صورة واحد ناقد فنّي
السبت:
دعاني الأخ الصديق المخرج "خميس فجلة"
لمشاهدة فيلمه الجديد "فهيمة حبي أنا" .. و"خميس فجلة" مخرج تافه
وهلفوت وأستاذ في الجهل الفني .. غير أنني ضعيفٌ جداً أمام صداقته فهو أحد أفراد
الشِلّة التي تلتئم كل ليْلة وهو دائماً في الشِلّة الأرق والأظرف والألطف والأخف
دماً .. لذلك اضطررتُ أن أكتب نقداً عن الفيلم قلت فيه:
-
إن "فهیمة حبي
أنا" فیلمٌ طليعيٌ عظيم لا يقل روعة عن الفيلم العالمي الكبير "هيروشيما
حبي أنا" .. إن الذي يتأمّل اسم الفيلميْن يدرك على الفوْر أننا خطونا خطوةً
طليعيّةً مهولة ترتفع بنـا إلى المستوى العالمي .. فهـذا "فهيمة حبي
أنا" وذاك "هيروشيما حبي أنا".
وبرّرتُ تفاهة الفيلم وعدم إقبال الناس عليه
بقولي:
-
الأعمال العظيمة
التي يأتي بها فنانٌ عظيم قد تبدو لنا تافهةً أحياناً لأننا لا نغوص في أحشائها ..
أن "فهيمة حبى" يذكّرني بكلمة "سُقراط" الخالدة وهو يشرب كأس
السُم: "ويلٌ لمَن سبق عقله زمنه".
ولـمّا كان "خميس فجلة" لا يساوي ـ
فنيّاً ـ نِكلة فقد اضطررت أيْضاً بعد هذه الأكذوبة السابقة إلى أن "أمذهب"
تفاهته لتهويش الناس .. فمضيْتُ أقول:
-
إن المفاهيم الفنيّة
الجديدة التي أبدعها "خميس فجلة" تكشف عن الاتجاهات الإبداعيّة في
استاتيكيّة المضمون وديناميكيّة الشكل وديالكتيكيّة الفكرة وتكتيكيّة التأثير
الدرامي المنعكس الذي يتمدّد بالحرارة ويتقلّص بالبرودة خاصةً في تلك الكادرات
التي تظهر فيها "فهيمة" وهي تمسح البلاط ثم وهي تمضغ فص اللادن وتغني
وترقص لحبيبها في الشرفة: "اطلع يا بتاع الفريكيكو" .. لقد تجلّت عظمة
المخرج الطليعي في هذا المشهد الذي ساعد على روْعته ونجاحه فهم الفنانة "فتكات
رمش العين" ـ التي قامت بدور "فهيمة" ـ لدورها .. وفي استجابتها
لتوجيهات المخرج في استخدام الاستاتيكيّة التعبيريّة والديناميكيـّة الحركيّة
والأيونيّة الدراميّة في رقصة "اطلع يا بتاع الفريكيكو".
الأحد:
شکرني الأخ الصديق "خميس فجلة" على
نقدي للفيلم ..كان في منتهى السعادة .. قال أن أروع ما أعجبه في نقدي هو التحليل
العلمي الفنّي لمذهبه الاستاتيكي الديناميكي في التعبير الدرامي .. ولـمّا كنتُ
أنا نفسي لم أفهم كلمةً واحدةً من هذا الكلام رغم أنني كاتبـه فقد هززتُ له رأسي
باسماً .. غير أنه مضى يقول:
-
فعلاً .. البِت "فتكات
رمش العين" وِسطها زي الأستك في الرقص .. آخر استكيّة .. ومن ناحية ديناميت
البِت فهيَّ فعلاً ديناميت وآخر ديناميكيّة.
الجاهل .. الحمار.
الإثنيْن:
اتصل بي المنتج المعروف "جاموس بيـه أبو
جاموس" - منتج فيلم "فهيمة حبي أنا" - وشكرني بشِدّة .. ثم راح
يستفسر مني عن قيمة "خميس فجلة" كفنان لأنه كان ينتوى ألّا يدفع له بقية
الأقساط بعد أن سقط الفيلم سقوطاً عظيماً .. وهل صحيح أن "خميس فجلة"
فنان كما فهم من كتابتي؟!!! .. قلتُ له أن "خميس فجلة" سوف يكون ألمع
مخرجٍ عالمي بعد سنتيْن .. قال لي:
-
وحياة النبي؟؟
قلتُ له:
-
اسمع كلامي وخليك
ناصح وبعيد النظر .. احتكره .. لازم تحتكره بعقد لمدّة خمس سنين ع الأقل.
الثلاثاء:
دفع "جاموس" بيه للصديق "خميس
فجلة" كل الأقساط المتأخِّرة .. ووقّع معه عقداً باحتكار جهوده لمدة خمس
سنوات .. أقامت الشِلّه حفلةً كبيرةً بهذه المناسبة السعيدة.
الأربعاء:
ما هذا الكلام الفارغ؟!!! .. عددٌ كبيرٌ من
الكُتّاب والنقّاد معجب جداً بفيلم "اللحاف المقطوع" الذي أخرجه المخرج "فهمي
الفهّام" .. الفيلم - كما هو مكتوبٌ في الإعلانات - مأخوذٌ عن قصّةٍ إنسانيّةٍ
لـ"توْفيق الحكيم" .. إن الأقلام تهلّل للفيلم وتضعه في مستوى الأفلام
العالميّة .. لكنني لا أنتوى الكتابة عنه ولا حتّى الإشارة إليه لأسبابٍ عديدة ..
أوّلها أنني أستثقل دم المخرج "فهمي الفهّام" فهو متكبّرٌ وأليط وقليل
الاختلاط بالوسط الفني إلّا في حدود العمل .. إذ أنه يقضي وقت فراغه يقرأ ويفكّر ..
ثم أنه قليل الأدب فعندما ألتقي به لا يحييني إلّا من طرف أنفه ولا يحفل بي كما
يحفل بي بقية الفنّانين .. ولا أستطيع أن أكتب عن الفيلم - ثانياً - لأنه بطولة
النجمة "خليدة" .. ذلك أن الصديقة العزيزة "فتكات رمش العين"
تكره "خليدة" كُرْه العمى .. صحيح أن "خليدة" قمّة في التمثيل
غير أن حرفاً واحداً سأكتبه عنها سوْف يسبّب لي المتاعب الشديدة في شِلّتنا .. فإن
"فتكات رمش العين" هي الحب الناري لأخي وحبيبي "خميس فجلة" ..
وتلك الهلفوتة فنيّاً تعتبر نفسها قمّة في كل من التمثيل والرقص والغنـاء .. وأهم
من هذا كلّه أن "خميس فجلة" يضع رأسه برأس "فهمي الفهّام" -
المخرج الفاهم الدارس - ويعتبر نفسه أحسن منه مليون مرة .. لكل هذه الأسباب جميعاً
لا يمكن أن أكتب عن فيلم "اللحاف المقطوع" خاصّةً وأن فيلم "فهيمة
حبي أنا" لا يزال يُعرَض في دار العرض المجاورة بنجاحٍ منقطع الجماهير.
الخميس:
تعرّضتُ اليوْم لضغطٍ شديدٍ من الشِلّة ..
مطلوب مني - بالأمر - أن ألعن سنسفيل فيلم "اللحاف المقطوع" .. مضطر
للكتابة عن الفيلم.
السبت:
كتبتُ مقالاً رائعاً عن فيلم "اللحاف
المقطوع" دون أن أشاهده .. لم يكن عندي وقت .. قلتُ عنه:
-
إنه عملٌ مهلهلٌ لا
يرتفع إلى مستوى هذه الزَفّة الكذّابة .. إننا لو تأمّلنا الكيان الدرامي في ديناميكيّة
الحركة لوجدناه معدوماً تماماً .. ثم أن "الكلونازيوم" (وهي كلمةٌ لن
يفهمها مخرج الفيـلم وأراهن) لم يكن يتضمّن فاعليّة التنوّع الدرامي الكُلّي
والتنوّع الدرامي الجُزئي والامتداد العكسي للأصول المعروفة في التكوين التكنيكي.
وقلتُ أيْضاً:
-
لهذا لا نجد البطلة ("خليدة")
موجودةً في الفيلم فقد فشلتْ فشلاً ذريعاً خاصّةً في النصف الأوّل والنصف الأخير
من الفيلم .. ولو أن "خليدة" شاهدتْ الاستجابة الموقفيّة والموقف الاستجابي
للممثّلة "كاترين هيبورن" في الفيلم الأمريكي "علبة كبريت فارغة في
جيب رجل يمشي على طريق مانهاتان" لعرفتْ - بطلة ذلك الفيلم الفاشل - كيف كانت
"كاترين هيبورن" تؤدى دورها بنجاح .. إن الاستجابة الموقفيّة كان يمكن
أن تكون نافعة ومجدية لوْلا "الكلونازيوم".
وقلتُ أيْضاً لأوهم القارئ بأنني شاهدت
الفيلم:
-
ثم أن اللحاف
المقطوع الذي تدور حوْله قصّة هذا الفيلم الساقط لم يكُن مقطوعاً كفاية .. كان يجب
أن تكون كادرات اللحاف أكثر اتساعاً من الناحية البروجكتوريّة . إذ يقول "أرثر
هايك مايك" في كتابه: "السينا توريزم" أن "البروجكتيف - سكرين
- أب – داون" يجب أن يُراعَى تماماً في حالة "المالومايزر" مع وضع "الكلونازيوم"
في الاعتبار .. لكن المخرج لم يراعِ ذلك على وجه الإطلاق .. ولذلك ظهر اللحاف
وكأنه غير مقطوع.
الأحد:
تلقيْتُ قبلات وأحضان الشِلّة على نقدي
القاسي العنيف لفيلم "اللحاف المقطوع" .. ولكنني تعرّضت لمواقف محرجة
حقاً عندما سُئِلتُ عن معنى "الكلونازيوم" و"المالومايزر" و"بروجكتيف
- سكرين - أب – داون" .. غيْر أنني شاورتُ بيدي ضاحكاً في تواضُع وأنا أقول:
-
ده كلام يطول شرحه ..
غيْر أنهم لم يعفوني من أن أقضي بعض الساعة وأنا أشرح لهم الفرق بين الاستجابة
الموقفيّة والموقف الاستجابي .. ولم يفهموا شيئاً .. ذلك أنني شخصيّاً لا أعرف أي
معنى لما قلته من كلام .. وقد هز "خميس فجلة" رأسه لـ"فتكات رمش
العين" وابتسم في ثقةٍ وهو يقول لها:
-
أنا ح اشرح لِك
بعدين يا روحي إيه معنى الكلام ده.
معقِّباً:
-
دی تعبیرات عميقة
تدل على فهم الأستاذ (قصده أنا) للفن على حقيقته.
الإثنيْن:
حصلتْ مصيبة .. اتّضح أن فيلم "اللحاف
المقطوع" الذي هاجمته دون أن أراه ليْس به أي لحافٍ مقطوعٍ من أي نوع .. اتّضح
أن اسم الفيلم مأخوذٌ من عبارةٍ في الحوار تأتي على لسان البطلة وتشبِّه فيها
البطل - خلال أحد المواقف – بأنه رجعي الفِكْر كاللحاف المقطوع.
الثلاثاء:
مقالاتٌ تلعن سنسفيلي .. فاضطررتُ إلى مشاهدة
الفيلم لعلّني أعثر على لحاف في أي مشهد .. أي لحافٍ يُخرِجني من هذه الورطة ..
لحافٌ على سرير .. لحافٌ على فراندة .. أي لحافٍ والسلام .. ما فيش.
الأربعاء:
عاودتُ التفيش على أي لحافٍ في الفيلم ..
دخلتُ حفلة 6 وحفلة 9 .. فلم أجد أيْضاً أي لحاف .. لكنني حصلتُ على ثغرةٍ أستطيع
أن أنجو بها من هذه الورطة المهبّبة .. إذ لاحظتُ أن البطل الذي تشبّهه البطلة
باللحاف المقطوع يمثّل دور شابٍ فقير بنطلونه مقطوع فوق الرُكبة .. هذه فرصةٌ
ثمينةٌ لأدافع عن نفسي بكتابة مقالٍ عن الرمزيّة في الفن.
الخميس:
كتبتُ مقالةً مهولةً أسبغت عليها الطابع
العلمي والأكاديمي لأُخرِس الألسنة .. قلت:
-
حديثنا عن اللحاف
المقطوع في نقدنا للفيلم الذي يحمل اسمه كان المقصود به رمزيّة هذا اللحاف
ممثَّلاً في بنطلون البطل المُمَزَّق فوْق رُكبته .. لكن كثيرين لم يفهموا ما
قصدناه للأسف .. إنهم في حاجة إلى فَهْم ما رمى إليه المخرِج من التأثير الرمزي ..
ولعل المخرج - في اتّباعه لهذا الأسلوب - كان يُطبِّق تعاليم مدرسة البروفيسور
الياباني الكبير "هوشتيكا ماتوهاما" .. والواقع إنني في دهشةٍ عظيمة إذ
كيْف قرأ المخرج كتاب "هوشتيكا ماتوهاما" مع أن النُسخة اليابانيّة
الأصليّة الوحيدة في الشرق الأوْسط لم يقرأها سواي ثم استعارها مني ولم يردّها
الصديق العزيز السيناريست الإيطالي الكبير "جيوفاني كانالوني"؟!!! .. في
هذا الكتاب (واسمه "البُعد الخامس في الجدار الرمزي") يقول البروفيسور
الجليل "هوشتيكا ماتوهاما" بالحرف الواحد في ص 257 من الكتاب: "إن
ظهور بطل الفيلم ببنطلونٍ مُمَزَّق معناه التمزُّق المطلق كالتمزُّق في لحاف البطل
وكوفرتة البطل ومخدّة البطل وحياة البطل كلّها" .. والواقع أن المخرِج لم
يراعِ نهائيّاً البُعد الفراغي في العلاقة بين البنطلون واللحاف .. ذلك البُعد
الذي تحدّث عنه البروفيسور العظيم "هوشتيكا ماتوهاما" وقال عنه بالحرف
الواحد في ص 291: "إن المخرج الذي ينسى هذا البُعد الفراغي هو مخرِج حمار
وبغل" .. لهذا السبب طالبنا في مقالنا السابق إن تكون تمزُّقات البنطلون (أي
اللحاف بلغة البُعد الفراغي) أكثر اتساعاً من ناحية المعالجة التكتيكيّة التي
ذكرناها في نقدنا للفيلم .. ذلك أن العلاقة الرمزيّة للمكان والزمان الواحد لابد
أن تؤدّي إلى فهْم تأثيري واحد (راجع كتاب الأبعاد الفراغيّة في الرمزيّة بين
اللحاف والبنطلون المقطوع للناقد الأسترالي الكبير "إس. بي. بلاجرا" -
الجزء الرابع: ص 132 - 133 و 138 - 141).
السبت:
سكتوا تماماً .. أقامتْ لي الشِلّة حفلة
تكريم لأنني أفحمتهم.
الإثنيْن:
يبدو أنني مقبلٌ على معركةٍ رهيبة .. صديقي
الكاتب المسرحي "حسين أبو دراع" ستعرض مسرحيّته الجديدة بعد أيام ..
أعرف تماماً أن كل مسرحيّاته التي ألّفها هي منتهى الكلام الفارغ لكنه أحد أفراد شِلّتنا
الأخرى التي تضم الإخوان الأدباء والكُتّاب .. طلبتُ من "حسين أبو دراع"
نَص المسرحيّة لأقرأه استعداداً لكتابة نقدي الفني .. أحضر لى نسخة المسرحيّة وعلى
الغلاف اسمها "کرسي وكباب وكُفتة.
الثلاثاء:
فتحتُ نَص المسرحيّة لأقرأه .. فوجدت ورقاً
أبيض في الدوسيه .. لابد أن "حسين أبو دراع" أخطأ .. اتّصلتُ به في
المسرح فطلب مني أن أحضر فوْراً لأن المسرحيّة ستُعرَض الآن في بروفةٍ عامّة قبل
الافتتاح .. وأخبرني أن شِلّة الأدباء الأصدقاء موجودة بكاملها.
ذهبتُ إلى المسرح وجلستُ مع شِلّتنا الأدبيّة
.. رُفِع الستار عن مسرحٍ ليس به أي ديكور .. کرسي فقط يتوسّط المسرح وفوق الكرسي
طبق كباب وكُفتة .. ظلَّ الستار منفرجاً على هذا المنظر ثم أُسدِل بعد 55 دقيقة
دون أن يظهر أي ممثّلٍ أو ممثّلة .. ولكزنى صديقنا "بركة المبارك" لكي أُصفِّق
بمناسبة انتهاء الفصل الأول .. صفّقتُ بحماس .. ثم ارتفع الستار عن الفصل الثاني ..
نفس الديكور ونفس المسرح الخالي من أي ممثّلٍ أو ممثّلة .. الكرسي فقط وعليه طبق
الكباب والكُفتة ولكنه انتقل إلى الجانب الأيْمن من المسرح .. ظل السِتار مفتوحاً
50 دقيقة ثم أُسدِل بيْن تصفيق شِلّتنا من النقّاد والأدباء .. وبعد استراحةٍ أخرى
انفرج السِتار عن الفصل الثالث .. نفس المسرح الخالي - طوال الوقت - من أي ممثّلٍ
أو ممثِّلة .. ولكن الكرسي هذه المرّة مقلوبٌ وطبق الكباب واقعٌ على الأرض .. استمر
الستار منفرجاً عن هذا المنظر لمدّة 45 دقيقة .. وعندما أسدل السِتار وأُضيئت
الأنوار قُمنا جميعاً نُقَبِّل "حسين أبو دراع" على هذا العمل الطليعي
الخُرافي .. انصرفتُ وحيداً أُسائِل نفسي:
-
ماذا يريد أن يقول
هذا المختل بتلك المسرحية؟!!!
الله يخرب بيت جنابه.
الجمعة:
مقالاتٌ من كل أفراد الشِلّة تمجِّد في
المسرحيّة التي بدأ عرضها أمس .. أجمعنا على أنها فَتْحٌ عظيمٌ في الدراما من "حسين
أبو دراع".
السبت:
المقالات مستمرّة.
الثلاثاء:
المقالات مستمرّة .. المسرحيّة لا يدخلها
إنسان .. المتفرّج الوحيد الذي دخل المسرح خرج بعد الفصل الأول ليضرب عاملة
التذاكر وهو يطالبها بفلوسه لابد من عمل شيء من أجل صديقنا "حسين أبو دراع"
فالمقالات لا تكفى .. انتهت مشاورات الشِلّة إلى عقد ندوةٍ في التليفزيون نناقش
فيها المسرحيّة ونروّج لها.
السبت:
كانت ندوة التليفزيون موفّقة جداً .. دار
فيها هذا الحوار:
الأستاذ "بركة":
-
إن مسرحيّة "كرسي
وكباب وكُفتة" تُعَد من أروع المسرحيّات التي ظهرت على الكرة الأرضيّة.
الأستاذ "شنشولي":
-
فعلاً .. فهذه
المسرحيّة تترك المتفرّج يتخيّل الأحداث التي تعجبه.
أنا:
-
الأستاذ "حسين
أبو دراع" منح المتفرّج حريّة الخيال فلم يُقيِّد خياله بأحداثٍ أو قصّةٍ أو
حوارٍ أو شخصيّات .. ولا حاجة أبداً .. شيءٌ مُذهل .. برافو.
الأستاذ "أبو لِبّة":
-
"حسين أبو دراع"
هو أوّل مؤلّف مسرحي في التاريخ ينقل الحدث المسرحي من فوق خشبة المسرح إلى داخل جمجمة
المتفرج تاركاً للمتفرّج أن يرى داخل جمجمته ما يعجبه.
الأستاذ "شنشولي":
-
لى ملحوظة على هذا
الكلام وهو أن الكرسي مع طبق الكباب والكُفتة يحد من خيال المتفرّج فالكرسي مرّة
في منتصف المسرح ومرّة - في الفصل الثاني - في جانب المسرح وفى الفصل الثالث مقلوب
.. خيال المتفرج هنا إذن لابد أن يرتبط بحركات الكرسي وتنقّلاته.
الأستاذ "بركة":
-
آآآآآ .. آآ .. في
الواقع .. إن حركات الكُرسي في الفصول الثلاثة تبرز لنا نمو شخصيّة الكرسي
باعتباره بطل المسرحيّة.
أنا:
-
في الواقع .. إن
حركات الكُرسي في الفصول الثلاثة تكشف عن مدى الأبعاد الدراميّة المتحرّكة داخل
الجمجمة الإنسانيّة للمتفرّج.
الأستاذ "شنشولي":
-
مفهوم مفهوم .. لكن
لاشك أن فاعليّة الكُرسي هنا متأثّرة بالتوافق التام مع الاستدرام المنفرد.
الأستاذ "أبو لِبّة":
-
ستيكاتيزم؟
الأستاذ "شنشولي" :
-
بالظبط .. ستيكاتيزم
.. مع بعض التباعد في الإلتواح.
أنا:
-
لاشك لاشك ..
فالإلتواح سليم كُل السلامة.
"بركة":
-
بالطبع .. وهذا
يساعد على وصول الحدث بسهولة إلى داخل الجمجمة الإنسانيّة في بنائيّةٍ متوازيةٍ
لما لا يحدث على خشبة المسرح.
الأستاذ "أبو لِبّة":
-
فعلاً .. ولهذا كنت
أنظر إلى المسرح الخالي وأعتبر أن المسرحية تراجيك .. فكل الأحداث التي دارت داخل
جمجمتي الإنسانيّة تراجيديّة .. وعندما أُسدِل الستار عن الفصل الثالث كان البطل
في خيالي وداخل جمجمتي الإنسانيّة يقتل البطلة بمنشار وهي تقاوم وتحاول الدفاع عن
نفسها وقلبت الكرسي بالكباب والكُفتة أثناء مقاومتها.
الأستاذ "بركة":
-
أنا بالعكس .. كنت
أتطلّع إلى خشبة المسرح الخالية طول الفصول الثلاثة وأنا أضحك بشِدّة كما رأيتم ..
فقد كانت المسرحية التي تخيّلتُها كوميديا تفطَّس من الضحك.
أنا:
-
سيادتك تخيّلتها
كوميديا والأستاذ "أبو لِبّة" تخيّلها تراجيديا .. هذا الاختلاف الجوْهري
في تخيُّل الأحداث يكشف - بلا شك - عن عبقريّة الأستاذ "حسين أبو دراع".
الأستاذ "شنشولي":
-
لاشك لاشك .. هذا
الاختلاف سببه في الواقع اختلافٌ في أبعاد استكاتيزميّة.
وانتهيْنا إلى أن المسرحيّة شامخةٌ من قِمم الأعمال الدراميّة .. لكنني لم أدري - عند انصرافنا من باب التليفزيون - لماذا أمسك بنا بعض الناس وضربونا ضرباً شديداً ؟!!!