هل العدالة في مصر عمياء أم عوراء؟ | العدالة الانتقائية في مسألة الحجاب
من المفترض في دولةٍ
مؤسّسيّةٍ ذات أنظمةٍ عريقةٍ مثل "مصر" (وهي مثالٌ أعلى في مفهوم دولة
القانون التي ضربت بجذورها في أعماق التاريخ منذ آلاف السنين) أن تكون العدالة
فيها عمياء: أي أن القانون يتم تطبيقه على جميع أفراد المجتمع بطريقةٍ نزيهة
وموْضوعيّة ومتساوية دون "النظر" إلى جنسهم أو دينهم أو أصلهم أو
مكانتهم .. أمّا في أشباه الدول وأنصاف الأنظمة فستجد أن العدالةَ بها هي عدالةٌ انتقائيّةٌ
عوْراء بعينٍ واحدة: أي أن القانون فيها يعاني من ازدواجية المعايير وعدم
الإنصاف في تطبيقه على الجميع سواسية فينظر بعينٍ واحدة لمَن يخطئ ليحاسبه بما
يستحق ويتعامى بالعين الأخرى عن رؤية مخطئين آخرين فلا يراهم بل يتركهم يعيثون في
المجتمع فساداً بأخطائهم وخطاياهم دون رادع.
في مارس 2016 تم الحكم على "تيمور
السبكي" أدمن صفحة "يوميات زوج مطحون" بـ 3 سنوات سجن لاتهامه بنشر
أخبار كاذبة والإضرار بالمصلحة العامة للبلاد وتكدير الأمن والسِلم العام وسب وقذف
سيدات مصر .. وذلك لأنه أثناء ظهوره - ذات مرّة - ببرنامج "ممكن"
التليفزيوني صرّح بأن 45% من النساء اللاتي يسافر أزواجهن للخارج من الممكن (وليس من
المؤكّد) أن ينحرفن .. يعني ممكن يمشين في الحرام أو حتى يكلمن رجال غرباء عنهن في
التليفون أو عبر أي وسيلة تواصل.
ومنذ 2015 يهِل علينا - لعشرات المرّات – المدعو "شريف الشوباشي" ليؤكّد علناً في برامجٍ تليفزيونيّةٍ عديدة بأن 99% (وأحياناً يقول 89 أو 90%) من عاهرات مصر محجبات وأن الحجاب ليس عنواناً للشرف والعفّة (ربما كان المايوه البكيني أو الميني جيب هما عنوان الشرف والفضيلة من وجهة نظره!!) .. وفي كل مرّة يمر الأمر مرور الكرام .. وكأن لنساء مصر رجالٌ يدافعون عنهن ضد تصريحات "السبكي" فقط أمّا محجبات مصر فلا يجدن من الرجال (الأزواج والإخوة والآباء والأبناء) مَن يدافع عنهن .. وحسبي الله ونِعمَ الوكيل.