معنى كلمة "هَرْي"
هَرْيٌ (اسم):
· باللغة العربية الفصحى: مصدر هَرَى (فِعل سيأتي شرح معناه
لاحقاً) ومعناه:
-
هَرْي الرجل:
ضَرْبُه بهِراوَة وهي العصا الضخمة الغليظة .. فيقال: أوسع الشرطي اللص هَرْياً أي
أوسعه ضرباً بعصا غليظة وضخمة.
-
هَرْي الثياب:
إبلاؤها وإتلافها بالاستعمال الطويل حتى تصير رثّة .. فيقال: ارتدى العجوز أسمالاً
بالية بعد هَرْي ثيابه التي لم يرتدِ غيرها طوال السنوات الأخيرة أي ارتدى العجوز
ملابس رثّة ومهلهلة بها رُقَعٌ كثيرة بسبب تلفها بعد طول استعمال.
· باللغةالعاميّة المصرية الدارجة الصايعة: مصدر هَرَى (فِعل سيأتي شرح معناه لاحقاً)
ومعناه: الإكثار من الهذيان بالهُراء أو الكلام الفارغ دون معنى أو منطق
أو هدفٍ واضح .. فيقال: يا جدع انت بلاش هَرْي وفَتْي ولُكْلُك كتير .. يعني ما
تقعدش تتكلّم وتلِت وتعجِن وتلُك وتفتي وترزع وتهبد ف كلام فاضي ومش حقيقي.
هَرَى (فِعل): هرَى يهرِي هَرْياً فهو هارٍ والمفعول مَهْرِيّ:
· باللغة العربية الفصحى:
-
هَرَى الرجل:
ضَرَبَه بهِراوَة وهي العصا الضخمة الغليظة .. فيقال: هَرَى الشرطي اللص
أي ضربه بعصا غليظة وضخمة.
-
هَرَى الثياب:
أبلاها وأتلفها بالاستعمال الطويل حتى صارت رثّة .. فيقال: هَرَى العجوز ثيابه
التي ارتداها طيلة السنوات الأخيرة حتى أصبحت أسمالاً بالية أي أتلف العجوز ملابسه
بعد طول استعمال فصارت شبه مهلهلة.
· باللغة العاميّة المصرية الدارجة الصايعة: أكثر من الكلام
والهذيان بالهُراء الفارغ دون معنى أو منطق أو هدفٍ واضح .. فيقال: يا جدع انت ما
تهريش بقى .. يعني ما تقعدش تتكلّم وتلِت وتعجِن وتلُك وتفتي وترزع وتهبد ف كلام
فاضي ومش حقيقي.
هَرَّى الثوْب (فِعل):
صَبَغَه وصَفَّره .. فيقال هَرَّى عامل
المصبغة القماش أي صبغه باللوْن الأصفر.
هُرِيٌ (اسم):
جمع هِرَاوَة أي عصا غليظة ضخمة.
هُرْيٌ (اسم):
وجمعه أَهْراء وله معنيان:
-
بيتٌ كبيرٌ ضخمٌ
يُجمَعُ فيه القمح والبُرُّ ونحوهما من حبوب ليوزّعه السُّلطان أو الحاكم ..
فيقال: أودع الشيّالون جوالات القمح في الهُرْي حتى يقسّمه الحاكم بين الفقراء.
-
خليجٌ ضيقٌ أَو
مجتمعُ ماءٍ تستمِدُّ الآلاتُ الرافعةُ منه الماء .. فيقال: وضع الفلّاح طٌلمبة
المياه في الهُرْي حتى يتحصّل على الماء فيروي حقله.
أَهَرَّ (فعل):
أَهَرَّ يُهِرّ إهْراراً فهو
مُهِرّ والمفعول مُهَرٌّ:
-
أَهَرَّ الراعي
بالماشية: أوردها الماء .. فيقال: بعد أن جمع الراعي الماشية من الحظيرة ذهب بها
للبحيرة حتى يهِرّها أو يسقيها.
-
أَهَرَّ الرجل كلبه:
جعله يئن دون أن يصدر عنه نباح .. فيقال: أَهَرَّت برودة الجوْ كلب الحراسة أي أن
الكلب يشعر بالبرد الشديد ممّا يجعله يئن ويكشّر عن أنيابه من غير أن ينبح (أي أنه
يزوم ولا يهوْهوْ).
هِرٌّ (اسم):
الأنثى هِرّة وتصغيرها هُرَيْرَة والجمع
هِرَرَةٌ: القط وهو حَيَوَانٌ مِنْ فَصِيلَةِ السِّنَّوْرِيَّاتِ .. مِنْهُ مَا
هُوَ بَرِّيٌّ متوحّش وَمَا هُوَ دَاجِنٌ أليف.
هُرٌ (اسم):
والجمع هُرِرِة: الأسد حين يُصدِر أصوات
الجري بأقدامه أثناء ركضه أو جريه.
الهُرُ (اسم يأتي بتعريف الألف واللام):
الكثير من الماء واللبن.
=================================
وتُذكِّرني تلك المعاني والمترادفات بحكايةٍ كانت قد قصّتها عليَّ جدّتي "سِكْسِكة" إبّان طفولتي المشرّدة:
كان يا ما كان .. يا سادة يا كرام .. ولا
يحلى الكلام غير بذِكر الله والصلاة على النبي عليه الصلاةُ والسلام .. وقعت تلك
الحكاية فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان .. يُحكَى أن بلداً كبيراً
كان يقع في الغابة كانت تسكنه مجموعةٌ من الهِرَرَة (القطط) البيضاء استيقظت ذات
يوْمٍ فوجدت أن هِرّاً (قطاً) من بينهم أعلن أنه حاكماً للبلد بعد أن أحاط نفسه
بمجموعةٍ مصطفاةٍ من الهِرَرَة المدجّجةٌ بالسلاح .. ولأن أغلب الهِرَرَة كانت
تهتم أوّلاً وأخيراً بالعيْش في سلام ولا تبالي غير بالأكل والشُرْب والتناسل ثمَّ
النوم فلم تُبدِ اعتراضاً ولم تحرّك ساكناً .. إلّا أن ثُلّةً من الهِرَرَة التي
كانت تطمع في الحكم لجماعتها أثارت بعض القلاقل .. فما كان من الهِر الحاكم إلّا
أن سلّط عليها مجموعته التي تحميه فانهالت على جماعة الهِرَرَة المعترضين
الطمّاعين تقتيلاً وخربشةً وسِجناً وهَرّتهم (ضربتهم بالهُرِي) وأعملت فيهم
أسلحتها وهُرِيّها (هراواتها وعِصِيّها الضخمة الغليظة) لترجع عن عِصْيانها .. كل
هذا وأغلب الهِرَرَة في البلد تتابع بعيونها الواسعة ما يحدث وكأن الأمر لا يعنيها
.. وللحق فإن أغلب الهِرَرَة المسالمين اعتادوا هذه الأمور منذ زمنٍ بعيد ولم
يجدوا فارقاً بين الطرفيْن بل لم يجدوا منهما مَن يحنو عليهم ويحقّق طموحاتهم في
الطعام الجيّد وإقامة العدل والعيْش مع هُرَيْراتهم (قطيطاتهم) الصغيرة في حريّةٍ
وكرامةٍ وسلام .. واستَتَب الحُكم أخيراً للهِر الحاكم بعد أن قضى على تلك الشرذمة
الضالّة وبعد أن أطلق حُزمةً من الوعود التي أسالت لعاب تلك الهِرَرَة وعشّمتهم
بما يحلمون فاستكانوا وأكملوا حياتَهم .. ولكنه لم يفِ بوعوده بل صار يهتم بما
يريده هو ويبغاه دون النظر فيما تريده الهِرَرَة وتتمنّاه .. ومرَّ الزمان وقد
سلّمت الهِرَرَة بالأمر الواقع خصوصاً بعد أن أقنعهم الهِر الحاكم بأنهم فقراءٌ
للغاية وأنه يعمل جاهداً لإنقاذهم من الفقر والعَوَز وانهال عليهم باستقطاع جزءٍ
كبير من طعامهم القليل لهذا الهدف النبيل والغرض الجليل .. ولأن الله لا يغيّر ما
بقوْمٍ (حتى ولوْ كانوا هِرَرَةً غير ذوي عقلٍ ووعي) حتى يغيّروا ما بأنفسهم فقد
ساءت أحوال الهِرَرَةِ كثيراً ما دعا بعضهم لأن يقتات على فضلات الآخرين ولأن يسير
عارياً أو حتى يرتدي أسمالاً بالية بعد أن هَرَى (أتلف) الزمن ثوْبه الوحيد الذي
أصبح مَهريّاً (مهلهلاً) تماماً من كثرة استعماله بل وصار الكثير منهم يتمنّى أن
يُهَرّي (يصبغ ويلوّن باللوْن الأصفر) ما بقي له من ثياب ليتمسّح ويتشبّه بما
ترتديه مجموعة الهِرَرَة المسلّحة من أجل أن ينال قِسْطاً ولو بسيطاً من
امتيازاتهم ومميّزاتهم المتميّزة الممتازة التي يتميّزون ويمتازون بها عن باقي
الهِرَرَة المساكين الذين تميّزوا من الغضب .. ولكي لا تثور الهِرَرَة عليه فقد
كان الهِر الحاكم يفتح من وقتٍ لآخر هُرْياً (مخزناً أو مستوْدعاً للقمح أو
الطعام) أو اثنيْن ويجود منه أو منهما بتوزيع أكلاً نزيراً وفُتاتاً قليلاً
للهِرَرَة تنفيساً لهم عن جوعهم الكافر ويوهمهم أن هذا الأكل (الذي هو مِلْك
الهِرَرَة في الأصل) ما هو إلّا تصدٌّقاً وتكرُّماً منه بعد حُسن إدارته للأمور
وتعبه وجهده في تخزينه من أجلهم فينبري معظمهم في حمده وشُكره خداعاً أو تملّقاً
أو حتى خوْفاً.
وظل الحال كما هو عليه حتى وقع ما كان يتخوّف
منه الكثيرون ويحذّر منه البعض فقد قلّت كميّة المياه التي كانت تصل للهِرَرَة
البيضاء من الجدول الذي يمر في بلدها والذي كان منه يشربون ويغتسلون ولهم فيه
مآربٌ أخرى .. وجرى ذلك بعد أن بنى عليْه بعض الهِرَرَة السوداء - الذين يعيشون في
بِلدةٍ صغيرةٍ تقع عند منبع الجدول - حاجزاً ضخماً وحفروا حفرةً هائلةً وراءه
لتكون بمثابة هُرْياً (مجتمع ماءٍ في خليجٍ أو بحيْرة) يخزّنون فيه كميّاتٍ كبيرةٍ
من المياه ينتفعون منها ويستأثرون بها وقد فعلوا ذلك دون أن يحسبوا حساباً
للهِرَرَة البيضاء في تلك البلد الكبير (أو الذي كان كبيراً) متجاهلين أنهم
بفعلتهم تلك يؤذون الهِرَرَة البيضاء ويحكمون عليهم بالعطش والجوع .. وكان على
الهِر الأبيض الحاكم أن يتصرّف ولا يقف مكتوف الأيدي حفاظاً على بلده ومصالحها فلم
يألُ جهداً حيال تلك الكارثة وسارع بالذهاب إلى زعيم الهِرَرَة السوداء في عُقر
داره ولم يتركه إلّا بعد أن أقسم – حانثاً – ذلك الزعيم الأَسْوَد
بـ"واللهِ" ثلاثاً ألّا يضر بالهِرَرَة البيضاء .. فاكتفى
الهِر الحاكم بذلك الإنجاز التاريخي وعاد منتصراً ليُطَمْئِن شعبه قائلاً:
"ما تقلقوش .. كونوا مطمئنين تماماً" .. وهاج بعض الهِرَرَة وماجوا من
فرحتهم لوقتٍ قصير ثم ناموا في سباتٍ عميق وأصدروا شخيراً عالياً لفترةٍ طويلة حتى
أفاقوا على تفاقم المعضلة ووصولها لحافّة الهاوية .. وهنا انبرى الهِر الحاكم ولجأ
إلى الهُر (الأسد) الكبير ملك الغابة شاكياً له من خُبث الهِر الأَسْوَد الذي حنث
بقَسَمه الثلاثي ثم صام ثلاثة أيّامٍ بعده فضحك الهُر الملك كثيراً من سذاجة الهِر
حاكم الهِرَرَة البيضاء ثم فكّر قليلاً ليوازِن بين حُكْمه ومصالحه فأهَرَّه
التفكير (دفعه لأن يزمجر مكشّراً عن أنيابه الحادّة) وأمر الهر الأبيض أن يرضخ
للأمر الواقع وأن يُصرّف أموره مع الهِر الأسود زعيم الهِرَرَة السوداء في هدوءٍ
وسلام وحذّره من اللجوء للقوّة وإلّا سيتدخّل بنفسه ليردعه عن ذلك .. وعاد الهِر
الحاكم لبلده كسير الفؤاد مطأطئ الرأس مدلدل الذيْل حزيناً على ما آلت إليه الأمور
.. ولكن خاصّته وبطانته وحاشيته نصحوه بألّا يُظهِر هزيمته أمام شعبه فاستمع
للنصيحة وخرج من وكره ووقف وسط الهِرَرَة البيضاء ورفع عقيرته بينهم مطمئناً
إيّاهم على بلدهم ومستقبلها الشائك الوشيك ووعدهم من جديد بأنه سيحل هذه المشكلة
حتى لو وصل به الأمر لأن يهِرَّهم (يورِدهم الماء أو يذهب بهم ليسقيهم) داخل عُمق
بِلدة الهِرَرَة السوداء بل أمعن في وعوده الغائمة كالسراب ومنّاهم بأنه لن يجلب
لهم الماء فقط بل سيأتي لهم بالهُر (الماء واللبن) أيضاً ولكنه طلب منهم أن يكفّوا
عن الهَرْي (كثرة الكلام الفارغ) حتى لا يشوْشِروا على تفكيره الصائب دائماً وكي
لا يعكّروا صفو باله ولكي لا يؤثّروا على خططه المدروسة بدقة.
وبعد مرور بعض الوقت قام الهِر الحاكم بــ
..........
وعند هذا الحد أدركني النوْم ولم يسعني الاستماع لباقي حدوتة سِتّي "سِكْسِكة" فأغرقني النوْم في دوّامته العميقة لساعاتٍ طويلة .. وفي الصباح استيقظت نشيطاً وأنا أفكّر في بقيّة الحكاية ولم أستطِع الانتظار للمساء لاستكمالها فهرولت سريعاً بمنتهى الهِمّة لحجرة جِدّتي عازماً على الاستكانة داخل حُضنها الدافئ والإصغاء للحدّوتة حتى النهاية .. وعندما ولجت داخل الغُرفة وجدتها نائمة على فراشها فلم أستحِ من القفز فوْقه وهزّها بعنف لتصحو من غفوتها ولكنها لم تفعل .. فقد ماااااتت وكوب الماء على منضدتها فارغاً .. وإنّا لله وإنّا إليْه راجعون.