان الضيْفان يستغِلّانها في احتساء المزيد من المشروب الرسمي
للبرنامج: "حُمُّص الشام المُحلّى بكثيرٍ من التوابل والشَطّة" حتى
يتفاعلا ويتحمَّسا أكثر في هذا اللقاء الدامي .. بصراحة كده زهقت ودماغي صدَّعِت
ولقيت إن صلاة الجُمعة فاضِل لها ساعة فحوِّلت على قناة "الفُسيْفساء"
الدينيّة.
لقيتهم مشغَّلين برنامج "صحيح
الدين" الذي يُقدّمه الأخ المُلتحي "أحمق عبد الظاهر" مع ضيْف البرنامج
الدائم الداعية الإسلامي "بسيط الفرعي"، وقد دار بينهما هذا الحديث:
-
"بسيط الفرعي":
.... وهوَّ ده كان حُكم الدين الصحيح فيمَن لا يحرصون على دخول الخلاء – اللي هوَّ
الحمّام يعني – بالقدم اليُسرى والخروج بالقدم اليُمنى .. أظن كل شيء بقى واضح
الآن بعد ما قعدنا ساعة إلّا رُبع نشرح للناس تفاصيل الموْضوع من كُل جوانبُه.
-
"أحمق عبد
الظاهر": الله ينوَّر عليك يا سيدنا .. بصراحة كفّيْتَ ووفّيْتَ وهديْت ..
بيَّض الله وجهك .. طب جاءت لنا عِدّة أسئلة من مُشاهِدي البرنامج يستحلفوننا
بالله أن نُجيبهم عليها ونفتيهم فيها: هل حديث الذُبابة صحيحٌ أم حَسَنٌ أم
موْضوعٌ أم ضعيف؟ .. ما العقاب الدنيوي والآخروي للذي لا يُسارِع بتصحيح وَضْع
الحذاء أو الشِبشِب المقلوب؟ .. وما حُكم الدين في استخدام شطّافة الحمّام –
أعزَّكم الله – في نهار رمضان وما أثر ذلك في إبطال الصيام؟ .. وهل إرضاع الكبير
ونكاح الوداع حلالٌ أم حرام؟ .. سيُجيب شيْخنا الجليل على كل هذه الأسئلة وأكثر
ولكن بعد الفاصل .. وأُذكِّركم أحبّائي في الله بأن هذا البرنامج برعاية
"بخور الطاعة" الأصلي .. "بخور الطاعة" يولّع بلا ولّاعة
.. يُطرد الشياطين والجِن ويخلّي جوزِك
يحِن .. تابعونا.
اتوضّيت ولبست هدومي وقُلت اشوف العَركة اللي
ف "الجزيرة" رسِت على أيه، لقيت الاستوديو مولَّع والكراسي مقلوبة
والكوبّايات مكسَّرة ع الأرض و"فيْصل القاسم" جاكِتّته مقلوعة وقميصه
متقطّع وبنطلونه واقِع وهوَّ واقِف ف النُص بيحوش ويخلّص بين الضيْفيْن رافعاً
يديْه وهو يقول:
-
سيّدي سيّدي سيّدي
.. وقت البرنامج انتهى .. إذا بتريدوا مُمكِن نجيب لكم كراسي وأكواب جديدة ..
وفيكم تستخدموا الأحذية أو الأحزمة .. لكن أرجوكم ما فيه داعي للبصق والتَف.
قفلت التليفزيون وقُلت الحق الصلاة .. بلا خوْتة.
الجمعة ظهراً:
وانا راجع م الصلاة عدّيت على محمصة عم
"جورج كاجو" وجِبت لي منه تشكيلة تسالي ومقرمشات لزوم القعدة، وفتحت
التليفزيون ومسكت ريموت الريسيفر وجِبت قناة "فرافيت" للطبخ، لقيت الشيف
بيملّي سِت البيت مقادير وطريقة عمل أرجُل الضفادع المقليّة مع شوربة السلاحف
الشهيّة بعيون سمك التونة .. إيه القرف ده .. حوِّلت فوْراً.
فوجئِتُ بقناة للأغاني اسمها "مُجون
ميوزيك"، الله الله الله .. إيه ده بقى ده بقى ده؟!، أيه كلام الأُغنية
الهابط ده؟!!، وإيه الموسيقى اللي تجيب العصبي دي؟!!!، وإيه صوت المُغنّي النشاز ده؟!!!!،
وإيه التصوير اللي يجيب الحَوَل ده؟!!!!!، وإيه البنات العريانة دي كلّها؟!!!!!!، وليه
الراجل المصوَّراتي بيصوَّرهم قُريّب قوي ومن تحت كده ليه؟!!!!!!!، هوَّ بيصوَّرهم
ولّا بيعمِل لهم سونار؟!!!!!!!!، استغفر الله العظيم ده انا لِسّه طالع م الصلاة،
حوِّلت فوْراً .. اسفوخس عليهم عالم ولاد مُتَّسِخة.
طبعاً لقيت كل قنوات الموسيقى والأغاني
والرقص الشرقي ورا بعض، كل دي قنوات نجسة، ربّنا يكون ف عون شباب الأيّام دي.
اضطرّيت أجرّي كل القنوات دي لغاية ما جِبت
قناة "كعبلون" الوثائقيّة، للأسف ما لحقتش غير آخر حِتّة في الفيلم
التسجيلي الذي يدور حوْل "دورة التشعُّب التكيّفي للسلطعون الرُخامي أُحادي
السُلالة في العصر الطباشيري"، وجا بعد كده فيلم وثائقي عن "تاريخ حُكم
فايكينج الفالهالا في أساطير الميثولوجيا الاسكندنافيّة إبّان الحضارة النورديّة
القديمة"، طبعاً ما فهمتش حاجة فدوست على القناة اللي بعدها وانا فاتح بُقّي
زي الاهبل.
أيوه بقى، أخيراً قناة مُحترَمة ومفهومة،
أقصُد قناة "جومانا سينما" التي كانت بتعرض الفيلم العربي القديم
"لو كُنت حبّيتني زَيْ ما حبّيتك ما كُنّاش افترقنا بالطريقة دي .. إخص عليك
يا وِحِش"، يا دوبك ما كمِّلتِش فُرجة ع الفيلم دقيقتين تلاتة إلّا وجاءت
لافتة: "سنعود"، وهاتك يا إعلانات عن مساحيق تجميل ومقاومة حشرات
ومنشِّطات جنسيّة وجهاز العروسة وشيوخ الرُقية الشرعيّة وتبرُّعات لكفالة يتامى
وسُقيا الماء ومستشفيات السرطان وغيره وغيره، بعد ساعة ورُبع زهقت وجِبت القناة
اللي بعدها لقيتها "فرافيت 2" وكان فيها راجل فخيم بيطبخ خروف أوزي محشي
فراخ محشيّة حمام محشي فريك بالزبيب والمكسَّرات، بصراحة ريقي جِري ورُحت المطبخ
سخَّنت العِجّة بالفول البايتة من امبارح ورجعت أكمِّل فُرجة على الأوزي.
الجُمعة عصراً:
نقلت على قناة "دَبِل كيك"
الرياضيّة لقيتهم ناصبين ستوديو تحليلي م الساعة تلاتة للمباراة الهامّة التي
تُقام الثامنة مساءً بين فريقيْ "الأهلي" و"مُنتَخَب مصانع العجوة
والمعسِّل بكفر الدوّار" في الدوْري العام، على أن يكون الاستوديو التحليلي
قبل المباراة لمُناقشة تشكيلة الفريقين والخطّة المتوَقّعة التي سيلعب بها كل فريق
مع عِدّة فواصلٍ إعلانيّةٍ تتخلّل الرغي قبل المباراة، أمّا الاستوديو التحليلي
بعد المباراة فسيستمر حتى الرابعة فجراً لاستعراض أهم لقطات المباراة والأهداف
والفُرَص الضائعة مع تحليل موْضوعي دقيق لأداء اللاعبين والمُدرِّبين والحُكّام
والجماهير وعاملي البوفيه باستاد "القاهرة" الدوْلي وما تيسَّر من المُداخلات
التليفونيّة مع كل مَن هب ودب مع عِدّة فواصلٍ إعلانيّةٍ تتخلّل اللّت والعجن بعد
المُباراة.
ما رضيتش اضيّع الوقت ف كلام فارغ وجِبت
القناة اللي بعدها، كانت قناة "براعم العاهات" للأطفال اللي كانت جايبة
برنامج "حواديت ماما لواحِظ"، كانت بتقدِّم حدّوتة جديدة عن الطِفلة
"ماهيطاز" اللي ما سمعِتش كلام مامتها وما شربِتش اللبن البودرة الصُبح
فطلعلها العفريت أبو هَنش مسلوخة وأكَل وِدانها اللي ما بتسمعش بيهم الكلام،
بصراحة جِسمي قشعر وما كمِّلتِش الحدّوتة للآخر ونقلت على قناة "مَـــــــــــط
مسلسلات"، ولأني ما ليش ف التمثيليّات قعدت أفِر ف القنوات لغاية ما جِبت
قناة "شيت لأفلام الرُعب" واتفرّجت شويّة على مشاهد من فيلم "شَنْق
المذبوحين" "Hanging the
slaughtered"، بَس ما
فهمتش إزّاي المذبوحين ح يتشنقوا؟! يعني ح يتشنقوا منين؟!!، اللي بعدُه.
وفي قناة "حلاوة زمان" وجدتُهم يقومون بإعادة بعض برامج زمان بالأبيض والأسود مثل: عالم الحيوان وجوْلة الكاميرا ومُسلسل "البرادعي" ومسرحيّة "إلّا خمسة" التي لم تُذَع غير 18943 مرّة فقط.