شِبْهُ الجَزيرَةِ في خَطَر
بَدَأَ المُذيعُ بَرْنامَجَهُ
العِراكيَ الصادِمَ ذو السَهْمَيْن بقَوْلِه :
- تَحيَّةً طَيِّبَةً
مُشَاهِدينا الكِرام.. "سَيْفٌ القاطِعُ" يُحَيّيكُم مِنْ قَناةِ
"شِبْهُ الجَزيرَةِ" في "خَطَر" ومَرْحَباً بِكُمْ في بَرْنامَجِكُم
"عَكْسُ الإتِّجاه".. {وكَمْ ذا "بمِصْرَ" مِنَ المُضْحِكاتِ
ولَكِنَّهُ ضَحِكٌ كالبُكاءِ}.. هَلْ أَسْهَمَ الإعْلامُ المِصْريُ في رِفْعَةِ
"مِصْرَ" وعُلُوِ شَأْنِها؟.. أَلَيْسَ الإعْلامُ سَبَباً في تَقَهْقُرِ
المُسْتَوى الثَقافيِ المِصْري؟.. أَلا يَعْلَمُ الشَعْبُ المِصْريُ أَنَّ النِظامَ
الحاكِمَ يَسْتَغِلُ وَسائِلَ الإعْلامِ في التَرْويجِ لَهُ بفَجَاجَة؟.. مَنْ وما
وماذا وكَمْ ومَتَى ولِماذا وأَيْنَ وكَيْفَ وأَنَّى وكيْفَما؟.. أَسْئِلَةٌ أَطْرَحُها
عَلَى الهَواءِ مُباشَرَةً عَلَى ضَيْفَيَّ الدُكْتور "مَشْهُورُ المَنْشُور"
مُديرُ تَحْريرِ جَريدَةِ "الخَبَرُ اليَقين" القاهِريَّةِ والأسْتاذ
"عَبْدُ الحَقِّ عَبْدُ الخَبير" الناشِطُ الحُقوقي والخَبيرُ الاسْتِراتيجيُ
المَعْروف.. نَبْدَأُ النِقاشَ ثُمَّ العِراكَ بَعْدَ الفاصِل.
وبَعْدَ دَقيقَتَيْنِ
مِنَ الإعْلاناتِ الجادَّةِ لِبَعْضِ شَرِكاتِ البِتْرولِ والطَيَرانِ والاتِّصالاتِ
يعودُ البَرْنامَجُ مَرَّةً أُخْرَى فَيَعْلو صَوْتُ المُذيعِ مُجَلْجِلاً :
- أَهْلاً بِكُمْ مُجَدَّداً
مُشَاهِدينا الكِرام.. لا تَنْسَوْا نَحْنُ مَعَكُم عَلَى الهَواءِ مُباشَرَةً وبإمْكانِكُم
التَصْويتَ عَلَى مَوْضوعِ هَذِهِ الحَلَقَة : هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الإعْلامَ المِصْريَّ
قَدْ بَلغَ مَرْحَلَةَ النُضوجِ أَمْ أَنَّه ما زال رَضيعاً يَحْتاجُ لِمَنْ يَفْطِمُه؟..
سَبْعَةٌ وثَلاثونَ فَصْلَة ثَمانيَّة بالمائَةِ قالوا وهُمْ مُتَأكِّدون :
"نَعَمْ بَلَغ".. في حينَ أَنَّ اثْنَيْنَ وسِتُّونَ فَصْلَة اثْنَيْنَ
بالمائَةِ قالوا بإصْرارٍ أكيد : "لا لَمْ يَبْلُغْ بَعْد".. وأَتَوَجَّهُ
الآنَ إلى السَيِّد الدُكْتور "مَشْهُور" وأَسْأَلُه : هَلْ يُعْقَلُ يا
سَيِّدي أَنَّ إعْلاماً كالإعْلامِ المِصْريِ الشامِخِ يَصِلُ لِهَذِه المَرْحَلَةِ
المُتَدَنيَّةِ الحَقيرَةِ الوَضيعَةِ الـ.. الـ.. الـ.. الخَسيسَة؟
فَرَدَّ الدَكْتورُ "مَشْهُورُ"
وهوَ يَسْتَشيطُ غَضَباً :
- أَنا عايِز اعْرَف
مين الحُمار اللي قال كِدَه؟
فأَجابَهُ "سَيْفٌ
القاطِعُ" بمُنْتَهَى الخُبْثِ وهوَ يَتَصَنَّعُ البَراءَة :
- السَيِّد "عَبْدُ
الحَق".
فَزادَتْ هَذِهِ الإجَابَةُ
مِنْ وَتيرَةِ غَضَبِ "مَشْهُورٍ" فانْطَلَقَ يُشَرْشِح :
- لأَّه بَقَى.. دَه
هوَّ اللي حَقير ووَضيع ولَوْ ما احْتَرَمْش نَفْسُه وما احْتَرَمْش إعْلام بَلَدُه
أَنا حَ اقوم أَدِّي لُه بالجَزْمَة.. الإعْلام بِتاعْنا بخير وما زال هوَّ الإعْلام
الرائِد فِ المَنْطِقَة العَرَبيَّة والشَرْق الأَوْسَط.. وإذا كان بَعْضُ الحاقِدين
بيَتَطاولوا عَ الإعْلام المَصْري فانا باقول لُهم قِفوا مَكانَكُم أَيُّها الأَقْزام
وموتوا بِغَيْظِكُم.. سَتَظَلُّ "مِصْرُ" هيَ الأولى بإعْلامِها وإِعْـ..
كُحح.. وإعْلاميّيها وسَتَظَلُّ عَلَى قمّةِ الدُوَل جَمْعاء جَمْعاء جَمْعاء.
والْتَفَتَ "سَيْفٌ"
إلى الضَيْفِ الآخَرِ مُتَشَفِّياً وهوَ يَبْتَسِمُ ابْتِسامَةً صَفْراويَّةً ماكِرة،
ولَكِنَّهُ انْزَعجَ بِشِدَّةٍ عِنْدَما وَجَدَ الضَيْفَ هادئَ الطَبْعِ بارِدَ الأَعْصابِ
فَبَدَأَ يَنْفُخُ النارَ بالكيرِ لِيُثيرَ سُخْطَهُ ويَسْتَفِزَّهُ قائِلاً :
- بماذا تَرُدُّ عَلَيْهِ
يا سَيِّدي؟.. هوَّ قالَ أَنّكَ حِمارٌ وحَقيرٌ ووَضيع وسَيَضْرِبُكَ بِحِذائِهِ القَذِر..
ولا أَبوحُ سِرَّاً أَنَّهُ قالَ لي قَبْلَ حُضورِكَ أَنَّكَ سافِلٌ وزِنْديقٌ وبصَراحَة
كِدَه مِشْ راجِل.
فَحَاوَلَ "عَبْدُ
الحَقِّ" أَنْ يَبدوَ هادِئاً وقالَ وهوَ يَكْظِمُ غَيْظَه :
- واللهِ اللي مِشْ راجِل
فِعْلاً هوَّ اللي بيَسْتَغِل مَوْقِعُه وبيْطَبِّل للنِظام وبيُنْشُر أَخْبار مَغْلوطَة
عَلَشَان يشَوِّه مُعَارِضِي النِظام.. زَيْ ما عَمَل الافَنْدي دَه ونَشَر خَبَر
القَبْض عَلَى العَلاّمَة الشيخ "البُهْتاني" فِ شَقَّة تُدار للأَعْمال
المُنافيَة للآداب.. أَقول عَليه إيه؟.. واطي واطي يَعْني.
وانْفَعَـلَ "مَشْهُــورٌ"
وهاجَ وماجَ وقَفَزَ مِنْ مَكانِهِ نَحْوَ مُناظِرِهِ مُحاوِلاً الفَتْكَ بِه، ولَكِنَّ
"سَيْفاً" أَبْعَدَهُ بيَدَيْهِ وصاحَ فيه :
- بَسْ دَقيقَة.. بَسْ
دَقيقَة يا أَخي.. الرَجُل لَمْ يُخْطِئ فأَنْتَ بالفِعْل واطي لأَنَّكَ عِنْدَما نَشَرْتَ
الخَبَر تَبَيَّن كَذِبَه حَيْثُ كانَ الشَيْخُ مُسافِراً خارِجَ "مِصْرَ"
وكانَ في "بَرْلين" في ذَلِكَ الوَقْت.. أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
- الخَبَر صَحيح مِيَّه
فِ المِيَّه.. كُل ما هُناك إنَّها غَلْطَة مَطْبَعيَّة.. بَدَل "أَلمانيا"
كَتبوا "إِلمنيا".. ولعِلْمَك بَقَى أَنا ليَّ مَصادْري الخاصَّة فِ بوليس
الآداب الدَوْلي المَعْروف باسْم "الإنْتَرْبول".
فَقاطَعَهُ "عَبْدُ
الحَقِّ" وانْبَرَى قائِلاً :
- يا عَمْ روح.. بلا
"إنْتَرْبول" بلا "إنْتَرْبُراز".. إنْتَ بِتْهَجَّص؟.. طَبْ ليه
ما نَشَرْتِش إنْ الرَئيس المَصْري مِتْجَوَّز عُرْفي مِنْ مُذيعِة الرادْيو اللي
عَمَلِتْ مَعاه لِقاء وعَـجَبِتُه؟.. عَ الأَقَل دَه خَبَر صَحيح.
فَرَدَّ "مَشْهُورٌ"
وقَدْ احْمَرَّتْ أُذُناهُ في الوَقْتِ الذي كانَ "سَيْفٌ" يُراقِبُهُما
وهوَ مُغْتَبِطٌ مُنْتَظِراً اللَحْظَةَ المُناسِبَةَ التي تَهْدأُ فيها وَتيرَةُ
المُشَاجَرةِ ليَتَدَخَّلَ لإذْكاءِ نارَ الإحْتِقانِ بَيْنَهُما مِنْ جَديد :
- خَسِئْتْ.. ثَكِلَتْكَ
أُمُّك.. الرَيِّس طول عُمْرُه ما لهوش أَصْلاً فِ السَتَّات والكَلام الفاضي دَه..
دي فيه أَسْرار شَخْصيَّة عَرَفْتَها مِنْ الرَيِّس بنَفْسُه مِشْ حَ اقْدَر اقولْها
دَه الوَقْت.. يمْكِن ابْقَى أَنْشُرْها فِ مُذَكِّراتي بَعْد وَفاة الرَيِّس إنْ
شاءَ الله قُرَيِّب بَعْد عَمْرٍ طويل.
واسْتمَــــــرَّ
البَرْنامَجُ عَلَى نَفْسِ المِنْوال : كـرٌ وفر - هُجومٌ ودِفــــــــاع - مُشَاحَناتٌ
ومُشَاجَرات - لَمْ يَتَخَلّلْها سِوَى بَعْضِ الفَوَاصِلِ الإعْلانيَّةِ كانَ الضَيْفانِ
يَسْتَغِلّانِها في احْتِساءِ المَزيدِ مِنَ المَشْرُوبِ الرَسْميِ للبَرْنامَج :
حُمُّصُ الشامِ المُحَلَّى بِكَثيرٍ مِنَ التَوابِلِ والشَطَّةِ حَتَّى يَتَفاعَلا
ويَتَحَمَّسا أكْثَرَ في هَذا اللِقاءِ الدامي، وقَبْلَ أنْ يُشارِفَ البَرْنامَجُ
عَلَى الانْتِهاءِ تَرَكَ المُذيعُ الضَيْفَيْنِ ليَقولا آخِرَ كَلامِهِما :
- عايِز اقول للسَيِّد
"عَبْد الحَق" إنْ إعْـ... إحِـم...لامْنا بيُقَف رَأْساً برَأْس أَمام
الإعْلام الأَمْريكي والأوروبي بَلْ والموزَمْبيقي أيْضاً والدَليل إنْ انا كإعْـ...
كُحح...لامي مَصْري أَعْرَف حاجات ما يعْرَفهاش أَيْ حَد تاني.
- زَيْ إيه يا أَخ
"مَشْهُور" إنْ شاءَ الله؟
- زَيْ مَثَلاً إنْ
"صَدَّام حِسين" ما اتْعَدَمْش.. وإنْ "أُسامَة بِن لادِن" ما
اتْقَتَلْش.. وإنْ الاتْنين عايْشين فِ شاليه أُوضْتين وصالَة وعَفْشِة مَيّه واخْدينْها
الـعُلوج بِتوع الـ "إف بي آي" إيجار جَديد فِ "هاواي".. الأَوَّلاني
مقَضِّيها طاوْلَة مَحْبوسَة مَعَ "بوش الإبْن".. والتاني ما بيَقْلَعْش
المايوه الشَرْعي مِنْ عَلَى جِتِّتُه وعايِش حَياتُه عَ البَحْر.
- يا راجِل قول أَخْبار
مُهِمَّة وحَقيقيَّة.. إنْتَ ما سَمَعْتِش عَنْ الرُبْعُميت مَصْري اللي ماتوا
مِنْ إنْفِلْوَنْزا الطُيور.. والأَلْفين اللي ماتوا مِنْ إنْفِلْوَنْزا الخَنازير..
وقَرْيِة "إخِّيه" فِ "الشَرْقيَّة" اللي أَهْلَها جالْهُم تَسَمُّم
مِ المَيَّه.. وما عَرَفْتِش إنْ الحُكومَة حَ تغَلِّي رِغيف العيش والرُز والسُكّر
والكيوي.. وأَسْعار البَنْزين والكَهْرَبا والمَيَّه والعِرْقْسوس حَ تَتَضاعَف غالِباً
أَحْياناً بالقَطْع تَقْريباً بالتأْكيد.. إصْحَى بَقَى بَلاش جَهْل.
- إنْتَ اللي جاهِل..
وانا حَ اثْبِت لَك.. عارِف إيه اللي حَصَل فِ كِنيسِة "مار جِرْجِس" فِ
"أَسْيوط"؟.. لَوْ راجِل تُقول.
ورَغْمَ أَنَّ
"مَشْهُوراً" كانَ يُريدُ إحْراجَ غَريمِهِ فَقَطْ - فَلَمْ يَكُنْ قَدْ
حَدَثَ أَيُ شَئٍ في هَذِهِ الكَنيسَةِ عَلَى أَرْضِ الواقَع - إلّا أَنَّ "عَبْدَ
الحَقِّ" أَرادَ أَنْ يَرْتَجِـلَ ليَدْفَعَ عَنْ نَفْسِـهِ تُهْمَةَ الجَهْـلِ
أَمامَ المُشَـاهِدينَ فاضْطُرَّ دونَ أَدْنَى اكْتِراثٍ ليَبْتَدِعَ ويُؤَلِّفَ خَبَراً
مِنْ وَحْيِ خَيالِهِ المَريضِ فَقال :
- طَبَعَاً عارِف.. ما
فيش دُخَّان مِنْ غير نار.. مِشْ قَصْدَك الشيخ الأَزْهَري اللي تَنَصَّر وأَعْلَن
اعْتِناقُه المَسيحيَّة ولَجَأ للكِنيسَة لِحِمايْتُه؟
وذُهِلَ "مَشْهُورٌ"
مِنْ رَدِّ "عَبْدِ الحَقِّ" لأَنَّه لَمْ يَكُن يَعْرِفُ هَذا الخَبَر
بَلْ كانَ سَيُدَشِّنُ خَبَراً مُفَبْرَكاً آخَر، ولِكي يَظْهَرَ بِمَظْهَرِ العالِم
ببَواطِن الأمور قَرَّرَ أنْ يزايِدَ هُوَ الآخَر فَقال :
- لأَ الخَبَر دَه قَديم..
أَنا قَصْدي الكَاهِن المِسيحي اللي أَسْلَم وكان قاعِد عَنْد واحِد مُسْلِم والقَبَط
راحوا خَطَفوه ورَجَّعوه الكِنيسَة وحَبَسوه هِناك.. عَرَفْت إنَّك نايِم عَلَى ودانَك؟
وتَلَعْثَمَ "عَبْدُ
الحَقِّ" فَقَد اتَّضَحَ لَهُ - عَلَى غَيْرِ الحَقيقَةِ - أَنَّ خَبَرَهُ الكاذِبَ
حَقيقيٌ بَلْ وقَديمٌ أَيْضاً ولَكِنَّهُ لمْ يَيْأَسْ واسْتَكْمَلَ مُناطَحَتَهُ
"لمَشْهُور" :
- ما انا كُنْت حَ اقول
لَك الخَبَر دَه بَسْ انْتَ ما ادّيتْنيش فُرْصَة....
وقاطَعَهُما "سَيْفٌ
القاطِعُ" بِسُرْعَةٍ هائِلَةٍ وقالَ وهوَ يَرْفَعُ يَديْه :
- سَيِّدي سَيِّدي سَيِّدي.. وَقْتُ البَرْنامَجِ انْتَهَى.. يعْطيكُم العافْية.. إذا بِتْرِيدوا مُمْكِن تِسْتِعْمِلوا الأَحْذيَة أَوْ الأكواب أَوْ الكَراسي.. وأُحِبُ أَنْ أَخْتِمَ هَذِهِ الحَلَقَةَ مُشِاهِدينا الكِرام بأَنْ أَزُفَّ لَكُم هَذا النَبَأَ العاجَل : جاءَنا الآنَ أَنَّ مِئاتِ الآلافِ مِنَ المِصْريّين الذين تابَعوا هَذِهِ الحَلَقَةَ قَدْ خَرَجوا في مُدُنٍ عَديدَةٍ في مُظاهَراتٍ مُعارِضَةٍ للحُكومَةِ إثْرَ ما سَمِعُوهُ عَنْ نِيَّتِها رَفْعَ الأَسِعار.. كَما تَجَمَّعَ أَيْضاً عَشَراتُ الآلافِ مِنَ المِصْريّين المُسْلِمينِ في ميْدانِ "أُمُّ البَطَلِ" بمَدينَةِ "أَسْيوط" وقَرَّروا الزَحْفَ إلى كَنيسَةِ "مار جِرْجِس" لِتَحْريرِ الراهْبِ المَسيحي الذي أَسْلَمَ ولِتَنْفيذِ حَدِّ الرِدَّةِ في الشَيْخِ المُرْتَدِّ ثُمَّ إحْراقِ الكَنيسَة.. أَسْعَدَ اللهُ مَسَاءَكُم بِكُلِّ خَيْر.