يا أغلى اسم ف الوجود.. يااااااا "صُبحيّة" (2) | فضائح مصر المهروسة لابن النكدي
وانصرف
"أوريكا" مسرعاً في حين أكملت زوجته وولديْهما إفطارهم ثم توجّه الولدان
لمدرستهما وانكبّت الزوْجة على أداء واجباتها المنزليّة بما فيها إعداد طعام
الغداء وأثناء ذلك كانت تشاهد التلفاز من وقتٍ لآخر أو تتابعه بأذنيْها وهي في
المطبخ وقد علا صوته في الصالة أثناء برنامج "الفن وسنينه" الذي كان
يقدّم نقداً موضوعياً لفيلم"جاتك موتة تاخد أجلك" الحائز على جائزة
البلحة الذهبية من مهرجان "بولاق الدكرور" الدولي، وكان الفيلم من بطولة
"قردان السعدان" و"مي البابون" وإنتاج "تيمور
الربّاح" وإخراج "قشة النسناس".
وبعد ساعتيْن أوشكت الدكتورة
"فرتكة" على الانتهاء من عملها اليومي المعتاد ولم يتبقَّ سوى أمورٌ
بسيطة يمكن إنجازها قبيل وصول باقي أسرتها إلى المنزل ؛ فقرّرت أن تكافئ نفسها
بمشاهدة برنامجها المفضّل "أرابز جوط طالنط" الذي فاتتها مشاهدته في بثّه
المباشر أمس فجلست إلى حاسبها الشخصي (الكمبيوتر) وأخذت تتابعه على الشبكة
العنكبوتيّة (النِت) فاستغرقها ذلك وقتاً طويلاً من شدّة بطء الاتصال بالنت حيث
يلزم المواطن المصري أكثر من ربع ساعة لتحميل خمس دقائق فقط من أي مادة فيلميّة
(فيديو) رغم أننا الآن على أعتاب القرن الثاني والعشرين.
وقد تميّز هذا البرنامج
بهويّته العربيّة الأصيلة وهو الوحيد الذي يتجمّع حوله ويتوحّد فيه العرب من مختلف
الجنسيّات ويشاهده جميع المصريين والعرب حيث يشارك فيه مجموعة كبيرة من الموهوبين
العرب مثل "إيفون كرمالك" من أصل لبناني وتعيش في كندا (في مسابقة رقص
الباليه) و"خبّاص لعويناتك" من أصل سوري ومهاجر إلى السويد (في مسابقة
الهيب هوب دانص) و"بوقويق برشا" من أصل تونسي ومقيم في فرنسا (في مسابقة
البريك دانص) والمعجزة المصرية ذات الجنسية الأمريكية "إندومي بسطة" (في
مسابقة رقص الصالصا) وغيرهم من باقي المتجنّسين واللاجئين العرب في مختلف بقاع أرض
الله.
وبعد أن انتهى
البرنامج كانت الأسرة قد تجمّعت من جديد والتفّت حول مائدة الغداء وأمضت يوْمها
كما هو معتادٌ يوْميّاً حتّى جنّ الليْل فدخل الولدان حجرة نوْمهما واستغرقا في
الوسن استعداداً لليوْم التالي، أمّا الوالدان فقد تجاورا على سريرهما يتابعان في
شغفٍ على الشاشة الفضيّة السهرة التليفزيونيّة الشيّقة "البيض بيضك"، وتسمّر
الرجل وزوْجته أمام البرنامج المثير ولاذا بالصمت الرهيب حتّى لا يفوّتان لحظةً من
وقائعه الممتعة التي بدأت بتقديم المذيعة لضيوفها :
- مشاهدينا الكرام :
أهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم الأسبوعي "البيض بيضك".
- .... تصفيق حاد من
السادة المشاهدين الحضور في الاستوديو.
- يشرّفنا بالحضور
الليلة نخبة متميّزة من المفكّرين والساسة ونجوم المجتمع الذين يشكّلون الوعي
القومي ويصنعون الرأي العام لبلدنا العزيز.
- .... تصفيق.
- معنا اليوم :
دكتور "طلسم العقّاد" عميد كليّة الإعلام بجامعة "الشلشلمون"
الخاصّة والمتخصّص في أصول الكلام.
- .... تصفيق.
- الفنّان التشكيلي
التكعيبي التجريدي "كانسون فابريانو كروكي"
- .... تصفيق.
- وأخيراً الدكتور
"مهاود المداهن" أستاذ الطبلة وعلم الإيقاع بمعهد الموسيقى العربيّة.
- .... تصفيق.
- طبعاً زي ما
اتعوّدنا في برنامجكم إن الخبرة والتخصّص همّ اللي بيتكلّموا.. كلٌ في مجاله.. يعني
ضيفنا الأوّل ح يكلّمنا في مجال دراسته اللي هوَّ علم الكلام وح يعرّفنا ليه سيادة
الريّس ناوي إنه.......
- .... تصفيق حاد
ثمّ هتاف متكرّر للسيّد الرئيس.
- ليه سيادة الرئيس
"فركوك الحويط" ناوي يغيّر اسم بلدنا الحبيبة من "مصر" إلى
"صبحيّة" ويبقى اسم بلدنا "جمهوريّة صبحيّة العربيّة"؟.. وليه
كل مواطن صبحاوي أصبح متحمّس جداً للفكرة العبقريّة دي؟.. وكمان ح يشرح لنا ضيفنا الثاني
معنى ومدلول ألوان علمنا الجديد إن شاء الله.. وإيه هوَّ الرمز اللي بيكمن وراء كل
شكل ولون في العلم؟.. وأخيراً ح يكلّمنا ضيفنا التالت عن حقيقة الخلاف اللي نشأ في
لجنة تغيير هويّة البلاد بخصوص اختيار السلام الجمهوري الجديد واللي بيعبّر عن
انتمائنا الحقيقي لوطننا العزيز.. طبعاً كلّنا عارفين إننا بنعيش أزهى عصور
الديمقراطيّة والحريّة والانفتاح الفكري والانفشاخ التنويري.. وح ييجي واحد من
شباب اليومين دول ويقول : طب ليه سيادة الريّس ما طرحش الموضوع للنقاش الشعبي والحوار
المجتمعي؟.. وليه سيادته اكتفى بلجنة مصغّرة علشان تبت في الموضوع المهم ده؟.. ح
ارد واقول له : يا جاهل يا ابن الجاهلة ما احنا لسّه بنقول إنك مش ح تفهم ف كل
حاجة والمواطن الصبحاوي البسيط العادي مش معقول ح يتكلّم ف اللي ما لهوش فيه.. ينفع
مثلاً تسأل واحد مهندس ف أمر من أمور الطب؟.. أو ينفع مثلاً مثلاً إن واحد محامي
تسأله ف اللغة الصينيّة؟.. طبعاً لأ.. علشان كده لازم ندّي العيش لخبّازه ونتّجه
للمختّصين والعالمين ببواطن الأمور ونسمع كلامهم ف النهاية من غير جدال عقيم ونقاش
غير مجدي.. أنا امبارح كنت باتفرّج على واحد بدقن معاه شويّة شهادات ما لهاش لازمة
من الأزهر وبيقدّم برنامج ديني ومش ح اذكر اسمه لإنه أتفه وأحقر من إني أقول إسمه
على لساني.. بس هوَّ عارف نفسه.. البني آدم ده.. وآسفة إذا كنت باقول عليه بني آدم
لإن الحيوانات بتفهم أكتر منه.. بيقول حضرته إن إسم "مصر" لازم يفضل زي
ما هوَّ لإنه ذُكِر ف القرآن الكريم أربع مرّات.. طب يا جاهل ما هي كلمة
"إسرائيل" ذُكِرت ف المصحف اتنين واربعين مرّة.. تبقى حلوة؟.. طبعاً لأ..
وعندك مثلاً كلمة "فلسطين" اللي فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين ما
اتقالتش ولا مرّة ف القرآن الكريم.. تبقى وحشة؟.. أنا باقول للكائن ده مش من حقّك
لوحدك تفتي ف الدين وتدّعي إنه كهنوت غير قابل للنقاش.. احنا كلّنا مسلمين ويمكن
أكتر منّك.. ومش مستنيّين حد يعلّمنا أصول ديننا الحنيف لإن كل حاجة فيه بالعقل والمنطق
وقابلة للنقاش العلمي.. والاختلاف لا يفسد للود قضيّة.. وانت يا بتاع انت مش ح
تفهم أكتر من أولي الأمر أو أكتر من الريّس العظيم اللي مخّه يوزن بلد بحالها.. ولا
إيه يا جماعة؟
- .... تصفيق منقطع
النظير يتخلّله هتافات حماسيّة لرئيس "صبحيّة".
- مش عايزة.. ها ها..
هههههه.. مش عايزة أطوّل عليكم وح اسيب ضيوفي الأعزّاء يتكلّموا.. وإذا تكلّم العِلم
فعلى الجميع الإنصات والطاعة.. اتفضّل يا دكتور "طلسم".
- مساء الخير عليكم
جميعاً.. أنا باحيّي كل مشاهدي البرنامج العظيم ده ومذيعته اللامعة وجميع العاملين
به.
- الله يخلّيك يا
دكتور.
- أنا مش باجاملكم
يا فندم واللهِ.. البرنامج بتاعكم ده متشاف جامد في كل البيوت وع القهاوي والكافيهات
والغُرز.. كفاية إنه بيحقّق أعلى نسبة مشاهدة ف العالم كلّه بلا مبالغة وده حسب
الإحصائيات الرسمية لوكالة إم. إس. إح للإعلام والميديا.. المهم.. عايز أسأل الناس
الحلوين اللي معايا ف الاستوديو سؤال مهم جداً : مصر هيّ إيه؟