صورة واحد دجال (3)
الجُمعة:
تردَّد صدى الحلقة
الخامسة في جميع وسائل الإعلام، ووصلتني برقيات التأييد من ألوف مُحبّيني
ومُريديني في أنحاء الوطن العربي الكبير.
السبت:
برقيات التأييد
تتزايد، ورسائلُ كثيرةٌ وصلتني على الإنبوكس تترجّاني ألّا أحزن ممّا حدث معي في
برنامج "واهِم من الناس" وتُناشِدني أن أستمر في طريقي دون الالتفات إلى
تفاهات مثل هذا الطبيب الفاشل المُغرِض الموْتور من نجاحي.
الأربعاء:
البرقيات والرسائل
أصبحت بالملايين، كما وصلتني العشرات من الدعوات لعمل مؤتمراتٍ وندواتٍ ولقاءاتٍ
تلفزيونيّةٍ وحواراتٍ صحفيّةٍ ومُداخلاتٍ تليفونيّة، رفضتُها جميعاً بحُجّة
اعتكافي للعبادة والتأمُّل لأن مدير أعمالي نصحني بعدم الظهور في الفترة القادمة
من أجل تعطيش السوق لإطلالتي البهيّة حتى موْعد أفتتاح قناتي الفضائيّة الخاصّة
والتي ستُحدِث ضجّةً هائلة.
السبت:
بعد أسبوعٍ واحدٍ
فقط سأفتتح قناة "مُسيْلمة البُهتاني" الفضائيّة التي سأظهر فيها أربع
عشرة ساعةً يوْميّاً وأملأ العشر ساعاتٍ الأُخرى بإعلاناتي الطويلة القديمة
والجديدة، ومن أجل ركوب التريند كأفضل دعايةٍ للقناة أعلنتُ مُسبقاً عن أنني سأبدأ
أولى حلقاتي بإخراج جِنٍّ على الهواء مُباشرةً من جسد شخصٍ ملبوسٍ طفّي عُقب
سيجارته ف عين الكبانيه.
صدق حدسي وانهالت
على القناة عروضٌ مغريةٌ للغاية من أجل الرعاية والدعاية والإعلان.
الإثنيْن:
وصلني من البنك خطاب
كشف حسابي يُبلغني فيه أن رصيدي تعدَّى المليار جنيه بخلاف حسابي بالدولار الذي لم
يزل في حدود المائتيْ ألفٍ فقط .. الحمد لله .. صحيح .. لكل مجتهدٍ نصيب .. نويْت
بناء مسجدٍ آخر باسمي وأعلنتُ عن فتح باب التبرُّع لبنائه.
الجُمعة:
بدأتُ أولى حلقات
برنامجي اليوْمي على قناة "مُسيْلمة" في حوالي الثانية ظُهراً – بعد
صلاة الجُمعة التي نُقِلت على الهواء مُباشرّةً من مسجدي الأوّل – وانتهت الحلقة
في حوالي الرابعة فجراً – بعد صلاة الفجر التي بُثَّتْ وقائعها من أمام حجر أساس
مسجدي الثاني – وأنا في غاية التعب، فقد ظللتُ طيلة أربع عشرة ساعةً متواصلةً
(تخلَّلتها عشر ساعاتٍ للإعلانات) وأنا أُحاول إخراج جِنٍّ اسمه "ردّاخ
سيفونائيل" من جسد شابٍّ اسمه "يحيى مارلبورو"، فعندما كان الشاب
يشرب سيجارةً ف السِر من ورا أبوه ف الحمّام سمع صوْت طرقاتٍ متلاحقةٍ على باب
الحمّام فارتعب وسارع برمي السيجارة وهي مُشتَعِلةٌ في مكان صرف كرسي الحمّام (ف
عين الكبانيه) فلسعت السيجارة قفا الجِنّي الذي كان يسكُن الكبانيه وقتذاك، وقبل
أن يشد الشاب السيفون هرع الجِنّي بالدخول في أعماق جسده ولبسه على الفوْر
انتقاماً لحرقه رغم أنه دهن كريم "ميبوئيل" العفاريتي دون جدوى، واستمر
الشاب يُعاني طوال عشر سنواتٍ من قرينه الذي لبسه ونغَّص عليه حياته.
ولكي أسبُك هذه
الحكاية التي ألَّفتها قُمتُ باستئجار اثنيْن من الكومبارس من مكتب الريجي أي
الريجيسير "سلامة كاستينج"، ولمّا كان الاثنان سيظهران بصوْتهما فقط عن
طريق مُداخلةٍ تليفونيّةٍ فقد اخترتُ الأوَّل ذو الصوْت الناعم لدور الشاب
"يحيى مارلبورو" والثاني ذو الصوْت الخشن المُحشرَج لأداء دور
"ردّاخ سيفونائيل".
ودار الجزء الأوّل للحلقة عن حوارٍ بيني وبين الاثنيْن حوْل رواية كلٍّ منهما لما حدث وشعور كلٍ منهما تجاه الآخر والمشاكل التي تُقابِلهما، وخصَّصتُ الجزء الثاني من الحلقة لعمليّة إخراج "سيفونائيل" من جسد "مارلبورو"، وكانت تلك العمليّة في منتهى الصعوبة حيث رفض الجِنّي الخروج أوَّل الأمر إلّا أنني بعد شدٍّ وجذبٍ بيني وبينه وبعد فاصلٍ طويلٍ من الإصرار والحزق من ناحيتي والعناد والعويل من ناحيته أجبرتُه على الخروج بعد أن اضطُر لترديد الشهادتيْن وهو صاغرٌ لتنتهي تلك القِصّة ذات العِبر والعِظات نهايةً سعيدةً للجميع .. كانت حلقة حلوة قوي ونميسة جِدّاً.