السِر ف زير (2)
وبعد انتهاء إجراءات
الدخول سيق "حجاب" إلى حجرةٍ فخمة وأُمِر أن يجلس فجلس وهو يرتعد، وبعد
دقائق نفذ داخل الحجرة نائب الرئيس وقد بدت عليه أمارات الغضب فقد كان عابس الوجه
جاحظ العينين يكاد أن يتطاير منهما الشرر، وبدون أيّة مقدّمات سأله :
- فين الورقة اللي اخدتها
م المحفظة يا دكتور.
- ورقة إيه يا باشا؟
- باقول لك إيه؟.. المحفظة
ما بتطلعش م البدلة إلّا لمّا باحطّها ف جيب البيجامة والعكس.. يعني ما بتفارقنيش
بتاتاً.. حتَّى لمّا بستحمّى بآخدها معايَّ الحمّام.. وامبارح انا كنت متخدّر وقلعت
عندك الجاكيت.. يعني ما فيش حد غيرك هو اللي أخد الورقة.. هاتها من سُكات.. وانسى
اللي كان مكتوب فيها احسن لك.. طبعاً انت عارف انا اقدر اعمل فيك إيه.
وهنا قرّر
"حجاب" أن يرتجل؛ فلم يكن قد أخذ وقته في التفكير بعد، وأيقن أنه هالكٌ
لا مَحالة إن لم يدِر الأمر بدهاءٍ وبرود أعصاب، فقال للنائب وهو يتظاهر بالثقة في
النفس :
- بُص يا فندم.. أنا
ح اقول لسيادتك على كل حاجة بمنتهى الصراحة.. أنا فعلاً اخدت ورقة الجواز العُرفي
اللي كانت ف محفظتك.. الموضوع كان حب استطلاع بس ف الأوّل وكنت ح ارجّع الورقة
جوّه المحفظة على طول.. إنما لمّا فكّرت إيه اللي ممكن سيادتك تعمله فيَّ انا وأهلي
لو شكّيت سيادتك - ولو مجرّد شك بسيط بس - إني عرفت سِرّك رجعت ف كلامي.. وقلت إن
أحسن حاجة احمي بيها نفسي وأهلي هيَّ إن الورقة دي تفضل معايَّ.. لإن الورقة دي هيَّ
الضمان الوحيد لحياتي.. لو ادّيتها لسيادتك ممكن تعمل فيَّ أي حاجة علشان ما اقولش
لحد ع اللي فيها.
- طب ما انا
ممكن اقتلك ده الوقت حالاً.. وبرضه ما حدّش ح يعرف السِر.
- لأ.. ما هو انا
نسيت اقول لحضرتك إني حطّيت ورقة الجواز العرفي ف ظرف وحطّيت معاها ورقة تانية
كتبت فيها إنك بتهددني علشان تاخد ورقة الجواز.. وقفلت الظرف وادّيته لواحد صاحبي
وقلت له يفتحه ويقدّم اللي فيه للنيابة والصحافة لو حصل لي حاجة.
- طب ما انا ممكن اقتلك
انت وصاحبك ده.. مش كده؟
- وانا مجنون اقول
لك على اسم صاحبي ده.. ده بموتي.. ومش معقول سيادتك ح تقتلني انا وأهلي وكل اصحابي
ومعارفي في نفس الوقت.
- ده انت مرتّب كل
حاجة بقى.. وانا إيه اللي يضمن لي إني لو سبتك مش ح تفضحني وتبيع سِرّي لأي حَد؟
- أوّلاً : أنا لو فَتَشْت
سِر سيادتك أبقى غبي لإني عارف إنك ساعتها مش ح تبقى باقي على حاجة وح تنتقم مني شَر
انتقام.. وثانياً : أنا يهمّني أكتر من سيادتك إن ما حدّش يعرف سرّك علشان سيادتك
تفضل ف منصبك وساعتها ح اقدر انا كمان استفيد.. يعني مصلحتي من مصلحة سيادتك.
- يعني إيه؟
- يعني انا عضو مع
سيادتك ف الحزب.. بس ما حَدّش واخد باله مني.. البركة بقى ف سيادتك تدخّلني
الأمانة العليا بتاعة الحزب وتنطّقني زي ناس كتير غيري.. وبعدين انا سامع إن فيه
تعديل وزاري قريّب.. يعني ياريت تدّيني الفرصة أبقى واحد من خدّامين سيادتك ف الوزارة..
وساعتها تتأكّد من ولائي وإخلاصي لجنابك.. وربّنا ما يحرمنا من أفضالك.
- على فكرة أسلوبك
عاجبني.. بتفكّرني بشبابي.. يعني انت بتبتزّني بس بطريقة شيك.. ماشي.. أنا ح ادّيك
الفرصة دي.. بس أقسم بالله لو حد عرف موضوع الجواز العرفي ده لامحيك من على وِش
الأرض انت واللي تعرفهم كلّهم.
- ما تقلقش.. سرّك
في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.
يونيو :
دخل معالي وزير
التعليم العالي دكتور "حجاب" جناحه في الوزارة وخلفه مدير مكتبه حاملاً
حقيبة الوزير في خضوع، وبعد أن استوى "حجاب" على كرسيه الوثير بادر
سيادته مدير مكتبه بالسؤال :
- فيه مواعيد تاني
النهار ده غير جلسة البرلمان الساعة حداشر.. واجتماع مجلس الوزرا الساعة تلاتة؟
- ما تنساش معاليك
حفلة الكوكتيل بتاعة سفارة "فرنسا" الساعة سبعة مساءً.. دول أكّدوا عليَّ
أفكّر معاليك علشان يرتّبوا سفر سيادتك لحضور حفل تسليمك الدكتوراه الفخريّة ف "السربون".
- يا سيدي.. هوَّ انا
مستنّي الدكتوراه بتاعتهم دي.. ما انا عندي بدل الدكتوراه تلاتة.. عموماً ح اروح
علشان ما يزعلوش.. هات لي بقى امضي البوستة علشان الْحَق البرلمان.
- قبل البوستة يا
فندم فيه رئيس جامعة العاصمة عايز يقابل معاليك.
- ع الصبح كده؟.. ما
تعرفش بخصوص إيه؟
- ما قالّيش.. بس
الظاهر كده عرف إنه ح يتشال ف الحركة اللي جايّة.
- طَب دخّله بسرعة..
خلّيني اخلَص منه.. هوَّ كل واحد قعد على كرسي عايز يتبّت فيه.. ما هي لو دامت للي
قبلهم ماكانتش وصلت لهم.. وبعدين دول همَّ شهرين وكده كده ح يطلع معاش.
- كلام معاليك سليم..
بعد إذنك.
وانصرف مدير المكتب
الذي أذن لرئيس الجامعة بالدخول، فولج المكتب وهو يرفع كِلْتا يديه محيّياً الوزير
في تبجيلٍ واحترام وقال :
- صباح الأنوار يا
معالي الوزير.
- صباح الخير يا سيدي..
أأمر.
- ما يأمرش عليك
ظالم.. كنت عايز سيادتك ف كلمتين.. تسمح لي اقعد؟
- إتفضّل بس باختصار
لو سمحت علشان عندي استجواب ف مجلس الشعب.
- هوّ معاليك مش
فاكرني ولّا إيه؟
- هوّ فيه وزير
تعليم عالي ما يفتكرش رؤساء الجامعات برضه.. باقول لك اختصر.
- لأ لأ.. أنا بقى ح
افكّر سيادتك.. أنا من حوالي تلاتاشر سنة كنت رئيس قسم تقويم الأسنان لمّا مجلس
كليّة طب الأسنان انعقد علشان ينظر ف طلبات المتقدّمين لوظيفة أستاذ غير متفرّغ
بالكليّة.. وكان من ضمن المتقدّمين معاليك.. وكان مع ورقك تقرير مهم من اللجنة
اللي بتفحص كل الأوراق.. التقرير ده بقى أثبت إن التلات شهادات بتوع الدكتوراه
اللي حضرتك كنت مقدّمهم ساعتها كانوا مزوّرين.. ويوميها قرّر مجلس الكليّة أنه يكتفي
برَفْض طلبك لشَغل الوظيفة وحِفْظ الأوراق من غير ما نقدّمها للنيابة حرصاً على
مستقبل معاليك.
- إنت بتخرّف بتقول
إيه يا راجل انت.. إنت عارف بتكلّم مين؟
- عارف كويّس.. وأنا
طلّعت الورق ده من أرشيف الكليّة ومحتفظ بيه ف مكان أمين.. يعني ما حدّش ح يشوفه
خالص.. وبعدين مش هوَّ ده الموضوع اللي انا جاي لمعاليك علشانه.
- أومّال عايزني ف إيه؟
- أنا جاي أقدّم لمعاليك
طلب بمد خدمتي سنتين كمان.. إتفضّل.
- مش تقول كده م
الأوّل؟.. يا سيدي آدي إمضتي بالموافقة أهِه.. هيَّ الجامعة ح تلاقي خِبرتك فين؟..
وقرار المد ح يطلع ف الحركة الجايّة آخر الشهر.. إنما بقى بالنسبة للموضوع التاني ده.....
- ما تقلقش.. سرّك
في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.
يوليو :
كانت الحفلة التي أقامتها
إدارة جامعة العاصمة للاحتفال بمد خدمة رئيسها تضم لفيفاً من الشخصيّات العامة ورموز
المجتمع، وكان الجميع يتنافسون على أن يباركوا لرئيس الجامعة بثقة الوزير الذي حالفه
التوفيق وأصدر هذا القرار الصائب، وكانوا يؤكدون على أن الجامعة لا يمكن لها أن
تعوّض هذه الخبرات النادرة، وكان من ضمن المدعوّين نائب البرلمان عن أكبر دائرة في
العاصمة، وقد كان قُطباً من أقطاب المعارضة الذين عُرِف عنهم ميْلهم للحق وانحيازهم
للعدل للدرجة التي جعلته يشتهر بين الناس بلقب "شيخ النوّاب"، وقد كان
من أشد المؤيّدين لقرار المد لغرضٍ في نفس " ابن يعقوب"، وظل عضو
البرلمان يتحيّن اللحظة الملائمة ليخلو برئيس الجامعة، وقد واتته الفرصة حين ألحّت
الطبيعة على رئيس الجامعة فلبّى نداءها واتّجه لدورة المياه، فتبعه السيّد العضو ولَحِق
به قبل أن يوصِد الباب على نفسه وعاجله بقوله :
- والله يا دكتور
الجامعة هيَّ اللي كسبانة م القرار ده.. ألف مبروك.
- طَب ما تبارك
للجامعة بقى مش لي.. ها ها ها.
- أنا كنت عايز اجي
لك مكتبك اكلّمك في موضوع كده.. بس ما رضيتش علشان أرفع عنك الحرج.
- ما فيش حرج ولا
حاجة.. "شيخ النوّاب" يأمر بس.
- واللهِ انا كنت ح اجيب
لك معايَّ ظرفين.. الأوّلاني فيه أوراق ابن اخويا علشان تعيّنه ف هيئة التدريس.
- طَب ما يقدّم ورقه
رسمي وانا ح ابقى اوصّي عليه.. من عينيّه.
- ما هو ما ينفعش
يتقدّم رسمي.. لإن الشروط ما تنطبقش عليه.. علشان كده كنت معتمد على سيادتك تعيّنه
بأمر منك على طول.
- وانت ترضى لي برضه
أخالف القانون.. ده انت حتَّى محامي ومعروف إنّك حقّاني.. أنا آسف.. إسمح لي بقى ادخل
الحمّام علشان مزنوق.
- ثانية واحدة بس..
أنا ما قلت لكش ع الظرف التاني.
- إيه؟.. فيه رشوة
كمان؟.. ما هو ده اللي ناقص؟
- رشوة إيه يا راجل..
لعن الله الراشي والمرتشي.. الظرف التاني ده بقى جا لي من حبّة موظّفين ف إدارة
الجامعة بتاعتك بصفتي م المعارضة.. وفيه صور مستندات بتثبت إن المناقصات اللي سيادتك
رسّيتها على بعض الشركات بالأمر المباشر تمّت بالمخالفة للقانون وإن فيها شبهات
كتيرة.. عموماً أُدخُل الحمّام الأوّل.. ولنا كلام تاني بعد ما تطلع.
- حمّام إيه؟.. آه..
لأ لأ.. خلاص راحت.. قصدهم على أنهي مناقصات؟.. أكيد المستندات دي مزوّرة.
- المناقصات بتاعة
مباني كليّة الآداب الجديدة.. وبتاعة تجديد معامل كليّة العلوم.. وبتاعة إقامة
مصيف العاملين بالجامعة.. وبعدين ما انا عارف إن المستندات دي أكيد مش سليمة..
علشان كده احتفظت بالأصول بتاعتها عندي.
- متشكّر قوي..
عموماً انا ف خدمتك.. إبعت لي بس أوراق ابن اخوك وانا ح اتصرّف.. وبلاش يقدّم رسمي..
أنا أصلي ما باحبّش الروتين.. وعلشان كده أعدائي كتير وممكن يصطادوا لي أي هِفوة..
يا ريت لو حد بعت لك أي مستندات تاني إبقى اتحفّظ عليها.. ماشي؟
- ما تقلقش.. سرّك
في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.
سبتمبر :
في إحدى مكاتب
المحاماة الشهيرة كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلاً عندما طرق السكرتير على
باب مكتب رئيسه الذي أجاب :
- أدخل.
- فيه واحد عايز
يقابل سيادتك.
- عنده قضيّة ولّا
من أهل الدايرة؟
- مش عارف.. هوَّ
قال لي إنه عايز حضرتك ف حاجة شخصيّة.
- يبقى من أهل
الدايرة.. أُففف.. طلباتهم ما بتنتهيش.. زي ما يكونوا اشتروني بالكام صوت بتوعهم..
الواحد مش عارف يشوف مصالحه منهم.. خلّيه يخش امّا نشوف آخرتها إيه معاهم.
- ربّنا يكون ف العون
يا فندم.. معلهش.. ما هي كل الناس متعشّمة فيك.. ما انت "شيخ النوّاب".
- طيّب هاته.. برضه
الواحد لازم يستحملهم شويّة.. الانتخابات فاضل عليها كام شهر.. أهم برضه بينفعوا.
وحين دخل الرجل
بادره "شيخ النوّاب" بالترحيب صائحاً :
- سيادة المأمور..
يا أهلاً وسهلاً.. السكرتير الحمار فاكرك من أهل الدايرة.
- أهلاً بيك.. ما هو
برضه ما غلطش.. مش انا مأمور القسم اللي ف الدايرة.. وكمان انا جاي لك ف طلب زي أي
حد من أهل الدايرة.
- يا سلام!.. إنت
تشاور بس.
- الله يكرمك.. أنا
كنت عاوز من سيادتك تتوسّط لي عند معالي وزير الداخليّة وتجيب لي منه تأشيرة
بإلغاء ندبي للصعيد اللي طلع في الحركة بتاعة السنة دي.
- واللهِ كان على
عيني.. يعز عليَّ ارفض لك طلب.. بس اصل انا موتي وسِمّي الواسطة.. حتَّى ف البيت
ما باكلش الكوسة.. وبعدين ما باحبّش اطلب حاجة من أي وزير غير لمّا تكون في الحق وما
بتخالفش اللوايح والقوانين.. ما باحبّش عيني تبقى مكسورة قدّام أي وزير.. علشان اقدر
اقف قصاده ف أي سؤال أو طلب إحاطة أو استجواب وانا عيني قويّة.
- معلهش اتنازل
المرّة دي علشان خاطري وعلشان خاطر مصلحتك.
- وانا مصلحتي إيه
لمّا تتنقل ولّا تفضل ف مكانك؟
- ما هو انا لمّا
أفضل هنا ف قسم الدايرة ح اقدر اساعد سيادتك ف الانتخابات اللي جايّة ع الأبواب دي..
ده انا حتَّى لسّه محتفظ بالجداول الانتخابيّة اللي فاتت من خمس سنين.. اللي فيها
أرقام البطاقات وبيانات وبصمات وتوقيعات الناس اللي ادّوا لك أصواتهم.. منهم اللي كانوا
عايشين ومنهم اللي كانوا ميّتين أيّاميها.. ومحتفظ كمان بالكشوفات اللي فيها الناس
اللي انتخبوك بنفس البطاقة أكتر من مرّة.. ومعايَّ شويّة استمارات دوّارة فاضية ومختومة..
أصلي ما بارميش حاجة.. علشان يبقى جرابي مليان تملّي.
- إنت بتهدّدني ولّا
إيه؟
- ما عاش اللي يهدّد
جنابك.. أنا بس عايز اخدم.. وشوف بقى من خمس سنين لحد ده الوقت كام واحد مات وح
يدّيك صوته؟
- أيوه.. ح يصوّت لي
بعد ما صوّتوا عليه.. ها ها ها.. طب انا ح اخدمك المرّة دي.. بس بشرط ما حدّش يعرف
اللي بينّا ده.
- ما تقلقش.. سرّك
في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.
نوفمبر :
كان الجميع يسير في عَجَلَةٍ
من أمره داخل أكبر قسم في أكبر دوائر المحافظة، فهذا يمضي ليلحق بدوره في طابور استخراج
البطاقات، وذلك يسابق الزمن حتَّى يستطيع الحضور مع موكّله قبل بدء التحقيقات، وتلك
تسأل في عجالةٍ عن موْعد وصول عربة الترحيلات لتوافي زوجها ببعض الأطعمة والسجائر
والنقود ليستعين بها في رحلته، وذاك شابٌ يخرج من مكتب التجنيد والتعبئة بعد أن استلم
إشعار استدعائه للجيش، أمّا "سماهر" فقد كانت تسير ببطء وتمهّل في طريقها
لمقابلة المأمور، وبعد أن سَمَح لها الجندي الواقف خارج باب مكتبه بالدخول عرجت
داخل الغرفة وهي تقول في دلال :
- صباح الخير يا
باشا.. نهاره أبيض زي الحليب.
- صباح النور.
- مبروك.. سمعت إن حضرتك
قاعد معانا ومش ح تتنقل الصعيد.
- الله يبارك فيكي..
خير؟
- معلهش أنا جايّة
كده على غفلة.. بس ما تؤاخذنيش الظُبّاط بتوعك زوّدوها قوي اليومين دول.
- مش فاهم.. إيه
المشكلة؟
- المشكلة يا باشا
إن الظُبّاط بتوع القسم بتاعك مستلمينّي.. كل ليلة ييجوا الكباريه بتاعي وهاتك يا
رخامة وغلاسة.. إشي تفتيش ع الخمور اللي ف البار.. وإشي تفتيش على لِبس الرقّاصات..
وإشي تفتيش ع البنات الشغّالين ف الكباريه.. ولو ما لاقوش حاجة يغصبوا علينا نقفل
الساعة واحدة بالدقيقة.. يرضيك كده يا باشا؟
- ما همَّ بيشوفوا
شغلهم.. إنتي عايزاهم يسيبوا لكم الحبل ع الغارِب؟
- أنا ما قلتش كده..
بس ربّنا ما يرضاش بوقف الحال ده.
- أومّال يرضى بإنكم
تغشّوا ف الخمرة؟.. ويرضى إن الرقّاصات يلبسوا بِدَل رَقْص تبيّن جسمهم كلّه؟.. ويرضى
بإنك تسرّحي البنات القُصَّر ف الدعارة؟
- يوه.. إسم الله..
ما هي الخمرة كده كده حرام.. ح يجرى إيه لمّا نغشّها.. يعني اللي بيبيعها من غير
غش بياخد ثواب؟.. وبرضه الرقص حرام.. يعني هوّ فيه بِدَل رقص شرعي؟.. أمّا البنات
بقى فيه منهم قُصَّر وفيه منهم اللي بلغت سن الرشد.. يا ترى بقى اللي بلغت سن
الرشد ربّنا مش ح يحاسبها؟
- إنتي بترغي ف إيه؟..
دي قوانين واحنا بننفّذها وخلاص.
- بس ده ما كانش
رأيك زمان يا ده العدي.
- إحترمي نفسك يا
وليّه.. أحسن ارميكي ف الحجز.
- حجز ليه يا عُمَر؟..
اللي ف الصور دي هوَّ اللي يدخل السجن مش انا.. إتفضّل اتفرّج.
- إيه دي؟.. الصور
دي جيبتيها منين؟.. دي صوري.. أكيد الصور دي متفبركة.
- واللهِ بقى
النيابة هي اللي تقول متفبركة ولّا لأ.. ومش النيابة وبس.. لأ الداخليّة كمان.. والجماعة
بتوعك بالمرّة.. شوف بقى لمّا الست هانم مرات المأمور تشوف جوزها وهوّ في أوضاع مُخِلَّة
مع بنات الليل ف كباريهات على كل شكل ولون.. فضيحة مش كده؟
- بس دي صور قديمة..
ثمّ انتي كمان ظاهرة ف كذا صورة.. يعني ح تفضحي نفسك.
- أوّلاً : الصور دي
مش قديمة قوي.. دي لمّا انا ما كنتش لسّه اشتهرت وكنت انت ظابط
صُغَنَّن ف مباحث الآداب.. ثانياً : السمعة
الطين ما بتسقطش بالمدّة.. ثالثاً : لمّا يحققوا معاك ف الوزارة ح تقول لهم إيه؟..
لا مؤاخذة أصل انا كان عياري فالِت وده الوقت بقيت مستقيم.. ورابعاً : هوَّ انا ح اتفضح
اكتر من كده.. ما الناس كلّها عارفة إن انا رقّاصة.. هوَّ انا كنت قبل كده شيخة
طريقة ولّا بيّاعة سبح؟
- يعني انتي عايزة
إيه ده الوقت؟
- عايزاك تأمر الظُبّاط
بتوعك ما يورّونيش خِلَقهم العِكْرَة ف الكباريه بتاعي.. أعمل فيه ما بدا لي.. واشغّل
فيه اللي أنا عاوزاه.. واقفل وش الصبح ما حدّش يقول لي تِلت التلاتة كام.. ماشي يا
باشا؟
- ماشي يا ستّي.. بس
عليَّ الحرام من ديني لو حد شاف الصور دي لاكون مطربق لك الكباريه ع اللي فيه.
- ما تقلقش.. سرّك
في بير.. ومش أي بير.. ده بير غويييييط ما لهوش قرار.