لا تَحْسَبوا
لا تَحْسَبوا أن (لا
تظنّوا أو تعتبروا) رقصي بينكم طَرَبا
فالطيْر يرقصُ
مذبوحاً من الألمِ
يا ويْحَ (ويْح:
كلمة توجُّع وتألُّم بمعنى ويْل) أَهْلي أَبْلى (أذبل وأذوي) بينَ أعينِهم
على الفراشِ ولا
يدرونَ ما دائي (مرضي)
تموتُ النفوسُ بأوْصابِها
(أوْصاب جمع وَصَبٌ أي الوجع والمرض)
ولم تَدْرِ عُوّادُها
(زُوّارها أثناء المرض) ما بها
وما أُنْصِفَتْ مهجةٌ
(الروح أو النفس) تشتكي
آذاها إلى غيرِ
أحبابِها
سَيْلُ الكآبةِ
موصولٌ بأوْردَتي
وأَنْهُرُ (أنهار
صغيرة) الحزنِ تجري في شراييني
قد صِرتُ كتلةَ آلامٍ
تُمَزِّقُني
في مَصْلَبِ الجُرْحِ
(جوْهره وأساسه وصُلبه) بيْن الحينِ والحينِ
لا تحسبوا أن هذا
الشِعرَ يَفهَمُني
بل صارَ يَنقِلُ رَسْماً
دونَ تلوينِ
فهل تَـجَمَّعُ في
روحي وفي جَسَدي
آلامُ "عيسى"
و"يعقوبٍ" و"ذي النونِ"؟
فلَوْ كان سَهْماً
واحداً لاتَقَيْتُه (لتفاديْت الإصابة به)
ولكنه سَهْمٌ وثانٍ
وثالثُ
رماني الدهرُ
بالأرزاءِ (جمع رُزء أي المصائب والكوارث) حتى
فؤادي في غِشاءٍ (غِطاءٍ
أو غُلافٍ) من نِبالِ (جمع نِبْل أي سهام)
فكنتُ إذا أصابتني سِهامٌ
تكسَّرت النصالُ (جمع
نَصْل أي الأجزاء الحديديّة من السِهام) على النصالِ
لَأنْ أمسَيْتُ في
ثوبي عديماً (فقيراً معدوماً)
فقد بَليَ (اهترئ
وتقطّع) على حُرٍ كريمِ
فلا يَغْرُرْك (لا
يخدعك ولا تثق به) إن أَبْصَرْتَ حالاً
مُغَيَّرَةً (متغيّرة
ومختلفة) على الحالِ القديمِ
فلي نفسٌ ستتلفُ
(تهلك وتفسد) أو سترقى (ستؤدّي وتُفضي)
لَعَمْرِكَ (قَسَمٌ بحياة
نبيّنا صلّى الله عليه و سلّم) بي إلى أمرٍ جسيمِ (خطير وضخم)
لولا الحوادثُ (الأمور
المفاجئة الخارجة عن العادة) قد حَطَطْنَ رِحالا (استقررنَ أو أَقَمْنَ)
بِحمايَّ (بمكاني الذي يحميني) لكُنتُ الشاعرَ المِفْضالا (كثير الفضل والعطاء)
وسَمَوْتُ في طلبِ
الكَمالِ مُبَرَّزاً (بارزاً وكُفُؤاً)
وتركتُ خلفي في
الحضيضِ رِجالا