قصص حيوانات مصريّة يحسدها المصريّون
"لو لم أكن مصريّاً لوَدِّدتُ أن أكون
مصريّاً" .. عبارةٌ خالدة أطلقها الزعيم "مصطفى كامل" أوائل القرن
الماضي ولم يزل يتردّد صداها حتى الآن .. ولكن بعض المصريّين (إن لم يكن أغلبهم)
ضاقوا منها وكفروا بها بل وصاروا يتندّرون عليها بتحريف معناها ومغزاها .. فتجد مَن
يقول: "لو لم أكن مصريّاً لوددت أن أكون هنديّاً" .. وآخرٌ يهمس:
"لو لم أكن مصريّاً لاسترحت نفسيّاً" .. وثالثٌ يبوح: "لو لم أكن
مصريّاً لارتحت جذريّاً" .. وقد تفشّى هذا الأمر بين الشباب بالذات فهم
يشعرون بأن مستقبلهم في هذا الوطن محفوف بالمخاطر من جميع الجهات: تعليمٌ رديء –
حريّاتٌ مقيّدة – بطالةٌ منتشرة – كرامةٌ مُهدَرة – احترامٌ ضائع – عدالةٌ غائبة –
دوْرٌ مفقود – رعايةٌ (صحيّة واجتماعيّة) لا تليق .... إلخ .. وفي غياب القدوة
والرمز وتغلُّب المادة على القيَم بدأوا يتشكّكون في كل شيء ويفقدون الانتماء لكل
شيء .. فبعضهم (حوالي 5 مليون) تشكّك (استغفر الله تعالى) في وجود الخالق وشرع في
السيْر بطريق الإلحاد .. وآخرون تملّصوا من جنسيّتهم وصاروا يتجنّسون بجنسيّاتٍ
أخرى أو يسعون لأن يولد أطفالهم في الخارج ليحموهم بجنسيّات أخرى بعيداً عن
الجنسيّة المصريّة التي لا تكفل (غالباً) لصاحبها العيْش كإنسان .. ومَن لم يستطع
إلى ذلك سبيلاً شرعيّاً اجتهد بكل ما أوتي من حيلة ليغامر بحياته في هجرةٍ غير شرعيّة يؤمن بأنها ستريحه حتماً: إمّا بالنجاح في وصوله لأرض الأحلام فيستريح جسده
من الشقاء وترتاح نفسيّته من المعاناة وإمّا بالفشل والموْت فتتحرّر معهما روحه
أيْضاً .. أمّا بقيّتهم الذين لا يستطيعون الفكاك من الوطن الأم فيزدادون إحباطاً
ويكونون هدفاً سهلاً لمَن يهيل التراب على أمّتنا ويهدم رموزها وزعماءها ورجالاتها
الأبطال .. كهذا الذي ادّعى أن الزعيم "مصطفى كامل" كان شخصاً متناقضاً (لأنه
أعلن أنه يفضّل أن يكون مصريّاً بالرغم من حرصه على الإقامة خارج مصر لـ 16
عاماً)، رجعيّاً (لأنه كان يعادي المرأة بشدّة)، دكتاتوريّاً (لأنه كان يهاجم مَن
يخالفه الرأي)، خائناً لوطنه (لأنه لم يكن يريد لـ"مصر" أن تتحرّر من
الاحتلال البريطاني إلّا لرغبته في استبداله بالاحتلال العثماني).
وفي خِضَم ذلك كله أصبحت الهجرة هي حلم معظم المصريين (61% منهم) .. وأصبح مَن ينجح في الهجرة والنجاة بنفسه من مستنقع الوطن محطّاً لأنظار الجميع وهدفاً مشتركاً لعيونهم الحاسدة .. والجديد أن المصريين الآن يحسدون أيْضاً الحيوانات المصريّة التي أسعدها الحظ بالهجرة فتخلّصت من مآسيها التي عاشتها في مصر .. وربما كانت غيرة ونَفْسَنة هؤلاء المواطنين البني آدمين ترجع إلى أن فصيلة الحيوان المصري تحوز إعجاب واحترام الأجانب أكثر بكثير من فصيلة المواطن المصري رغم أن كلتا الفصيلتيْن تعيشان في نفس الموْطن وتتغذّيان على نفس الطعام وتتزاوجان بنفس الطريقة وتلقيان نفس المعاملة من المسؤولين المصريين .. وإليكم قصص بعض هذه الحيوانات المحظوظة بنت المحظوظة (ربنا يحميها من كل عين قرأت حكاياتها ولا صلّيتش ع النبي) مع تمنياتنا لباقي المواطنين المصريّين بالتوفيق كالحيوانات إخوتهم في الوطن:
· "سيمون":
خلال زيارتها
لـ"مصر" في 1928 قامت الأميرة "ماري" ابنة الملك "جورج
الخامس" ملك بريطانيا بجولة في محافظ "الأقصر" .. وفي أحد الشوارع
أعجبها حمار أبيض جميل ورأت أنه يصلح لأن يكون هديّة لطفليْها اللذيْن وعدتهما
بإهدائهما شيئاً قيّماً من "مصر" (وبالطبع ليس هناك أقيم من الحمير
المصريين أو من المصريين الحمير) .. وطلبت أن تشتري الحمار فجيء بصاحبه الصعيدي
الأقصري الذي استحى أن يبيعه للأميرة فقرّر أن يهديه لها إكراماً لمكانتها
واعتزازاً بزيارتها .. غير أن الأميرة أبت إلا أن تدفع ثمنه بالكامل فأخذته معها وأسمته
"سيمون" .. وعند مغادرة الأميرة
بالباخرة "هتسو" كان في توديعها جمعٌ غفيرٌ من المصريين خرجوا ليُلقوا
النظرة الأخيرة على أخيهم "سيمون" المُغادر أرض الوطن إلى البلاط
الملكي بـ"لندن" في رحلةٍ أبديةٍ لا عوْدة منها.
خلال زيارتها
لـ"مصر" في 2017 شاهدت السائحة السويسريّة "إستير فوجت"
حماراً مصريّاً نحيلاً يجر عربة كارّو ويصرخ منهّقاً بسبب ضرب صاحبه المبرح له وقد
ظهرت على جسده (جسد الحمار مش صاحبه المواطن) آثار التعذيب الشديد (وقد عُرِف هذا
الحمار باسم "حمار الهرم" مما أغضب كل مَن كان يسكن في الهرم
وقتذاك) .. فأثار ذلك تعاطف السائحة مع الحمار فدخلت هي
وصديقها في مشادة كلاميّة مع صاحبه الذي لم يفهم منهما شيئاً لجهله بلغتهما ..
وعلى الفور قام أحد المتواجدين في المنطقة بترجمة أقوالهما حيث طلبا شراء
الحمار لأخذه معهما إلى بلدهما فوافق الرجل مقابل
800 يورو .. وبعد إتمام البيع تراجع صاحب الحمار عن العمليّة برمّتها وساوم السائحيْن
لرفع السعر فوافقا على منحه 800 يورو إضافيّة لتصل قيمة الحمار إلى 1600 يورو أي
حوالي 34 ألف جنيه مصري (قارن بين سعر الحمار وبين سعر المواطن المصري آنذاك عندما
يموت في أي حادث والذي حدّدته الحكومة بـ 10 آلاف جنيه فقط) .. ثم حرّر لهما صاحب
الحمار عقداً بالبيع بعد أن هدّداه برفع دعوى قضائية ضده عن طريق مكتب محاماة دولي
في "مصر" لو لم يترك لهما الحمار .. وانتهت
الصفقة على ذلك بعد أن رفض السائحان رجاء صاحب الحمار الذي طلب منهما بإلحاح أن
يساعداه في السفر معهما كالحمار
ويُـلحقاه هناك بأي وظيفة حتى لو كانت خادماً لهما أو للحمار ولم يتوقّف عن إلحاحه
إلّا بعد أن حذّره السائحان من أنه سيواجه حكماً بالسجن بتهمة تعذيب الحمار حال
وصوله لـ"سويسرا" .. ثم ذهب السائحان بالحمار لإحدى المستشفيات البيْطريّة
لعلاجه وبعدها أنهيا أوراق سفره إلى "سويسرا" .. ومع السلامة والقلب
داعي لك.
·
"كايرو":
في أكتوبر 2015 كان
فيه قطة صغيرة مصريّة ﻋﻤﺮﻫﺎ ﺷﻬﺮ ﻭﻧﺼﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً تتسكّع ﻓـﻲ ﻣﻄﺎﺭ "القاهرة"
ﺑﻴﻦ النفايات في ﻛﺎﻓﻴﺘﺮﻳﺎ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﻭﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺤﻦ .. ﺩﺧﻠﺖ القطة بالصدفة ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ
ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺗﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮﺓ ﻣﻦ "القاهرة" إلى "برمنجهام" ﻓـﻲ "ﺇنجلترا"
.. وﺗﺤﺮﻛّﺖ ﺍلطائرة ﻭالقطة بداخلها.
وعندما ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻄﻴﺎﺭﺓ "انجلترا" لاحظ ﻋﻤّﺎﻝ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺍلقطة ﻭﺳﻂ ﺍلحقائب وأبلغوا ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ الذي أحاﻟﻬﺎ إلى ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﺒﻴﻄﺮي ﻓـﻲ "برمنجهام" من أجل وضعها ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴّﺔ ﻭ"ﺍﻟﻨﻔﺴﻴّﺔ" في الحجر الصحي ﻟﻤﺪﺓ 14 ﻳﻮﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﺠﻴّﺪﺓ من أجل التأكّد من ﺇﻧﻬﺎ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ .. وأصرّت ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻓﻲ "برمنجهام" ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎﻣﻞ القطط الإنجليزيّة وأطلقوا عليها اسم "كايرو" ثم عرضوها للتبني ﻣﻦ أي ﺃﺳﺮﺓ ﺇﻧﺠﻠﻴﺰﻳّﺔ (بالرغم من عرض "الإمارات" بتبنّيها) .. ﻭﻓﻌﻼً تم عمل ﺇﻋﻼﻥ بذلك ﻭﺗﻠﻘّﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻋﺪّﺓ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺗﺒﻨّﻲ ﻓﻲ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﻮﻉ .. وربنا سهّل لها ده الوقت وتزاوجت مع قط بريطاني محترم بينوْنوْ باللغة الانجليزيّة بمنتهى الطلاقة وبقت أم لمجموعة قطط أخدوا الجنسيّة وعاشوا في تبات ونبات وخلّفوا قطط وقطّات.
في مارس 2015 قرر
القط الصايع "سندباد" (عمره 8 شهور) الهجرة بطريقة غير شرعيّة من "مصر"
عن طريق البحر حين تسلّل إلى متن شاحنةٍ متّجهةٍ إلى ميناء "الإسكندريّة"
ومن ثمَّ تم تفريغ الشُحنة داخل إحدى العبّارات التي جالت به عرض "البحر
المتوسط" قبل أن ينتقل منها إلى رحلةِ بريّةٍ أخرى (داخل شاحنة أيْضاً) بوسط "أوروبا"
ليبلغ إجمالي المسافة التي قطعها القط نحو 3 آلاف ميل في 17 يوماً.
ثم استقر المطاف في النهاية بالقط في أحد مستودعات التخزين التابعة لشركة "ميديترانيان لينين" بمنطقة "موريتون أولج" في "هيرفورد" بـ"المملكة المتحدة" (إنجلترا) حيث تم تفريغ الشحنة ومعها القط فسمع فريق العمل صوته ووجدوه داخل أحد الصناديق وقدموا له الطعام الذي حُرم منه طيلة الـ17 يوماً السابقة .. ثم نقلوه ليعيش مرفّهاً بعد ذلك في أحد المراكز التابعة للجمعية الملكيّة البريطانيّة .. يا سيدي ع الدَلَع.
هو كلبٌ أسود مشرّد من "القاهرة" كان يتعرّض للمعاملة السيّئة من قِبَل الأطفال وينام تحت السيارات أو على الرصيف ويستجدي الطعام من المارّة أو يبحث عنه في أكوام القمامة (تماماً كحال كثيرٍ من البَشَر المشرَّدين في "مصر") .. وفي 2015 تعرّض لمأساته الكبرى عندما اعتدى عليه بعضٌ من الأهالي (أو ربما اللصوص) متبلّدي الإحساس وقاموا بتشويه وجهه بشكلٍ كامل فحطّموا أنفه وكسروا بعض أسنانه وقطعوا لسانه .. وعندما رأته "مِنّة حلمي" إحدى المهتمّات برعاية الحيوان في "مصر" رقَّت لحاله كثيراً فتواصلت مع جمعيّة "سنار" الأمريكيّة المختصّة لتبنّي حالة "أنوبيس" ومعالجته وتوفير الرعاية الكاملة له فوافقت الجمعيّة على استقدام الكلب وأرسلت له مندوباً خاصّاً يحمل له دعوة بإسمه .. وبعد إتمام الإجراءات قطع الكلب ومرافقه مسافة 7000 ميلاً على طائرةٍ هبطت بمطار "جون كينيدي" بمدينة "نيو يورك" الأميريكيّة .. وبعد أيّام من نشر قصّته على الموْقع الرسمي للجمعيّة كانت التبرّعات قد زادت عن الرقم المرصود لعلاجه وإجراء عمليّة تجميل لإعادة وجهه كما كان .. وبعد أسابيع من نجاح تلك الجراحة الدقيقة تعافى "أنوبيس" تماماً ثم تبنّته عائلة "كاتيريا ديكليت" بولاية "تكساس" ويعيش الآن مع رفاقه الكلاب وسط عائلته الأميريكيّة الجديدة .. فهنيئاً له والعُقبى لنا إن شاء الله.
هي أسماء 3 كلاب بلدي تتشابه حكاياتها في كوْنها كلاباً ضالّة (مع كامل احترامي لها واعتذاري الشديد لهذا الوصف) تهيم على وجهها في شوارع "مصر" المحروسة إلى أن نشأت بين كلٍ منها على حِدا وبين بعض الأجنبيّات علاقة حبٍ بريئة من النظرة الأولى فاصطحبنها إلى بلادهن ولم يفارقوا بعضهم حتى هذه اللحظة .. الكلبة الأولى تعيش في "اسكتلندا" .. والثانية تعيش بـ"تورونتو" بـ"كندا" .. أما الكلب ابن الكلب الثالث فيتنزّه الآن بالمايوه السبيدو على شواطئ "هاواي" الخلّابة ويستمتع بقضاء أوقاته ما بين العوم الكلابي في البحر أو التمدّي والتمطّي على الرمال ليأخذ الـ"تان" البرونزي الجذّاب أو التلذّذ بالدراي فوود الفاخر بمطاعم الكلاب أو بالسهر في "النايت كلاب" (الملهى الليلي) حتى الفجر مع صاحباته الكلبوبات الفاتنات ........ آه يا ابن الكااااااااالب.