المسيحيون أعداء أعداء الوطن
جلست مع صديقٍ لي نتسامر على المقهى حوْل بعض
القضايا المثارة على الساحة المصريّة والعالميّة وتطرّق الحوار إلى مسألة
الإسلاموفوبيا في الغرب فقلت لصديقي:
· شوفت الأوروبيين ولاد الكلب؟
· ما لهم؟
· مش ناويين يجيبوها البَر .. بيعاملوا المسلمين معاملة زي
الزِفت.
· حصلت حاجة جديدة؟
· ما هو كل يوم يطلعوا بحاجة .. آخرها "ميثاق الأئمّة"
اللي طلع لنا ف المقدّر جديد.
· "ميثاق الأئمّة"؟ .. يعني إيه؟ .. ما سمعتش عنه
خالص.
· ما هو الإعلام العربي مطرمخ ع الموضوع ده .. بيحافظ على صورة
فرنسا يا سيدي .. الحكاية من أوّلها بدأت من ساعة ما السلطات الفرنسية سمحت لناس
همج ما بيراعوش حرمات الإسلام ولا مشاعر المسلمين بإنهم ينشروا رسوم كاريكاتير
مسيئة لسيّدنا "محمد" عليه الصلاة والسلام...
· صلّى الله عليه وسلّم.
· وجا رئيس وزراء فرنسا اللي اسمه "ماكرون" وزوّد
الطين بلّة وقال إن قِلّة الأدب دي حريّة شخصيّة والحكومة ح تحمي مبادئ الحريّة
ومش ح تمنع نشر الرسوم دي.
· ودي كده اسمها حريّة؟ .. هيَّ الحريّة أنك تبقى حُر تغلط في
غيرك وفي معتقداته؟ .. إيش معنى بيمنعوا أي حاجة بتسيء لليهود وبيحترموا ديانتهم
وكمان بيسجنوا اللي يزعّلهم.
· على رأيك .. إنت فاكر الفيلسوف الفرنساوي "روجيه
جارودي" اللي حاكموه وأصدروا ضده حُكم بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ علشان يا دوب شكّك في
أعداد اليهود اللي هتلر حرقهم في أفران الغاز وقال إن الأعداد المعلَنة مبالَغ
فيها .. يعني ما جاش جنب سيّدنا "موسى" ولا سخر من دينهم.
· طبعاً ما ينفعش يغلط في سيّدنا "موسى" ولا في
اليهوديّة لإن "روجيه" ده أسلم وسمّى نفسه "رجاء" ومن
أساسيّات الإسلام إننا نحترم كل أنبياء ربنا ونعمل حساب لكل الأديان السماويّة
ونعامل المسيحيين واليهود بما يرضي الله.
· ما هو المسلمين في فرنسا والعالم كلّه اتجنّوا من اللي حصل ده
وعملوا مظاهرات في كل مكان وقاطعوا المنتجات الفرنسيّة .. بس فيه مسلمين متشدّدين
قاموا بعمليّات إرهابيّة ضد الناس المسيئين دول وكان آخرهم الشاب الشيشاني المسلم
اللي قتل مدرّس في "باريس" كان بيعرض الرسوم الزبالة دي على
الطلبة بتوعه .. طبعاً "ماكرون" راح بسرعة يقدّم واجب العزا في المدرّس وألقى كلمة تانية اتحدى فيها مشاعر المسلمين وأكّد على
حريّة التعبير في المجتمع الفرنسي وطالب المسلمين بالابتعاد عن الإسلام المتشدّد
واتباع إسلام التنوير اللي سمّاه "الإسلام الفرنسي" .. وطالب كمان بوضع
ميثاق ديني إسلامي يحترم ويلتزم بمبادئ الجمهوريّة الفرنسيّة.
· وبعدين؟
· بالفعل استجاب المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميّة لنداء
"ماكرون" ووضع ميثاق سمّاه "ميثاق الأئمّة" .. بس
خمس هيْئات أو جمعيّات إسلاميّة من أصل تسعة بيضمّهم المجلس همَّ اللي وافقوا ع
الميثاق وأربعة رفضوه.
· والميثاق ده بينص على إيه؟
· همَّ حوالي تسع أوعشر بنود .. لسّه ما أعلنوش عنهم
بصورة نهائيّة .. بس كل اللي عرفته أن الميثاق ده بيحجّم نشاط المسلمين
في "فرنسا" .. ولو فيه تعارُض بين شرائع الإسلام ومبادئ الجمهوريّة
الفرنسيّة تبقى المبادئ هيَّ اللي ح تمشي فوق الشرائع.
· طب وانت زعلان ليه؟ .. إذا كان المسلمين هانوا على حُكّامهم في
البلاد العربيّة يبقوا مش ح ياخدوا بالجزمة في البلاد الأوروبيّة؟
· ......... !!!
· واللهِ يا سيدي دي بلدهم وهمَّ حُرّين فيها واللي مش عاجبه
يروح بلد تانية.
· يا سلام؟ .. بس ده ظُلم .. المسلمين في "فرنسا"
قاعدين بصورة قانونيّة ومعاهم الجنسيّة كمان .. يبقى ليه يتعاملوا كمواطنين من
الدرجة التانية؟ .. ولّا يعني إكمنّهم أقليّة؟
· أي أقليّة لها وزن وثِقل سياسي واقتصادي واجتماعي بيتعمل
حسابها ألف مرّة .. مش شايف اللوبي اليهودي في "أميريكا" مسيْطر
إزّاي؟ .. دول العرب والمسلمين اللي معاهم الجنسية الأميريكيّة قد اليهود في العدد
عشر مرّات بس ناس هفأ .. ما لهمش أي اعتبار .. علشان متفرّقين وبيتصارعوا مع بعضهم
في الأساس.
· ده كلام مش مظبوط .. مش مبرر يعني .. على كده بقى نبقى نعامل
الأقليّة القبطيّة عندنا ف "مصر" زي ما بيعاملوا المسلمين برّه؟
· طبعاً المفروض كده .. مش أقليّة؟
· يا راجل اتقي الله .. ده الإسلام موصّينا على أهل الكتاب ..
وبعدين المسيحيين دول أصلاً موجودين في "مصر" قبل الإسلام ما يدخلها ..
مش جايين علينا زي ما المسلمين راحوا على "فرنسا".
· هوَّ سباق .. مش مهم مين اللي استوطن "مصر" زمان في
الأوّل .. إحنا في النهار ده .. المسلمين ده الوقت همَّ الأغلبيّة ولازم شريعتهم
وقوانينهم وأعرافهم هيَّ اللي تمشي.
· طب ما هي ماشية علينا وعليهم في الأمور المدنيّة والجنائيّة ..
بس في الأمور الدينيّة كل واحد بيتبع دينه وشريعته.
· أنا قصدي لازم نحصر المسيحيين في إطار الدولة اللي الدين
الرسمي بتاعها هوَّ الإسلام.
· تقصد إيه؟
· يعني مثلاً المسيحيين ما يمسكوش المراكز القياديّة أو المناصب
العليا أو الحسّاسة .. ولازم تتحدد لهم وظايف معيّنة ممكن يشتغلوا فيها ووظايف
تانية ما ينفعش يقرّبوا منها.
· يا راجل !!! .. إنت بتتكلّم جد؟ .. يعني ما ينفعش يشتغلوا إيه
مثلاً؟
· مثلاً مثلاً يعني ما نسمح لهومش يهوّبوا ناحية الجيش .. ده أمن
قومي .. لازم نطرد كل المسيحيين من الجيش المصري ونمنع دخولهم الكليات والمعاهد
العسكرية ونحظر تجنيدهم كمان .. إحنا دولة مسلمة وجيشنا لازم يبقى كله مسلمين وبس
.. معقول بلد الأزهر الشريف يسمح للمسيحيين بتواجدهم في القوّات المسلّحة .. أصل
المسيحيين دول مشكوك في ولائهم للوطن أساساً .. وبعدين المسلمين عددهم كبير جداً
يعني بصراحة كده مش محتاجين المسيحيين خالص .. ح نحتاجهم في إيه مثلاً؟ .. أهو احنا
النهار ده بنحتفل بذكرى نصر العاشر من رمضان .. أينعم كان فيه شويّة مسيحيين
شاركوا في النصر ده بس ما كانش لهم أي تأثير بالمرة .. شوف مثلاً كام واحد مسلم
عبروا خط بارليف قصاد كام واحد مسيحي .. ده لولا الظابط المهندس المبدع اللي اسمه
"باقي زكي يوسف" مثلاً ما كنّاش عبرنا أصلاً ولا حتى بعد ستين سنة .. هه
! .. شكلك مش عارفه .. العيب مش عليك .. العيب ع الإعلام اللي ما بيسلّطش الضوء
غير ع الفنانين ولاعيبة الكورة وسايب الناس جاهلة بالأبطال اللي عاشوا وماتوا في
الظل وهمَّ بيحبّوا بلدهم جداً وبيضحّوا بنفسهم في سبيل الحفاظ على أرض وكرامة
"مصر" بدون انتظار أي مقابل .. الظابط ده يا سيدي سمّوه رجل أكتوبر
الأوّل .. وهوَّ اللي حل مشكلة اختراق الساتر الترابي بفكرة بسيطة بس عبقرية ..
أصله كان بيشتغل في السد العالي ولاحظ هناك إنهم كانوا بيستخدموا الميّه المضغوطة
في تجريف جبال الرملة .. فاستعمل نفس الفكرة ونجح مع زملائه في فتح ثغرات داخل
الساتر الترابي في 81 موقع مختلف .. وبفضل المهندس ده تمّت إزالة 3 مليون متر
مكعّب من التراب باستخدام ميّة القناة عن طريق مضخّات ميّه بالضغط العالي اشترتها
وزارة الزراعة للتمويه قال يعني علشان الري .. وبعد ساعات معدودة انتهت للأبد
أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر .. شوفت بقى .. كام واحد مسيحي قام بعمل بطولي زي
ده؟ .. يعني الظابط ده لوحده يساوي كام ألف مسيحي؟
· يساوي مسيحي واحد بس.
· واحد بس؟ .. يعني إيه؟
· يعني هوَّ مسيحي واحد بس .. بس بمليون من عيّنتك.
· !!!! ؟؟؟؟
· ما لك .. تنّحت كده ليه .. الظابط ده مسيحي .. ههههه.
· يا راجل؟ .. إنت متأكّد؟ .. بقى "باقي زكي يوسف" ده
مسيحي؟ .. قول واللهِ؟ .. ده انا كنت فاكره مسلم أصل اسمه يمشي كده وكده .. إخص ..
ده انا شكلي بقى وِحش قوي .. أودي وِشي م الناس فين ده الوقت؟
· وده طبعاً غير عشرات الآلاف من اخواتنا الاقباط اللي كان لهم
دور كبير جداً ف النصر.
· أنا فعلاً غلطان والغلط راكبني من ساسي لراسي .. ربنا يسامحني
على تسرّعي وتفكيري العنصري ده.
· وبعدين انت ناسى باقي المسيحيين اللي أبدعوا ف مصر وأثّروا على
كل المصريين والعرب؟ .. ده فيه ملايين المسيحيين اللي ساهموا - مع المسلمين -
بنصيب معلوم لا ينكره إلا جاحد في انتصارات "مصر" وانكساراتها .. واللي
ساعات اقتسموا غنائم المكاسب سوا وياما دفعوا ثمن الهزايم مع بعض ..
"مصر" محتاجة لإيد كل واحد مصري سواء كان مسلم أو مسيحي بغض النظر عن
اسمه أو صفته .. اللي بنى "مصر" وبذل العرق والدم كان المهندس محمود
والعامل مينا .. اللي اتهنّى بنعيم "مصر" وخيرها وأخد وضعه تمام التمام
كان صاحب الملايين عز والمالتيميليونير ساويرس .. اللي اتعذّب في عيشته جوّه
"مصر" وطفح فيها الكوته كانت الدكتورة تريزا والممرضة فاطمة .. اللي
بيحب "مصر" ونِفسه تبقى أحسن بلد ف الدنيا هوَّ يوسف وعصام وهشام ومريم
وابراهيم وعيسى وعادل وعزيزة وفوزي وفؤاد وهريدي وست الدار اللي ما تعرفش ملّتهم
من اساميهم لإنها تنفع تبقى لمسيحيين أو لمسلمين .. "مصر" سبيكة قويّة
متجانسة من معادن نفيسة مصهورة في قلب بعض مستحيل إنك تفصل كل معدن على حدة ..
"مصر" كوكتيل عصاير شهي مضروب في خلّاط الزمن من قديم الأزل ما تقدرش
تطلّع عصير كل فاكهة لوحده .. "مصر" قماشة جميلة ألوانها بديعة وفي نفس
الوقت متينة مغزولة من عدّة خيوط مضفّرة جوّه بعض في نسيج عمرك ما تقدر تفك خيوطه
وترجّعها للبَكَر تاني .. "مصر" أعداؤها كتير ولازم كلنا نبقى أعداء
لدودين لأعداء الوطن .. كلنا أعداء أعداء الوطن .. "مصر" ما ينفعش
تتقسّم أبداً .. "مصر" لا يمكن تبقى مسيحية بس ولا مسلمة بس ..
"مصر" بالجميع وللجميع .. كل سنة واحنا وشركاؤنا المسيحيين في حب ووئام
.. كل نصر والمصريون الوطنيون بكل خير وسلامة.