هي (أو "عائشة")
تمهيد
يتميّز الأديب الإنجليزي العظيم السير
"هنري رايدر هاجارد" بالخيال الخصب والقُدرة الفائقة على نسج
الأحداث المثيرة وخلق الشخصيّات الروائيّة ذات الجاذبيّة الشديدة.
وإذا بدأ القارئ في قراءة السطور الأولى
لأيٍّ من رواياته الشهيرة؛ فلا يستطيع أن يُبعِد عيْنيْه عن السطور التالية، ولا
يستطيع أن يؤجِّل القراءة إلى وقتٍ آخر، أو يتوقَّف عند فصلٍ معيَّن، ولا يملك
إلّا أن يواصل القراءة الممتِعة حتى آخر كلمة، مسحوراً بالأسلوب البسيط الآسِر
وبالأحداث المبهرة المتلاحقة تاتي تأخذ بالألباب.
وقد فطنت السينما العالميّة إلى تلك الخاصيّة
الديناميكيّة التي يتميّز بها الحدث في أعمال هذا الأديب القدير، فأُخرِجت معظم
رواياته في أفلامٍ ضخمة حازت شهرةً عالميّة، وما زالت تلقى نفس الرواج والإقبال
الذي لاقته منذ إنتاجها أوّل مرّة منذ عشرات السنين.
وُلِدَ المؤلِّف في "برادنهام هول"
بمدينة "نورفولك" بـ"إنجلترا" في 22 يونيو سنة 1856 ومات في
"لندن" في 14 مايو سنة 1925 عن عُمرٍ يناهز السبعين عاماً؛ قضاها في
حياةٍ حافلةٍ بشتّى المشاغل والهوايات، فمن ممارسة مهنة المحاماة إلى تقلُّد
الوظائف الحكوميّة إلى ممارسة حِرفة الزراعة
التي ألَّف فيها كُتُباً إلى أن تملّكته روح الأدب فمارسها كهوايةٍ أبدع فيها
مجموعةً من الروايات الشهيرة التي صدرت منها عشرات الطبعات، وأغلب الظن أنها ستجد
طريقها إلى المطابع مرّاتٍ ومراتٍ أخرى، لتصدر بمختلَف اللغات التي تُرجِمَت إليها
في الماضي وستُتَرجَم إليها في المستقبل.
وقد عمل المؤلِّف فترةً طويلةً من حياته
بالإدارة القانونيّة لإقليم "الترنسفال" بـ"جنوب أفريقيا" حين
كان هذا الإقليم خاضعاً للاستعمار البريطاني.
ولذلك فلم يكُن من الغريب أن نرى معظم
رواياته الأدبيّة تدور أحداثها في "أفريقيا"، ولم يكن غريباً أيضاً أن
يؤلِّف كتاباً عن أساليب وتاريخ الاستعمار في "أفريقيا".
وقد مُنِحَ لقب "سير" في عام 1925
تقديراً لخدماته للإمبراطوريّة البريطانيّة، ولعل أشهر رواياته التي يعرفها قرّاء
الأدب ومحبّيه في مختلَف أنحاء العالم هي: "الفجر" عام 1884، و"رأس
السحرة" عام 1885، و"كنوز الملك سليمان" عام 1885، و"نجمة الصباح" عام 1887 .. بالإضافة إلى رواياته
الأقل شُهرةً مثل: "كيتويو وجيرانه البيض" 1882، و"إيريك
برايتيس" 1883، و"ابنة مونتزوما" 1893، و"شعب الضباب"
1894، و"سوالو" 1898، و"ابن العاطفة" 1903، و"آلان
العجوز" 1920، و"هي الآن" 1921 .. فضلاً عن مؤلَّفاته الزراعيّة
والتاريخيّة والسياسيّة مثل: "إنجلترا والزراعة" 1902، و"الدنمارك
والزراعة" 1911، و"الفقير والأرض"، و"أيّام حياتي" الذي
سجَّل فيه ذكرياته وتفاصيل حياته الحافلة الذي صدر عام 1926 أي بعد نحو عامٍ من
وفاته.