هههههه .. هوَّ الراجل كلامه صح .. فعلاً
الفقراء لم يتحمّلوا أي تبعات أو أعباء للسياسة الاقتصادية للحكومة ولم يتأثّروا
بها بتاتاً البَتّة .. بل بالعكس يمكن تكون ثرواتهم وأملاكهم زادت .. ده لو
اعتبرنا إن المليارديرات الكادحين أمثاله هم طبقة الفقراء إلى الله .. وتستحضرني
هنا هذه الطرفة:
يُحكَى أن في أحد الأزمان الغابرة .. عانى
وقاسى أحد الشعوب الصابرة، عندما وقعت مجاعةٌ طاحنة .. وأَلَمّت بالناس محنةٌ
ماحنة، فصار الناس يأكلون من ورق الشجر .. ويقتاتون على مخلّفات البشر، ولكن
حاكمهم لم يكن يشعر بمعاناتهم .. ولم يصله أنين مأساتهم، فقرّر أن يعقد اجتماعاً
مع وزرائه وحاشيته .. لزيادة المكوس والضرائب على الناس وكأنهم ماشيته، ولم يصارحه
المجتمعون بحقيقة الوضع الواقع .. وأخفوا عنه حال الشعب الضائع، بل قام شهبندر
السيراميك .. وأصلح على رأسه عمامته الشيك، وقال لا فَض الله فاه .. ورزقه
بالصفعات على قفاه: "سِر على بركة الله أيها السلطان .. يا خير حاكمٍ في خير
زمان، فالشعب قادرٌ على دفع الضريبة .. التي تصب في مصلحته دون ريبة، فالناس ترفل
في نعيمٍ مقيم .. وتتمرمغ في خيرٍ عميم، ولم تؤثّر فيهم سياساتك الماليّة .. ولا
زالوا يتنفّسون الهواء بحريّة، فارفع من قيمة الضريبة الحالية .. ونَم مرتاح
الضمير بسريرةٍ خالية"، وعندما سمع بهذه الرواية أحد الشعراء .. وكان مشهوراً
بصوتٍ حادٍ يصدر من أنفه الخنفاء (وهو الشاخر الساخر "الأحّة ابن خاخوخي
الاسكندراني" الشاعر) تنخّم أوّلاً ثم ندت عنه تلك الصيْحة المعهودة .. التي
هي عبارةٌ عن تكرارٍ لسلسلةٍ متتابعةٍ من حروف "الخاء" الممدودة، وقال
لتاجر السيراميك .. ذو الجلد السميك:
إكذِبْ ونافِقْ غَيْرَ نادِم
ومِلْ إلى الطَبْلِ ميْلَ هائِم
وعِشْ حِماراً تعِشْ سعيداً
فالسَعْدُ في طالعِ البهائِم.