لماذا اقتحمت "إسرائيل" قائمة مصدري التمور في العالم؟
من المعروف أن
"مصر" هي أكبر دوْلة في تصدير التمور في العالم بإنتاج يفوق المليون طن
سنويّاً .. ثم تأتي بعدها عدّة دول عربيّة وإسلاميّة أخرى .. ولكن للأسف فإن تصدير
هذا الإنتاج الغزير يقع الآن تحت التهديد الإسرائيلي .. فنسبة التمور المصريّة
الفاخرة المطلوبة للتصدير لا تتعدّى أكثر من 5 % فقط من هذا الإنتاج .. أمّا الـ 95
% المتبقيّة فإن نسبة جوْدتها تتراوح بين المتوسطة والرديئة .. حتى وصلنا للدرجة
التي جعلت المستهلك المصري نفسه داخل "مصر" يبحث عن التمور الآتية من "إيران"
و"السعوديّة" لأن جوْدتها أعلى رغم ارتفاع ثمنها قليلاً (فما الفائدة من
شراء تمر بسعر أقل وأنت لن تأكل سوى نصفه أو ثلاثة أرباعه فقط وترمي بالباقي لسوء
حالته أو لقذارته أو لاحتوائه على حشرات) .. ولأن عمليّة فرز وتنظيف وتعبئة التمور
ما زالت تتم بصورة يدويّة متأخّرة وغير عصريّة فلم تجرؤ "مصر" على تصدير
معظم إنتاجها إلّا للدول النامية الفقيرة بأسعار بخسة كـ "موريتانيا" و"المغرب"
و"تونس" و"ليبيا" وبعض الدول الأفريقيّة الأخرى.
أمّا "إسرائيل"
فقد عكفت على عمل الأبحاث الزراعيّة العلميّة الحديثة (لزراعة سلالات جديدة من
النخيل عالي الإنتاج من حيث الكم والكيْف) وانهمكت في تطوير عمليّة تصنيع التمور
بالطرق الآليّة والإلكترونيّة (لتوفير العمالة وخفض التكاليف وتسريع خطوط الإنتاج
وزيادة كميّة المُنتَج ذو الجوْدة العالية) واستحوذت على شراء إنتاج التمور الأخرى
من الدول المجاورة كـ"فلسطين" و"الأردن" و"جنوب
السودان" (وقريباً "السودان" و"السعوديّة") لإدخالها ضمن
منظومتها لتصنيع التمور الفاخرة ثم تصديرها – باسم "إسرائيل" – إلى
البلاد المتقدّمة الغنيّة في "أوروبا" و"أمريكا"
و"آسيا" أيْضاً بأسعار باهظة تمثّل أضعاف أضعاف إنتاجنا المتواضع .. أي
أن "إسرائيل" تُحْسِن استخدام مواردها القليلة من أرضٍ عربيّة تحتلّها
وتستغل إنتاج بلاد عربيّة أخرى وتستعمل عمالة عربيّة (فلسطينيّين) لتحصد من وراء
ذلك في النهاية على ملايير الدولارات .. في حين أننا (كمصريّين) لم نقم حتى الآن
بالعمل على الاستغلال الأمثل لما حبانا به الله من ملايين النخل المزروع كما هو
الحال مع الثروات الطبيعيّة الأخرى (كالرمال البيضاء والغاز الطبيعي والأسماك
وباقي المنتجات الزراعيّة وغيرها).
أرجو أن توجّه مؤسّسات الدوْلة نظرها ومجهودها وبعضاً من أموالها في تدارك هذا الأمر لصالح المواطن والوطن .. والله من وراء القصد.