هل صدق قوْل الشاعر حين قال: "فما أنتِ يا مصرُ دارَ الأديبِ ولا أنتِ بالبَلَدِ الطَّيِّبِ"؟
كم مصريّاً عرف الريّس "أحمد محمد أحمد
إدريس" وكم واحداً يعرف الريّس "متقال"؟ .. كيف عاش الريّس
"أحمد" وكيف يعيش أقل لاعب كرة في دوري المكسّحين المصري؟ .. هل عومل
الريّس "أحمد" كما يُعامَل أقل كومبارس ظهر في السينما؟ .. هل تم تخليد
ذكرى الريّس "أحمد" كما يتم تخليد "شكوكو"؟ .. حقيقةً الرجل
لم يطلب أي مقابل نظير خدمته لوطنه ومساهمته الفعّالة في أكبر انتصاراته .. ولكن
وطنه بخل عليه بالتكريم اللائق والعيشة الكريمة في الوقت الذي أغدق فيه على
الراقصات والفاسدين وأنصاف الرجال.
هل صدق شاعرنا "حافظ إبراهيم" حين وصف "مصر" بأنها ليست بالبلد الطيّب قائلاً :
حَطَمْتُ (كسَرْت) اليَراعَ (القلم المصنوع من قصب) فلا تَعْجَبِي
وعِفتُ (كَرِهت) البَيانَ فلا تَعتُبي (يقصد: لا تعاتبيني يا "مصر" على شِعري هذا فأنا كارهٌ لِما أقوله)
فما أنتِ يا مصرُ دارُ الأديبِ
ولا أنتِ بالبَلَدِ الطَّيِّبِ
"وكم ذا بمصرَ من المضحكاتِ"
كما قال فيها "أبو الطيِّبِ" (اسم شاعر)
أمورٌ تمرُّ وعيشٌ يُمِرُّ (يجعله مُرّاً)
ونحن من اللَّهو في ملعبِ
وشَعْبٌ يفرُّ من الصالحاتِ
فرارَ السَّليم من الأجربِ
وصُحْفٌ تطنُّ طنينَ الذُّبابِ
وأُخرى تشنُّ على الأقربِ
وهذا يلوذ بقصرِ الأميرِ
ويدعو إلى ظِلِّه الأرحبِ
وهذا يلوذ بقصر السَّفيرِ
ويُطنِب (يطيل المديح) في وِرده الأعذبِ
وهذا يصيحُ مع الصائحينَ
على غير قصدٍ ولا مأربِ (هدف)
فيا أمّةً ضاقَ عن وصفِها
جَنانُ (عقل) المفوَّهِ (بليغ الكلام) والأَخْطَبِ (الماهر في الخَطابة)
تضيعُ الحقيقةُ ما بيننا
ويَصْلى (يُلْقَى في النار) البريءُ مع المذنبِ
ويُهضَمُ (يؤكل حقّه) فينا الإمامُ الحكيمُ
ويُكْرَم فينا الجهولُ الغَبِي
على الشَّرق منِّي سلامُ الودودِ
وإنْ طأطأ (خضع وصار تابعاً) الشَّرقُ للمغربِ
لقد كان خِصباً بجَدْبِ (قَحْط وعُقم وقلِّة خير) الزّمانِ
فأَجْدَبَ (صار مُجْدِباً قليلَ الخير) في الزَّمَن المُخْصِب (الخصيب كثير النبات والنماء والبَرَكة)!
إحنا آسفين يا ريّس أحمد .. إن شاء الله تلاقي حسن الجزاء عند الحق الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً وبإذنه تعالى سيثيبك على إخلاصك في القتال في سبيله وسبيل وطنك .. "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَاب".