صورة واحد سايس سيّارات (3)
7. كُن مُبتكِراً .. استخدم مع الزبون عباراتٍ أُخرى غير: "حمد الله ع
السلامة يا بيه" و"مع ألف سلامة يا هانم" و"كل سنة وانت
طيّب" و"ربنا يسلِّم طريقك" و"ارفع إزاز الشبّاك يا
باشا" و"صباح الجمال يا أبلة" .. وأبدِع جُملاً جديدة مثل:
"هاف أ نايس داي" و"ميري كريسماس" و"هابي فيست"
و"طريقك عِنّاب".
8. إذا اتَّبع الزبون تعليماتك أثناء الركن واصطدم بالسيّارة التي أمامه أو خلفه
يجب أن تنُط ف كِرشه وتُفهِمه أنه هو السبب لأنه غشيمٌ في القيادة.
9. إذا تسبَّبت أنت نفسك في تجريح أو تطبيق العربة أثناء إدخالها أو إخراجها
فحاول أن تكون بِجِحاً وواثقاً من نفسك أمام الزبون وتنكر أي صلةٍ لك بأي تلفيّاتٍ
بالسيّارة وتُقنعه أنك استلمتها وهي على هذه الحالة.
10.
عليك بالإلحاح على الزبون أن يدفع مبلغاً من المال فوْر وصوله مُباشرةً ولا
تنتظر لتُطالبه بذلك المبلغ عندما يُغادِر لتضمن حقّك أوّلاً .. ويُمكِنك أن
تتحجَّج بأن ورديّتك خلصت ولازم تسلِّم الإيراد حالاً .. وإذا فوجئ بك بعد ساعةٍ
أو اثنتيْن وأنت على رأس العمل تعلَّل بأن الشخص اللي المفروض يستلم منك ما جاش.
11.
أذا أردتَ أن تكسِبَ أموالاً إضافيّةً فيُمكِنك أن تريّح أطاراً أو اثنيْن
بسيّارة الزبون (يعني تفسّي له عجلة أو عجلتين) .. وقبل أن يُغادر الموْقَف نبِّهه
لذلك واعرض عليه أن تستبدل له الإطار الفارغ بالاستبن أو تؤجِّر له منفاخاً
(موْجودٌ بالموْقَف أصلاً) نظير مبلغٍ إضافيٍ آخر.
12. احتفِظ دائماً في جيْبك بنقودٍ فَكّةٍ صغيرةٍ لتُبطِل حُجّة الزبون عندما
يعتذر لك بعدم إعطائك حق وقفته بسيارته لأن ما معاهوش فكّة.
13.
اصغَ جيّداً لكل ما يدور بالشارع فربما أراد الزبون الإيحة أن يخرُج بسيّارته
بسُرعة دون أن تلحق به وتأخذ حقّاتك .. وهذا يستلزم بالطبع أن تُداوِم على مُمارسة
الرياضة باستمرار لتكون في حالةٍ من اللياقة البدنيّة الجيّدة التي تُمكِنك من
اللحاق بأي سيّارةٍ قبل أن تُغادِر الشارع .. وإذا كنت تُعاني من مرضٍ أو عائقٍ
يمنعك من الجري وراء الزبون فيجب أن تكون معك صُفّارةٌ ذات تردُّدٍ عالٍ بحيث تِسْوِر
الزبون – وهو يبدأ بالهرب – بصفيرٍ مُزعِج لتُعرِّفه أنك تراه وأن كل الناس قد
انتبهوا إليه – بسبب تلك الصُفّارة التي تُشبِه صُفّارة الشُرطي زمان – فيضطر لأن
ينتظرك حتى تذهب إليه على مهلك قبل أن تحرجه أو تفضحه أمام الناس.
14. عليك بعمل حركاتٍ تجمع بين الهمبكة والأونطة كأن توقِف سيْر المارّة بالشارع
حتى يخرج الزبون بسيّارته أو توسَّع له الطريق بأن تقف بجسمك في وجه مرور
السيّارات بالشارع مُعرِّضاً نفسك للخطر من أجل أن تُفسِح للزبون وتعطيه مجالاً
وأسبقيّةً للمرور في أريحيّةٍ ويُسر .. وصدِّقني سوف يُقدِّر الزبون ذلك ويُعطيك
مبلغاً أكبر خصوصاً لو أرفقت ذلك بأن تقول بصوْتٍ عالٍ يسمعه الجميع ويتفشخر به
الزبون: "مع السلامة يا باشا مصر .. شرًّفتنا يا عظمتك".
15. ادَّخِر في جيْبك دائماً مسماراً 10 سنتي ذو سِنٍّ حادٍّ لاستعماله في تجريح
وحك السيّارة (دون أن يشعر أحد) التي لا يدفع صاحبها أُجرة الرَكْن بالكامل أو
يُحاوِل أن يُبمبِك (فعل مضارع من بَمْبَكَ يُبَمْبِكُ بَمْبَكةً مُمَبِكاً بمعني يُجادِل
ليتفادى الدَفْع أو يُفاصِل في قيمته) ليكون ذلك المُمَبِك عبرةً لغيْره من
المُمَبِكين الحُقراء السَفَلة .. وإذا شعرتَ بأن تجريحك وخدشك لدهان السيّارة
بمسمارك سوْف يُصدِر صوْتاً يكشفك فمنعاً للدخول في مُهاتَراتٍ يُمكِنك أن تستخدم
نفس ذات المسمار في غرسِه أو دَبِّه بهدوءٍ تام في أي إطارٍ قريبٍ منك بالسيّارة ..
وطبعاً انت عارف فَردة الكاوتش بقى تمنها كام اليومين دول.
16.
إذا استصغرتَ المبلغ الذي يتركه لك الزبون وهو ينصرف بسيّارته عليك أن تقترب
من السائق وتهمس في أُذُنه قائلاً في تهديدٍ واضح: "يا باشا المبلغ ده ما
ياخدوش عيّل صُغيَّر .. احنا عايزين نمشّيها بالحُب بدل ما نرجع للشقاوة بتاعة
زمان .. وكُلّك نظر بقى" .. ويُستحسن أن تستهل تلك العبارة التحذيريّة
التهديديّة بواحدة اسكندراني – صادرةً من الأنف لتدخُل إلى القلب مُباشرةً – لتِبيان
مدى سفالتك وربايتك الواطية .. عندئذٍ سيدفع لك صاحب السيّارة ضِعف ما دفع على
الأقل حتى لا يتعرّض للبهدلة أو المرمطة .. ولاحظ أن تلك الطريقة تأتي بنتائجَ
مُبهرةٍ مع السيّدات اللاتي تخفن بسهولة.
17. إذا دعتك قُدرتُك على ظُلم الناس فلا تتردَّد واظلمهم كيفما تستطيع .. وتذكّر
أننا في بحرٍ أهوجٍ يأكل سمكه الكبير البساريا الوضيعة الضئيلة التافهة .. ولا
تنسى أن لك إخواناً من السُيّاس في كل مكانٍ حوْلك ينتظرون منك إشارةً من إصبعك
حتى يقفوا معك في أي مُشاجرةٍ أو عركةٍ وينصروك ظالماً أو ظالماً .. ما ينفعش
أبداً تكون مظلوم.
18. يُمكِنك استغلال السيّارة التي تبات في مُحيط منطقتك في مشاويرك الخاصّة إو
الغراميّة في حالة لو ترك صاحبها مفاتيحها معك على سبيل الأمانة .. وهذا حقٌ تكفله
لك تقاليد تلك المهنة السامية.
ما إن أنهيْتُ
مُحاضَرتي حتى وقف جميع الحاضرون تقديراً وتبجيلاً لشخصي المُتواضع مع فاصلٍ من
التصفيق الحار .. الحمد لله الواحد مِنّنا بيؤدّي رسالته وأهو كل جيل بيسلِّم
الفوطة للجيل اللي وراه وربّنا يحسِن خواتيمنا.
الأحد:
وقَّعتُ بحمد الله عقد
استئجار خرابةٍ مساحتها ثمانية آلاف مترٍ مُربَّعٍ ف منطقة "القصر
العيني" قريبة من مجلس الشعب ورئاسة الوزراء ووزارات الإسكان والصحة والتربية
والتعليم وعَدّة بنوكٍ ومصالحَ حكوميّةٍ ومطاعمَ وفنادقَ ومحلّاتٍ تُجاريّة،
بصراحة الخرابة كانت لُقطة، أجَّرتها بـ 350 ألف جنيه ف الشهر بَس، ومن
المُتوَقَّع إنها تجيب – بعد مصاريف العُمّال وبتوع الحَيْ والشُرطة – حوالي 100
ألف جنيه صافي كل شهر.
أرسلتُ في طلب لودر
وكام عربيّة لوري لتنظيف الخرابة من القمامة والردم والخُردة وباقي المُخلَّفات وأوْصيْتُ
العُمّال بنقلها أثناء الليل علشان تترمي بمُحاذاة أي طريقٍ جانبيٍ من المحوَر ولّا
الدائري .. ربّنا يوفَّق.
الخميس:
أرض الخرابة بقِت زي الفُل بعد إخلائها وتسويتها بوابور زلط، وأصبحت مَوْقَفاً جاهزاً تماماً لاستقبال رَكْن السيّارات بعد أن وضعنا لافتةً كبيرةً (حروفها ضخمة حتى أستطيع أن أراها وأُملّي عيني بالنظر إليها خصوصاً بعد أن أُصِبتُ بالمياه الزرقاء في كِلتا عيْنيَّ وأصبح نظري ضعيفاً) باسم الموْقَف: "باركينج رمي الجمرات"، سمّيْتُه بهذا الاسم تيمُّناً بمناسِك الحج .. ربّنا ينوِّلنا زيارة بيته ويغفر لنا خطايانا ويُجيرنا من هوْل يوْم المَوْقَف العظيم إن شاء الله.