بيت رضوان
سكنت بيت جوَّه حارة اسمه "بيت
رضوان"
فيه كل ما تشتهيه الفِشَّة والمُصران
من الصباح للغروب أهجِم على الدِبّان
ومن الغروب للصباح أجري ورا الفيران
في أوِّل الشهر صاحب المُلك وصّاني
على الملاقي (على مفترق الطريق أو على
الناصية) وحفَّظني وقرَّاني
قال: "إوْعى حاسب تعيد الحظ من تاني
لإن يوم طَب فيه واحد وكان سكران"
رضيت .. ومن يرضى - حتى بالعذاب - يرتاح
وفضِلت وَحدي ما ليش صاحب غير المُفتاح
بعيد عن الشر جا لي أوِّل استفتاح
تُهمة غرام وادَّعِتها أوْحش الجيران
جارة عجوزة ولكن عايقة وغندورة
حاطّة السِنان الدَهب .. والقَمْطة (عقدة إيشارب الرأس) ع القورة
أوْلادها جِدعان تمانية والبنات تورة (أربعة)
وجوزها مستهوي (مريض بسبب لطشة هواء) مقطوع
النَفَس دَهيان (أصابته داهية)
السِت بتحِب سِرّاً واد مجاوِر شيخ (يسكن
بجوار مقام شيخ)
يومي (يوماتي أو كل يوم) على الله تدخُل له
بصَحن طبيخ
راخر يجيب الهديّة م الأجازة فسيخ
لا القرع يظهر ولا قِشر الفسيخة يبان
أمّا العذول (الناس كثيرو اللوم والعتاب)
اللي شايف دي الغرام جارة
عارجة (تمشي مشية غير متساوية بسبب عِلّة في
إحدى رجليْها) وفوق ضهرها كمبور (قَتَبٌ أو تحدُّب في الظهر) ومكّارة (خبيثة)
خلِّت فضيحة الوليّة (السيّدة) شايعة في
الحارة
وناوية تصبح تبلَّغ جوزها ف الدُكّان
سمعت رفيقة المجاور ده الخبر ف الليل
وجوزها داخل ليلة جُمعة وعنده ميل (رغبة)
شهقت ومالت ودبِّت صدرها بالحيل (خبطت على
صدرها بقوّة)
قال جوزها: ما لِك؟ .. ما هي الدُنيا بخير وطَمان
(طمأنينة وأمان)"
قالت: "جابوا لنا جدع عازب وحطّوه فوق
..
.. جدع يا ابو فرغلي بارد ما عندوش ذوق ..
.. تبعني نوبة من القلعة لباب اللوق ..
.. نهار ما جيت أزور البِت في حلوان ..
.. الليلة خلّاني قاعدة بالقميص المور (قميص مور
لاف: نوع من قمصان النوم العارية بياقة مفتوحة وأكمام قصيرة) ..
.. وهوَّ ع البَسطة (مساحة منبسطة بين درجات
السلّم) ف الضَلمة وانا ف النور ..
.. دَعَس عليَّ (اقتحم عليَّ المكان) .. لا
يا ساتر ولا دستور ..
.. ما لحقتِش اتغطّى .. والبارد ضحك لي كمان
..
.. إهئ مهئ (أصوات بكاء السيّدة) .. ينضرب ..
قادر ما يوعى يبات ..
.. إهئ .. وينشك في قلبه ولم يتغات (لا يغيثه
أحد) ..
.. وينضرب .. زي ما خلّاني قاعدة وفات ..
.. وشافني من تحت لفوق .. الصايع النَدمان"
سمع صاحبنا الحكاية تنِّته طالِع
على السلالم وعينه فصّها والِع
خبّط .. فتحت .. ألقى ده راجل كبير قالِع
وماشي حافي .. وف إيده عصا خرزان
أوّل
ما شاق وِشّي قال: "يلعن أبوك خَنزير ..
.. وأبو اللي جابك هنا .. عبد الله افندي بَكير
..
.. وأبو اللي ييجي يحامي لَك كبير وصغير ..
.. بارِد قليل الحَيا .. دمَّك صحيح هَربان
..
.. عشرين سنة ما ابن آدم شاف حريمي يوم ..
.. وبيتي جامع ما فيه غير الصلاة والصوم ..
.. حتى البنات والعيال عايمين على دي العوم
(على نفس الشاكلة) ..
.. وازّاي ما تدخُل ف بيتي والحريم عريان؟!!
..
.. إطلع لي لِسّه كده برّه وانا أورّيك ..
.. واجيب لَك ابني الكبير عبد اللطيف يعميك
..
.. وابني كامل افندي ف البوليس يأذيك"
تفّيت .. وقُلت: "أستعيذ بالله من
الشيطان ..
.. على إيه يا عَم البوليس والخوْتة (ضجّة
وضوْضاء) والهَرجة (اختلاط الزحام) ..
.. أحلِف يَمين إني ف الداخلة والخارجة ..
.. ما شُفت ف البيت ده عُمري غير مَرَة
(امرأة) عارجة ..
.. وواد مجاوِر بجِبَّة أصلها قُفطان"
ردِّت وقالِت: "مِنّك يا جدع لله ..
.. إنزِل يا ابو مُصطَفى .. ده شُغل انا
عارفاه ..
.. إن شا الله من جاب ف سيرتي ينضِرِب ف حشاه
(أعضائه الداخليّة) ..
.. وتخوض ف دَمَّه اليهود والمُسلِم
السَكران"
نزل وقال: "ح ابقى اشوف شُغلي أنا بعدين
..
.. وأجعَص جعيص (شخص قوي وشجاع) يبتسِم لِك
ولّا يضرب عين ..
.. عن إذني (بتصريحٍ مني) حُطّي صوابعِك في
عينيه الاتنين ..
.. باقول على عِلو حِسّي قُدّام دي الجيران"