هل يحاسب الشعب الرئيس وحكومته على هذه الكارثة؟
خلال هذا الأسبوع (من أبريل 2022) مرّت
مناقشة البرلمان المصري للحساب الختامي للموازنة الحكومية مرور الكرام على الإعلام
المصري وبالتالي على الشعب المصري الذي يعاني هو نفسه من تلك الأرقام الكارثيّة
المفزعة التي تم إعلانها خلال المناقشة.
ولأنه لا صوْت يعلو
فوْق صوْت مسلسل "الاختيار" وتجديف "إبراهيم عيسى" وشطحات "إلهام
شاهين" ضمن الزخم الدرامي التليفزيوني فقد اختفى رد الفعل الرسمي والشعبي على
هذه المناقشة التي انتهت إلى لا شيء وأفضت إلى مجرّد بعض الصرخات المكلومة من بعض
النوّاب في الفضاء السرمدي اللا نهائي للكون الفسيح لتختلط مع الشفرات الهائمة الغامضة
الغير مفهومة التي ترسلها كائنات الكواكب الأخرى ويرصدها علماء ومراكز الفلك دون
جدوى.
لا داعي لأن أعيد
أرقام تلك المهزلة التي يشهدها الاقتصاد المصري خصوصاً وأنا رجل صاحب عيا وماشي بكيسة
الدوا ف جيبي من فرط تأثّري بمشاكل الحياة والوطن التي تسبّبت لي – كغالبيّة المصريين
– في الإصابة باختلال السكّر وارتفاع الضغط واعتلال القلب وقرحة المعدة ونزول
البواسير مع ما تيسّر من بعض الأمراض الفرط الأخرى .. وكل ما أتوقّعه من هذا
المقال والفيديو المرفق به لا يساوي ما أنفقته من جهدٍ ووقت في محاولة تبصير مَن
يقرأ لي بما يدور في "مصر" المهروسة .. فسكوت الناس سيستمر وتجاهل
الحكومة سيدوم وعناد الرئيس (المتحكّم في كل مقدّرات البلاد) سيتواصل إلى أن يقضي
الله أمراً كان مفعولاً وينقضي عهد الرئيس الحالي (كما انقضى عهد مَن سبقوه) ليترك
"مصر" (كما تركها مَن قبله) وهي أشبه بالخرابة التي ينعق فيها البوم
وتهجرها العصافير .. ثم يبدأ عصر رئيسٍ جديد ليظل يُسمِعنا ويُسمع أولادنا
وأحفادنا أنه استلم البلد خرابة أو خردة أو كُهْنة وأنه يطلب من الشعب المصري
الصبور أن يتحمّل معه الأزمات خلال سنوات حُكمه لأنه سيشرع في الإصلاح وسيبني البلد من جديد ..
وسينتهز ذاك الرئيس القادم كل فرصة ليُلِح على الشعب ويزن على آذانه (هو وإعلامه
الموالي له) بأن الوضع صعب والتحديات كبيرة والمصائب خطيرة والموارد قليلة
والمصارف كثيرة ولن يستطيع حلّها إلّا بوقوف المواطنين ورائه والصمود من خلفه
فيتقشّفوا في حياتهم ويصبروا على شظف العيْش ويحدّدوا نسلهم ويجوعوا ويتجرّدوا ويتشرّدوا
حتى ينتهي عصره هو الآخر ويترك الوطن خرابة من جديد فيُقبل مَن بعده ليكرّر نفس
الفِعلة .. وهكذا دواليك.
وقد خَبِرنا وعَلِمنا وجَرّبنا تلك الحيل التي انتهجها كل مَن توالى على حكم هذه البلاد المنكوبة بدايةً من الرئيس المعلّم "جمال عبد الناصر" مروراً بالرئيس المؤمن "أنور السادات" وبطل الحرب والاستقرار "حسني مبارك" وزعيم النهضة "محمد مرسي" (الذي لم يأخذ فرصته كاملةً في استنساخ تلك السياسة المعروفة) ونهايةً بالرئيس المُنقذ "عبد الفتاح السيسي" .. وستستمر الأجيال اللاحقة في الارتحال من خرابة لأخرى إلى أن يتوب الله عليها فتفطن إلى تلك الحيلة المستهلَكة التي ندور داخلها منذ عشرات السنين العجاف فيُحدِث الله بعد ذلك أمراً .. والله من وراء القصد.