الفصل الثاني | شيء من الخبث (1)
في صبيحة اليوم التالي اجتمع "عتريس" مع كبار ضبّاط الهجّانة حول خوانٍ منخفضٍ كبير (طبليّة) وانهمكوا في ازدراد الفطير مع الجبن والعسل، وبعد أن ملأوا بطونهم تراجعوا للخلف قليلاً وأسندوا ظهورهم على الوسائد وارتكنوا للحائط ، إلى أن وافاهم الخدم بأكواب الشاي فبدأوا يحتسونه ويتباحثون فيما سيفعلونه في الأيّام القادمة لرأب الصدع الذي أصاب القرية ورتق ما تهلهل من الحجاب بيْنهم وبيْن أهل البلد حتّى لا تظهر عوْراتهم جليّة للناظرين بعدما تفنّنوا في إخفائها طويلاً.. عسي أن تظل "فؤادة" في حوْزة "عتريس" أو على أقل تقدير تنتقل لعصمة أحد هؤلاء الضبّاط.
"عتريس":
- شوفوا بقى يا رجّالة.. أنا أوّل حاجة
عايزكم تعملوها إنكم تحسّسوا أهل البلد البقر دول بقيمتي.. عايزهم يترحّموا على
زماني.. ويقولوا ولا يوم من أيّامك يا سي "عتريس".
"طهطاوي":
- بسيطة.. إحنا أوّل حاجة نعملها نخلّي كل
واحد م الغفر يلزم داره ما يفارقهوش نهائي.. ونشوفهم ح يعملوا إيه من غير غفر؟..
صحيح كان الغفر بيدّوهم على قفاهم وبيلمّوا منهم الفِردة والإتاوة.. بس برضك كانوا
مخلّيين الديابة جوّه جحورها ما تستجراش تطلع برّاها.
"إسماعيل":
- وإن كان علىَّ أهو ظابط النقطة من
محاسيبنا.. ح اخلّيه يسيّب شويّة العيال البلطجيّة اللي ف الحجز يطيحوا ف الكفر..
ويقول لهم يعملوا ما بدا لهم والغفر مش ح يتعرّضوا لهم خالص.. والعالم الواطية دي
ما تتوصّاش.. دول ما ح يصدّقوا يدوّروا السرقة والتلطيش والنهب والتهليب ف البُعدا
أهل البلد.
"عليش":
- يستاهلوا.. خلّيهم يقولوا حقنا برقبتنا.
"بدير":
- بس عقبال ما ده يحصل لازم برضك نعيّن غفر
جداد ونشتري لهم بنادق جديدة من "حارة اليهود" اللي ف "كفر
الأماريك" جارنا.. أحسن دول الغفر وقعوا وقعة سودة ولازماً نوقّفهم على
رجليهم من جديد بعد ما أهل البلد كسروا عينهم وخلّوهم يجروا من قدامهم على إيديهم
ورجليهم.. وفين يوجعك.
"البنجري":
- وكمان نسيب السايب في السايب.. يعني اللي
عايز يعمل هوجة خلّيه يعمل هوجة.. اللي ح يقطع طريق علشان له طلب ولا اتنين
نسيبه.. اللي ح يحرق بناية ح نتفرّج عليه من غير ما نيجي جنبه.. ح تبص تلاقي البلد
سداح مداح ما لهاش حاكم يحكمها.. والفوضي دي بقى هيَّ اللي ح تخلّي الناس توِّج
وتقول يا ريت اللي جرى ما كان.
"عتريس":
- تسلم تفانينكم يا رجّالة.
"طهطاوي":
- أهم حاجة يا جماعة إن الزمام يفضل ف
ايدينا.. ما يفلتش مننا أبداً.
"عتريس":
- بس ما قولتوا ليش يا رجّالة.. أنا ح امشي
من دوّار العموديّة ح اروح على فين أنا ومرتي وعيالي والناس الزُمُل اللي ح يقعدوا
معانا علشان تحمونا من أهل البلد؟
"طهطاوي":
- البلد كلتها بتاعتك يا عمدة.. بس انا عندي
فُكّيرة كده.. جنابك عارف الأرض المزروعة درة اللي ف الزمام القبلي للبلد؟.. اللي
كان المطاريد بيتداروا فيها دي.. إهّي.. اللي الناس مسمينها أرض "دره"؟
"عتريس":
- أيوه أيوه.. اللي ف ريح النقطة؟
"طهطاوي":
- الله ينوّر عليك.. هيّ دي.. أنا كنت بنيت
هناك حتة فيللا كده صغيّورة.. إنما إيه آخر ألاجة.. ما تغلاش عليك يا عمدة واهو
كلّه من خيرك.
"عتريس" متعجباً ومعاتباً في آن
واحد:
- بنيتها إمتى دي يا راجل يا نِمس؟.. من غير
ما نعرف؟
"طهطاوي":
- أنا قلت الواحد يبقى يقضّي فيها اليومين
اللي فاضلين له بعد ما يستعفى م الهجّانة.. وآهي تنفع العيال بعد عمرٍ طويل.. بس
آهي جات لها عوزة أهي.
"جاهين":
- أنا رحت مرّة هناك يا عمدة.. دي على كيف
كيفك.. مبنيّة بالطوب الأحمر اللي جرّفناه من أرض "أبوجابر" لمّا
خلّيناها تبور.. وفيها جنينة كبيرة مزروعة سجر بيطرح ما تشتهيه الأنفُس من خيرات
الله.. وبِركة عوم حلوة كده.. وملعب للي عايز يلعب حكشة.. وأوَض نوم ما لهاش عدد..
وكذا حمام وكذا مطبخ واصلهم ميّه حلوة م البلديّة.. والحلاوة بقى إنها جنب
النقطة.. يعني لمّا الناس تشوفك رايح ولا جاي من هناك إنت وشلّة الأنس دي ح
يفتكروا إنكم متحاشين في الحجز.. مش ح يعرفوا الأَمَلة اللي انتم ح تبقوا
فيها. "عتريس":
- شلّة أنس إيه ياد يا ابو لسان زالف؟.. إنت
نسيت نفسك يا بَجَم؟.. وبعدين أَمَلة إيه وبتاع إيه؟.. هو انت شايفني جاي من ورا
الجاموسة زي اللي جابوك؟.. ما انا عايش طول عمري ف عز.
ثم اردف يهمس وكأنه يكلّم نفسه:
- بس الظاهر حد نشّني عين صابتني ف مقتل..
الله يخرب بيوتكم.
"طهطاوي" وهو ينظر بحدة
"لجاهين" في عتاب:
- معلهش يا عمدة.. هوَّ كده.. مدَب وجلياط..
بس ما يقصدش.
"عتريس":
- ولا يقصد.. ما انا خلاص بقيت مألَتَة..
الله يلعنك يا زمان.. يا اللي خلّيت للندل كلام.. وجبت اللي ورا قدّام.. وخلّيت
السيّد خدّام.
"طهطاوي":
- معاذ الله يا سي "عتريس".. المهم
بس انتم تروحوا على هناك أوّل ما الصبحيّة تشقشق وقبل ما الرِجْل تزيد ع السكّة..
ونبقى نتقابل يوماتي هناك آخر النهار علشان ندبّر اللي ح نعمله لغاية ما نعدّي لبر
الأمان.
وتابع حديثه قائلاً:
- بالإذن انا بقى.. لازم ألف ع العساكر
أشوفهم عاملين إيه.. وأدّيهم الأوامر المستجدَّة.. سلام.
فعاجله "عتريس" بقوله:
- إستني هنا.. ما قلت ليش..
"فؤادة" ح تقعد فين أومّال؟
"طهطاوي":
- طبعاً ح تفضل هنا يا عمدة.. ما احنا ما
نقدرش نسيبها ترحل لدار ابوها "حافظ".. ألّا بعدين ح نضيّع من إيدينا كل
حاجة.. طول ما احنا مالكينها ف زمامنا أهل البلد ح يبقوا راخرين ف طوعنا.
"عتريس":
- طب اتكِل انت على الله شوف وراك إيه..
وابعت لي "رفيق" اللي كان معانا زمان ف الهجّانة.
"طهطاوي":
- أنهو"رفيق" يا عمدة؟
"عتريس":
- "رفيق" يا راجل.. أبو بروفر ده
اللي لابسه صيف شتا.
"طهطاوي":
- وده ح تعوزه ليه ده؟ ما هوخلاص قلع البدلة
الميري وقاعد ع القهوة يوماتي ولا شغلة ولا مشغلة.
"عتريس":
- أصل انا ح احطّه قبل ما امشي مكان
"نحيف" شيخ البلد اللي ح يروح معانا "دره".
"طهطاوي" معترضاً:
- وما لقيتش غير ده يا عمدة؟.. ده كان
خاربها.. على يدّك.
"عتريس":
- أمال عايزني أجيب مين إن شاء الله؟.. الشيخ
"إبراهيم" عشان يفطّن أهل البلد ع اللي بنعمله؟.. ما هو لازماً نجيب حد
على قد إيدينا.. و"رفيق" ده مننا وعلينا وح يفرح لمّا يلاقي شغلانة ترجع
تعمل له قيمة من تاني.. بدل ما هو قاعد طول اليوم يعمل طيارات ورق لعيال الكفر..
وعلى رأي المثل: اللي ما لهوش شغلة تشغله.. يفتح الباب ويقفله.
"طهطاوي":
- اللي تشوفه يا سي "عتريس".. هو
انا يعني ح اعرف الصالح أكتر منّك.. أمرك.. ح اشيّعهو لك ف التوْ.
وتواري "طهطاوي" عن أنظار
"عتريس" آخذاً في أعقابه كل ضبّاط الهجّانة لتنفيذ ما اتفقوا عليه.
وبعد هنيهة أخرج "عتريس" ساعة
الجيب التي ورثها عن جده ووجدها تشير إلى ما قبل العاشرة بقليل فقام ليجلس إلى
المكتب الخشبي القديم الموضوع بحجرة التليفون منتظراً بين الفينة والأخري أن يسمع
رنين التليفون فقد اعتاد في مثل هذا الوقت أن يتلقّي مخابرةً من مأمور المركز
"أسامة" ليعطيه الأوامر اليومية؛ فقد كان "أسامة"
يعتبر"عتريس" ذراعه اليمني في تنفيذ سياساته ليس في
"الدهاشنة" فقط ولكن في جميع البلاد المجاورة، وكان "عتريس"
خادماً وفياً "لأسامة" لا يعارضه في أي شيء يقوله أو يفعله إتقاءً لشره
ولمعرفته التامة بأنه يستطيع أن يعزله من العموديّة إذا ما أراد.
ولكن - للأسف - ظل "عتريس" منتظراً
لفترة ولم يتصل به "أسامة" حتّى مر الموعد المعتاد للاتصال؛ فأحس
"عتريس" بالقلق وظلت الهواجس السيّئة تطارد مخيّلته فهذا هو اليوم
الثاني الذي يمر دون أن يتلقّي أي مكالمة من "أسامة".. فهل تخلّي عنه
بعد ما حدث؟.. هل سيتحالف مع أحد أعيان القرية ويعيّنه عمدة بدلاً منه؟.. لقد
أخبره "إسماعيل" ذات مرة أن "البُرعي" (وهو أحد الأعيان الذي
عاد ليستقر في القرية بعد أن عمل بالخارج فترة طويلة وكان يسر ويعلن عن امتعاضه
للطريقة التي يدير بها "عتريس" شئون القرية) على اتصالٍ وثيقٍ
"بأسامة".. فهل هذا الخبر صحيح أم أن "إسماعيل" يشيع ذلك فقط
حتّى يوغر صدره ضد "البُرعي" لأن بينهما عداوةً قديمة؟
وبعد تردّدٍ لم يدم طويلاً قرر "عتريس"
أن يكتب برقيّةً قصيرة للمأمور الذي لم يكن ليرد على المكالمات بنفسه، ولكن العمدة
لم يكن يتقن الكتابة جيداً لأن جدّه أخرجه من الكتّاب مبكراً؛ فقد كان الجد يؤمن
بأن الحياة هي خيْر مدرسةٍ وخيْر معلّم وأن الكتّاب مضيعةٌ للوقت وأن التعليم يمكن
أن يقوّم الإنسان ويهذّبه وهو ما كان يرفضه لحفيده الذي تربّي على القسوة وسوء
الخلق.
- يا ريته كان هنا ده الوقت.. جا خابط هوَّ
راخر.
قالها "عتريس" لنفسه قاصداً "
التقي" وهو شابٌ من شباب القرية يجيد الكتابة وكان "عتريس" يقصده
لكتابة جميع خطاباته، ويقصده أيضاً عندما كان يريد أن يجمّل من نفسه أو يطلق
شائعات ضد أعداءه أو يدشّن أخباراً مغلوطة ليتم توجيه أهل البلد نحو أي منحى يخدم
أغراضه، والحق يقال فقد كان "التقى" موهوباً في ذلك وكان يستخدم بعضاً
من نسوة القرية في تحقيق هذه المآرب الخبيثة مثل "شلبية" و"أم
روبير" و"أم مرتجي مندور" و"أم عمرو لبيب" و"أم
شميس الحريري" و"أم مصطفي بدري" و"أم محمود رعد"
و"أم خيرت شعبان" و"أم جيّد علي" و" سناء العمري"
وغيرهن من النسوة البارعات في بث السموم ونشر الأكاذيب.
وقال "عتريس" لنفسه وهو يشرع في
الكتابة ممسكاً بالقلم ومتهجّئاً بصوتٍ عال:
- ما بِدّهاش.. ربنا ما يحوجني لحد.. {بسم
الله الرحمن الرحيم.. السيد الموحترام الموبجال.. "أوساما" مأمور
الماركاز.. بعد السوءال عن صيحتكوم الغاليا.. أرجوا الإتصال بي في الماوعد
الموحاداد لمعرفات رأيوكوم في اللزي يحدوس في البلد.. خادمكوم الموطيع
"عتريس"}.
ونادى "عتريس" على الخادم الذي كان
يرفع ما تبقى من أطباق الإفطار:
- خد ياد يا "مصيلحي".. إخطف رجلك
بسرعة لحد "حجازي" بتاع البوستة.. قول له يبعت التلغراف ده قوام لحضرة
المأمور.
وما إن فرغ من هذه الجملة حتّى نفذ
"رفيق" إلى داخل الغرفة مرتدياً كنزته الصوفيّة فوق الجلابيّة وحيّا
العمدة وهو ينحني في احترام مصطنع :
- إتصبّح بالخير يا سي "عتريس"..
أأمرني جنابك.
- الأمر لله وحده.. إزّايّك وإزّاي عيالك؟
- يبوسوا إيدك يا عمدة.. كلّه تمام.
- طب أقعد.. طبعاً يا "رفيق" إنت
شايف اللي جاري ف البلد.. وأكيد سمعت إني ح اسيب العموديّة لظبّاط الهجّانة لغاية
ما ربّنا يساويها.. بس ده قدّام الناس بس.. إنما ف الحقيقة أنا لسّه مركزي محفوظ
والكلمة لا زالت كلمتي.. وبإذنك يا رب ما فيش شنب فيكي يا بلد يستجري يقف قصادي.
- ربنا يخلّيك لينا يا جنابه.. طول عمرك
الراس الكبيرة اللي بتنحني لها كل الروس.
- القصد.. أنا وشيخ البلد وشيخ الغفر وشويّة
م الأعيان ح نتدارى شوية ف السرايا ولّا الفيللا دي بتاعة "طهطاوي"
وهناك ح ندبّر أمورنا لحد ما تعدي الريح دي.. وانا شايف إنك تحل محل
"نحيف" ف شياخة البلد.. واهو تبقى معانا وما انتش غريب عنّنا.
- إنت تأمرني ياعمدة.. د انا يحصل لي الشرف..
يا سلام !
- خلاص على خيرة الله.. شوف مين ح يعاونك من
الموظفين علشان تمشّوا أمور البلد في اليومين اللبش دول.. بس اللي
أوّله شرط آخره نور يا حلو: تنفّذ اللي نقول لك عليه وما تتصرّفش من نافوخك علشان
ما تخربطش الرسم اللي احنا بنرسمه.. حتّى الكلمة تطلع من حنكك بحساب بعد ما تسمعها
مننا الأوّل.
- إنت بس تقشّر يا سي "عتريس".. وح
تلاقيني باقول لك سمعاً وطاعة.
- طيب إتّكل إنت من غير شر.. ولو فيه أيّتها
حاجة رتّبها الأول مع "طهطاوي".. ح تلاقيه ده الوقت مع رجّالته.
وذهب "رفيق" من توّه متجهاً لخيْمة
"طهطاوي" في الساحة الخلفيّة؛ فألفاه يتكلّم مع الضبّاط مُصْدِراً
أوامره لهم ومحذّراً إيّاهم من مغبّة إهمالها؛ فما إن تلاقت أعينهما إلّا وقد قال
له "طهطاوي" في إزدراءٍ واضح :
- إتركن على جنب هنا.. ما تخايلنيش.. لحد ما
افضى لك.
- حاضر يا سي "طهطاوي" أمرك.
وتابع "طهطاوي" إلقاء أوامره
للضبّاط وتابعوا هم تلقّفها وهم صاغرون إلى أن فرغ منها وأمرهم بالانصراف فانصرفوا
مطأطئين رؤوسهم، والتفت "طهطاوي" إلى "رفيق" قائلاً في أسلوبٍ
آمرٍ كمن يريد أن يُرسي قاعدةً في أوّل الأمر:
- شوف بقى يا خويا.. إدبح بسّك ليلة عرسك..
بقى زمان كان شيخ البلد هو اللي بيعيّن ريّس الهجّانة وهو اللي بيدّي الأوامر..
إنما ده الوقت الوضع اتغيّر.. أنا اللي شورت على العمدة إنه يجيبك وانا اللي ح
أدّي الأوامر من هنا ورايح.. فاهم؟
- آمين يا سي "طهطاوي".. أنا من
إيدك دي لإيدك التانية.. إعتبرني كاتب حداك.
- أيوه كده.. علشان ما نتعبش مع بعض.. وانت
عارف اللي يتعبني باعمل فيه إيه.
- إن شاء الله مش ح اقصّر رقبتك أبداً.
- أنا في الفترة اللي جايّة دي مش عايز
اتكلّم كتير مع أهل البلد.. عايز احتفظ بهيبتي قدّام ولاد اللئيمة دول.. ومش ح
انزل لهم البلد ولا ح اخلّيهم يعتّبوا عندي.. أحسن يفتكروا إننا بقينا كلنا ولاد
تسعة والحكاية سون فاسون كده.. بالذات العيال الشباب ولاد امبارح دول.. اللي ما
عندهمش حيا ولا خِشى ولا بيعملوا حساب للكبير.. قال إيه حريّة قال !.. علشان كده
أنا ح اطْلِقك عليهم انت ورجّالتي ف الهجّانة.. عايزكم تجيبوهم لحد عندكم أوعوا
تروحوا لهم انتم علشان كل واحد يحفظ مركزه.. وتقعدوا معاهم تسجّدوهم وتنيّموهم من
ناحيتنا.. إعملوا نفسكم قال إيه ح تاخدوا رأيهم في أمور البلد وخدوهم على قد
عقلهم.. وقولوا لهم إنكم ح تنفّذوا كلامهم في أوّل فرصة.. وما تعملوش إلّا اللي ح
نقول لكم عليه أنا وسي "عتريس".. وخلّوا الأيام تكُر ورا بعضها من غير
ما حاجة تتغيّر لغاية ما يهبطوا ويروح الفوران بتاع الهوجة اللي حصلت دي.. وبعد
كده فيه ترتيب تاني.. مش عايز أقول لك على كل حاجة ده الوقت علشان أنا عارف دماغك
ما تشيلش غير الحبّة دول.
- اللي تشوفه يا سي "طهطاوي".. بس
أنا برضه ما فهمتش ح اعمل إيه؟
- يييه.. يا دي النيلة اللي حطّت عليَّ.. ما
هو طول ما البروفر ده لازق على جتّتك ح يفضل مخّك مطلسم كده.. إنت يا له مش حرّان
منه ولا انت مخبّي تحته حاجة؟
- هي هي هي..
- هات ودنك يا سي حصاوي انت.. وركّز بقى
معايا.
وبدأ "طهطاوي" يسرد على مسامع
"رفيق" ما يريده منه مرّةً ثانية علّه يستوْعِب.