فبراير 2018 :
الله يخرب بيت والدتك يا "أيبك" ..
دمّرتني "بالتردد" بتاعك ده.
في أواخر 1990 سافرت للولايات المتحدة كشبابٍ
كثيرٍ غيري لتكوين مبلغٍ من المال يساعدني في بداية حياتي .. ومكثت هناك عاميْن
كامليْن "ترددت" فيها في تقنين إقامتي وحصولي على الجنسية الأمريكية
كزملائي الذين سافروا معي .. واكتفيت فقط بالعمل الجاد والشاق حتى عدت لوطني الذي
اعتز كثيراً بحمل جنسيته فقط دون غيره .. والتحقت ضابطاً بالجيش ثم انشغلت بالعمل
دائماً لإثبات وجودي في مجال عملي.
وفي أواخر 2010 ساءت أحوال مصر وصارت من
سيء إلى أسوأ يوماً بعد يوم .. وبعد تفكيرٍ عميق قررت أن أن أهاجر إلى كندا وندمت
على فوات الفرصة منذ 20 عاماً .. وبدأت أوّل خطوة في دراسة الـ "آيليتس"
وهي شهادة اللغة الانجليزية التي يجب الحصول على درجةٍ عالية فيها للمساعدة في
التقدم للهجرة .. وتم تحديد دخولي الامتحان في فبراير 2011 .. ولكن جاءت ثورة
يناير لتجعلني "أتردد" في الهجرة عندما تفاءلت بمستقبلٍ أفضل لبلادي
وآمنت بضرورة وجودي فيها لأساهم بواجبي في بناء مصر الجديدة .. ولكن تأتي الرياح
بما لا تشتهي السفن فقد حادت الثورة عن مسارها واستطاع الإخوان المسلمون التسلّق
عليها وركوبها .. وساءت الأحوال أكثر فأكثر.
وفي أواخر 2012 استتب الأمر للإخوان المسلمين
فأيقنت أنه لا مندوحة من الهجرة لاستراليا هذه المرة وبدأت في شراء الكتب الدراسية
اللازمة لدخولي المعادلة الاسترالية وتحدد شهر 8 لدخول الامتحان .. وقبلها مباشرةً
تمت إزاحة الإخوان عن الحكم وجاء المستشار عدلي منصور وأعلن الفريق (وقتها) عبد
الفتاح السيسي بأن القوات المسلحة لا تطمع ولا تطمح في حكم البلاد .. وتفاءلت مرة
ثانية و"ترددت" في دخول الامتحان وأجلته إلى أجلٍ غير مسمى.
وفي أواخر 2014 أيقنت أننا ندور في نفس
الدائرة وأن الهجرة هي شرٌ لابد منه ولكنني كنت "متردداً" بسبب
دخول ابنتي (ثم ابني) الجامعة وخشيت أن أقلب حياتهما رأساً على عقب في هذا الوقت
الحرج.
والآن في أوائل 2018 وقد أوشكت ابنتي على
التخرّج (وربما يلحقها ابني بعد 3 سنوات إن شاء الله) فقد زاد "ترددي"
فلم يعد في العمر بقية تكفي لبداية حياة جديدة .. وبهذا فقد "تردد"
"ترددي" بصورة أكثر "ترددأ" مما "تردد" من قبل.