داخلين على راس السنة .. استعدوا
كل سنة وانتم طيّبين .. السنة القديمة بتودّع
والسنة الجديدة بتسخّن .. اليومين دول موسم بقى ويعود عليكم بالخير .. ح تلاقي كل
مذيع هايف في كل عنبر من عنابر السرايا الصفراء (والتي تسمّى تأدباً القنوات
الفضائية) يستضيف له دجّال صايع وهاتك يا أسئلة عن مصير الكون والعالم ومصر في
العام الجديد وعن مستقبل تابعي الأبراج الفلكيّة وعن الأحداث الجوهريّة المستقبليّة
التي ستحيق بعلم تحضير الملوخيّة بالتقليّة .. وطبعاً كل منجّم (أو منجّمة) بيقول
اللي يخلّص شيطانه وبيكون كلامه عكس غيره علشان يبقى مختلف عن الآخرين وعلشان ممكن
تنبّؤ واحد من عشرات تنبّؤاته يصادف ويلْفَق معاه على طريقة "تيجي مع الهُبل
دوبل" فيبقى هوَّ الوحيد اللي تنبّأ بكده .. يعني مثلاً تلاقيه بيتنبّأ بإن
الزمالك (أو بيراميدز أو المصري أو غيرهم) هوَّ اللي ح ياخد الدوري في السنة
الجديدة (مع إن الناموس الكوْني والتنظيم الفلكي والترتيب النجمي والقانون الأبدي
والموْروث السرمدي بيقولوا إن الأهلي هو الفائز غالباً) .. قوم لمّا الزمالك ياخد
الدوري فعلاً (ببركة دُعا الوالدين والأوفياء من مقهوري هذا الوطن) يقول لك:
"شوفت .. أنا الوحيد اللي توقّعت كده" .. وده طبعاً غير بعض التنبّؤات
العايمة التايهة المزفلطة اللي ما لهاش مَلْكَة واللي من الطبيعي والعادي إنها
تحصل .. زي مثلاً يقول لك بكل ثقة: "السنة الجديدة ح تشهد وفاة أحد الزعماء أو
الرؤساء (من الطبيعي أن حد فيهم يموت خصوصاً إن أغلبهم عدّى السبعين والتمانين) ..
وكمان ح يحصل إنقلاب في إحدى دول العالم التالت (وطبعاً عادي جداً إنك تلاقي
انقلاب كل فترة وتلاقي رئيس جديد طلع ع المسرح والقديم اتخوْزَق على نفس المسرح
برضه) .. وإن السنة الجديدة ح تكون موْلد مطرب جديد وكسوف شمس مطرب قديم في مصر
والعالم العربي (قال يعني احنا بيعدّي علينا أسبوع من غير ما يطلع لنا مطرب جديد
يفرقع ويبلينا بموْهبته الفظيعة ومطرب قديم تروح عليه ويرحمنا من حنجرته الشنيعة)
.. وإن فيه أفلام ح تفشل وأفلام ح تنجح (شيء عادي جداً) وإن فيه إعصار ح يقوم ف أمريكا
(أمر اعتيادي قوي) وإن أسعار بعض السلع ح ترتفع في مصر (حاجة مألوفة للغاية) وإن ح
تبقى فيه اختراعات غربيّة حديثة مذهلة (مسألة دارجة خالص) وإن قطرين تابعين لسكك
حضيض مصر ح يدخلوا ف بعض (حادثة معتادة مالص) ...... وإن الدنيا ح تشتي ف الشِتا
.. والقمر ح يطلع بالليل .. والوطن العربي ح يتخلّف أكتر واكتر ...... إلخ
إلخ"
وفي الفيديو المرفق أعلاه مثالٌ لما أقول لأحد
المذيعين البلاليص إيّاهم في لقاءٍ مع أحد النصّابين الذي يدلو بجردله هو الآخر في
مسألة التنبّؤات الحصريّة والتوقعات المرئيّة والتكهّنات العبّاسيّة للسنة
المهلبيّة .. ثم يدّعي هذا الأفّاك زواجه بإحدى الجنيّات التي تأتي له على صورة
الفنانة التي يشتهيها والتي أنجب منها أطفالاً لم يفصح عن كونهم بشراً أم جِناّ أم
نص كده ونص كده .. تماماً كما لم يكشف عن تفاصيل الطريقة التي إنجب بها هؤلاء
الأطفال (يمكن الأوضاع مقلوبة ومكسوف يقول) .. ده حتى ما قالش مراته الجنيّة
ولدتهم فين (مستشفى الجلاء للنسا والولادة أم مستشفى المصباح السحري للجنيّات
والولادة) وتحت إشراف مين (دكتورة عبير محمود الطوخي ولّا زحالف بنت شمهورش
الأبانوخي) وبأي وسيلة (عملية ولادة طبيعيّة أو قيصريّة ولّا عملية الوحا الوحا
العجل العجل الساعة الساعة)؟
هذا الدجّال يلف على جميع القنوات (وفي كل قناةٍ منها يقول للمذيع الذي يستضيفه أنه يحبّه هوَّ بالذات لأنه صديقه المقرّب ولذلك فسوف يخصّه حصريّاً دون غيره بتنبّؤاته للعام الجديد) كبائع اللبن كي يوزّع خرافاته ونبوءاته على الجميع نظير أجرٍ معلوم مما ساهم في تضاعُف مريديه المضلَّلين وزيادة تسطيح فكر الغلابة الجهلة وتشويه معتقداتهم وكفرهم بأسباب الدين والعلم وإغراقهم في بحر الإيمان بالخرافات والشعوذة .. قال يعني الناس ناقصة جهل وتغييب .. حاجة تقرف الكلب الجربان.
قال الله تعالى:
- "قُل لا يعلم مَن في السماوات
والأرض الغيْبَ إلّا الله".
-
"قُل
اللهمَّ فاطر السماوات والأرض عالم الغيْب والشهادة".
-
"وعنده
مفاتِح الغيْب لا يعلمها إلّا هو".
-
"هو
الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيْب والشهادة هو الرحمن الرحيم".
-
"عالم
الغيْب فلا يُظهِر على غيْبه أحدا".
-
"فقُل
إنما الغيْب لله".
وقال رسولنا الكريم
(صلّى الله عليه وسلّم):
- "مَن اقتبس شُعبةً من النجوم؛
فقد اقتبس شُعبةً من السِحر، زاد ما زاد".
-
"مَن
أتى عَرّافاً فسألهُ عن شيْء؛ لم تُقبَل له صلاةٌ أربعينَ يوْماً".
-
"مَن
أتى عرَّافاً أو كاهناً فصَدَّقَه بما يقول؛ فقد كَفَرَ بما أُنْزِلَ على محمَّد".
كما قال الشاعر
السوري "د/ وائل جحا":
"مــا بـُرجُكَ
هـيَّا أخـبرني؟
سـرطـانٌ؟ .. دلــوٌ؟
.. أم عـقربْ؟
إنْ كـنتَ تـُصدِّقهم
فاعلم
أنَّ الأبــراجَ
هـيَ الأكـذبْ
لا يـعـلمُ غـيْـباً
يــا ولـدي
إلا مــــوْلاكَ
فـــلا تـلـعـبْ
وأُزيـدُكَ مـن شِـعري
بيْتاً
فـنـجانَ الـقـهوةِ
لا تـقلِبْ
وقــراءةُ كــفٍّ ذا
عَـجَـبٌ
لـكن مَنْ صدَّقَ ذا
أعجبْ
مَنْ يرجو سَعداً من
دَجَلٍ
كـالرَّاجي بيْضاً
من أرنبْ"
وقد قيل قديماً:
"كذب المنجمّون ولو صدفوا" .. وبالمناسبة هذه العبارة ليست حديثاً
نبويّاً .. وآخر كلمة فيها هي "صدفوا" (بحرف الفاء) وليست
"صدقوا" (بحرف القاف) .. لأن المنجمّين ربما يصدفون فيما يتكهّنون ولكنهم
لا يصدقون أبداً.