المجلس البلدي (البلديّة سابقاً والحي حالياً)
لا تنكروا ما رأيتم من ضنى جسدي
ولا فؤادي الذي أمسكتُه بيدي
بمحنتي لم يُصَب في الناسِ من أحدِ
قد أوقع القلبَ في الأشجانِ والكَمدِ
هوى حبيبٍ يُسَمى المجلسُ البلدي
*********
كم حلَّ واللهِ هوْلٌ ساحِقٌ وثوى
فما فزعتُ وكم ذئبُ الشَتاتِ عوى
فما أرقتُ وزادتني الخطوبُ قوى
ما شَرد النوم عن جفني القريح سوى
طيف الخيال-خيال المجلس البلدي
*********
أحببتُه وفؤادي لا أحوّلُه
عن حُبّهِ وكفاني ما أُأَمِّلُه
من وصلِه وما تدري عوازلُه
إذا الرغيفُ أتى فالنصفُ آكله
والنصفُ أجعلُه للمجلس البلدي
*********
فقدتُ مِن أجلِه داري وَرَبَّـتـَها
كذاك معشوقتي الأخرى وجيرتها
لكن مواثيقه أحكمتُ عُرْوَتها
كأنَّ أمي بلَّ الله تربتَها
أوصت وقالت: "أخوكَ المجلسُ
البلدي"
*********
إنْ جاءَ مهّدتُ خَدي موطِئًا نَضِرا
أو راحَ أرسلتُ قلبي يقتفي الأثرا
لم ألقَ عن هجرِه ما عشتُ مصطبرا
أقولُ حتى لو أني في الطريق أرى
قِرشيْن: "ذا لي وذا للمجلسِ
البلدي"
*********
هذي المدينةُ قد أحصى برَابــِخـَها
ويعلم الشاةَ إنْ مُدَّت وسالخَها
فكيف ينكرُ ناراً كان نافخَها
ولم أذُق طعمَ قِدْر ٍ كنت طابخَها
إلا إذا ذاقَ قبلي المجلسُ البلدي
*********
أحببت من لم أُرِد عن حبِّه بَدَلاً
قال الوشاةُ نراهُ عن هواكَ سلا
وأنت ما زلتَ تهواهُ فقلت بَلي
وما كسوْتُ عيالي في الشتاءِ ولا
في الصيفِ إلا كسوْتُ المجلسَ البلدي
*********
أفاق كلُ صريعٍ في الهوى وصحا
ورحتُ في الحبِ مخموراً مساءَ ضُحى
إنْ غبتُ عن قدحٍ أتبعته قدحا
وإن أقمت صلاتي قلت مفتتحا
اللهُ أكبر: باسم المجلس البلدي
*********
ضَلَّتْ أناسٌ لغيرِ اللهِ قد سجدَتْ
والكلُ قد خَفيَت أسرارُهم وبَدَتْ
و اللهُ يعلمُ ما نفسي وما عَبدَتْ
أستغفرُ اللهَ حتى في الصلاةِ غَدَتْ
عبادتي نصفُها للمجلسِ البلدي
*********
سلوا الرسائلَ عن أهلِ الهوى قِدَما
وكم بَرى الشوقُ في تحبيرها قَلَما
وخبِّروني وكونوا خيرَ مَن حَكما
هل دارت الرسلُ بين العاشقين كما
تدورُ بيني وبينَ المجلسِ البلدي
*********
كم بِت في الليلِ والزمان شِتا
بلا نساءٍ ومثلي للنساءِ فتى
ما قلتُ أُفٍ ولا قلتُ الزواجَ متى
أخشي الزواجَ إذا يومُ الزفافِ أتى
يبغي العروسَ صديقي المجلسُ البلدي
*********
لا أبتغي عن وحدتي بدلا
وإن تزوجتُ وافاني ومَد يدا
لم أنتظر منه عفة ًأبدا
وربما وهبَ الرحمنُ لي ولدا
في بطنها يدّعيه المجلسُ البلدي
*********
إن قلتُ من حيرتي: "مُلكُ الرقابِ
لمَن؟"
أجابني: "الأرضُ مُلكي والسماء
إذاً"
له النفوسُ وقد أحصى لها عدداً
أمشي وأكتمُ أنفاسي مخافةَ أن
يعدُّها عاملٌ في المجلسِ البلدي
*********
قد كنتُ في المالِ والأولادِ أُشركُه
وقد قلاني لسرٍ لستُ أدركُه
فإن رأيْتُ ظلاماً لستُ أسلكُه
وإن جلستُ فجيْبي لستُ أتركُه
خَوفَ اللصوصِ وخوفَ المجلسِ البلدي
*********
هو الذي لم يدعْ في الأرضِ شاردةً
كلا ولا رِطْبةً فيها وجامدةً
إلّا وكانت على التحصيلِ شاهدة ً
يا بائعَ الفجلِ بالمليمِ واحدة ً
كم للعيالِ وكم للمجلسِ البلدي
*********
غاز ٍإذا صارعَ العبسيَ جَندَلَه
ويُبرمُ الأمرَ عَسْفا ًلن يعدِّلَه
وإن رأيتُ علي بابي محصلَه
بكي الصغيرُ يريدُ الخبزَ قلتُ له:
دَعْنا لندفعَ مالَ للمجلسِ البلدي
*********
يَبغي ويطلبُ أثوابي فأنزعُها
والروحَ أيضا ً وما كنتُ لأمنعُها
إذا الخطوبُ أحاطتْ كيفَ أدفعُها
والأرضُ والناسُ والأنعامُ أجمعُها
الكلُ ليست لغيرِ المجلسِ البلدي
*********
لو يأمنُ الناسُ ليلاً ما يؤرِّقُهم
لجاء صُبحا ًبشيرُ السوءِ يطرقُهم
معاونُ الحجزِ بالإنذارِ يرهقُهم
لهُ من الِجنِ أحلافٌ يفرّقُهم
ليُجحِفوا الناسَ باسمِ المجلسِ البلدي
*********
هذا يُقِلُّ المنايا في حقيبتهِ
وذا ينفَّذُها قَسراً بعُدِّتِه
ثلاثة ٌ قد أقاموا تحتَ إمرتِه
من كلِ جـِلفٍ قفاه نصفُ جُثتهِ
كأنه صَدغُ بابِ المجلس البلدي
*********
لو سُمْتـَـني الصخرَ والفولاذَ أمضُغُه
والريحَ أمسكُها والماءَ أَدْمَغُه
علي نكايتها قد زادَ مَبلْغُه
إن الدعاءَ علي الجبّارِ أُبلِغُهُ
يا ربِ! سلِّط عليه المجلسَ البلدي
*********
أعجبُ لعشق ٍله فنٌ وهندسة ٌ
جدرانُ حُبي على قلبي مؤسّسَةٌ
وتلكَ أرقامُها طــُهرٌ مقدسةٌ
عندي قسائمُ أشواقٍ مكدَّسةٌ
وكلُها من حبيبي المجلسِ البلدي
*********
عرفتُ بالسوءِ ماضيه وحاضرَه
كالظلِّ أولُهُ ينتاش آخرَه
وطالَ الهرمَ الأعلي ونافرَهُ
ما بالُ "زيبلين" (اسم منطاد
استخدمه الألمان لحمل القنابل وإلقائها على أعدائهم) أعمي اللهُ ناظرَهُ
يُردي البلادَ ويُعفي المجلسَ البلدي