الوزير الوزير + الكمساري (أو الموظّف) الإرهابي = إهانة المواطن العميل | المعادلة المحسومة للسكة الحضيض
مش كفاية إن المسؤول السياسي الكبير من دول يروح شغله في مواعيده أو يشتغل لعدد ساعات أطول من المتعارف عليها أو يقوم بجوْلات ميدانيّة تفتيشيّة على قطاعات الوزارة أو المؤسّسة التي يترأسها علشان يبقى ناجح ونسبّح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليْل لأطراف النهار .. عن الوزير "كامل الوزير" أتحدّث يا سادة .. فقد كثرت بلاوي هيئة السكة الحضيض وتعدّد ذكرها في صفحات الحوادث ومنتديات التواصل بكل سوء رغم الدعم المادي والمعنوي والإعلامي الهائل لمعالي الوزير "الوزير" (أو الوزير أُس 2) .. الذي ما زال يسجّل الفشل تِلو الآخر طيلة العاميْن والنصف الماضييْن ومع ذلك لا يعترف أبداً بفشله في أدارته لقطاعات الوزارة ويُلقي باللائمة دوْماً على غيْره عند كل حادثة تقع تحت اختصاصاته وسُلطاته .. فمرّة يلوم على قِلّة إمكانيّات الوزارة وضعف إيراداتها مقابل مصروفاتها الضخمة وأعبائها الهائلة ومرّة ثانية يعنّف العاملين في وزارته على تقصيرهم في أداء عملهم ومرّة أخرى يوبّخ المواطن الخرسيس النرسيس على سلوكيّاته المتدنيّة وممارساته الحقيرة تجاه الدوْلة وأصحابها .. ونرى دائماً الإعلام الرسمي المدفوع وهو يدافع عن سيادته بداعٍ وبدون داعي .. فإذا كثرت المشاكل الإداريّة (اللي هيَّ بصراحة بتحصل من زمان الزمان) مثل تأخّر القطارات وعدم كفاءتها أو سوء أحوال الطرق الداخليّة أو عدم توافر المواصلات العامّة داخل وخارج المدن والقرى يقولون بكل حماس:
"يعني الوزير (أُس 2) ح يعمل إيه؟ .. ما هو يا عيني محتاج لمليارات (رغم إن الدولة صرفت على السكة الحضيض لوحدها آخر سنتين أكثر من مائة مليار جنيه من لحم الحي اللي هوَّ أصلاً المواطن المدفون بالحياة لتطوير وحل مشاكل وحوادث الهيئة المتزايدة في سنتين فقط وهو ما يعادل ما تم صرفه في آخر خمسة عشر عاماً) طائلة علشان يقدر يُحدِث الفارق .. الراجل بيشتغل ليل ونهار ومش مقصّر ف حاجة .. يعني ح يصرف على الوزارة من جيبه؟".
وعندما يُلقي كمساري بشابيْن من القطار أثناء سيْره فيموت أحدهما لأنهما ركبا قطار السِت والدته بدون تذكرة أو يعامل الراكب بطريقة غير محترمة أو يضربه بالقلم ينبري نفس الإعلام الفاسد ليصرّح:
"طبعاً الكمساري غلطان وإبن تيييت .. بيعملوا كده ليه؟ .. ده الوزير الكبير بتاعهم راجل حُنيّن ومحترم وما يرضاش بكده (رغم ما يرونه من عنجهيّة الوزير أُس 2 وتعاليه وسوء تعامله مع المواطنين المصريين السُمْر اللي همَّ عبيد إحسانات الحكّام والوزراء والمسؤولين .. ممّا يعطي الانطباع السيّء والقدوة السلبيّة لمرؤوسيه الذين يتعاملون مع المواطن المصري الأسمر بنفس العنجهيّة والغرور) .. يعني معاليه ح يعمل إيه؟ .. ينزل هوَّ يقطع التذاكر بنفسه؟".
ولمّا تزيد حوادث الطرق والقطارات يندفعون
مدافعين عن الوزير أُس 2 قائلين:
"طبعاً السبب هو أخلاقيّات المواطن القذرة اللي عايز يتربّى من أوّل وجديد .. هوَّ الوزير (أُس 2) ح يعمل إيه ولّا إيه؟ .. يعني ح يسوق هوَّ كل السيّارات والقطارات اللي ف البلد؟ .. ولّا ح يقف ع المزلقانات مثلاً؟ .. ما هو الراجل شغّال من نار وما بيقعدش ف مكتبه ساعتين على بعض .. ثم إن الحوادث دي بتحصل في كل الدول العالم مش عندنا بس".
طبعاً هذا الدفاع الإعلامي الحكومي صب في (بخلاف مصلحة المواطن المترهّلة) خزّان غرور الوزير (أُس 2) فزاد شعوره بإنه مش غلطان ف أي حاجة وإنه زي الفل وإنهم ما لقوش ف الورد عيب فقالوا له يا أحمر الخدّين ولا مؤاخذة.
وللحق فإن الوزير (أُس 2) يبذل مجهوداً كبيراً مشكوراً بالفعل ولكن ما هي المحصّلة؟ .. المحصّلة = صفراً كبيراً .. ما يعني الفشل المحقّق رغم كل هذا المجهود من معاليه وكل هذا الدعم من القيادة السياسيّة التي تربط بينه وبين سُمعة المؤسّسة العسكريّة وتصمّم على منحه العديد من الفرص لإثبات أن قيادة القوّات المسلّحة لأي قطاع في الدوّلة هي الأفضل والأوْحد بلا منازع .. فأبقت القيادة على الرجل أُس 2 (الذي ربما يكون محسوباً على الرئيس ويتمتّع بثقته) ونست أو تناست أن الخلفيّة العسكريّة ليست هي المرجع الرئيس والمحك الأساس للنجاح أو الفشل وأن للمواطن على الدوْلة حقاً لا مراء فيه ولا جدال معه .. وأن النجاح والفشل لابد أن يُنسَب للمسؤول الذي بيده الربط والحل فنحن نرى في الدول الأخرى الاستقالات العديدة للمسؤولين الكبار بسبب أخطاء مرؤوسيهم الصغار فهم لا يتنصّلون من مسؤوليّاتهم لأنهم – ببساطة شديدة – اسمهم "مسؤولون" ووظيفتهم أن يكونوا "مسؤولين" عن حُسن إدارتهم لـ"مسؤوليّاتهم" .. لكننا في وطننا العربي المجيد السعيد نرضخ لفكرة: "المسؤول غير مسؤول" رغم إعطائه كل الصلاحيّات لممارسة إدارة "مسؤوليّته" .. فلمتى نتحمّل كل هذا الفشل الإداري في قطاع مهم للغاية رغم أن "مصر" لا تخلو أبداً من عسكريين مهرة (كاللواء عبد السلام المحجوب مثلاً) ومدنيين أفذاذ (كالمهندس محمد شاكر المرقبي مثلاً).
أنا لا أطالب بإعدام الوزير أُس 2 أو محاكمته .. بل أطالب بالسماح له أو بنصحه بتقديم استقالته (التي يرفض تقديمها بنفسه طواعيةً بحجّة أنه مقاتل وواخد ع المعارك والحروب في الجبال والغيطان رغم إن "مصر" لم تشارك بأي حرب منذ تخرّج سيادته ضابطاً غير "حرب الفراولة" فقط) بصورة لائقة وتوجيه الشكر له على جهده الوفير وعرقه الغزير (الذي كان بلا مردودٍ ملموس) في الفترة التي تولّى فيها الوزارة بل وتكريمه أيضاً ثم البحث عن شخصٍ آخر (عسكري أو مدني .. لا يهم .. فهو أوّلاً وأخيراً مصري) يكون مناسباً لهذه المرحلة فربما ينجح في إدارته لوزارة النقل والمواصلات ويتوصّل للطرق المُثلى لتنمية موارد الوزارة وحل مشاكلها ولمحاسبة الموظّفين الكبار والصغار وإعطائهم قدوة جيّدة ولتقويم سلوكيّات المواطنين وردعهم عن الخروج على القانون والنظام دون الإساءة إليهم وإهانتهم.