صورة واحد صاحب عمارة
الإثنيْن:
يا رب ... طول
النهار وأنا أردّد هذا الدعاء حتى يوفّقني الله غداً في العثور على شقّة فاضية لتنتهي
مشكلتي .. سنة بحالها - منذ زفافي على "طاطا" - وأنا أبحث عن شقّة .. دُخْت
مع أصحاب البيوت وألاعيبهم .. طَلَعِتْ عيني .. مُتْ .. والنتيجة أنني متزوّج مع
وقف التنفيـذ .. أنا أعيش مع أسرتي و"طاطا" في بيت أسرتها منذ ليلة
الزفاف .. واليوم فقط تذكّر عمّي أن له صديقاً قديماً من أيّام التلمذة اسمه "غازي"
بيه يمتلك تسـع عمارات وبيبني العاشرة .. فأعطاني خطاباً له يرجوه فيه أن يجد لي
شقّة مناسبة في عمارته الجديدة.
الثلاثاء:
یا سـلام .. واللهِ
الدنيا بخير يا ناس ذهبت إلى "غازي" بيه .. رجلٌ ضخمٌ بارز الكِرْش فخم
الملبس على وجهه تكشيرةٌ صارمة أفزعتني في البداية .. انتهى من قراءة خطاب عمّي
دون أن يعلّق عليه .. وكانت لحظةٌ رائعة من لحظات عُمري عندما قال لي أنه لم يبقَ
في عمارته الجديدة سوى شـقّةٍ واحدةٍ مكوَّنةٍ من غرفتيْن وصالة .. يمكنني أن
اعتبرها شقّتي من الآن مقابل دفع مبلغ خمسمائة جنيْهٍ فقط من باب ربط الكلمة ليْس إلّا.
فسألته:
- وما فيش خلِوْ رِجْل؟
وتمتم الرجل مستغفراً
الله العظيم لاعِنـاً أصحاب البيوت الضلاليّة الذين يقبضون خلِوْ رِجْل .. فلم أتمالك
نفسي من الفرحة وأنا أسمعه يقول هذا الكلام الشريف العفيف .. فبكيْتُ في تجعيرٍ
شديد من فرط انفعالي .. ودفعت مبلغ الخمسمائة جنيْه على أن أذهب معه غداً ليُريني
الشقّة وأحسستُ بنذالتي وأنا أفكّر في أن أطلب إيصالاً بالمبلغ من هذا الرجل الشهم
فلابد أنه لم يكتب الإيصال من باب السهْو .. وخرجتُ من عنده ولساني لا يكُف عن الشُكر
والدعوات .. وطِرتُ إلى "طاطا" كي أزف لها أسعد خبر في الدنيا فأغمى
عليها من الفرحة.
الأربعـاء:
يوْمٌ شـاق .. عندما
ذهبتُ مع "غازي" بيه إلى عمارته الجديدة أصابني وجومٌ عندما تبيّن لي أن
العمارة لا تزال هيْكلاً من الأسمنت المسلّح .. غير أن وجومي بدأ يتبدّد عندما رأيت
العمل يجري في همّةٍ ونشاط .. كان هناك مجموعةٌ كبيرةٌ جداً من المهندسين يعملون
بأيديهم ومعهم عددٌ كبيرٌ من طلبة الهندسة .. وصعد بي "غازي" بيه إلى
الدور الأوّل على السقّالة بيْن تحيّات المهندسين وانحناءاتهم .. وأراني الرجل
مساحةً فسيحةً لم تقُم حوائطها بعد قائلاً أن هذه هي شقّتي .. وتبدّد وجومي تماماً
فقد رأيْتُ ساعتها أنها شقةٌ لقطةٌ فعـلاً .. فمساحتها كبيرةٌ جداً بالنسبة لشقّةٍ
من غرفتيْن وصالة .. وسألت "غازي" بيه عن موْعد الانتهاء من بناء
العمارة فأجاب في اقتضاب:
- واللهِ إنتم وشطارتكم بقى.
ولم يكَد "غازي"
بيه ينتهي من عبارته التي لم أفهمها حتّى رأيْتُ أحد المهندسين يُقبِل نحوي وبيده
مقطفٌ أعطاه لي بينما "غازي" بيه يقول:
- يللا بقى .. ورّينا الهِمّة.
قُلتُ في دهشة:
- إيه ده؟
قال "غازی"
بيه:
- مقطف عشان تشتغل معاهم في العمارة.
- أنا؟
قال في لهجةٍ جافّة:
- أومّال أمّي؟ .. ما هو كل اللي بيشتغلوا
قُدّامك دول سُكّان العمارة اللي عايزين يأجّروا عنـدي .. ولّا عایزنی یعني أجيب
لكم عُمّال على حسابی!!!
وقبل أن يترك لي "غازي"
بيه فرصةً للكلام وقد عقدت الدهشة لساني مضى يقول:
- وفيها إيه لمّا تشتغل فاعِل؟
ثم اشتدّتْ لهجته حِـدّةً
وهو يُفهِمني أنني سأعمـل مع ناس محترمين .. وأراد أن يدلِّل على ذلك فأشـار إلى
رجلٍ يحمـل قصعة مونة ويصعد السقّالة قائلاً:
- أهو ده مثلاً "شفيق المناديلي"
.. راجل مدير حسابات قد الدنيا .. ح تكون احسن منـه؟
وأعقب ذلك منادياً:
- واد يا "شفيق" .. خُد هِنا.
فعاد "شفيق"
يهبط السقّالة مهرولاً .. ثم وضع قصعة المونة على الأرض واقترب من "غازي"
بيه في خطواتٍ سريعةٍ متلاحقة .. إنه رجلٌ تعدّى الخمسين.. أصلع ..
وقور المظهر .. يضع على عيْنيْه نظّارةً طبيـّةً سميكة .. وقف أمام "غازي"
بيه يلهث من التعب .. رأسه إلى الأرض في احترام ويده مرفوعةٌ بالتحيّة لـ"غازي"
بيه .. وبادر بالقوْل:
- تمام با فندم.
وجذبه "غازي" بيه من قفاه وهو
يسأله:
- قول لي يا واد .. أنتَ صنعتك إيه؟
- مدير حسابات شركة "الشمس" يا فندم.
- وطالِب مني إيه يا واد؟
- شقّة .. إلهي يطوّل عُمرك.
- وبتعمل إيه هنا؟
- باشتغل فاعِل أنا وأولادى "عصام" و"ممدوح"
و"مجدي" و"شريف".
- وشغلك ف الشركة .. عامِل فيه إيه؟
- واخد كل أجازاتي السنويّة والمرضيّة والعَرَضيّة علشـان اقدر
اشتغل هنا والعمارة تخلص ونسكن.
ومد إليه "غازي" بیه يده قائلاً:
- طب بوس إيد سيدك يا واد.
وأسرع "شفيق المناديلي" يقبِّل يد "غازي"
بيه قائلاً:
- ربّنا يخلّيك ويطوّل لنا ف عمرك يا راجل يا طيّب.
وبعد أن قبـّل "شفيق المناديلي" يد
"غازي" بيه قال له حضرة صاحب العمارة:
-
إعجن عجين الفلّاحة
يا واد.
وعلى الفوْر شمّر "شفيق المناديلي"
بنطلونه ثم قرفص على الأرض وراح ينط مُقلِّداً صوْت القرود .. ثم نظر إلى "غازي"
بيه وهو ما يزال يعجن عجين الفلّاحة وقال في عِبارةٍ قطعها النَهَجان:
-
إن شا الله تكون
مبسوط يا فندم.
وهنا قال له "غازي" بيه في لهجةٍ
صارمة:
-
قوم یا واد شوف شُغلك
.. خلّيك تُسْكُن.
فنهض "شفيق المناديلي" وأنزل
بنطلونه ثم هرول مبتعداً ليلتقط من الأرض قصعة المونة التي حملها على كتفه ومضى
يصعد السقّالة .. وعندما هممت بالكلام فوجئت بـ"غازي" بيه يتطلّع ببصره
إلى بعيد وقد انقلبت سِحنته وهو يصيح:
-
خُد يا واد هنا .. أيوه
انتَ .. تعالى.
وتقدّم رجلٌ أشيبٌ يرتدی قميص لينوه وبنطلون
موهـير ويحمل على كتفه صفّاً مرصوصاً من الطوب الأحمر وضعه على الأرض في حرص .. ثم
وقف أمام "غازي" بيه في خوفٍ شديد هامساً:
-
نعم يا فندم.
-
اسمك إيه؟
-
"حامد أبو دقّة"
يا فندم .. مدير مستخدمين في الـ....
قاطعه "غازي" بیه صارخاً في عصبيّة:
-
أنا مش قلت ستّين مرّة
ممنوع التدخين وقت الشُغل.
اعتذر الرجل متوسّلاً إلى "غازي"
بيه أن يقبل اعتذاره بينمـا "غازي" بیه يهدّده بأنه لن يؤجِّر له الشقّة
البحريّة في الدور الخامس .. انحنی "حامد أبو دقّة" على يد "غازي"
بيه يقبّلها متذلّلاً:
-
إعمل معروف يا بيه
.. دي آخِر مرّة واللهِ.
ولم يهدأ "غازي" بيه إلّا بعد أن
فتّش المستأجِر وأخذ علبة السجائر من جيبه ثم أخذ ثلاثمائة جنيهٍ التي كانت في
محفظته - غير الفكّة - حتى لا يشتري سجائر يدخّنها أثناء الشُغل في العمارة .. وانهال
عليـه بعد ذلك بالصفعات والشلاليت ثم
طرده من أمامه مع إنـذاره بحرمانه من استئجار الشقّة إذا كرّر ذلك مرّةً أخرى .. والتفت
لي "غازي" بيه وسألني في عصبيّةٍ شديدةٍ عن رأيي النهائي حتّى يتصرّف في
الشقّة .. فلم يكن أمامي أي خيار .. فإمّا أن أدفع خلو رجل بآلاف الجنيْهات عند
الآخرين - وهذا غير ممكن - وإمّا أن اشتغل عند "غازي" بيه وهذا ممكن
وأمري لله .. وعندئذٍ أمرني "غازي" بيـه أن أحضر في الصباح وأُسلِّم
نفسي للمعلم "حوده اللومانجي" مدير أعمال "غازي" بيه.
الخميس:
حصلتُ على أجازةٍ طويلةٍ من عملي ثم توجّهت إلى
العمـارة .. سألت "شفيق المناديلي" عن مكان المعلّم "حوده اللومانجي"
ففزع الرجل وهو يستعيذ بالله من مجرّد ذكِرْ الاسم .. ثم قرأ آية "الكرسي"
حتّى لا يطلع له وأسرع مبتعداً .. وأخيرا عثرت على المعلم "حوده" واقفاً
بيْن لوريّات الرمل والطوب .. كان رجلاً طويلاً عريضاً له شنبٌ ضخمٌ منكوش وفي عيْنيْه
نظرةٌ مخيفةٌ تُنذِر بارتكاب جناية قتل .. قدّمتُ له نفسي كمستأجِر فقال لي:
-
یعنی فاعِل جديد؟
هززتُ رأسي أن نعم .. وهنا دفعني المعلم "حوده"
بأصابع يده دَفعةً كادت تُحطِّم ضلوعي وهو يقول في قرفٍ شديد:
-
قُدّامي جاتكوا
البلاوي.
مشيتُ أمامه صاغراً وهو يسبّني ويلعنني بلا
سبب ثم زغدني في ظهري قائلاً بنفس القرف الشديد:
-
جاتكوا المصايب مستأجرين
عِرّة.
-
وعلى هذه الصورة مضى
"اللومانجي" يزغـدني ويشتمني حتّی سمعته فجأة يقول لي:
-
هِسْ اقف.
وقفت .. وبكف يده
ضربني على ظهري قائلاً:
-
طـاطي.
احنيْتُ ظهری فألقي فوْقه بشيكارة أسمنت ثم شيكارةٍ
ثانية فوْقها .. وبدأتُ أتنفّس بصعوبة من الثقل الرهيب .. وعندما ألقى بالشيكارة
الثالثة وقعتُ على الأرض فصاح المعلم "حوده" يلعن المستأجرين الخِرعين ..
وكانت كارثة.
السبت:
حملتُ إلى "غازي" بيه الانتهازي
خطاب توصية من عمّي يرجوه فيه أن يعفيني من حَمْل شيكارات الأسمنت على الطريقة
الحميريّة على أن أحمل بدلاً منها الرمل بالمقطف .. فقال لي "غازي" بيـه
أن هذا الطلب سيكلّفني ثلاثمائة جنيهٍ زيادة في أُجـرة الشقّة كل شهر .. سألته عن أجرة
الشقّة التي لا أعرف قيمتها حتّى الآن فغضب غضبةً مخيفة .. رُحتُ أتوسّل إليه أن
يسامحني فأنذرني بألّا أسأل هذا السؤال مرّةً أخرى وإلّا ضربني وحرمني من الشقة ..
وقبلت زيادة أجر الشقّة مقابل أن أحمل الرمل بالمقطف.
الإثنيْن:
على حافّة الدور الثاني جلس "غازي"
بیه أغلب الوقت ممـدِّدا ساقيْه فوق مقعدٍ آخر وقد خلع الحذاء والجوْرب وعلى الأرض
أمامه جلس الأستاذ "نظمي نظیم" - أحد المستاجرين - يطرقع له صوابعـه ..
وكان "غازي" بيه في حالةٍ عصبيّةٍ اليوْم إذ كان يطل برأسه على الشغّالين
بيْن حينٍ وآخر وهو يصيح:
-
إعمل لك هِمّة يا
مستأجر يا حمار منك له.
الخميس:
رأيْتُ "شفيق المناديلي" ينادي
ابنه الأكبر "عصام" ويأمره بأن يذهب إلى والدته بسرعة حتّى تتوجّه إلى
السيّدة "نفّوسة" هانم حرم "غازي" بيه لأن "نفّوسة"
هانم عندها غسيل النهار ده وغسّالتها عطلانة تلكّأ "عصـام" فنهره "شفيق
المناديلي" وهو يستحثّه على سُرعة الذهاب لأن "غازي" بيه أمر بأن
تكون حرم "شفيق المناديلي" عنـد "نفّوسة" هانم في ظرف عشر
دقائق.
الجمعة:
ما الذي جرى؟ .. المساحة التي أراها لي "غازي"
بيه الانتهازي على أنها مسـاحة شقّتي أُقيمت
فوْقها الجدران والحوائط فاتضح أنها تضم ثلاث شقق وكل شقّةٍ منها مكوّنة من ثلاث
غرف وصالة وكل غرفةٍ في حجم كُشك السجائر حيث تسع - بالعافية - لوجود شخصٍ واحدٍ
فيها .. توجّهتُ إلى "غازي" بيه لأستفسر منه عمّا جرى .. غيْر أنني عُدتُ
على الفوْر فقد رأيْتُه
في حالة هياجٍ شديد وهو يضع أحد المستأجرين في الفلقة وراح يضربه ضرباً عنيفاً بخرزانةٍ
في يده بينما وقف إلى جواره أربعة مستأجرين آخرين ووجوههم للحائط وأيديهم مرفوعةً إلى
أعلى في
انتظار دورهم لوضع أقدامهم في الفلقة .. واستفسرتُ – سِرّاً - عن سبب عقاب هؤلاء
المستأجرين فعلمت أنهم حاولوا مناقشة "غازي" بيه في حجم الشُقق والغُـرف
التي لا تسمح بدخول مقعد فعدلتُ نهائيّاً عن سؤاله .
السبت:
استمعتُ إلى مناقشةٍ بين "غازي"
بيه ومهندس العمارة .. قال المهندس أن مساحة الحمّام في الشُقق ذات الخمس غرف لا
تسمح أبداً بدخول البانيو أو تركيبه لأن الحمّام عبارة عن متر في نصف متر فقط فاقترح
"غازي" بيه أوّلاً - وهو يتحدّث في قرفٍ شديد - الاستغناء عن البانيو
لاعِناً سنسفيل المستأجرين الذين لا تنتهى لهم مطالب .. وبعد حديثٍ من المهندس عاد
"غازي" بيه يقترح تركيب البانيو في الحائط بالطول إذا كان ارتفاع الحمام
يكفي .. إلّا أن المهندس اعترض لأن ارتفاع الحمّام متر ونصف وهو نفس طول البانيو كما
أن الماء لن يستقر في البانيو لو وُضِـع البانيو في الحائط بالطول .. وبعد مناقشةٍ
طويلة صمّم "غازي" بيه على رأيه وعدّل اقتراحه بأن أمر بتركيب باب
للبانيو يمنع نزول الماء منه بحيث يغلقه المستأجر على نفسه عند الاستحمام على أن
يوضع الدُش والحنفيّات في أعلى البانيو من ناحية سقف الحمّام .. وأنهى "غازي"
بيه حديثه باستدراكٍ هام وهو أن باب البانيو وتركيبه يتم على حساب المستأجِر
وبمعرفته .. وعندما لَفَتَ المهندس نظر "غازي" بيه إلى أن البانيو إذا
امتلأ بالمـاء وأُغلِق سيؤدي إلى موْت المستأجر غرقاُ صـاح "غازي" بيه
بمنتهى القرف:
-
ما يغرقوا يا أخى
ويريّحونا .. جاتهم شوطة.
وانتهت المناقشة باستسلام المهندس لاقتراح "غازی"
بیه.
الخميس:
توجّهتُ إلى مكتب "غازي" بيه
الانتهازي لكتابة عقد الإيجار فالعمارة في التشطيب .. دخلتُ الغرقة دون أن ينتبه "غازی"
بیــه لوجودي فقد كان منهمكاً مع أحد المستأجرين في كتابة عقـد إيجاره الشهري قائلاً:
-
شوف یا سیدی ..
أوضتين وصالة إيجارهم 1400 جنيه .. تخفيض خمسين في المِيّه حسب القانون يبقى 700 جنيـه
.. عشان تعرف إني ماشي قانوني .. حَدَّ الله بيني وبين الحرام .. فاتورة مَيّه 150
جنيه یبقی 850 جنيه .. نور سِلِّم
50 جنيه يبقى 900 جنيه .. استعمال أسانسير 150 جنيه يبقى 1050 جنيه .. 50 جنيه استعمال
سِلِّم لمّا يتعطّل الأسانسير يبقى 1100 جنيه .. 50 جنيه بدل استهلاك عتبة باب
العمارة في الدخول يبقى 1150 .. 50 جنيه بدل تلف بوية الشبابيـك من الشمس يبقى 1200
جنيه .. 25 جنيه عشان خاطرك بدل استعمال أُكَر الأبواب والمفصّلات يبقى 1225 جنيه ..
25 جنيه استعمال صندوق بوسطة ف بهْو العمارة آدي 1250 جنيه .. 300 جنيه جـراج .. آدی
1550 جنيه .....
هنا قال المستأجِر:
-
لكن انا ما عنديش
عربيّة.
وابتسم "غازي" بيه وهو يكتب:
-
بُكْره تجیب يا أخي
.. والخمسة جنيه اللي ح تدفعها دي ح تصون الجراج وتخلّيه كويّس لغاية ما تجيب
العربيّة بأذن الله.
واستأنف "غاز" بیه قائلاً:
-
قلنا 1550 جنيه .. و100
جنيه جنايني .. يبقى 1650 جنيه .....
وقاطعه المستأجِر مرّة ثانية:
-
لكن العمارة ما فيهاش
جنينة يا "غازي" بيه.
ابتسم "غازي" بيه قائلاً:
-
يا راجل أنا ح احط
لكم قصريّة زَرْع على باب العمارة .. دی مش عايزة حد يراعي الزَرْعة اللي فيها
عشـان ماتموتشي .. مش لازم تنسقي یوماتي والجنايني ياخذ باله منها.
-
البوّاب يسقيها يا
"غازي" بیه.
-
يا حبيبي أنا راجل باحترم
التخصُّص .. بوّاب یعنی بوّاب .. ما يسقيش زرع .. وجنایني یعني جنایني .. يسقى
القصريـّة وما لهوش شأن بالبوّابة .. ما تفهموا يا حمير.
سكت المستأجِر ليستأنف "غازي" بیه
حسابه قائلاً:
-
نرجع للشقّة .. عندك
50 جنيه بدل تبويظ الحيطان بالمسامير يبقى 1700 جنيه .. 25 جنيه استعمال سيفون
يبقى 1725 جنيه .. 50 جنيه استعمال دُش يبقى 1775 جنيه .....
واستمر "غازي" بيه يحسب بدل
استعمال واستهلاك كل جزء في الشقّة حتّى وصل الإيجار الشهري للشقّة ذات الغرفين إلى
2500 جنيه .. وتعجّبتُ عندما احتج المستأجر بأنه دفع 50 ألف جنيه خلِوْ رِجْل ..
لكن "غازي" بیه أسكته مهدّداً إيّاه بعدم توقيع العقد .. وفجأة أخرج
كمبيالات بـ 100 ألف جنيه طلب من المستأجر توقيعها .. فلمّا سأله المستأجر عن تلك
الكمبيالات قال له "غازي" بیه:
-
إفرض إنك اتمسّكت
بالقانون ومرضيتش تدفع إلّا بالقانون .. أعمِل ايه انا؟ .. دي حاجة احتياطي .. إمضي
امضی.
تقدّمتُ بعـد ذلك لكتابة العقد مع "غازي"
بيه بعـد انصراف المستأجِر فنظر إليَّ في قرف قائلاً:
-
إجري يا واد إلعب
بعيد.
تبيّن لي أن "غازي" بيه كان قد أجّر كل شُقق العمـارة لناس غير الذين اشتغلوا في بنائها .. بعد أن تقاضي من كل منهم 50 ألف جنيه خلِوْ رِجْـل.